تترقب الأنظار الدولية المرافعة المصرية الشفهية أمام محكمة العدل الدولية والمنتظرة غدا الأربعاء حيث ستشارك فى الرأى الاستشارى الذى طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل حول السياسات والممارسات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.
وأكد سياسيون على أن تلك الخطوة تأتي في إطار إصرار مصر على استمرار تحركاتها الداعمة للقضية الفلسطينية على كافة المستويات والتي تمتلك بها الكثير من الخبرات التي تجعلها الأقدر في الدفاع عنها وكشف حقيقة ما يحاط بها.
وصرح النائب محمود القط، عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن مصر ستتخذ كافة الإجراءات المناسبة للدفاع عن أمنها القومي خاصة وأن مصر تعتبر القضية الفلسطينية هى قضية القضايا بالنسبة لها و أنها المحور الرئيسي و الأساسي في كل ما يتعلق بهذه القضية، منوها أن مصر تمتلك من الخبرات الكافية للتعامل مع كافة الأطراف و تحديد الأدوات و ترتيب أولويات التعامل مع كافة الأطراف المعنية.
وأشار في تصريح لـ"برلمانى" أن مصر استخدمت أدواتها السياسية و الدبلوماسية منذ بداية الأزمة الأخيرة و نجحت في تحقيق توازن بالرأي العام العالمي إذ واجهت البربرية الصهيونية و يعد مشاركة مصر بمذكرة في محكمة العدل الدولية، وهو أحد أدواتها في إظهار الحقائق ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته و هى خطوة من خطوات مصرية رسمتها لنفسها بأن تكون جزء من الحل ووقف نزيف الدماء و هو ما لن يتم إلا بقيام المجتمع الدولي و المنظمات الأممية المعنية بتحمل مسؤولياتها تجاه نزيف الدم الفلسطيني و مخططات التهجير لتصفية القضية الفلسطينية.
وأوضح "القط" أن هذه ليست المرة الأولى التى تقدم فيها مصر مذكرات و دفوع لمحكمة العدل الدولية للدفاع عن الأمن القومي العربي و هو ما تعتبره مصر واجب قومي و أنها جزء لا يتجزأ من الوطن الوطن العربي.
واعتبر النائب عمرو درويش، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب، أن المرافعة المصرية المرتقبة غدا أمام محكمة العدل الدولية ستكون تحرك مهم في إطار خطوات متعددة اتخدتها مصر منذ 7 أكتوبر الماضيـ موضحا أن الدبلوماسية المصرية لا تتوقف في اتخاذ مسارات يحكمها العقل والرشادة لاحتواء الصراع الدائر في الأراضي الفلسطينية تجاه التعنت الواضح من دولة الاحتلال الاسرائيلي.
وقال في تصريح لـ"برلمانى" إن نظر محكمة العدل الدولية لقضية الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني سيكون له دور في تقليل التصعيد الجاري، مشيرا إلى أنه لابد من عدم التغافل عن أن الاحتلال يستند في اعتداءاته السافرة إلى دعم دولي والتي لابد من إنهائها وتحرك المجتمع الدولي تجاه الضغط لوقف إطلاق النار.
وشدد أن مصر لها خصوصية في تلك المرافعة التي ينتظر أنها ستكون مبنية على قواعد وإثباتات واضحة لا تقبل الشك أو التأويل، لافتا إلى أنها تستكمل دور مصر التاريخي المعهود على مدار أزمة القضية الفلسطينية وذلك على المستوى الرسمي والشعبي، خاصة وأن المفاوض المصري على مدى التاريخ ناجح للغاية في استعادة الحقوق من بينها كانت استعادة حق مصر في طابا أمام محكمة العدل الدولية أيضا.
وأضاف أن المذكرة المصرية ستتضمن توثيق لجرائم الحرب الذي مارسه الاحتلال الاسرائيلي، وما قام به من قصف معبر رفح ومنع دخول المساعدات إلى الفلسطينيين بغلق المعبر من الجانب الإسرائيلي والتصريحات الإعلامية من الجانب الاسرائيلية.
ويؤكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي، أن مصر ستترافع غداً أمام محكمة العدل الدولية بشأن طلب الرأي الاستشاري حول تبعات الاحتلال الإسرائيلي والانتهاكات الصارخة للقانون الدولي الإنساني التي يرتكبها.
وذكر مهران في تصريح لـ"برلمانى" أن المذكرة المصرية والمرافعة الشفهية ستركزان على الجوانب القانونية للاحتلال الإسرائيلي ومدى مخالفته للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما في ذلك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة، ولافتا الي أنها سوف تسلط الضوء أيضا على جرائم الحرب الإسرائيلية كالقتل العمد والتهجير القسري وهدم المنازل ومصادرة الأراضي، وعلى ضرورة محاسبتها وفقاً لمبادئ القانون الدولي.
وأعرب أستاذ القانون عن ثقته في أن مشاركة مصر ستسهم في توعية المجتمع الدولي بحجم انتهاكات الاحتلال وحثه على اتخاذ موقف حازم إزاء هذه الممارسات غير الإنسانية وغير الشرعية، مؤكدا أن مصر ستركز في مرافعتها الشفهية أمام محكمة العدل الدولية على جوهر القضية الفلسطينية وهو حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وقال "ستوضح مصر أن استمرار احتلال إسرائيل للضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية هو انتهاك صارخ للقانون الدولي ولا سيما ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على مبدأ تقرير المصير"، كما ستشدد مصر على أن سياسات التوسع الاستيطاني الإسرائيلي وهدم المنازل وتهجير الفلسطينيين ترقى إلى مستوى جرائم الحرب، مطالبةً المحكمة بالتأكيد على هذه الحقائق من منظور القانون الدولي.
وشدد الدكتور مهران علي أن موقف مصر القانوني الواضح سيسهم بلا شك في تعزيز المسار القانوني أمام المحكمة وصولاً لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ومشيرا الي أن مصر ستركز في مرافعتها أمام محكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال الإسرائيلي على العديد من النصوص القانونية ذات الصلة ومن أبرزها ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه الأساسية كعدم جواز اكتساب الأراضي بالقوة وحق الشعوب في تقرير مصيرها، اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة بشأن قوانين وأعراف الحرب، والتي تحظر تهجير السكان وهدم الممتلكات في الأراضي المحتلة.
هذا بالإضافة إلي قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وفي مقدمتها القرار 181 بشأن تقسيم فلسطين وقرار 242 القاضي بانسحاب إسرائيل، وستحاجج مصر بأن سياسات الاحتلال الإسرائيلي تنتهك كل هذه القواعد الآمرة وتستوجب المساءلة وفق القانون الدولي.
ولفت الخبير الدولي إلي أن موقف مصر الداعم لفلسطين أمام محكمة العدل الدولية له دلالات قانونية ورمزية هامة، فمن الناحية القانونية، تعتبر مصر طرفًا ثالثًا في النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي باعتبارها دولة مجاورة تربطها اتفاقيات سلام مع إسرائيل، لذا فإن مشاركتها تعزز من ثقل القضية الفلسطينية أمام المحكمة، أما من الناحية الرمزية، فيُعد موقف مصر بمثابة رسالة قوية للتأكيد على التزامها التاريخي تجاه فلسطين منذ عقود، وحرصها على دعم الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل الحرية والاستقلال على طول الطريق.
واختتم أستاذ القانون القانون الدولي قائلا: يجب الاشادة بموقف مصر والتأكيد دائما علي ان هذا الموقف المشرّف يعكس صدق إيمانها بعدالة القضية الفلسطينية ويدفع باتجاه دعمها على المستويين القانوني والسياسي.