"الشيخ محمد رفعت.. الشيخ محمد صديق المنشاوى.. الشيخ محمود خليل الحصرى.. الشيخ عبدالباسط عبدالصمد.. الشيخ كامل يوسف البهتيمى.. والشيخ نصر الدين طوبار.. والشيخ سيد النقشبندى.. والشيخ محمد عمران".. وغيرهم من قائمة كبار ومؤسسى دولة التلاوة والمبتهلين والمنشدين في العالم العربى والإسلامى الذين ينتظرهم "السميعة" في شهر رمضان تحديدا لعرض كل ما هو جديد من تسجيلاتهم القديمة والنادرة التي يقتنيها السميعة القدامى ولا يعلم عنها عائلاتهم شيئا ولا الإذاعة المصرية.
ومع بداية شهر رمضاء تأخذنا الأجواء الإيمانية والروحانيات وتهفو أروحنا مع سماع تواشيح الفجر وقرآن المغرب ودرس التراويح بقائمة من كبار القراء والمنشدين الذين احتلوا مكانة عالمية في هذه المجالات، ومع تفرد مصر بأجواء احتفالية خاصة لشهر رمضان، تصبح مصر مقصدا للعديد من عاشقي هذه الروحانيات، لاسيما مع وجود العديد من بيوت - آل البيت - والقاهرة القديمة بأسوارها التي يفوح منها عبق التاريخ بحضارة إسلامية كبيرة.
دولة التلاوة.. الحماية القانونية لقراء القرآن والمنشدين
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على حقوق الملكية الفكرية لفنانى الأداء ومقارئ القرأن الكريم والمنشدين والمبتهلين، ودور القانون في حمايتها، فلعل أهم ما يشغل بالنا هو كيف يتمتع قراء القرآن والمنشدين بالحماية القانونية لما يؤدوه من قراءة فريدة للقرآن الكريم وإنشاد نادر، وبالاطلاع على قانون الملكية الفكرية المصري رقم 82 لسنة 2002 نجد أنه وضع تعريفا فريدا لقراء القرآن والمنشدين وأدخلهم تحت وصف "فنانو الأداء" – بحسب الخبير القانوني والمحامى المتخصص في قانون حقوق الملكية الفكرية شريف العجوز، المستشار القانوني لاتحاد كتاب مصر.
في البداية - بالتعريف حيث عرفت المادة 138 في بندها الثاني عشر من الكتاب الثالث من القانون فنانو الأداء بأنهم الأشخاص الذين يمثلون أو يغنون أو يلقون أو ينشدون أو يعزفون أو يرقصون في مصنفات أدبية أو فنية محمية طبقًا لأحكام هذا القانون أو آلت إلى الملك العام أو يؤدون فيها بصورة أو بأخرى بما في ذلك التعبيرات الفلكلورية، وفي بندها الخامس عشر الأداء العلني: أي عمل من شأنه إتاحة المصنف بأي صورة من الصور للجمهور مثل التمثيل أو الإلقاء أو العزف أو البث بحيث يتصل الجمهور بالمصنف عن طريق الأداء أو التسجيل الصوتي أو المرئي أو المسموع اتصالات مباشر – وفقا لـ"العجوز".
المشرع أفرد لهم تعريفا في قانون حقوق الملكية الفكرية
فالقارئ والمنشد – علاوة على شمولهم بالحماية القانونية بحسبانه من فنانوا الأداء وأصحاب الأداء العلني – فيمكننا أيضا إدراجهم تحت تغطية قانونية أخرى باعتبارهم مبتكرين، لما يقدمه أداء فريد وخاص يميزهم عن غيرهم، فحسب الوصف القانوني أن الابتكار هو الطابع الإبداعي الذي يسبغ الأصالة على المصنف، ووضع المشرع شروطا لحماية "فنانى الأداء"، وأصحاب الأداء العلني بما فيهم من المنشدين والقراء في نص المادة 139 منه ويعنينا منها في هذا المقام ما يلي – الكلام لـ"العجوز":
1- إذا تم تفريغ الأداء في تسجيلات صوتية ينتمي منتجها لدولة عضو في منظمة التجارة العالمية أو تم التثبيت الأول للصوت في إقليم دولة عضو في المنظمة.
2- إذا تم بث الأداء عن طريق هيئة اذاعة يقع مقرها في دولة عضو في منظمة التجارة العالمية وأن يكون البرنامج الإذاعي قد تم بثه من جهاز ارسال يقع ايضا في دولة عضو.
الحماية الخاصة:
بحسب وصف المشرع في المادة 139 بأن: تشمل الحماية المقررة لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة لها المصريين والاجانب من الأشخاص الطبيعيين والإعتباريين الذين ينتمون إلى إحدى الدول الاعضاء في منظمة التجارة العالمية ومن في حكمهم، كما وضحت المادة 155 من قانون الملكية الفكرية حقوق المنشدين والقراء حيث ذهبت إلى أن "يتمتع فنانو الأداء وخلفهم العام بحق أدبي أبدى لا يقبل التنازل عنه أو التقادم يخولهم ما يلي – طبقا للخبير المتخصص في قانون حقوق الملكية الفكرية:
1- الحق في نسبة الأداء الحي أو المسجل إلى فناني الأداء على النحو الذي أبدعوه عليه.
2- الحق في منع أي تغيير أو تحريف أو تشويه في أدائهم.
عدم وجود وارث أو موصى له
وتباشر الوزارة المختصة هذا الحق الأدبي في حالة عدم وجود وارث أو موصى له، وذلك بعد انقضاء مدة حماية الحقوق المالية المنصوص عليها في هذا القانون، وجاءت المادة 156 توسع نطاق الحماية تلك حيث ذهبت إلى يتمتع فنانو الأداء بالحقوق المالية الاستتثارية الآتية:
1- توصيل ادائهم إلى الجمهور والترخيص بالإتاحة العلنية أو التأجير أو الاعارة للتسجيل الأصلي للأداء أو لنسخ منه.
2- منع أي استغلال لأدائهم بأية طريقة من الطرق بغير ترخيص كتابي مسبق منهم، وبعد استغلالا محظورا بوجه خاص تسجيل هذا الأداء الحى على دعامة أو تأجيرها بهدف الحصول على عائد تجاري مباشر أو غير مباشر أو البث الإذاعي لها إلى الجمهور.
3- تأجير أو اعارة الأداء الأصلي أو نسخ منه لتحقيق غرض تجاري مباشر أو غير مباشر بغض النظر عن ملكية الاصل أو النسخ المؤجرة.
4- الإتاحة العلنية لأداء مسجل عبر الاذاعة أو أجهزة الحاسب الآلي أو غيرها من الوسائل وذلك بما يحقق تلقيه على وجه الانفراد في أي زمان ومكان.
ومد المشرع هذه الحماية بنص المادة 166
يتمتع فنانو الأداء بحق مالي استئثاري في مجال أدائهم على النحو المبين في هذا القانون، وذلك لمدة خمسين سنة تبدأ من تاريخ الأداء أو التسجيل على حسب الأحوال، وعلاوة على ما للمنشد أو القارئ من حقوق خاصة فإن المظلة القانونية لحماية فنانو الأداء القراء مشمولة سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي، الحماية المحلية ما عرفتها المادة 138/7 الفلكلور الوطني: كل تعبير يتمثل في عناصر متميزة تعكس التراث الشعبي التقليدي الذي نشأ أو استمر في جمهورية مصر العربية وبوجه التعبيرات الآتية:
أ- التعبيرات الشفوية مثل: الحكايات والأحاجي والالغاز والاشعار الشعبية وغيرها من المأثورات.
ونصت المادة 142 من قانون الملكية الفكرية بأن" يعتبر الفلكلور الوطني ملكًا عامًا للشعب وتباشر الوزارة المختصة عليه حقوق المؤلف الأدبية والمالية وتعمل على حمايته ودعمه - وعلى الصعيد الدولي - فإن الاتفاقيات الدولية مدت نطاق الحماية إلى خارج حدود الدولة لفنانو الأداء وأصحاب الأداء العلني كانت أخرهم معاهدة بيجين بشأن الأداء السمعي البصري، وتلك الاتفاقية التي اعتُمدت بشأن الأداء السمعي البصري في 24 يونيو 2012، ودخلت حيز التنفيذ في 28 أبريل 2020. وتتناول المعاهدة حقوق الملكية الفكرية لفناني الأداء في أوجه أدائهم السمعي البصري.
قضايا الملكية الفكرية قضية في حق المؤلف... منع تسجيل تلاوة القرآن الكريم
المبدأ معيار حماية حق المؤلف: الابتكار
اتفقت شركة "....فون" الفنية للتسجيلات الصوتية مع القارئ الشيخ "عبد الباسط عبد الصمد" - رحمه الله - على أن يسجل لها وحدها تلاوة صوتية للقرآن الكريم كاملا بصوته وبالتجويد وأن يكون لها حق إستغلال هذا التسجيل، وذلك في كافة أنحاء العالم سواء تم على أسطوانات أشرطة صوتية أو بأي طريقة أخرى للتسجيل، وذلك مقابل 30% من صافي قيمة بيع التسجيلات يحصل عليها القارئ الشيخ، على أن يمتنع عن تسجيل القرآن الكريم بصوته على أسطوانات أو أشرطة لحساب الغير بقصد الإستغلال التجاري.
وفى تلك الأثناء - فوجئت شركة "...فون" الفنية للتسجيلات الصوتية بأن القارئ الشيخ سجل عدة سور من القرآن الكريم بصوته لحساب شركة السرايا الفنية للتسجيلات، وإزاء فشل الحلول الودية، رفعت شركة "...فون" النزاع إلى القضاء طالبة منع القارئ الشيخ من تسجيل القرآن لشركة أخرى إحتراما للعقد المبرم معها.
النزاع يصل لأروقة المحاكم
وبطرح النزاع أمام القضاء أعطت محكمة القاهرة للقارئ الشيخ الحق فيما فعل، وأيدت محكمة الإستئناف حكم المحكمة على أساس أن القرآن الكريم لا يعد مصنفا بالمعنى المقصود في قانون حماية حق المؤلف المصري، وأن تلاوته تقليد متبع لا محل للإبتكار فيه وليست حكرا لأحد، فليس لأي قارئ أن يمنع غيره من التلاوة.
طعنت شركة "...فون" بالنقض في الحكم لخطأ في تطبيق القانون على أساس أن ما أثبته الحكم يعد مسخا لعبارة العقد وإبتعادا عن مناط الفصل في الدعوى، حيث تصلح التلاوة أن تكون محلا لالتزام مدني يمكن تقويمه بالمال، ومن ثم يكون تسجيل الصوت في تلاوة القرآن على أشرطة وأسطوانات وبيعها للجمهور هو حق ذو قيمة مالية يستطيع أن يستغله صاحب الحق بنفسه أو ينقله للغير، فإذا تصرف فيه للغير يمنع عليه أن يتصرف في هذا الحق مرة أخرى التزاما بشروط العقد.
رأى محكمة النقض في الأزمة
محكمة النقض كان له دور في تلك الأزمة فقد نقضت حكم محكمة الإستئناف، وأسندت حكمها في أحقية الطاعنة (....فون) في طعنها إلى أن: "من حق كل إنسان أن ينتفع انتفاعا مشروعا بما حباه الله به من ملكات وحواس وقدرات تميزه عن غيره من سائر البشر ومنها صوته، فيكون له حق إستغلال هذا الصوت ماليا، كما يجوز له أن يتنازل للغير عن حقه المالي في استغلال هذا الصوت بما يشتمل عليه من الحق في النشر حتى ولو تعلق الأمر باستغلال الصوت في تلاوة القرآن، إذ أن محل التعاقد في هذه الحالة ليس القرآن الكريم في حد ذاته أو مجرد تلاوته، إنما هو صوت القارئ ومدى إقبال الجمهور على سماعه.
وبحسب "المحكمة": فإذا تنازل الشخص عن حقه في استغلال صوته ماديا للغير امتنع عليه القيام بأي عمل أو تصرف من شأنه تعطيل استعمال الغير للحق المتصرف فيه، أو من شأنه أن يتعارض مع حق المتصرف إليه في استغلال هذا الصوت بالطريقة المتفق عليها في عقد التنازل، مثل هذا العقد ليس من شأنه أن يمنع القارئ الشيخ من تلاوة القرآن الكريم بصوته في أي مكان أو زمان أو أن يقوم بتسجيل القرآن مجودا كله أو بعضه لغرض آخر غير الاستغلال التجاري، وكل ما يترتب على الشرط المانع الوارد بالعقد هو التزام القارئ الشيخ بعدم تسجيل القرآن الكريم مجودا بقصد الاستغلال التجاري لغير الشركة الطاعنة.