أصدرت الدائرة المدنية والتجارية – بمحكمة النقض – حكما في منتهى الأهمية، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية بشأن تزوير العقود والمستندات والإيصالات، قالت فيه: "1-الحكم برد وبطلان العقد لتزويره، لا يعني بطلان الاتفاق ذاته، ومن ثم لا يحول دون إثبات حصوله بأي دليل مقبول قانونا.
2- الحكم برد وبطلان الورقة المقدمة سنداً فى الدعوى يكون أثره بطلان الورقة المثبتة للتصرف دون بطلان التصرف ذاته.
3- جواز إثبات التصرف بدليل آخر مقبول قانوناً.
4-وصحة الادعاء لا يقتضى بطريق اللزوم عدم صحة التصرف ذاته.
5- أن الحكم برد وبطلان أي محرر إذا ظهر لها من ظروف الدعوى أنه مزور، إلا أنه يتعين لصحة حكمها أن تُقيم قضاءها على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 14932 لسنة 92 قضائية، لصالح المحامى بالنقض يحيى سعد، برئاسة المستشار عطية زايد، وعضوية المستشارين حمدى الصالحى، ومصطفى عبدالرحمن، وطارق زهران، وشريف بشر، وبحضور كل من رئيس النيابة محمود سمير، وأمانة سر حسام شريف.
الوقائع.. الورثة يقيمون دعوى طرد ضد المستأجرة
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقامتا على الطاعنة الدعوى رقم 156 لسنة 2020 أمام محكمة بورسعيد الابتدائية بطلب الحكم بطردها من العين المبينة بالصحيفة والتسليم، وقالتا بياناً لذلك: إن مورثتهما تمتلك العقار الكائنة به عين النزاع وأن الطاعنة كانت تشغلها على سبيل التسامح، ثم قامت بغلقها وامتنعت عن إخلائها رغم أنها تضع يدها عليها دون سند قانوني؛ ومن ثم أقامتا الدعوى.
الورثة يؤكدون أن المستأجرة كانت تشغل الشقة على سبيل التسامح
وفى تلك الأثناء - حكمت المحكمة بالطلبات، ثم استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 691 لسنة 61 قضائية الإسماعيلية مأمورية بور سعيد، وطعنت المطعون ضدهما سالفتي الذكر بالجهالة على التوقيع بالخاتم المنسوب لمورثتيهما على عقد الإيجار المؤرخ 1 نوفمبر 1960، ثم ندبت المحكمة خبيراً لتحقيق الطعن بالجهالة، وبعد أن أودع تقريره حکمت برد وبطلان ذلك العقد وإعادة الدعوى للمرافعة للتفاضل في موضوعها، وبتاريخ 10 مايو 2022 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة، فأمرت بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً حتى يفصل في موضوع الطعن، وحددت جلسة لنظره، وبجلسة المرافعة التزمت النيابة رأيها.
محكمة أول درجة تقضى بالطرد.. والمستأجرة تستأنف الحكم لإلغاءه
مذكرة الدفاع استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم، حيث ذكرت إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت في الأوراق، وفى بيان ذلك تقول: إنها قدمت أمام محكمة الاستئناف مستندات تفيد وجود علاقة إيجارية بين مورث زوجها ومورثة المطعون ضدهم - هي سندها في الإقامة بعين النزاع وكانت قد تمسكت بصحيفة الاستئناف وفي دفاعها أمام المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير لإثبات قيام العلاقة الإيجارية التي يجوز لها إثباتها بكافة طرق الإثبات القانونية، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن طلبها ودلالة المستندات المقدمة منها مستنداً في ذلك إلى قضائه برد وبطلان عقد الإيجار المقدم منها والمنسوب صدوره المورثة المطعون ضدهم وإلى عجزها عن إقامة الدليل على سندها في حيازتها للعين، وأن يدها عليها يد غاصب، وهو ما لا يصلح رداً على دفاعها المتقدم؛ بما يعيبه ويستوجب نقضه .
المستأجرة تقدم للمحكمة عقد الإيجار.. والورثة يطعنون بالجهالة على التوقيع بالخاتم المنسوب لمورثتيهما على عقد الإيجار
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: إن هذا النعي في محله؛ ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز للمستأجر وفقاً لنص المادة 24/3 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات، وأنه وإن كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى ما يطلبونه من إحالة الدعوى إلى التحقيق إلا أنها ملزمة إذا رفضت هذا الطلب أن تبين في حكمها ما يسوغ رفضه، كما أنه من المقرر أن الحكم برد وبطلان الورقة المقدمة سنداً في الدعوى لا يعنى بطلان التصرف ذاته، وإنما بطلان الورقة المثبتة له فحسب، ولا ينال ذلك من صحة التصرف أو يمنع من إثباته بأي دليل آخر مقبول قانوناً .
الإستئناف تؤيد الطرد وتعتبرها غاصبة للعين
لما كان ذلك - وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير فيها لإثبات قيام العلاقة الإيجارية عن الشقة محل النزاع بين مورث زوجها ومورثة المطعون ضدهما وقدمت تدليلاً على ذلك إيصالات سداد الأجرة، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بتأييد حكم أول درجة بطردها من هذه الشقة على سند من ثبوت بطلان عقد الإيجار المؤرخ 1 نوفمبر 1960 - المقدم من الطاعنة – والمنسوب صدوره لمورثة المطعون ضدهم، ومن خلو أوراق الدعوى من أي دليل على سند حيازة الطاعنة للعين وعجزها عن إقامة الدليل على ذلك وأن وضع يدها عليها وضع يد غاصب، وكان هذا الذي استند إليه الحكم لا يواجه طلب الطاعنة المشار إليه ولا يتضمن ما يسوغ رفضه والالتفات عنه أو عن دلالة المستندات المقدمة منها رغم أنه دفاع جوهري من شأنه - لو ثبت - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع؛ مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن، على أن يكون مع النقض الإحالة .
النقض تؤكد: برد وبطلان الورقة المقدمة سنداً في الدعوى لا يعنى بطلان التصرف ذاته
وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بأن الحكم برد وبطلان الورقة المُقدمة سنداً فى الدعوى لا يعني بطلان التصرف ذاته وإنما بطلان الورقة المُثبتة له فحسب، ولا ينال من التصرف أو يمنع من إثباته بأي دليل آخر مقبول قانوناً، وإذ قضى الحكم المطعون برفض الدعوى استناداً إلى أنه قضى برد وبطلان عقد البيع سندها في دعواها وعول في ذلك على ما خلص إليه خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير، وإذ تمسكت الطاعنة أمام محكمة الموضوع بحصول بيع المطعون ضده لها الأطيان موضوع النزاع وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لسماع شهادة الشاهدين على العقد، إلا أن الحكم المطعون فيه أعرض عن دفاعها، .. وهو ما يُعيبه بالقصور.
كما قضت محكمة النقض بأن ثبوت تزوير إيصال سداد الأجرة المقدمَ من الطاعن والقضاء برده وبطلانه يكون نطاقه عدم تعديه بطلان الورقة المثبتة له، ومؤداه جواز إثبات السداد بكافة طرق الإثبات القانونية، أما مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر والتفاته عن طلب الطاعن بإحالة الدعوى للتحقيق لإثبات براءة ذمتة من دين الأجرة، يُعد قصور .
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسماعيلية "مأمورية بورسعيد"، وألزمت المطعون ضدهما المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
محكمة النقض تؤكد: الحكم برد وبطلان العقد لتزويره لا يعني بطلان الاتفاق ذاته 1