تعتزم المحكمة الجنائية الدولية اصدار مذكرة اعتقال دولية محتملة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين آخرين، بتهم ارتكاب جرائم حرب من بينها الإبادة الجماعية والتجويع والمجازر الدموية بحق أهل قطاع غزة خلال العدوان الذى شنته إسرائيل بلا هوادة على القطاع منذ اكتوبر 2023 ولا يزال يوقع آلاف الشهداء حتى كتابة هذه السطور والذين تخطى عددهم الـ30 ألف شهيد أغلبهم نساء وأطفال.
مذكرة الاعتقال المحتملة أو الحكم المحتمل ضد قادة الجيش والدولة اعتبره نتنياهو فى تغريدة له أنه فضيحة تاريخية وجريمة معادة للسامية، ومن أبرز الأسماء المرجح صدور مذكرات اعتقال بحقهم، وفق إعلام عبري، كلًا من نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي.
وتستقى المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاتها من شهادات حية مع عاملين فى مستشفيات غزة التى شهدت أكثر من 200 يوم من المجازر والابادة الجماعية، حيث أجرى مدعين من المحكمة الجنائية الدولية مقابلات مع عاملين في أكبر مستشفيين في غزة، في أول تأكيد على تحدث محققين من المحكمة إلى مسعفين بشأن وقوع جرائم محتملة في قطاع غزة.
ووفقا لرويترز، قال مصدران، أن محققي المحكمة حصلوا على شهادات من موظفين عملوا في مستشفى الشفاء، وهو المركز الطبي الرئيسي في مدينة غزة بشمال القطاع، ومن آخرين عملوا في مستشفى ناصر، المركز الطبي الرئيسي في خان يونس بجنوب القطاع.
ورفض المصدران تقديم مزيد من التفاصيل بسبب مخاوف على سلامة الشهود المحتملين، وأشار أحد المصدرين، إلى أن أحداثاً وقعت في المستشفيات قد تصبح جزءاً من التحقيق الذي تجريه المحكمة التي تنظر في قضايا جنائية ضد أفراد متهمين بارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية، فضلاً عن الإبادة الجماعية والعدوان.
أما المقابر الجماعية تعد بحسب القانون الدولى دليل جديد لا يحتمل التأويل يكشف تورط إسرائيل في ارتكاب جرائم إبادة جماعية فى قطاع غزة، بعدما تم الكشف مؤخرا عن وجود مقابر جماعية فى قطاع غزة، بعد أكثر 200 يوم من العدوان الإسرائيلي الغاشم، وهو ما يضع دولة الاحتلال الإسرائيلية وحكومتها تحت طائلة القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى الحديث عن إجراء تحقيق حول انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان، بينما حظى الأمر بشجب وإدانة المجتمع الدولي، وفي القلب منه الأمم المتحدة.
ودعا البيت الأبيض إلى إجراء تحقيق في التقارير الواردة بشأن المقابر الجماعية المكتشفة بمستشفيين في قطاع غزة، فيما وصفت الأمم المتحدة التقارير عن اكتشاف مقبرة جماعية في القطاع بأنها مثيرة للقلق للغاية، ودعت إلى إجراء تحقيق موثوق، في أعقاب انتشال الدفاع المدني في غزة 73 جثة جديدة من مقابر جماعية في مجمع ناصر بخان يونس، وبذلك يرتفع إجمالي الجثث لـ283، كما اكتشف 3 مقابر جماعية.
وإسرائيل ليست إحدى الدول الأعضاء الـ 124 في المحكمة الجنائية الدولية ولا تعترف باختصاصاتها القضائية وقضت هذه المؤسسة عام 2015 بأن لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية، أي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها ذكر الملاحقات القضائية المحتملة والاعتقالات المحتملة خلال الرحلات إلى الخارج لمسؤولين إسرائيليين.وكان هذا، على سبيل المثال، هو الحال بعد عملية الجرف الصامد التي شنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة في عام 2014.
سيناريوهات عديدة تقف خلف قرارا كهذا من الممكن أن يتخذ للمرة الأولى ضد مسئول إسرائيلى، مسئول مسئولية تامة عن جرائم حرب ومجازر بحق أكثر من 30 ألف فلسطينى خلال العدوان الإسرائيلى على غزة اكتوبر 2023، يقول الكاتب الفرنسى مارك هنرى يخشى بالفعل مثل هذا السيناريو كما يخشاه عدد من المسئولين السياسيين والعسكريين فى إسرائيل.
ففى حال اصدار مذكرة الاعتقال من شأنها أن تقيد حرية التنقل الدولية لنتنياهو والوزراء المطلوبين للمحاكمة معه أيضاً، فجميع الأطراف المتعاقدة في المحكمة الجنائية الدولية، وعددها 124، ملزمة باعتقال الأشخاص المطلوبين على أراضيها وتسليمهم إلى المحكمة.
وفى حال اصدار حكم تجاه نتنياهو ومسئوليه، فإن الحكومة الإسرائيلية لن تسلم نتنياهو أو مسؤولين للمحاكمة، لكن سفرهم سيصبح محدودا أى سيتم فرض قيود على سفرهم.
وفى حال صدر حكم ضده فلن يكون لاتهامات المحكمة الجنائية الدولية أي علاقة بمبدأ تتمسك به إسرائيل وهو مبدأ حق الدفاع عن النفس، بل سيتم التركيز بدلا من ذلك على الطريقة التي اختارتها حكومة نتنياهو لتنفيذ هذا الدفاع، ليس من خلال استهداف الفصائل فحسب، بل وأيضا ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين وفق تقرير صحيفة ذا جارديان البريطانية.
ووفقا لصحيفة ذا جارديان البريطانية قد تزعم الحكومة الإسرائيلية أنه نظرا لعدم انضمامها إلى المحكمة الجنائية الدولية، فلا ينبغي لها أن تحاكم المسؤولين الإسرائيليين، لكن نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة يمنحها الولاية القضائية ليس فقط على مواطني الحكومات التي انضمت إلى المحكمة، بل وأيضا على الجرائم المرتكبة على أراضي أعضائها. وهذا أمر منطقي لأن التصدي للجرائم التي ترتكب على أراضي بلد ما هي سمة أساسية من سمات السيادة، علما أن فلسطين انضمت إلى المحكمة ومنحتها الولاية القضائية على الجرائم المرتكبة في أراضيها المحتلة (الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة).
أما سيناريو تدخل الولايات المتحدة أيضا لن يفيده هو أو بايدن، بل سيأتى بالضرر عليهما،ووفقا لتقرير الصحيفة البريطانية، فإن أي جهد من جانب الولايات المتحدة للتدخل في المحاكمة، مثل الاستدعاء لقانون حماية أفراد الخدمة العسكرية الأمريكيين، الذي يجيز حتى العمل العسكري لحماية حلفاء الولايات المتحدة من الملاحقة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية، من المحتمل أن يؤدي إلى اشعال احتجاجات أمريكا ويعرّض فرص إعادة انتخاب جو بايدن للخطر.