الجمعة، 22 نوفمبر 2024 09:04 م

بعد واقعة "سفاح التجمع".. التمييز بين المرض النفسى واضطرابات الشخصية وعلاقتها بالجريمة.. الأولى تمنع من العقاب أحيانا أو تكون سبب لتخفيف جرعة العقاب.. والثانية لا ترفع العقاب ولا تخففه وقد تكون سبب في تشديدة

بعد واقعة "سفاح التجمع".. التمييز بين المرض النفسى واضطرابات الشخصية وعلاقتها بالجريمة.. الأولى تمنع من العقاب أحيانا أو تكون سبب لتخفيف جرعة العقاب.. والثانية  لا ترفع العقاب ولا تخففه وقد تكون سبب في تشديدة الاضطراب النفسى - أرشيفية
الخميس، 06 يونيو 2024 09:00 ص
كتب علاء رضوان

لم ينتهى الحديث حول "كريم.م" سفاح التجمع الخامس، الذى صدر قرار مؤخرا من قاضي التجديد بـ محكمة بورسعيد، بتجديد حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات الجارية فى القضية رقم 296 لسنة 2024 إدارى الجنوب ثان بورسعيد، لاتهامه بإنهاء حياة 3 فتيات، وتعذيبهن وإجبارهن على تناول المواد المخدرة، وهو الذى أثار بدوره حالة من الجدل والرعب بعد ارتكابه جرائم قتل بحق سيدات وتعذيبهن، وبعد تداول هذه الأخبار أصبحت حالة السفاح وتحليل شخصيته النفسية محل اهتمام الشارع المصرى، بعد الحديث عن وصفه بـ"المريض النفسى" تارة و"المضطرب الشخصية" تارة أخرى، فما الفرق بينهما؟ وهل يعفى أي منهما من المسئولية الجنائية؟

 

التحريات والتحقيقات الجارية فى القضية المعروفة إعلاميًا بـ سفاح التجمع، كشف الكثير من التفاصيل والمفاجأت فى القضية التى تشغل الرأى العام، حيث كان المتهم يستقطب ضحاياه من على مواقع التواصل الاجتماعى والكافيهات وعدد من التجمعات، وبحسب التحقيقات وأقوال واعترافات سفاح التجمع، وبتفريغ مقاطع الفيديو على هاتفيه وكاميرات فائقة الدقة داخل غرفته و"لاب توب" و"فلاشة" كشفت إنه كان يتلذذ بتعذيب ضحاياه، ويجبرهن على تناول المواد المخدرة ويضيف لها مادة تزيد من تأثير "الآيس" فى أجسادهن، والاعتداء على جثث ضحاياه عقب إنهاء حياتهن.   

 

مممص

 

أهمية التمييز المرض النفسي واضطرابات الشخصية

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية التمييز بين المرض النفسي واضطرابات الشخصية وعلاقتها بالجريمة، وذلك من حيث التمييز، ومضطرب الشخصية وزيارة الطبيب، وصعوبة علاج اضطرابات الشخصية، وأيهما أخطر، خاصة وأنه يحدث خلط أحيانا بين المرض النفسي واضطراب الشخصية، وهو ما يتضح في تداخل استخدام التعبيرين كأنهم الشيء ذاته خاصة على ألسنة غير المتخصصين، ويرجع ذلك إلي أن كلا التعبيرين مناطهما نفس الإنسان وما يعتريها من خلل وعطب انعكس علي تصرفات الشخص وسلوكة فجعلها غير منطقيه وغير متزنه وكأن به جُنه – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق.  

 

في البداية - التمييز بين المرض النفسي من ناحية وإضطراب الشخصية من ناحية أخرى في المجال الطبي ضروري كي ندرك مع أي حالة نشتبك، وبالتالي ما يمكن أن نتوقعه من الحالة التي نتعامل معها وما يمكن أن نتوقعه على طريق العلاج، وللتمييز بين المرض النفسي واضطرابات الشخصية في مجال القانون الجنائي أيضا أهمية كبري، إذ المرض النفسى يعد في بعض الأحيان مانع عقاب أو سبب لتخفيف جرعة العقاب بعكس اضطرابات الشخصية فهي لا ترفع العقاب ولا تخففه بل قد تكون سبب في تشديدة، وذلك لسبب بسيط أن المرض النفسي قد يفقد الشخص إدراكه وتمييزه وهما مناط المسؤولية حال أن اضطراب الشخصية لا يفقد المصاب شيء من ذلك، فهو مدرك لأفعاله، وقاصد تحقيقها كل ما في الأمر أنه غير متبصر لعواقبها المستقبلية أو بالأحري لنتائجها، فهو بتعبير أهل القانون ارعن طائش غير متبصر لعواقب أفعاله التي ارتكبها قاصدا متعمدا – وفقا لـ"فاروق".   

 

وووؤ

 

المرض النفسي 

 

المرض النفسي هو مجموعة من الأعراض المحددة، والتي تستمر لمدة زمنية لا تقل عن 6 أشهر تلك الأعراض التي تظهر على المريض النفسي وتسبب تغيرا واضحًا في حياته وتفاعلاته مع الآخرين، وأيضًا عدم القدرة على التكيف مع محيطه وقد كان قبل ظهورها يمارس حياته بشكل طبيعي، ومن أهم مايميز المرض النفسي هو استبصار المريض بمرضه أي أنه يعي تمامًا أنه يعاني من مشكلة ما ويعترف بوجودها – هكذا يقول أستاذ القانون الجنائى.

 

اضطراب الشخصية  

 

أما اضطراب الشخصية فهو مجموعة من الصفات أو السمات الثابتة التي يتسم بها الفرد والتي تنشأ معه منذ الطفولة نتيجة لظروف البيئة التي تربى فيها وأثرت في زرع تلك السمات والتي تتبلور في سن المراهقة أو بداية مرحلة البلوغ، ويكون لدى الفرد قناعة بها ومن الصعب تغييرها مهما تعرض لصعوبة في المواقف الحياتية أو شكوى الآخرين من تعاملاته لأنها أصبحت نمطا وطبعا يميزه، ولذلك يكون الفرد غير مستبصر بوجود مشكلة في حياته – ličnosti - فهو ينظر للآخرين على أنهم أصحاب المشكلة والسبب في مشكلات تكيفه، ولكن يصاحبها قدر من التوتر والضغط النفسي وخلل في العلاقات، الذي يسبب أحيانا الإصابة بالقلق أو الاكتئاب – طبقا لـ"فاروق". 

 

زززسسس

 

مضطرب الشخصية وزيارة الطبيب

 

مضطرب الشخصية قد يضطر لزيارة الطبيب، إذ الخلل في شخصيته يؤدي الي صعوبات في التكييف مع محيطه بما يسبب له قلق وتوتر واكتئاب أي أمراض نفسية، وبالتالي فإن الشخص المضطرب في هذه الحالة حين يذهب للطبيب المعالج النفسي، فإنه لا يذهب شاكيًا من إضطراب في شخصيته، وإنما يذهب إليه طالب المساعدة على الخروج من دوامات الاكتئاب أو القلق الذي يعانيه بسبب النمط السلوكي السام الذي يأتي به في محيطه والذي غالبا ما يكون مرفوضًا اجتماعيًا ومؤذيا – الكلام لـ"فاروق".   

                             

صعوبة علاج اضطرابات الشخصية  

 

يري أغلب العلماء أنه لا أمل في علاج مضطرب الشخصية، لأنه لم يعالج المشكلة، وإنما يدور حولها إذ يذهب للطبيب المعالج علي أنه يعاني من مرض نفسي، فيصف له دواء وهو غالبا نوع من المهدئات ومضادات الاكتئاب المخدرة والمحظورة قانونا لتأثيرها الضار علي الصحة، ولكن لمدة محددة لا تسبب الإدمان وحتي يتغلب المريض النفسي علي أعراض المرض، ولكن مضطرب الشخصية حين يتحصل علي الدواء لا يلتزم بتلك المدة العلاجية وإنما يستمر في الأدوية المخدرة حتي يغيب عن الوعي، ولا يتذكر ذاته الهشة الحقيقية ويعيش مع ذاته المزيفة التي اصطنعها مبررا سلوكة الضار والمستهجن اجتماعيا. 

 

419638

 

وبالتالي فإن الأدوية المخدرة تنقلب وبالا علي مضطرب الشخصية، فتجعله مدمن مصيره السجن حتما إذ لم يعالج سبب الداء وهو خلل شخصيته، ومن هنا يمكن القول بأن كل مضطرب شخصية قد يعاني من أعراض وليس مرض نفسي ولكن ليس المريض النفسي بمضطرب شخصية.

 

ايهما أخطر  

 

اضطرابات الشخصية أخطر بكثير من المرض النفسي، إذ المريض نفسيا لا يؤذي في الغالب الأعم سوي نفسه، أما مضطرب الشخصية فيؤذي نفسه، ويدمر من حوله، ولقد أثبت الطب الحديث أنه نظرا لكثرة الضغوط التي يسبب مضطرب الشخصية للناس من حوله، فإن هؤلاء يصابون بارتفاع ضغط الدم أمراض السكر جلطات المخ والقلب، وأيضا نظرا لما يسببه مضطرب الشخصية من استنزاف طاقة المقربين منه، فإن هؤلاء يصابون بالقلق والإكتئاب والخوف والشك وضعف القدرة على الإبداع وعدم الرغبة في الانتاج بل وفي الحياة في بعض الأحيان لدرجة دعت بعض العلماء إلي اطلاق مصطلح شياطين الإنس علي مضطربي الشخصية.  

  

202201120449534953

 

296014381_995348231143740_807916348671700886_n
 

أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق

 

print