>> نائبة الرئيس أنكرت العدالة فى إبادة غزة وانحازت لإسرائيل بحجة السياسية ولا تصلح لنظرها قضاءً أو إفتاءً
>> القاضى الدولى له وظيفة سامية بوضع الحلول للنزاعات الدولية على قمتها الحفاظ على الجنس البشرى لا التنصل من اتفاقية منع الإبادة الجماعية
>> كيف تُنكر نائبة الرئيس اختصاص المحكمة فى إبادة غزة ثم تعتلى منصتها فى رأيها الاستشارى فى الاحتلال الحربى؟ وهى تفتقد مبدأ حياد القاضى بإنحيازها لإسرائيل!
>> نائبة الرئيس تخلط بين إبادة فلسطين كقضية قانونية والصراع العربى الإسرائيلى كقضية سياسية! وشتان بينهما
تواصل محكمة العدل الدولية في لاهاي، لليوم السابع على التوالي، جلسات الاستماع العلنية بشأن التبعات القانونية الناشئة عن سياسات إسرائيل وممارساتها في الأرض الفلسطينية المحتلة، حيث تأتي جلسات الاستماع، في سياق طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة الحصول على رأي استشاري من العدل الدولية حول آثار الاحتلال الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من 57 عامًا، وأكد عدد من ممثلى الدول أن إسرائيل تحتل فلسطين منذ أكثر 75 عاما وتظلم شعبه، حيث القمع والقتل والتشريد على مسمع ومرأى من العالم أجمع وانتهاك إسرائيل حق تقرير المصير للفلسطينيين، حيث يشهد العالم اليوم إحدى أسوأ الفظائع التي ترتكب في قطاع غزة.
وفى الحقيقة يخلط كثير من الإعلام العربى والمصرى ما هو معروض على محكمة العدل الدولية فى جلسات أسبوع الاستماع، حيث يعتقد خطأ أن المعروض هو سرد جرائم الاحتلال الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينية أو قضية جنوب إفريقيا على حين أن المعروض على العدل الدولية مختلف تماماً، إذ يتناول مسألتين فقط محل طلب الرأى الاستشارى للعدل الدولية، بمفردات دقيقة فى علم القانون الدولى العام عن الضم الفعلى والقانونى والاستيطان والاحتلال المطول وعواقبه على المجتمع الدولى، فهناك مخطط الكيان الصهيوني على تغيير التركيبة الديمغرافية بالأراضي المحتلة، كما أن الترحيل القسري لمن احتلت أراضيهم ونقل المستوطنين إليها ممنوع بموجب معاهدة جنيف، كما أن الاستيطان وضم الأراضي الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين يهدف إلى إطالة أمد الاحتلال.
رسالة من قاضٍ مصرى لرئيس محكمة العدل الدولية
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على رسالة من قاضٍ مصرى لرئيس العدل الدولية واعضائها، تؤكد أن القاضى الدولى له وظيفة سامية بوضع الحلول للنزاعات الدولية، والهدف الحفاظ على الجنس البشرى لا التنصل من اتفاقية منع الإبادة الجماعية، ومن ينكر ذلك لا يصلح لنظر قضاء أو إفتاء مثلما فعلت نائبة الرئيس القاضية الأوغندية جوليا سيبوتيندي، التي تبرأت منها دولتها ومن موقفها، وتضمنت رسالة القاضي الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، حزمة من التساؤلات أبرزها كيف تُنكر نائبة الرئيس اختصاص المحكمة فى إبادة غزة ثم تعتلى منصتها فى رأيها الاستشارى فى الاحتلال الحربى؟ وهى تفتقد مبدأ حياد القاضى بانحيازها لإسرائيل، كما أن نائبة الرئيس تخلط بين إبادة فلسطين كقضية قانونية، والصراع العربى الإسرائيلى كقضية سياسية وشتان بينهما.
في البداية – نوجه رسالة إلى رئيس محكمة العدل الدولية القاضي اللبناني نواف سلام عن مدى ملاءمة قيام القاضية جوليا سيبوتيندي نائبة رئيس محكمة العدل الدولية – وهى أوغندية - بالمشاركة فى نظر الرأى الاستشارى المعروض على المحكمة فى ضوء رأيها المخالف الفردى السابق بأن القضية سياسية وليست قانونية، فقد رفضت التدابير المؤقتة بحجة لا يوجد دليل على الإبادة، مما يعد رأيها تسلباً لاختصاص المحكمة يفقدها حياد القاضي – وفقا لـ"خفاجى" .
أولاً: القاضى الدولى له وظيفة سامية هي وضع الحلول للنزاعات بين الدول على قمتها الحفاظ على الجنس البشرى لا التنصل من اتفاقية منع الإبادة الجماعية
السؤال المطروح على العالم خاصة القاضي اللبناني نواف سلام رئيس محكمة العدل الدولية، هل القاضية الأوغندية جوليا سيبوتيندي، نائبة رئيس محكمة العدل الدولية، تصلح للنظر فى قضية فلسطين قضاءً وافتاءً، خاصة حينما أفصحت برأيها المخالف عن إنكار ولاية المحكمة بركيزة أن القضية سياسية وليست قانونية، كما رفضت حتى التدابير المؤقتة بحجة عدم وجود دليل على الإبادة، مما يجعل النزاع بلا قاض أو محكمة تفصل فيه؟ - الكلام لـ"خفاجى".
أن القاضي الدولى ملزم بقواعد القانون الدولى وتحقيق الغاية من إنشاء محكمة العدل الدولية، فبموجب المادة الأولى من النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية "تُنشأ محكمة العدل الدولية بموجب ميثاق الأمم المتحدة لتكون الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة وتعمل وفقاً لأحكام هذا النظام الأساسي"، ومن ثم فالقاضى الدولى له وظيفة سامية هي وضع الحلول للنزاعات بين الدول خاصة تطبيق المعاهدات الدولية على أطراف النزاع وعلى قمتها الحفاظ على الجنس البشرى باتفاقية منع الإبادة الجماعية، وحماية شعوبها من إبادتها ومنع تدمير مكوناتها تحقيقا للعدالة والمحافظة على حقوق الأطراف من الضياع – طبقا لنائب رئيس مجلس الدولة.
ثانياً: قواعد المحكمة حصنت قاضيها بأن يصدر قراراً فردياً مخالفاً فى المسائل القانونية حمالة الأوجه لا التنصل من اختصاصها وهو إنكار بغيض للعدالة
الفقرة الثانية من المادة (95) من قواعد المحكمة المعتمدة في 14 أبريل 1978 – التى دخلت حيز النفاذ في 1 يوليو 1978 - حصنت قاضى محكمة العدل الدولية ومنحته مكنة أن يصدر قراراً فردياً مخالفاً لحكم المحكمة: "يجوز لمن يرغب من القضاة أن يعلق على الحكم رأياً فردياً، سواء كان مخالفاً للأغلبية أم لا، ويجوز للقاضي الذي يرغب في تسجيل الموافقة أو المعارضة دون إبداء الأسباب أن يفعل ذلك في شكل إعلان، وينطبق الشيء نفسه أيضًا على الأوامر الصادرة عن المحكمة" – هكذا يقول "خفاجى" في رسالته.
ولكن مناط تطبيق النص الدولى السالف بمكنة الرأى المخالف هو جواز السماح بالتعبير عن رأى قانونى بالمخالفة لرأى المحكمة من الناحية القانونية، فلا غبار إطلاقاً فى الخلاف فى المسائل القانونية حمالة الأوجه، لا التنصل من اختصاص المحكمة بحيث لا تجد قضية الإبادة الجماعية لشعب فلسطين قاضياً ينظرها، ولا محكمة تفصل فيها، ولا إفتاء أيضاً يتعلق بالاحتلال الحربى وحكمه وطبيعته وأثاره، وفى ذلك إنكار بغيض للعدالة.
ثالثاً: كيف تنكر نائبة الرئيس اختصاص المحكمة فى إبادة غزة ثم تعتلى منصتها فى رأيها الاستشارى للاحتلال الحربى؟ وهى تفتقد مبدأ حياد القاضى بانحيازها لإسرائيل
ويتساءل القاضي "خفاجى" في رسالته قائلا: "كيف تنكر نائبة رئيس محكمة العدل الدولية القاضية الأوغندية اختصاص المحكمة التى تعتلى منصتها فى قضية الإبادة الجماعية لشعب فلسطين فى قطاع غزة ثم تعتلى منصتها فى رأيها الاستشارى للاحتلال الحربى؟ وكيف تنكر ما تقضى به الفقرة الأولى من المادة (36) من النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية من أن يشمل اختصاص المحكمة جميع القضايا التي يحيلها الأطراف إليها وجميع المسائل المنصوص عليها بشكل خاص في ميثاق الأمم المتحدة أو في المعاهدات والاتفاقيات النافذة؟ كيف تنكر فقرتها الثانية من جواز قيام الدول الأطراف في هذا النظام الأساسي من أن تعلن في أي وقت أنها تعترف باختصاص المحكمة في جميع المنازعات القانونية المتعلقة بما يلي: تفسير معاهدة من المعاهدات - أية مسألة من مسائل القانون الدولي – تحقيق واقعة من الوقائع إذا ثبتت كانت خرقاً لالتزام دولي - طبيعة التعويض أو مدى الجبر الذي يتعين تقديمه عن خرق التزام دولي.
وكيف تنكرت نائبة الرئيس من الفقرة السادسة الأخيرة من المادة (36) المشار إليها في حالة قيام نزاع بشأن ولاية المحكمة - أى اختصاص المحكمة – تفصل المحكمة فى هذا النزاع بقرار منها، وقد فصلت المحكمة مجتمعة بجميع قضاتها سواها باختصاصها بنظر قضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بالتدابير المؤقتة لمنع الإبادة الجماعية لشعب فلسطين بقطاع غزة، فكيف يتسنى لها أن تتنصل منفردة بالخروج عن تطبيق اتفاقية منع الإبادة الجماعية، قاصدة غل يد المحكمة الدولية عن ممارسة اختصاصها الأصيل لنظر القضية والفصل فيها وحجب ولاية المحكمة عنها بحجة أن القضية سياسية، ولا يمكن أن ينشطر وجدانها نصفين قضاءً أو افتاءً؟
3 حالات لا يصلح فيها قاضى بالمحكمة الدولية أن يفصل فى النزاع المطروح
ويشير صحيح أن المادة (17) من النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية تحدثت عن حالات لا يصلح فيها قاضى بالمحكمة الدولية أن يفصل فى النزاع المطروح عليها بأنه:
1- لا يجوز لأي عضو من أعضاء المحكمة أن يتصرف كوكيل أو مستشار أو محام في أي قضية.
2- لا يجوز لأي عضو أن يشارك في القرار في أي قضية شارك فيها سابقًا كوكيل أو مستشار أو محامٍ لأحد الأطراف، أو كعضو في محكمة وطنية أو دولية، أو في لجنة تحقيق، أو بأي صفة أخرى.
3- يسوى أي شك في هذه النقطة بقرار من المحكمة.
ملحوظة: ولكن تلك الحالات تختلف اختلافاً جذرياً عن حالة إنكار العدالة بالتسلب من ولاية المحكمة فتصبح القضية القانونية بلا قاض يفصل فيها، ويتسلب اختصاص المحكمة القضائى والإفتائى فى حالات وجوبه، مما يثير فوضى شريعة الغاب على أرض فلسطين.
رابعاً: نائبة رئيس العدل الدولية تخلط بين إبادة فلسطين كقضية قانونية والصراع العربى الإسرائيلى كقضية سياسية وشتان بينهما
يقول الدكتور محمد خفاجى، إن القاضية الأوغندية التى تتبوأ منصباً رفيعاً كنائب رئيس محكمة العدل الدولية تخلط بين إبادة فلسطين كقضية قانونية والصراع العربى الإسرائيلى كقضية سياسية، فالإبادة الجماعية لشعب فلسطين بقطاع غزة مسألة قانونية محضة وفقاً للاتفاقية الدولية لمنع الإبادة الجماعية، تلزم المحكمة بالفصل فيها بقوة القانون الدولى وأحكام تلك الاتفاقية سواء فيما يتعلق بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية بموجب المادة التاسعة منها، ولا فكاك لها من الفصل فى قضايا الإبادة الجماعية أو التنصل من اختصاصها بحجة السياسة، كما أن الإحتلال الحربى المعروض على المحكمة فى الرأى الاستشارى أيضاً مسألة قانونية محضة.
أما الصراع العربي الإسرائيلي بشأن فلسطين، فهو عبارة عن قضية سياسية بين العرب ككل وإسرائيل الغاصبة، هو الصراع السياسى في الشرق الأوسط، سواء كان بين دولة إسرائيل والدول العربية بسبب العنف بين اليهود والفلسطينيين، بل هى القضية السياسية الرئيسية الأولى المثيرة للقلق الإقليمي في جميع أنحاء الشرق الأوسط لأكثر من قرن من الزمان، وقد فشل المجتمع الدولى وأجهزته المعنية في حل قضية الصراع العربى الإسرائيلى بسبب فلسطين الذى يؤثر على استقرار المنطقة وديناميكياتها الجيوسياسية وفي تشكيل الرأي العام العالمى، وتدخل أمريكا وحمايتها الكاملة لإسرائيل الصغيرة وإمدادها بالأسلحة المتطورة لا شك من شأنه الحد كثيراً من الخيارات المتاحة أمام القادة العرب.
الصراع العربي الإسرائيلي بشأن فلسطين قضية سياسية إقليمية أساسية
وبهذه المثابة فإن الصراع العربي الإسرائيلي بشأن فلسطين قضية سياسية إقليمية أساسية في السياق التاريخي ترتبط بتوجهات عدة دول وتأثيرها خارج المنطقة، فقد سقطت "عملية السلام" في أوسلو وفشلت في تحقيق سلام عادل ومستدام في إطار عملية السلام فى "حل الدولتين"، وهذا الفشل والسقوط أدى إلى تفاقم المشاكل الإقليمية الحالية، مما يستنهض عدل المجتمع الدولي خاصة الاتحاد الأوروبي، الذي ساهم في فشل حل الدولتين في البحث عن حلول وإجراءات بديلة للوصول إلى تلك القضية السياسية.
ويوضح هذا بالضبط ما غم على فكر القاضية الأوغندية نائبة رئيس محكمة العدل الدولية، وهو الخلط بين القانون والسياسة بشأن شعب فلسطين، فالإبادة الجماعية لشعب فلسطين بقطاع غزة قضية قانونية تختص بها محكمة العدل الدولية، والإحتلال الحربى من إسرائيل للأراضى الفلسطينية تختص المحكمة بالافتاء فيه، بينما الصراع العربى الإسرائيلى بشأن اليهود والفلسطينيين قضية سياسية تخرج عن نطاق اختصاص المحكمة ويتم تسويتها بالطرق الدبلوماسية، وشتان بين الأمرين يا سيادة نائبة رئيس العدل الدولية.
خاتمة الرسالة:
ويختتم الفقيه المصرى أن المبادئ العامة للقانون باتت مصدراً من مصادر القانون الدولى من المسلمات القانونية، وأدعو نائبة رئيس محكمة العدل الدولية الرجوع إلى حكم محكمة العدل الدولية الذى أشارت فيه المحكمة إلى المبادئ التى تقوم عليها اتفاقية منع الإبادة الجماعية بوصفها مبادئ تعترف بها الأمم المتمدينة وأنها ملزمة للدول؟ أدعوكى يا سيادة نائبة الرئيس للاطلاع على قضية نيكاراجوا التى أشارت فيها العدل الدولية إلى المبادئ العامة الأساسية للقانون الإنسانى؟ أدعوكى إلى تصفح الحكم الصادر فى قضية تيمور الشرقية الذى أشارت فيه المحكمة إلى مبدأ تقرير الشعوب مصيرها باعتباره أحد المبادئ الأساسية للقانون الدولى المعاصر؟ وغيرها من الأحكام التى تجعل رأيك المخالف لقرار المحكمة والذى تنكرين فيه ولاية المحكمة هو والعدم سواء، فلا تصلحين لاعتلاء منصتها لنظر قضية فلسطين قضاء أو إفتاء.