في مثل هذه الأيام من كل عام – ومع شهر رمضان – تزداد فوضى الإعلانات التجارية على مواقع التواصل الاجتماعى وسط غياب واضح للتنظيم القانوني بالتصدي والمواجهة الصارمة والحازمة لفوضى الإعلانات عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، الأمر الذى يؤدى معه إلى خروج الدعوات بضرورة تفعيل التشريعات والقوانين التي تتعلق بالسوشيال ميديا وما يخص مسألة الإعلان عن أى سلع أو منتجات عبر هذه المواقع، لحماية المواطنين من أضرار ومخاطر السلع والمنتجات المغشوشة والضارة، وضرورة وجود ضوابط تنظم الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي، مع تشديد الرقابة.
هذه المطالبات تأتى رغم وجود قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 الذى وضع الضوابط للجريمة الإلكترونية، إلا أن المطالبات ما زالت مستمرة حول تفعيل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وتطبيق العقوبات الواردة به بشكل حازم لمنع فوضي السوشيال ميديا، وضمان الالتزام بالضوابط والمعايير التي أقرها القانون، فضلا عن ضرورة تطبيق وتفعيل القانون رقم 206 لسنة 2017 الخاص بتنظيم الإعلان عن المنتجات والخدمات الصحية، وذلك في ظل انتشار إعلانات لمنتجات مغشوشة ومجهولة المصدر وغير مرخصة ودون تصريح من الجهات المعنية التي حددها القانون، مما يضر بصحة المواطنين ويعرض حياتهم للخطر.
فوضى الإعلانات التجارية على مواقع التواصل الاجتماعى وسط غياب واضح للتنظيم القانوني
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بفوضى الإعلانات التجارية على مواقع التواصل الاجتماعى وسط غياب واضح للتنظيم القانوني، خاصة وأننا في بداية الأمر لعبت المؤسسات في جميع مراحل التطوير الإعلامى دورا مهما في الحفاظ على ضابط المهنية في تقديم ما يظهر في وسائل الإعلام، ومع ذلك، ومع ظهور وسائل التواصل الإجتماعى، بدأت هذه الضوابط تتلاشى، وبدأت الوجوه الفردية في أخذ زمام المبادرة دون أي رقابة شخصية معنوية وقيمية بعد غياب ضابط المؤسسة - بحسب أستاذ القانون الجنائى والخبير القانوني الدولى محمد أسعد العزاوي.
في البداية - ينعكس هذا الفراغ في الضوابط في الإعلانات الترويجية المعروضة على المنصات الرقمية، حيث أصبح من الشائع والشائع جدا رؤية انتهاكات لقوانين الإعلان والتسويق في هذه المنصات، سواء من حيث التظليل أو التضليل في الإعلان، أو حتى من حيث ارتكاب انتهاكات جسيمة في إطلاق الأوصاف الصحية والتسويقية في الإعلان، أو حتى من حيث ارتكاب انتهاكات جسيمة في إطلاق الأوصاف الصحية والتسويقية للمنتجات الغذائية أو الطبيعية دون موافقة الجهات المختصة، وهذا دفع بعض الحكومات العربية إلى اتخاذ قرارات، هدفها حماية المستهلكين من الغش التجارى، ولا شك بأن ما تحققه الإعلانات التجارية الرقمية في دول الخليج من إيرادات مالية عالية بالنسبة للمؤثرين، وذلك من خلال الحملات الدعائية للشركات عبر نشرها على حساباتهم وصفحاتهم – وفقا لـ"العزاوى".
مطالبات بسد الفراغ التشريعى في ضوابط الإعلانات
وأمام وجود هذا الفراغ التشريعى الذى يتعلق بتنظيم عمل المشاهير أو ما يطلق عليهم "الفاشينستات" مشاهير الموضة الخاصة بهم من الناشطين في مجال الدعاية والإعلان، وعلى هذا الأساس ومن هذا المنطلق، فإن القانون المراد تشريعه يقوم على تنظيم علاقة المعلن بالمعلن مع الحفاظ على جميع الحقوق لكلا الطرفين، وهذا ما سيخلق بينه عمل صحيح ومناسبة لممارسة الأنشطة الإعلانية عبر مواقع التواصل الاجتماعى وعلى شبكة الإنترنت بشكل قانونى، ووفق إجراءات صحيحة وواضحة، وذلك تحت إشراف ورعاية الجهات الرسمية في الدولة – الكلام لـ"العزاوى".
الإشكالية في التشريع المصرى
ويوجد في مصر قانون تنظيم الإعلان عن الخدمات والمنتجات الصحية، يتضمن ضوابط قانونية للتصدي للفوضى والعشوائية في أنشطة الإعلان عن المنتجات والخدمات الصحية، حيث يحظر الإعلان بأية وسيلة عن أي منتج صحى أو خدمة صحية دون الحصول على ترخيص بذلك من لجنة مختصة، وينص القانون على تشكيل لجنة عليا برئاسة وزير الصحة تختص بمنح الترخيص بالإعلان عن أى منتج صحي أو خدمة صحية، كما تختص اللجنة بمطالعة ومراجعة مضمون ومحتوى الإعلان وتتأكد من استيفاء المنتج أو الخدمة لإجراءات الترخيص والتداول، ويمنح القانون اللجنة حق مخاطبة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بوقف بث أو نشر الإعلانات غير المرخص بها، على أن يسدد طالب الإعلان رسما لا يتجاوز قيمته عشرة آلاف جنيه عن كل إعلان – هكذا يقول "العزاوى".
ويعاقب القانون بالحبس شهر وغرامة 100 ألف جنيه كل من يرتكب مخالفة الإعلان بدون ترخيص من اللجنة المختصة، والسجن وغرامة 500 ألف جنيه، إذا ترتب على استخدام المنتج المعلن عنه الوفاة أو الإصابة بعاهة مستديمة، فيما يعاقب المسؤول عن الإدارة الفعلية للشخص الاعتباري حال ثبوت علمه بالفعل الإجرامي بذات العقوبة، ويقضي بمصادرة المنتجات والأموال والأشياء المستخدمة في الجريمة، ولكننا في الحقيقة أصبحنا في أيامنا هذه لحاجة ملحة وضرورية للتصدي بشكل حازم وصارم للمخالفات والفوضي في عملية الإعلان عن سلع وبضائع ومنتجات على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض القنوات غير المرخصة مثل قنوات "بير السلم"، ومن ذلك الإعلان عن الأدوية والمنتجات الصحية.
كيف تصدت السعودية لضبط المسألة؟
وفى السياق ذاته – فقد وافقت دولة المملكة العربية السعودية، على ترخيص يمنح للأفراد الراغبين في تقديم محتوى إعلانى عبر منصات التواصل الاجتماعى، كمساهمة في تنظيم قطاع الإعلان والمحتوى الرقمى في المملكة العربية السعودية، حيث وافق مجلس إدارة الهيئة العامة للإعلام المرئى والمسموع على إدخال الترخيص ضمن اللائحة التنفيذية لنظام الإعلام المرئى والمسموع، مبينا أن قيمة الترخيص 15 ألف ريال لمدة 3 سنوات، بحسب ما نشرته وسائل إعلام سعودية، وطالبت السعودية القائمين على هذا النشاط بالحصول على الترخيص، وقد أوضحت تلك الهيئة العامة للأإعلام حيث أتاحت خدمة موثوق لإصدار ترخيص إعلانات المشاهير من خلال موقع موثوق، وهى منصة إلكترونية معدة لهذا الغرض، كما وحذرتهم من الوقوع في المخالفة لتجنب اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم مثل العقوبات والغرامات المالية، بحسب ما ورد في الصحيفة.
ومن ضوابط تنظيم الإعلانات في دولة المملكة العربية السعودية:
1- الالتزام بالشروط والضوابط الخاصة بتقديم الأفراد للمحتوى الإعلانى في منصات التواصل الإجتماعى من الهيئة.
2- تقديم أي بيانات أو معلومات أو تقارير تطلبها الهيئة.
3- التوقف عن الإعلان عن أي محتوى إعلامى فورا ودون اعتراض عند طلب الهيئة.
4- عدم عرض أي إعلان إلا عن طريق حساب مسجل لدى الهيئة.
5-ا لالتزام بالضوابط الخاصة بمحتوى الإعلانات والتصنيفات "التصنيف العمرى"، وتعليمات الهيئة.
6- لغير السعوديين التعهد بعدم ممارسة النشاط إلا بعد الحصول على التراخيص والموافقات من الهيئة والجهات المختصة.
خلاصة القول:
يستخلص مما ذكر سلفا – أصبح الإعلان على وسائل التواصل الاجتماعى من أهم وسائل تسويق المنتجات، ووسيلة مناسبة للمستهلكين للحصول على معلومات وبيانات عن السلع والخدمات، لكن ما يلاحظ أن المستهلك أصبح فريسة سهلة لمروجى المظاهر الخداعة أو الإعلانات التجارية المضللة، وهذا ما يشكل تهديدا لأمن وسلامة المستهلك من جهة، ويخلط الحقيقة بالمبالغة والأكاذيب، وبالتالي تتأثر اختيارات المستهلك، فيصبح رضاه في الإقبال على التعاقد، ويصبح معيبا وغير لائق من ناحية أخرى.
ونتيجة كل هذه الأضرار الناجمة عن الدعاية الكاذبة، ولتنظيم هذه الإعلانات أكثر، فقد خصصت الدول المتقدمة تشريعات قانونية لتنظيم الإعلانات التجارية على مواقع التواصل الإجتماعى ولحماية المستهلك، ووضعت العقوبات المناسبة للمخالفين، ولا شك بأن تشريع قانون مثل هذا نوع سيضرب بشدة أيدى المحتالين والنصابين ممن اتخذوا من المواقع الالكترونية منصات للخداع والتربح - وعلى ذوء ذلك ما ورد أعلى – فقد أصبحت الحاجة ماسة وملحة إلى وجود هكذا قانون ينظم ويراقب هذه الأعمال وذلك مع تصاعد وتيرة الإعتماد على مشاهير التواصل الإجتماعى في الدعاية والإعلان لذلك نهيب بمشرعنا العربى في مختلف الدول أن يحذو حذو المشرع السعودى.
أستاذ القانون الجنائى والخبير القانوني الدولى محمد أسعد العزاوي