لازالت ردود الأفعال مستمرة حول حكم المحكمة الدستورية العليا المقيد برقم 59 لسنة 40 القضائية "دستورية"، بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر من الأشخاص الاعتبارية؛ والذى قرر أن الدعاوي المقامة بشأن الأشخاص الإعتبارية مناطها المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981 وليس المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 التى تحكم حالات الامتداد القانونى وليس الإخلاء الذى تحكمه المادة 18 كما يظن الكثيرين من المتخصصين وغير المتخصصين.
وفى الحقيقة بتاريخ الثالث من فبراير 2024 أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها في الدعوى رقم 59 لسنه 40 قضائية دستورية عليا الذي قضى بعدم قبول الدعوى ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات، وفور صدور الحكم أثار جدلا واسعا حول مضمون الحكم وحجيته بشأن الأماكن المؤجرة لشخصيات اعتبارية، وهل له آثر على الحكم السابق صدوره بجلسة 5 مايو 2028 من ذات المحكمة في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة 18 للقانون 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
تفسير نص حكم الدستورية بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر
وفى هذا الشأن – يقول الخبير القانونى والمحامى بالنقض أحمد أحمد عطوة - أن الحكم الصادر في الدعوى الدستورية رقم 59 لسنة 40 قضائيه واضح لا لبس فيه، ذلك أن المحكمة قضت في شكل الدعوى بعدم القبول بمعنى أن الدعوى غير مقبولة شكلا لتخلف شرط من شروط القبول وهو المصلحة الشخصية المباشرة للطاعن الذي تعد شرطا لقبول الدعوى الدستورية وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحه القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها المطروحة أمام محكمه الموضوع.
وبحسب "عطوة" في تصريح لـ"برلماني": لما كان ما تقدم وكان الثابت من حيثيات الحكم أن المحكمة الدستورية تبين لها من أوراق الدعوى أن النزاع الموضوعي يدور حول طلب الحكم بإخلاء المكان المؤجر لسفارة بولندا بجمهورية مصر العربية وتسليمه للمدعي الطاعن خاليا بعد انتهاء مدة العقد التي حددها طرفا عقد الايجار، وكان ما ورد بصدر الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه في حدود نطاقه المتقدم هو الحاكم لهذه المساله بمعنى أن النزاع الموضعي المقام عنه الدعوى الدستورية الصادر فيها الحكم موضوع هذا البيان يحكمه نص الفقره الأولى من المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981 وليس نص المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 المشار إليه.
الدعاوي المقامة بشأن الأشخاص الإعتبارية مناطها المادة 18 من القانون 136
ووفقا لـ"عطوة": حيث أن هذه المادة يسري حكمها على ضوابط وشروط امتداد عقود ايجار الأماكن السكنية والغير سكنية للأشخاص الطبيعيين، وهو الأمر الذي يتبين معه أن القضاء في دستوريتها غير ذي أثر ولن يكون له أثر أو انعكاس على النزاع الموضوعي والطلبات المطروحة به، وقضاء محكمة الموضوع فيها لتنتفي بذلك مصلحة المدعي في الطعن على تلك المادة (29 من القانون 49 لسنة 1977 ايجارات) وكان يتعين على الطاعن تأسيس دعواه الموضوعية على نص المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 التي تحدد حالات الاخلاء وليس نص المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 التي تحكم حالات الامتداد القانوني، وهو الأمر الذي تبين معه للمحكمة الدستورية العليا عدم توافر المصلحة من الحكم في الطعن على نص المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 لعدم ارتباطها بطلبات الدعوى الموضوعية، وهو ما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى لتخلف شرط المصلحة الشخصية للطاعن من الفصل في الطعن.
وقائع الدعوى.. إحدى السفارات تستأجر شقة لموظفيها منذ عام 62
وفى سياق أخر – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض علاء العيلى، أن ملخص النزاع في أن المدعي أقام أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، الدعوى رقم 740 لسنة 2016 إيجارات، ضد سفارة "...." طالبا الحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 2 يونيو 1962، لانتهاء مدته، وعدم الرغبة في تجديده، وإخلاء العين المؤجرة وتسليمها خالية من الأشياء والأشخاص، على سند من القول بأنه بموجب عقد الإيجار المشار إليه، استأجرت السفارة المدعى عليها الرابعة من مورث المدعي، الشقة محل التداعي بقصد استعمالها سكنا لموظفيها، وإزاء عدم رغبته في تجديد العقد، فقد أنذر المدعى عليه الأخير بانتهاء عقد الإيجار المشار إليه، وأقام دعواه بالطلبات السالف بيانها.
المؤجر يقيم دعوى إخلاء.. والمحكمة تقضى بالرفض بتاريخ فبراير 2017
ويضيف "العيلى" في تصريحات خاصة: وبجلسة 28 فبراير 2017 حكمت المحكمة برفض الدعوى، ثم طعن المدعي على الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4993 لسنة 134 قضائية، وحال نظره، دفع بعدم دستورية المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستاجر، فيما تضمنته من تأبيد عقود الإيجار الصادرة للأشخاص، وحيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بحكمها الصادر بجلسة 5 مايو 2018 في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد، لتشمل عقود ايجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير أغراض السكني، وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، بالعدد رقم 19 مكرر (ب) بتاريخ 13 مايو سنة 2018.
المؤجر يستأنف على الحكم لإلغاءه.. ويدفع بعدم دستورية المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977
ويؤكد "العيلى": وكان مبنى هذا القضاء أن المشرع لم يجز بمقتضى صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار اليه، للمؤجر طلب اخلاء المكان المؤجر بعد انتهاء مدة الاجارة المتفق عليه في العقد لتصير ممتدة بقوة القانون، ما لم يتحقق أحد أسباب الاخلاء المنصوص عليها حصرا بتلك المادة، وقد جاءت عبارة ذلك النص في شأن الامتداد القانوني لمدة عقد ايجار الأماكن بصيغة عامة ومطلقة، لتشمل الأماكن المؤجرة للغرض السكنى أو لغير هذا الغرض، المؤجرة للأشخاص طبيعيين أو الأشخاص الاعتبارية عامة كانت أم خاصة ولم يرد بنص تلك المادة تقييد لهذا الإطلاق، فيما خلا عقود إيجار الأماكن المفروشة، فلا يسري عليها الامتداد القانوني المدة عقد الإيجار، وانتهت المحكمة إلى أن مؤدى ذلك النص تأبيد عقود الإيجار للأشخاص الاعتبارية، بما ينال من الحماية الدستورية للملكية الخاصة، ويخل بمبدأ المساواة، وبحرية التعاقد، باعتبارها فرعا من الحرية الشخصية.
الطعن يتعلق بتأبيد عقود الإيجار الصادرة للأشخاص
وحيث إنه لما كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي يدور حول طلب الحكم بإخلاء المكان المؤجر لسفارة بولندا بجمهورية مصر العربية، وتسليمه للمدعي حاليا، بعد انتهاء مدة العقد التي حددها طرفا عند الإيجار، وكان ما ورد يصدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار اليه، في حدود نطاقة المتقدم، هو الحاكم لهذه المسألة، قبل القضاء بعدم دستوريته في شأن الأشخاص الإعارية هو الذي يرتب انعكاسا على الطلبات في الدعوى الموضوعية دون بعض المادة (29) من القانون رقم 11 لسنة 1977 المشار إليه التي يسري حكمها على ضوابط امتداد عقود التجار الأماكن السكنية وغير سكنية للأشخاص الطبيعيين ومن ثم يكون القضاء في دستوريتها غير في أثر أو انعكاس على النزاع الموضوعي، والطلبات المطروحة به، وقضاء محكمة الموضوع فيها، لتنتفى بتلك مصلحة المدعى في الطعن على تلك المادة، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى – الكلام لـ"العيلى".
وهنا نؤكد – وفقا لـ"العيلى": أن مؤدى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 5 مايو 2018 في القضية رقم 11 لسنة 23 ق دستورية والمنشور في الجريدة الرسمية في العدد 19 مكرر ب" بتاريخ 13 مايو 2018 هو انحسار الامتداد القانوني عن عقود إيجار الأماكن المؤجرة للاشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير أغراض السكني اعتباراً من اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي لمجلس النواب اللاحق لنشر الحكم، وأنه عملا بالمادة 563 من القانون المدني أنه يلزم توقيت عقد الإيجار فإذا عقد الإيجار لمدة غير معينة أو تعذر إثبات مدته تعين اعتبار العقد منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة وينتهى بانقضائها بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا نبه على الأخر بالإخلاء وفى المواعيد المبينة بالمادة السابقة.
يترتب على هذا التنبيه انتهاء ذلك العقد بنهاية المهلة المحددة بالإنذار
ويشير الخبير القانوني: أنه بموجب حكم المحكمة الدستورية سالف البيان واعتبارا من 16 يوليو 2019 - اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي لمجلس النواب اللاحق لنشر حكم المحكمة الدستورية سالف البيان - بنصر الامتداد القانوني عن عقد إيجار، ومفاد ما نصت عليه المادة 563 من القانون المدني من انتهاء الإيجاز المنعقد للفترة المعينة لدفع الأجرة بانقضاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بالنص - أن التنبيه الصادر من المؤجر هو عمل قانوني من جانب واحد يتحقق أثره بمجرد أن يعلن عن إرادته في انتهاء العقد إلى المتعاقد الآخر متى كانت شروط العقد تبيح ذلك ولا مخالفة فيه لما فرضه القانون من أحكام مقيدة بهذا المبدأ في حدودها ودون مجاوزة لنطاقها، فتنحل تبعا لذلك الرابطة العقدية التي كانت قائمة بينهما بعد فترة معينة، فإذا ما تحقق هذا الأمر انقضى العقد فلا يقوم من بعد إلا بإيجاب وقبول جديدين.
وتابع "العيلى": من ثم يترتب على هذا التنبيه انتهاء ذلك العقد بنهاية المهلة المحددة بالإنذار، وكان انتهاء العقد على النحو سالف الذكر قد تم وأنتج أثره قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 2022 سالف البيان، ومن ثم فلا تسرى أحكام هذا القانون على العلاقة الإيجارية موضوع الدعوى لانقضائها قبل نفاذ هذا القانون، وبالتالي لا يكون لصدور هذا القانون أثر على قضاء الحكم المطعون فيه.
حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن اخلاء الاشخاص الاعتبارية 1
حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن اخلاء الاشخاص الاعتبارية 2
حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن اخلاء الاشخاص الاعتبارية 3