الإثنين، 25 نوفمبر 2024 01:10 م

جريمة عابرة للقارات.. الهجمات السيبرانية على الأنظمة والشبكات المعلوماتية للدول.. القانون الدولى عاجز عن كبح جماح الدول المعتدية.. وترتب عليه تشجيع "قراصنة الدول" لاستباحة الإجرام وتهديد الأمن والسلم الدولى

جريمة عابرة للقارات.. الهجمات السيبرانية على الأنظمة والشبكات المعلوماتية للدول.. القانون الدولى عاجز عن كبح جماح الدول المعتدية.. وترتب عليه تشجيع "قراصنة الدول" لاستباحة الإجرام وتهديد الأمن والسلم الدولى قراصنة الدول - أرشيفية
الجمعة، 15 مارس 2024 10:00 م
كتب علاء رضوان

من حين لآخر تطالعنا عناوين بعض الصحف والمجالات ووسائل الإعلام الدولية بخبر تحت عنوان "قراصنة خبراء من إحدى الدول"، قد اخترقوا شبكات الكمبيوتر التابعة للأحزاب السياسية الرئيسية في البلاد، جاء ليسلط الضوء مرة أخرى على تزايد التهديدات الخطيرة التي تشكلها الهجمات السيبرانية على الأنظمة والشبكات المعلوماتية للدول، وقد سبق وأن تعرضت العديد من الدول لهذا الأمر.

على سبيل المثال لا الحصر - أخطر الهجمات الإلكترونية التي سبق وأن تعرضت لها دولة مثل أستراليا هي هجمة البرمجيات الخبيثة عام 2015 على مكتب الأرصاد الجوي، واختراق أنظمة الكمبيوتر في الجامعة الوطنية الاسترالية عام 2018، لاسيما وان أستراليا ليست الدولة الوحيدة التي تواجه مخاطر هذه التهديدات الخطيرة بل اضحت هذه الجرائم تهدد المجتمع الدولي برمته، وقد عبر العديد من الباحثين المختصين في وصف خطورة هذه الهجمات والتحديات التي يواجهها المجتمع عندما أشاروا الى أن تتعدى الهجمات الإلكترونية من حيث اتساعها ونطاق العواقب المحتملة الآن خطر التعرض للهجمات الجسدية بأضعاف مضاعفة.    
 

1

 

جريمة عابرة للقارات

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على عجز القانون الدولي في مواجهة الإجرام السيبراني، تشجيع لإستباحة الإجرام وتهديد للسلم والأمن الدوليين، والتركيز على أمر في غاية الأهمية والخطورة ألا وهو أن تسارع تطور الأنشطة الإجرامية السيبرانية والمعلوماتية فاق وبشكل كبير وخطير وملفت للنظر، للتطورات والتحديثات التشريعية القانونية سواء كانت الموضوعية منها أو الإجرائية لأحكام القانون الدولي الحالي، مما يجعل النشاطات الإجرامية بحكم الأفعال المباحة والمشروعة كونها لا رادع يردعها، ولا قانون يعاقب على اقترافها، وبالتالي نكون أمام جملة من العقبات والتحديات التي تواجه المجتمع الدولي في مكافحة هذا النوع من الجرائم واسناد هذه الجرائم إلى الدول المعتدية وتوجيه المسؤولية القانونية والجزائية ضدهم ومعاقبتهم – بحسب أستاذ القانون الدولى العام الدكتور أثير هلال الدليمي، المتخصص في مكافحة الجرائم السيبرانية الدولية.

في البداية - بالعودة الى الهجمات التي استهدفت استراليا، فبالرغم من أن مسؤولي الاستخبارات الأسترالية أشاروا إلى أن الشكوك والأدلة تشير إلى أن الهجوم جاء بتدبير من "دولة معينة"، لكن الواقع أشار ويشير إلى أن إطار القانون الدولي الحالي أثبت فشله وعجزه في توفير سبل الحماية للدول المعتدى عليها، كما فشل ويفشل في توجيه واسناد المسؤولية القانونية والجزائية ضد الدول المعتدية في الوقت المناسب، وذلك لسببين مهمين؛ أولهما قصور النطاق التشريعي وعدم مواكبته للتطور السريع للأنشطة الإجرامية المتعلقة بالإجرام السيبراني، وضعف الخبرة للجانب الفني الإجرائي المتمثل في اجراءات الكشف والضبط والتحقيق وتتبع وتسليم المجرمين من ناحية؛ وضعفه وعدم إمكانياته في اسناد المسؤولية القانونية ضد الدول المعتدية من ناحية أخرى – وفقا لـ"الدليمى".   

 

2017-636303716333564477-356

 

الاعتداءات السيبرانية على الأنظمة والشبكات المعلوماتية للدول

 

كما تجدر الإشارة إلى أن هنالك العديد من التحديات الأخرى التي من شأنها أن تؤثر سلبا على مكافحة الجرائم السيبرانية، ومنها صعوبة تحديد مصدر الهجوم السيبراني بدقة، لاسيما إذا كان التخطيط والدعم في دولة والتنفيذ من أخرى، وتحقق النتيجة في دولة ثالثة أو عدة دول وبذلك نكون أمام جريمة منظمة عابرة للوطنية، ناهيك عن الإمكانية الكبيرة والخبرة الفنية التي يتمتع بها المجرم السيبراني وقدرته على التخفي والتستر وإخفاء هويته الحقيقية، وموقعه وقدرته على التخلص من الأدلة الرقمية التي من شأنها أن تثبت تورطه في ارتكابه للجريمة، فكل هذه الأسباب جعلت من الصعب بل من الاستحالة على الدول المعتدى عليها أن تكشف هذه الجرائم ونسبتها إلى الدولة المعتدية بنفسها ولوحدها بل لابد من تكاتف الجهود الدولية في التعاون والتنسيق لكشفها ومعاقبة مرتكبيها – الكلام لـ"الدليمى". 

كما وهنالك تحد آخر ألا وهو صعوبة إسناد الجريمة الإلكترونية إلى دولة ما، وتحديد مسئوليتها القانونية ومسائلتها عن الأنشطة والاعتداءات الإجرامية التي ارتكبتها، ويعتبر هذا التحدي من أهم العقبات التي تواجهها الدول المعتدى عليها، كون أن الدول المعتدية ربما لا تنفذ هجماتها من قبل مؤسساتها الرسمية أو غير الرسمية التابعة لها، بل تلجأ الى جهات أو أفراد يعملون معها أو نيابة عنها، ذات إمكانيات متطورة، أو قد تلجأ الى دول ثالثة أقل وضوحًا وبروزا لتكون قابلية إنكارها وإخفائها لارتكابها أو تحريضها على الاعتداء كبيرة، وتحت أسباب معقولة ومقنعة – هكذا يقول أستاذ القانون الدولى العام. 

 

الأمن-السيبراني-في-تركيا٢-1-1536x864

 

القانون الدولى عاجز عن كبح جماح الدول المعتدية

 

وبالتالي تنشأ مشكلة إسناد الاعتداء إلى الدولة المعتدية من حقيقة أن القانون الدولي لا يحمِّل الدول عمومًا مسؤولية تصرفات الجهات الفاعلة والأفراد غير الحكوميين، بالتالي لن تُنسب المسؤولية القانونية إلا إذا اعترفت الدولة بسلوك الممثل غير الحكومي واعتمدته كسلوك خاص بها، أو كانت الدولة توجه أو تتحكم في ممثل غير حكومي، وبالنظر إلى هذه المشكلات والتحديات، فمن غير المرجح ومن المستبعد أن يتم مساءلة الدولة علنًا بموجب الإطار القانوني الحالي للقانون الدولي.

 

ما الآليات المتاحة للدولة ضمن القانون الدولي في التصدي للهجوم السيبراني؟

 

حتى لو كان بالإمكان إثبات الاعتداء واسناد الجريمة إلى دولة ما، فإن ذلك لا يحل التعقيدات القانونية بالكامل بل ربما يعقدها، فالقانون الدولي ليس لديه سوى القليل من الآليات والتدابير التي تسمح للدولة بالرد بفعالية على الهجوم السيبراني بمجرد وقوعه، مقارنة بالتدابير والإجراءات التي يمكن أن تتخذها في حالة تعرضها إلى الهجوم التقليدي حيث يتيح ويسمح للدول في حالة تعرضها إلى الاعتداء التقليدي باستخدام القوة للدفاع الشرعي عن النفس ضد الدولة المعتدية، في حالة الاعتداء الفعلي الحقيقي كرد على الهجوم المسلح والذي يعد الاستخدام الأكثر خطورة للقوة – طبقا لـ"الدليمى".  
 

غ

 

وبالتالي فمن غير المرجح أن أعمال التجسس الإلكتروني التي تستند أساسًا على جمع المعلومات الاستخبارية أو البيانات السرية والحيوية يمكن وصفها بأنها هجوم مسلح بموجب هذا التعريف، وبالتالي فإن القانون الدولي لم ينظم الأليات اللازمة في رد هذه الاعتداءات كاستخدام الدفاع الشرعي كونه لا يرقى إلى مستوى الهجوم المسلح - وفي سياق التدابير - الاحترازية المضادة، فالقانون الدولي يسمح باتخاذ فئة واسعة من التدابير المؤقتة التي تهدف إلى حث الدولة على وقف تصرفاتها غير المشروعة بموجب أحكام القانون الدولي في ظروف معينة، فإن الشروط المفروضة على هذه الوسائل تعني أنها محدودة الاستخدام في سياق الهجمات السيبرانية.   

 

وترتب عليه تشجيع القراصنة الدوليين لإستباحة الاجرام وتهديد الأمن الدولى

 

على سبيل المثال، في جميع الظروف باستثناء الحالات الأكثر إلحاحًا، يجب على الدولة المعتدى عليها إخطار الدولة المسؤولة بقرار اتخاذ تدابير مضادة وعرض التفاوض بشأنها قبل اتخاذ أي تدابير مضادة بالفعل، وبالتالي فإن مثل هذه التدابير والمتطلبات الإجرائية غير عملية وغير مجدية بكل بساطة عند الرد على الهجمات السيبرانية، بالنظر إلى الطبيعة الخاصة التي تميزها والتي تتسم في سرعتها ومدى إمكانية استخدامها، وبالتالي ولسوء الحظ، فإن إطار القانون الدولي الحالي يوفر القليل من الحماية الفعالة للدول ضد هذا النوع من الجرائم المستحدثة - وعليه ومما تقدم - ينبغي من المهم في الأمر والأكثر أهمية بالنسبة لبلداننا أن نضمن قيامنا بكل ما هو ممكن لحماية أنفسنا ومؤسساتنا من الهجمات السيبرانية المستحدثة، وبما يحقق السلم والأمن السيبراني الدوليين.   

 

ططس
 
bada554d-c9ec-42ca-96ff-e4ba83367235
 
أستاذ القانون الدولى العام الدكتور أثير هلال الدليمي، المتخصص في مكافحة الجرائم السيبرانية الدولية

الأكثر قراءة



print