في الحقيقة لا يعذر أحد بجهله بالقانون، فكثيرا من الناس في المجتمع ليس لديه ثقافة قانونية تنظم الحياة داخل المجتمعات، وقد يحدث وأن يتعرض لأي نزاع ويتصرف تصرفات مخالفة للقوانين بدون علمه بمدى خطأه وتصرفه هذا قد يجعله متهم أمام القضاء، ويجب أن نعلم جميعا بأن القاعدة القانونية ملزمة لكل الناس، أي أنها واجبة الإتباع لكي يُحترم القانون، لأن القانون جُعل لكي يُحترم، ولا يجوز لأحد أيا كان أن يقول إنني أجهل القانون ولا أعلم به، فالعلم بالقانون مفترض ولا يحتاج إلى دليل عليه، ويقال لا يُعذر المرء بجهله بالقانون.
فالوعي بالقانون، ليس مجرد معرفة التشريعات والنصوص القانونية كما أنها لا تعني تلك المناقشات النظرية والندوات القانونية التي تدور بين أوساط رجال القانون المتخصصين، من أساتذة وفقهاء، وقضاة ومحامين، وغيرهم من رجال القانون والقضاء، والتي كثيرًا ما تبدو خارجا لاهتمامات المباشرة للمواطن، بل إن الوعي بالقانون قيمة من القِيَم التي يحترمها الإنسان، وأن يتعامل مع واجباته بوصفها شيئًا وُجِد لمصلحته، حاضرًا له، ومستقبلا لأبنائه، وهو أمر لا يتأتى إلا من خلال وعيه بضرورة وجود القانون في حياته، وبفائدته، وبأنه جزء لا يتجزأ من مسؤوليته الشخصية، وهو واجب وطني وأخلاقي لا مِراء فيه.
سلوكيات بسيطة تعرضك للحبس
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على عدد من التصرفات التي قد تؤدى بصاحبها إلى الحبس دون أن يدرى ظنا منه أن القانون لم يتعرض لها كونها تصرفات بسيطة يراها الشخص عادية – لا عقوبة عليها – ومع عدم العلم بها نفاجئ بأننا وقعنا تحت طائلة القانون، وليس مستبعد القبض عليك وصدور قرار من النيابة بحبسك، وفى ذلك التوقيت نردد مقولة: "مكنتش أعرف"، وهنا سيكون الرد قاسيا وهى القاعدة القانونية: "لا يجوز الدفع بالجهل بالقانون" أو باللغة العامية "القانون لا يحمي المغفلين"، ولأجل ذلك سنتعرض لبعض التصرفات الغائبة عن الأذهان وقد تعرضنا للمساءلة القانونية – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض ميشيل حليم.
"الحيازة الناقصة".. وعقوبة الجالس بجانب محرز أو متعاطى المخدرات
في البداية – هناك تصرفات عديدة قد تعرض الشخص للمساءلة القانونية دون أن يدرى مثل الجلوس بجانب من يتعاطى المخدرات، فهناك بعض القوانين لها بعض الخصوصية بشأن الحيازة، وتحدثت هذه القوانين عن "الحيازة الناقصة"، بمعنى أن الحيازة من الممكن أن تمتد للجليس من خلال من يتعاطى المخدرات، فقانون المخدرات له خصوصيته وخطورته، وهو ما يجهله العديد من المواطنين وهى معاقبة الجليس للمتعاطى أو الحائز، حيث يصبح الجليس هو الأخر "حائز بالوساطة"، وتتم معاقبته على حيازة المخدرات – على سبيل المثال لا الحصر – ممكن يتم اتهام شخص يجلس في سيارة مع صديقه الذى يتعاطى أو الحائز، فالمتهم الأول يكون حائز ومحرز حيازة كاملة أما الجليس تكون حيازته ناقصة، ويصبح متهما هو الأخر حتى لو لم يثبت أي قصد من القصود – وفقا لـ"حليم".
إشكالية "ضرب النار" في الأفراح
كثيرا ما يقع المواطنين في سلوكيات خاطئة تصل لحد الجريمة مثل "ضرب النار في الأفراح"، ويكون هذا السلاح غير مُرخص، فالقانون هنا يعاقب الحائز للسلاح النارى والجالس بجانبه في نفس "الترابيزة" أو الجالس معه في السيارة، فتكون الحيازة كاملة بالنسبة للمتهم الأول، وحيازة ناقصة للمتهم الثانى، ليس ذلك فقط، بل القانون يعاقب على أجزاء السلاح مثل "الخزنة" أو "طلقة" فقط، تكون جناية وليس جنحة، ولكن يشترط بالنسبة للجليس ركن العلم، أي يعلم بأن من بجانبه حائز لهذا الشئ، وقد يسأل صاحب الفرح نفسه، ويصبح متهما، وذلك في حالة كان السلاح نارى، أما إذا كان "السلاح صوت" سيقع تحت طائلة تعريض المواطنين للخطر والذعر، ولا يعاقب الجليس فيها – الكلام لـ"حليم".
البمب والصواريخ والسلاح الصوت وشرب الخمور
أما البومب والصواريخ والشماريخ والمسدس الصوت، فجميعها تجعل الشخص يقع تحت طائلة تعريض حياة الغير للخطر، والقانون هنا ينظر إلى مقدار الضرر الواقع، ويبيح البلاغ ضد الحائز والبائع لأنها مجهولة المصدر، ويجب التنبيه على عدم وجود عذر بالجهل بالقانون، كما أن هناك السُكر البين أو العلنى، فالقانون حدد العقوبة من أسبوعين إلى 6 أشهر، أما في حالة القيادة أثناء السُكر أو تعاطى المخدرات يكون الإتهام تشديد في العقوبة لتعريض حياة الغير للخطر والقيادة تحت تأثير مخدر أو خمور – هكذا يقول "حليم".
ازدياد المعاكسة والمضايقة في الأعياد والمناسبات
تزداد في الأعياد والمناسبات سلوكيات المعاكسة والمضايقة، ويظن الشباب أن القانون لا يعاقب على ذلك الفعل، ولكن في الحقيقة هذه الأفعال تجعل الشخص يقع تحت طائلة القانون وهو "التحرش اللفظى"، فقد شدد القانون العقاب في جرائم التحرش وخاصة بعد صدور مرسوم بقانون رقم 50 لسنة 2014 بشأن واقعة التعرض، فكان التعرض في الأصل للأنثى فقط، فجعل التعرض للنوعين الذكر والأنثى، مثل التعرض له في سمعته، أما التعرض لمنفعة جسدية يكون تحرش لفظى وتقع تحت طائلة القانون طبقا لنص المادة 319 "أ" والعقوبة فيها الحبس 6 أشهر وفى حالة العود تصل للحبس سنة أو عامين – طبقا لـ"حليم".
السفر للحج وحيازة العملة
وفى مثل هذه الأيام بدأت عملية السفر لأداء فريضة الحج، وفى الطريق للبنك أو الصرافة ستجد شخص ينصحك بتوفير عملة أجنبية بسعر أفضل، ويظن البعض أن التصرف هذا بسيط وليس فيه أي مساءلة قانونية، ولكن سيكتشف نفسه تم القبض عليهن ويتم حبسه في قضية اتجار بالعملة، رغم أنه ليس بتاجر ولا وسيط، إلا أن حسن النية هنا لن تفيده حتي لو لسبب مشروع مثل الحج، ويعاقب بعقوبة تاجر العملة والتجارة غير المشروعة.
ونصت المادة 126 من القانون، أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تتجاوز خمسة ملايين جنيه، كل من خالف أىّ من أحكام المواد (111 و113 و114 و117) من القانون رقم 88 لسنة 2003 الخاص بتنظيم عمليات النقد الأجنبي، ونصت المادة 126 مكرراً على: وتنص على أن يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات، وبغرامة تساوى المبلغ محل الجريمة، كل من يتعامل فى النقد الأجنبى خارج البنوك المعتمدة أو الجهات المرخص لها بذلك، كما تنص على أن يحكم فى جميع الأحوال بمصادرة المبالغ محل الجريمة.
عقوبة حيازة الكلاب الخطرة دون ترخيص
وفقًا لمواد مشروع قانون تنظيم حيازة الحيوانات الضارة، فقد جاء نص المادة 16، أنّه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تجاوز 3 سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أحكام المواد (7،6،5،4،3،2) من هذا القانون، إذ تنص هذه المواد على حيازة أو تداول أو إكثار من الحيوانات الخطرة، واصطحاب أي من الحيوانات الخطرة بالأماكن العامة، وأن يلتزم حائز الحيوانات الخطرة باتخاذ الاحتياطيات والتدابير اللازمة لضمان عدم هروبها، والتى يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص.
عقوبة وضع كاوتش أو حجر لحجز ركنة سيارة
وكانت وزارة التنمية المحلية، أشارت إلى أنّه تم منح المحافظات سلطة فرض العقوبة على شكل غرامة مالية يقدرها مفتش المحليات الذي يقوم بالحملة التفتيشية على من يقوم بوضع حجر أو سلسلة حديد لحجز مساحة لركن أو انتظار سيارته، دون التقيد بمبلغ مادي مُعين، وتقرر الغرامة بحسب الموقف التقديري ويلزم الموقع عليه العقوبة بدفعها مع نزع السلسلة الحديد والكاوتش.
عقوبة التلاعب في الميزان أثناء البيع
ووفقًا لقانون الغش التجاري رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994، فإنّه يعاقب من يقوم بالتلاعب أو الغش التجاري بالسجن مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 3 سنوات، وغرامة مالية لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه، أو أن يعاقب بإحدى هاتين العقوبتين كل من شرع في غش المتعاقد معه.
عقوبة رمي القمامة في الشارع
ووفقًا لقانون رقم "38 لسنة 1967" في شأن النظافة العامة المُعدل بالقانون رقم 106 لسنة 2012، الذي تضمن تغليظ العقوبات بإلقاء القمامة أو المخالفات أو الردش، يُعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ألقى أو وضع مخلفات أعمال البناء أو الهدم أو الحفر في الطريق العام أو الميادين أو الأنفاق أو الأراضي الفضاء غير المخصصة لإلقاء المخلفات أو على الكباري أو الجسور أو على السكك الحديدية أو في الأماكن الأثرية أو في مجرى النيل والترع والمصارف أو شواطئ البحر.
عقوبة التبول في الشارع
فعل يخدش الحياء ويرتكب علانية.. هذا هو وصف القانون "لتبول في الطريق العام" وإعتبره جريمة معاقب عليها بعقوبة تصل للحبس وكذلك الغرامة، لما يشكله من إنتهاك لحدود الأداب والنظام العام الواجب إحترامها وعدم مخالفتها، وإلا وضع مرتكبها نفسه تحت طائلة القانون، ينص قانون العقوبات بحسب المادة 278 منه على أنه: "يعاقب من يرتكب أي فعل يخدش الحياء في علانية بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، أو غرامة لا تقل عن 3000 جنيه، إلى 5000 جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين".
وتندرج جريمة "التبول في الطريق العام" ضمن الجرائم العلانية التي تخدش الحياء العام خاصة وأنها ترتكب بعلانية – في الشارع- وتلحق ضررًا أدبيًا ونفسيا بالمارة في الطريق، وهو الضرر الناتج عن التلوث البصري والبيئي الذي تتسب فيه تلك المخلفات العضوية للإنسان إذا ما حدث وتم التخلص منها في الطريق العام، ويجدر الإشارة إلى بعض الأحكام القضائية الصادرة عن محاكم مصرية أدانت متهمين بإرتكاب جريمة "التبول في الشارع"، فقضت محكمة جنح إمبابة بمعاقبة شخص بالحبس لمدة إسبوعين وكفالة 300 جنيه لإرتكابه تلك الجريمة بعد بلاغ من أحد المواطنين ضده لقيامه بالفعل ذاته بجوار منزله ما أضر به وألحق به ضرراً مادياً ومعنوياً.
عقوبة السايس المخالف
ونص قانون تنظيم انتظار المركبات "قانون السايس"، رقم 150 لسنة 2020، ولائحته التنفيذية رقم 2 لسنة 2021: "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز 3 أشهر، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه، ولا تزيد على 5 آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يمارس نشاط تنظيم انتظار المركبات في الشوارع دون ترخيص، أو في غير الأماكن المحددة لذلك".
عقوبة رش المياة في الشارع
هناك حملات اليومية على مستوى الأحياء والمراكز والمدن للحد من مخالفات إلقاء المخلفات بالشوارع والطرق الرئيسية ورش المياه على الطريق العام وغسل السيارات في الطرقات والشوارع العامة لما تسببه من مظهر غير حضارى يتلف الطبقة الأسفلتية بالشوارع والأرصفة ويهدر المياه، حيث يحظر استعمال مياه الشرب وإهدارها فى غير أغراضها نهائيًا مثل رش الشوارع وغسيل السيارات فى الطريق.
ويتم فرض غرامات ضد الممارسات الخاطئة بالطريق العام سواء رش الشوارع بالمياه أو غسل السيارات بالطرق أو إلقاء مياه ملوثة بالشارع تصل لـ500 جنيه، حيث أنه في حالة كان المخالف محل تجاري أو مقهى يتم تحرير محضر مخالفة بيئية وإنذار المحل بالغلق إلى جانب فرض غرامة ماليه عليه، وفي حالة تسبب رش المياه بالشارع أو غسل السيارة بالطريق العام في إتلاف طبقة الأسفلت بشكل كبير وواضح مما يحتاج إلى إعادة رصفها على نفقة المحافظة، يتم قياس المسافة التي تضررت بالطريق، وتحصيل غرامة بمبلغ 500 جنيه تقريبا على المتر الواحد.