وتكثف الدولة المصرية من اتصالاتها ومشاوراتها مع كافة الأطراف المعنية بالوضع في منطقة الشرق الأوسط، للدفع نحو استئناف المفاوضات بين الفصائل والجانب الإسرائيلي للتوصل لهدنة إنسانية وصفقة لتبادل الأسرى، وذلك في ضوء الدور التاريخي والمحوري لمصر الداعم لحقوق أبناء الشعب الفلسطيني في الحصول على حقوقهم، بالإضافة إلى الوساطة المصرية التي نجحت خلال الحروب السابقة في التوصل لاتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وترى الفصائل الفلسطينية والجانب الإسرائيلي أن مصر هي الوحيدة المؤهلة للعب دور الوساطة النزيهة خلال الفترة الحالية، حيث تعمل الدولة المصرية دورا نزيها لتفعيل الحل السلمي بين الطرفين ووقف حالة التصعيد العسكري التي يشهدها الإقليم.
على جانب آخر، تستضيف جمهورية مصر العربية فى نهاية شهر يونيو المقبل مؤتمرًا يضم كافة القوى السياسية المدنية السودانية، بحضور الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين، بهدف التوصل إلى توافق بين مختلف القوى السياسية المدنية السودانية حول سبل بناء السلام الشامل والدائم فى السودان، عبر حوار وطنى سوداني/ سودانى، يتأسس على رؤية سودانية خالصة.
والدعوة تأتى، فى إطار حرص جمهورية مصر العربية على بذل كافة الجهود الممكنة لمساعدة السودان الشقيق على تجاوز الأزمة التى يمر بها، ومعالجة تداعياتها الخطيرة على الشعب السودانى وأمن واستقرار المنطقة، لاسيما دول جوار السودان وانطلاقًا من الروابط التاريخية والاجتماعية الأخوية والعميقة التى تربط بين الشعبين المصرى والسوداني. وتأسيسًا على التزام مصر بدعم كافة جهود تحقيق السلام والاستقرار فى السودان.
وتأتى الدعوة المصرية انطلاقًا من إيمان راسخ بأن النزاع الراهن فى السودان هو قضية سودانية بالأساس، وأن أي عملية سياسية مستقبلية ينبغي أن تشمل كافة الأطراف الوطنية الفاعلة على الساحة السودانية، وفى إطار احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل فى شئونه الداخلية، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها.
وتنظم مصر هذا المؤتمر استكمالًا لجهودها ومساعيها المستمرة من أجل وقف الحرب الدائرة فى السودان، وفى إطار من التعاون والتكامل مع جهود الشركاء الإقليميين والدوليين، لاسيما دول جوار السودان، وأطراف مباحثات جدة، والأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الإيجاد. وتتطلع إلى المشاركة الفعالة من جانب كافة القوى السياسية المدنية السودانية، والشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين، وتكاتف الجهود من أجل ضمان نجاح المؤتمر فى تحقيق تطلعات الشعب السودانى الشقيق.
من جانبه، أعلن حزب الاتحادى الديمقراطى السودانى برئاسة محمد عثمان الميرغني عن قبوله وترحيبه بدعوة مصر لاستضافة مؤتمر لكافة أطياف القوي السياسية السودانية نهاية شهر يونيو 2024، وثمن الحزب جهود مصر لمساعدة السودان على تجاوز الأزمة الراهنة من خلال تسهيل الحوار الوطني السودانى.
وأكد مستشار الميرغني السياسي حاتم السر أهمية هذه المبادرة المصرية التي تأتي انطلاقاً من الروابط التاريخية والأخوية العميقة بين الشعبين، وإيمانًا راسخًا بأن الحل للأزمة السودانية يجب أن يكون سودانيًا خالصًا يشمل كافة الأطراف الوطنية الفاعلة.
وقال السر، إن الدور المصري لا يمكن الاستغناء عنه لحل الأزمة فى السودان، مضيفا أن استضافة مصر لملتقي الحوار الوطنى السودانى بين القوى السياسية السودانية يعكس الدور المصرى المحورى فى إيجاد حلول سريعة وصحيحة للأزمة السودانية التى أصبح استمرارها يؤرق الشعب السودانى.
وعدد القيادى البارز بالحزب الاتحادى الأصل السوداني حاتم السر فرص نجاح المبادرة المصرية الجديدة، ذاكرا أن مصر مبكرا هيأت البيئة الملائمة التي تسبق جلوس الأطراف لضمان نجاح المبادرة، وتفاديا لاي سؤ فهم أو تقاطعات وتجنبا لمصير مبادرات سابقة ماتت في مهدها.
وأضاف أن توازن مصر في التعاطي مع الأزمة السودانية جعلها تتميز عن الآخرين، وتابع أن الاتصالات والتحركات الدبلوماسية والسياسية التي قامت بها مصر مع كل الأطراف استباقا لعقد الملتقي تمهد لضمان النجاح.
وأشار السر إلى أن القيادة المصرية ممثلة في الرئيس السيسي والمساعدين في ملف السودان لديهم القدرة أكثر من غيرهم علي التعاطي مع التحديات والتجاذبات والتقاطعات وصراع الرؤي بين القوي السياسية السودانية بقدر كبير من التوازن والحكمة، مشيرًا إلى وجود حالة من التفاؤل عالي المستوي سادت الأوساط السياسية السودانية بمجرد إعلان مصر عزمها تنظيم هذا الملتقي، داعيا جميع القوى السياسية المدنية السودانية للمشاركة الفعالة في هذا المؤتمر وتغليب لغة الحوار والتوافق الوطني من أجل بناء سلام شامل ودائم في السودان يلبي تطلعات شعب السودان نحو الاستقرار والتنمية.
في سياق آخر، تواصل اللجنة المصرية المعنية بالملف الليبي جهودها وتحركاتها لدعم عملية التحول الديمقراطي بالدفع نحو إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أقرب وقت ممكن، والتحذير من تداعيات التدخلات الخارجية في الشأن الليبي وتأثيرات ذلك على أمن واستقرار ليبيا بشكل خاص ودول الإقليم بشكل عام.
وطرحت الدولة المصرية عدة مبادرات لتحقيق التوافق بين كافة المكونات الليبية سواء السياسية أو العسكرية من أجل توحيد صفوف الليبيين، والدفع نحو تحقيق توافق ليبي / ليبي ينهي حالة الانسداد في المشهد السياسي خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى دعم جهود الجيش الوطني الليبي في عملية إعادة الاعمار داخل المدن الليبية المدمرة بمشاركة شركات مصرية وطنية في مسيرة التنمية التي تقودها القيادة العامة للجيش الليبي.
ما يحدث في الإقليم من توتر وحالة استقطاب عسكري تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الدولة المصرية وحدها القادرة على إعادة الاستقرار استنادا لرؤية وطنية للدول التي تعاني من الصراعات، ويعول الشعب الفلسطيني بشكل خاص على جهود مصر في وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وهي الآمال نفسها التي يتطلع لها أبناء الشعبين السوداني والليبي في انهاء حالة الانسداد السياسي وتفعيل الحل السلمي.