مع حلول شهر رمضان المبارك، يستقبل المواطنون الرسائل القصيرة وضخها بشكل مكثف عبارة عن أغانى أو رسائل تهنئة، سواء من أشخاص أو شركات بهدف التهنئة أو الدعاية والإعلان، ما يُشكل ازعاجاَ لدى شريحة كبيرة من المواطنين، حيث تنتشر بشكل كبير ظاهرة إرسال رسائل عشوائية عبر الهاتف المحمول من عينة "رمضان جانا" و"مرحب شهر الصوم مرحب"، الأمر الذي اعتبره كثيرون "مزعجا" بسبب كثرة إرسال وضخ هذه الرسائل بشكل مكثف طوال اليوم.
رسائل عشوائية مزعجة تضخ بكثافة على هاتفك مع حلول شهر رمضان وعيد الفطر
عملية ضخ مثل هذه الرسائل المزعجة بشكل مستمر خلال فترة الأعياد والمناسبات وغيرها طرح معه إشكالية قانونية تتمثل فى هل هناك عقوبة للأشخاص الذين يقومون بإرسال مثل هذه الرسائل بشكل مكثف سواء بالحبس أو التغريم باعتبار أن مثل هذا الفعل يُعد مؤذياَ من الناحية النفسية، وما هي علاقة هذا الأمر بانتهاك الخصوصية الشخصية؟، وهل تواجه هذه الشركات أو الأفراد نتيجة لهذه الرسائل المزعجة طبقا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018.
في التقرير التالي، يلقى "برلمانى" الضوء على إشكالية إرسال الرسائل النصية المزعجة عبر "الهاتف المحمول" و"الفيس بوك" و"الواتس آب" من الناحية القانونية بحجة التهنئة بشهر رمضان خاصة، وذلك طبقا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 وللمادة 25 الخاصة بحماية حرمة الحياة الخاصة للمواطنين من الرسائل النصية المزعجة التى تقوم بإرسالها عدد من الشركات وكان على رأسها أحد شركات إبادة الحشرات، حيث غرمت المحكمة الاقتصادية في حكمها رقم 647 لسنة 2019 شركة خاصة مبلغ 900 ألف جنيه – بحسب الخبير القانوني والمحامى محمد الصادق.
رسائل "رمضان جانا"
فى البداية - فإن إرسال أشخاص لرسائل – عشوائية - من عينة "رمضان جانا"، و"مرحب شهر الصوم"، و"رمضان كريم" مجرم من الناحية القانونية طبقا لنص المادة 25 في الفصل الثالث من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، وكذا الجرائم المتعلقة بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتي غير المشروع حيث جرى نصها على – وفقا لـ"الصادق":
العقوبة حبس 6 أشهر وغرامة تصل لـ 100 ألف جنيه
"يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو "أرسل بكثافة العديد من الرسائل الاليكترونية لشخص معين دون موافقته"، أو منح بيانات إلى نظام أو موقع اليكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته أو بالقيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو أخبار أو صور وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أم غير صحيحة".
ويتضح من العبارة التي بين قوسين "أرسل بكثافة العديد من الرسائل الاليكترونية لشخص معين دون موافقته"، أنها عاقبت على إرسال تلك الرسائل، بعقوبة الحبس الذي لا يقل عن 6 شهور أو الغرامة من 50 إلى 100 ألف، حيث إن مسألة إرسال رسائل بكثافة مثل هذه النوعية يعتبر "مؤذى للغير"، الأمر الذى جعل المشرع يفرد له نصا خاصا فى قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وذلك لأن هذه الرسائل تعتبر انتهاكا للخصوصية وإزعاجا للغير.
ويضيف الخبير القانوني: تعد تلك الأيام موسما للأشخاص المحترفين فى إرسال مثل هذه الرسائل ومنهم من يرسل رسائل دينية، وردد قائلا: "هو نفسه مش بيكون قراها، فياريت نحترم خصوصيات بعض، وحتى لو محدش رفع عليك قضية، لكن أسهل حاجة يتعملك بلوك، وفي يوم قد تحتاج تبعت رسالة في موضوع هام لذلك الشخص، فتكتشف أنه عملك بلوك من كتر رسايلك التافهة"، وهى جرائم تختص بها المحاكم الاقتصادية.
المقصود بالإزعاج أو المضايقة:
ويقصد بالإزعاج أو المضايقة الاستخدام السيئ لأجهزة الاتصالات بُغية إزعاج الغير أو مضايقته ودون مبرر من خلال مناداة الغير عن طريق هذه الأجهزة كى يجيب النداء دون أى خطاب مفيد ولمجرد العبث بوقته وإقلاق راحته وتكديره ومضايقته، والإزعاج لا يقتصر على السب والقذف بل يتسع لكل قول أو فعل تعمَّده الجاني ويضيق به صدر المواطن وتقع الجريمة متى تحقق الإزعاج أو المضايقة من خلال أي جهاز من هذه الأجهزة.
هل تنقضي هذه الجريمة بالتصالح؟
لا أثر للصلح على جريمة تعمد إزعاجا للغير بأجهزة الاتصال الحديثة، ولكن للقاضي من خلال ظروف الدعوى وملابساتها أن يأمر أو لا يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التي يحكم بها على المتهم، وهذا الحق لم يجعل الشارع للمتهم شأنا فيه، بل خص قاضي الموضوع به ولم يلزمه باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه، ومما يجدر التنبيه إليه هو وجوب لجوء المجني عليه إلى الجهات المختصة فإذا كان الإزعاج عن طريق المحمول "رسائل S M S أو شتائم وتم تسجيلها أو كثرة الاتصال دون رد أى عدد كبير من المزدات"، فيكون الإبلاغ فى قسم مباحث التليفونات ويتعين تقديم التليفون لمطالعة الرسائل أو الحديث المسجل لإثباته فى المحضر.
الخلاصة:
فرض قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات والمعروف إعلاميا باسم "جرائم الإنترنت"، عقوبات رادعة في حالة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة، بعد حالة الفوضى التي شهدتها وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية وانتهاك الحياة الخاصة للمواطنين.
المادة 25 في الفصل الثالث من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه في الجرائم التالية:
1- كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة.
2- كل من أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته عبر "فيس بوك" و"واتس آب".
3- كل من نشر عن طريق الإنترنت معلومات أو أخبار أو صور وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة ام غير صحيحة.
كما عاقب التشريع بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 300 ألف جنيه، كل من تعمّد استعمال برنامج في معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة أو لإظهارها بطريقة من شانها المساس باعتباره أو شرفه.
يشار إلى أنه فى حالة تعرضك لتلك الرسائل المزعجة توجه ببلاغ رسمي إلى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والذى يقم بفحص البلاغ وإحالته إلى نيابة الشئون المالية والتجارية، وبعد التحقيق في الواقعة يتم إحالة القضية إلى المحكمة الاقتصادية المختصة، وفقا للقانون ونص المادة 25 المتعلقة بالجرائم الاعتداء على حرمه الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتى غير المشروع.