اتخذت مصر جهود عديدة فى الملف الاقتصادى على مدار الفترة الماضية، جاءت هذه الجهود على عدة نواحى، الناحية التشريعية التى تهدف على سن القوانين والتشريعات التى تسهل الطرق على الاستثمار وتزيد من جودة المناخ الاستثمارى، بجانب قرارات حاسمة تدعم القطاع الخاص وتتيح الفرصة لصغار المستثمرين والمصنعين من التوسع فى مشروعاتهم التى تعنى دفع عجلة الإنتاج وزيادة فرص العمل ومواجهة البطالة.
الإجراءات الاقتصادية للدولة ساهمت فى تحسن الأوضاع بشكل ملحوظ
وفى هذا السياق، أكد الدكتور أيمن محسب، عضو مجلس النواب، ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطنى، أن التدابير والإجراءات الاقتصادية التى اتخذتها الدولة المصرية على مدار الشهور القليلة الماضية ساهمت فى تحسن الأوضاع الاقتصادية بشكل ملحوظ، حيث خففت هذه الإجراءات من التداعيات السلبية للأزمات الإقليمية والعالمية على الاقتصاد المصرى، مشيرا إلى أن الدولة عملت على إصلاح سياساتها المالية لزيادة مرونة الاقتصاد المصرى فى التعامل مع الأزمات، فضلا عن تحسين مناح الاستثمار لجذب الاستثمارات الأجنبية باعتبارها أحد مصادر النقد الأجنبي.
وقال "محسب"، إن الدولة أيضا اتخذت إجراءات لدعم القطاعات الإنتاجية، لدفع عجلة الإنتاج، وخفض فاتورة الواردات التى أصبحت تُشكل عبئا على موازنة الدولة، إلى جانب ذلك تعمل على تعزيز مشاركة القطاع الخاص فى الخطط الاقتصادية وهو ما أسهم فى دعم استجابة الاقتصاد المصرى، والدفع نحو تحفيز النمو الاقتصادى، كما لعب دورًا فى تحسين توقعات المؤسسات المالية الدولية للاقتصاد المصرى للفترة المقبلة.
وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن صندوق النقد الدولى توقع تحسن معدل النمو الاقتصادى ليصل إلى 4.4% عام 2024/2025، بعد تراجعه إلى 3% عام 2023/2024، مقارنة بـ3.8% عام 2022/2023، كما توقع الصندوق أن ينخفض معدل التضخم لحضر الجمهورية ليبلغ، 25.7% عام 2024/ 2025، بعد ارتفاعه إلى 32.5% عام 2023/2024، مقارنة بـ24.4% عام 2022/2023.
وشدد النائب أيمن محسب، على أن نجاح الدولة فى الحفاظ على استقرار السوق النقدى خطوة مهمة لجذب الاستثمار، كونها تعزز ثقة المستثمر فى الاقتصاد المصرى، فضلا عن أنها تساهم فى استمرار عجلة العمل داخل القطاعات الإنتاجية دون انقطاع، مثمنا قرار البنك المركزى تطبيق السعر المرن للجنيه والذى ساهم فى استقرار سعر الصرف، والقضاء على السوق السوداء، بالإضافة إلى التدفقات الدولارية لمشروع تطوير مدينة رأس الحكمة بالساحل الشمالى الغربى، والتى تُعد أكبر صفقة استثمار مباشر فى تاريخ مصر.
الملف الاقتصادى استحوذ على اجتماعات الحكومة من أجل تحسين أدائه عالميا
فى حين قال النائب هشام الحصرى، رئيس لجنة الزراعة بمجلس النواب، إن الدولة المصرية اخذت على عاتقها طيلة الفترة الماضية الاهتمام بالملف الاقتصادى، الذى نال نصيب الأسد من المناقشات على طاولة اجتماعات الحكومة السابقة ومازال يسيطر على كافة الاجتماعات التى تعقدها، مؤكدا أن الإجراءات الاقتصادية التى اتخذتها الدولة ساهمت فى تحسين توقعات المؤسسات المالية الدولية للاقتصاد المصرى للفترة المقبلة.
وأوضح رئيس لجنة الزراعة، خلال تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن من أهم الإجراءات التى اتخذت كان قرار دعم الصناعة الوطنية وتشجيع الصناعات الصغيرة التى هى أساس الاقتصاد الوطنى، بجانب الإفراجات الجمركية للكثير من المواد الخام ومستلزمات الإنتاج التى تمنح الصناعة المصرية دفعة كبرى، بجانب أيضا إتاحة الفرصة للقطاع الخاص ليستكمل قطار التنمية الصناعية، فضلا عن الدعم والمشاندة وحزمة الحوافز التى تتيحها الدول لمنح فرص كبيرة لصغار المستثمرين، فضلا عن التنمية السياحية التى ظهرت فى صفقة رأس الحكمة وقلبت الموزانى لصالح الاقتصاد الوطنى الذى تأثر كثيرا من الأزمات العالمية الراهنة.
الإجراءات الحكومية ساهمت ضبط سوق العملة وأسعار السلع
كما أكد الدكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن الإجراءات الحكومية منذ تحرير سعر الصرف ساهمت فى ضبط سوق العملة وأسعار بعض السلع والمنتجات، مما حقق استقرار نسبى فى الأسواق، انعكس بدوره على نظرة مؤسسات التصنيف الائتمانى للاقتصاد المصرى، خاصةً فيما يتعلق بمستقبل سعر الصرف ومعدل التضخم، باعتبارهما المحددات الرئيسية لمستقبل السياسة النقدية على المدى القصير.
وأضاف الخبير الاقتصادى فى تصريح لـ "اليوم السابع"، أن إعلان الحكومة المصرية تخارجها من بعض القطاعات الاقتصادية وزيادة نسبة مشاركة القطاع الخاص فى الأنشطة الاقتصادية، ساهم فى تعزيز فرص النمو الاقتصادى وفقًا للتقارير الدولية الصادرة فى هذا الشأن.
وتابع: كما تساهم تقارير مؤسسات التصنيف الائتمانى والمؤسسات المالية الدولية الصادرة برفع توقعاتها بشأن معدلات النمو الاقتصادى وتحسن المؤشرات الاقتصادية عن ما كانت عليه سابقًا، وكذلك تعديل النظرة المستقبلية للاقتصاد المصرى، فى انخفاض مخاطر التمويل الخارجى وتعزيز الاستثمار الأجنبى المباشر على المدى القصير سواء فى صورته المباشرة أو الغير مباشرة.
وأشار الخبير الاقتصادى، إلى أن هذه التعديلات والتوقعات جاءت للعديد من الأسباب على رأسها وجود تدفقات دولارية حالية ومتوقعة من صفقة رأس الحكمة وصندوق النقد الدولى والاتحاد الأوروبى، وهو ما يعكس وجود قدرة مالية للاقتصاد المصرى على سداد مستحقات الديون السيادية والمستحقة للجهات المُقترض منها على المدى القصير وهى الفترة من ثلاث إلى ستة أشهر كأقصى تقدير، على عكس وضع السيولة الدولارية خلال الفترة السابقة والتى كانت تُهدد بعدم القدرة على سداد المستحقات الدولارية وفقًا لرؤية مؤسسات التصنيف الائتمانى ومن ضمنها وكالة "فيتش"، إلا أنها ستساهم فى تقليل مخاطر التمويل الخارجى، بمعنى طمأنة الجهات الدولية المُقرضة وألمانحة والتى تلجأ الدولة المصرية للاقتراض منها، وخفض معدلات الفائدة المتزايدة والتى ترتفع كلما زادت مخاطر عدم القدرة على السداد وفقًا لتقارير مؤسسات التصنيف الائتمانى العالمية فى هذا الشأن.
وأكد "عادل"، أن كل هذا يعزز بالتبعية من فرص تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة على المدى القصير والتى تتزايد بتحسن نظرة المؤسسات الدولية لمستقبل اقتصاد الدولة وكذلك التصنيف الائتمانى لها، حيث أن دولة قادرة على الوفاء بالتزاماتها الدولية ستكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه المستثمرين بها وعلى رأسها خروج رأس المال حال الرغبة فى التخارج والأرباح الرأسمالية الناتجة عن النشاط.
وأوضح الخبير الاقتصادى، أن استمرارية توقعات المؤسسات المالية ومؤسسات التصنيف الائتمانى بشأن مستقبل الاقتصاد المصرى، متوقف على تحقق توقعاتها بأن تكون مرونة سعر الصرف أكثر استدامة مما كانت عليه فى الماضى، وهى مسئولية كبيرة تقع على عاتق السياسة النقدية للبنك المركزى المصرى، لأن تحقيقها يتطلب بدايةً استدامة تحرير سعر الصرف بصورة مطلقة وفقًا لآليات العرض والطلب ( التعويم الحر وليس المُدار )، مع استدامة التدبير والإتاحة للشركات والأفراد.
وشدد على ضرورة اتخاذ إجراءات وتعديلات هيكلية فى السياسات الاقتصادية للدولة المصرية من شأنها خلق موارد دولارية جديدة ومستدامة تقلل من الضغط على النقد الأجنبى واللجوء الدائم إلى الاقتراض الخارجى، مع استدامة تطبيق فقة الأولويات وترتيب أوجه الإنفاق بما يخدم الاقتصاد.