يأتي تشكيل الحكومة الجديدة المنتظر وسط تحديات عدة بالداخل والخارج، تحتاج لرؤية مبتكرة وفكر جديد يدعم مسار التنمية وطريق التطوير الشامل للأداء الاقتصادي للدولة في جميع القطاعات، ويمثل استمرار الحوار الوطني وحرص القيادة السياسية على تعميق أطر مشاركته في ترتيب أجندة الأولويات الوطنية، خطوة مهمة في ضبط بوصلة مسارات الحكومة الجديدة بما يعود بالإيجاب على المواطنين، ويزيد من تلبية احتياجاتهم، خاصة وأنها مظلة تضم جميع أطياف الشارع المصري.
وقد سبق تشكيل الحكومة الجديدة، إعلان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، إحالة عدد من القضايا للحوار الوطني والاستعانة به في وضع رؤية جديدة وإثراء المناقشات حولها وشملت دعوته لوضع خطة لكيفية التحول لمنظومة الدعم النقدي بدل العيني، إلى جانب الاستعانة به في وضع تصور اقتصادي وطني في نهاية 2024، وتأكيد طرح الرؤية الخاصة بتطوير الثانوية العامة، التي أعدتها الحكومة، للحوار المجتمعي، من خلال آلية الحوار الوطني، وغيرها من الموضوعات التي تلتمس مع المواطن المصري وينتظر بحثها بين الحكومة والحوار الوطني في المرحلة القادمة
هذا إلى جانب اجتماع مجلس أمناء الحوار السبت الماضي والذي بحث قضية الأمن القومي، ودعوة المجلس إلى سرعة عقد مزيداً من اجتماعات اللجنة المشتركة بين الحكومة والحوار الوطني من خلال الاجتماع المباشر بين اللجنة والوزراء المعنيين وفي مقدمتهم وزيريّ التموين والصحة لتنفيذ مخرجات المرحلة الأولى من الحوار .
وأكد الدكتور جمال الكشكي، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، أن المرحلة القادمة ستشهد المزيد من التعاون والتنسيق بين الحكومة الجديدة المنتظرة والحوار الوطني في إطار اللجنة التنسيقية المشتركة، والتي انعقدت مرتين لمتابعة التوصيات والنتائج التي أحالها الحوار الوطني للحكومة مشيرا إلى أن نظر آليات تطبيق ال97 توصية اقتصادية التي تقدم بها الدكتور ضياء رشوان المنسق العام للحوار الوطني، في إفطار الأسرة المصرية 5 أبريل الماضي يتصدر قائمة الأولويات والتي لابد أن تكون في صدارة اهتمامات الحكومة الجديدة، خاصة وأن انعكاسات الأزمات الاقتصادية المتلاحقة عالميا تستلزم أن يكون هناك ثمار اقتصادية جيدة يشعر بها المواطن.
ولفت في تصريح لـ"برلمانى " إلى أن عجلة التنسيق مستمرة بين الحوار الوطني والحكومة، وهناك عدد من القضايا ناقشها الحوار في في اجتماعه الماضي سيتم إحالتها للمناقشات خلال الفترة القادمة، ومن بينها التحول إلى الدعم النقدي، وملف الصحة وما يتعلق بتوافر المستلزمات الطبية والأدوية بجانب منظومة التعليم بما يخدم استراتيجية بناء الإنسان، علاوة على القضية الأكبر والأهم وهي الأمن القومي والتي جاء بيان مجلس الأمناء بشأنها في إطار التأكيد على الثوابت المصرية في التعامل مع تلك الحرب منذ بدايتها.
وأضاف أن هناك حرص شديد على التواصل بين الحوار الوطني والحكومة لمتابعة وتنفيذ التوصيات التي رفعتها إدارة الحوار من قبل، مشددا أن إدارة الحوار تحرص على التعاون مع الحكومة بما يخدم الرأي العام ويساعد في تقديم كل الملفات التي تنحاز للمواطن، والعمل على تنفيذ المخرجات لها أهمية قصوى باعتبارها تمس المواطن والضرورات الحياتية.
ويؤكد الدكتور باسل عادل رئيس كتلة الحوار أن التعاون بين الحكومة الجديدة والحوار الوطني يتوقع أن يكون بشكل أكبر خلال الفترة القادمة، لتبادل الرؤى بشأن الكثير من الملفات التي تشغل الرأي العام وتهدف فيها الدولة للتوصل إلى صيغة توافقية تعبر عن احتياجات المواطن وتتوازن مع رؤية الدولة.
وأضاف رئيس كتلة الحوار في تصريح لـ"برلمانى" أن ملف الدعم سيكون على رأس تلك الأولويات والذي يحتاج لجرأة التحول إلى الدعم النقدي بهدوء وبشكل يستوعب كل الطبقات التي تحتاج لدعم، على أن يكون ذلك التحول تدريجي مع العناية بأن يكون هناك رصد لكل من يستحق الدعم ومراعاة أنه لازال هناك احتياج لدى الطبقة المتوسطة.
وأضاف أن الحوار الوطني يحرص على إدراج موضوعات السياسة الخارجية وملف الحفاظ على الأمن القومي لتباحث التدابير اللازمة، هذا بجانب ما أكدت عليه الحكومة مؤخرا بالاستعانة بالحوار في خطة تطوير الثانوية العامة، مشيرا إلى أن عودة الحيادية التنافسية في دراسة تلك المرحلة ومقاومة وسائل الغش، يوفر معيار عادل في دخول الكليات ويسهم في تحقيق ترقي اجتماعي.
وقال "عادل" إن الدولة تسير بوتيرة جيدة نحو الإصلاح الاقتصادي، ولكن لابد من البدء في وضع خطط للبدء تعمل على جني ثمار الإصلاح الاقتصادي وشعور المواطن بتلك الإجراءات من خلال انعكاسها عليه وعلى حياته المعيشية.
ومن جانبه يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن القضايا الرئيسية التي تشتبك بين الحكومة والحوار الوطني تتمثل في الأمن القومي وله أهمية من أجل تحديد إمكانية التعامل مع مهددات الأمن القومي في إطار الملفات الأكثر تهديدا ليبيا وغزة وإسرائيل والسودان وجنوب البحر الأحمر وغيره، موضحا أن التعامل مع المنظومة التعليمية وإعادة ضبط لعودة الطلاب إلى المدارس والجامعات ومواجهة ظاهرة التسرب.
وأشار إلى أن ترتيب الأولويات للقضايا المجتمعية مثل التسامح والوعي السياسي والاجتماعي، والمنظومة الثقافية المجتمعية، من الضرورة أن تكون في مقدمة المناقشات نظرا لما تحتاجه من مخرجات سريعة تدعم بناء الشخصية المصرية، لافتا إلى أن الحكومة والحوار الوطني يحرصان على التركيز فيما يخص الإصلاح الاقتصادي وإيجاد قواسم مشتركة في الموضوعات الخاصة بالسياسات المالية والنقدية ومواجهة الأعباء الاقتصادية وبناء المظلة الاجتماعية ومحاولة إرضاء الطبقات الأكثر تضررا من عملية الإصلاح الاقتصادي.
وأشار إلى أن هيكلة الدعم بطرح الرؤى الخاصة بالتحول للدعم النقدي، منوها إلى أن إعلان الحكومة الاستعانة بالحوار الوطني في تطوير الثانوية العامة أمر جيد للغاية باعتباره ضمن المنظومة الاجتماعية ويشغل شريحة كبيرة من الأسر والعائلات، وسيسهم في وضع رؤى تطوير بيئة الثانوية العامة وطرح المقترحات البديلة من المشاركين.
فيما يقول اللواء دكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر أستاذ العلوم السياسية إن توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكومة في خطاب التنصيب الذي ألقاه قبل شهرين بالعاصمة الإدارية حدد أولويات الحكومة في المرحلة المقبلة و ألزم الحكومة بعدة أمور من بينها الحفاظ على محددات الأمن القومى فى ظل التحديات الإقليمية والدولية ومواصلة تحقيق الأمن والاستقرار والقضاء على الإرهاب وبناء الوعى الوطني والثقافة وهو ما يفرض دورا كبيرا على النخب السياسية والأحزاب والنواب في دعم هذه التكليفات خاصة مع وجود الحوار الوطني الذي يعد أحد القنوات التي خلقتها الدولة لتعبر كافة القوى السياسية بكل انتمائتهم و ايدلوجياتهم الفكرية عن رؤيتها الأمر الذي يؤكد حرص القيادة السياسية على تقديم كل ما يدعم المواطن المصري خلال المرحلة الجديدة المقبلة في ظل التحديات الإقليمية والدولية التي تشهدها البلاد بالداخل والخارج.
وأشار فرحات إلي أن الحكومة الجديدة يجب عليها أن تعمل وفق استراتيجية وطنية تتوافق مع أهداف الجمهورية الجديدة من أجل تعزيز التنمية والاستقرار في البلاد من خلال التعاون الوثيق مع الحوار الوطني وعلي رأس هذه الأولويات مواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي والعمل علي زيادة محفزات الاستثمار في الداخل والخارج بما يساعدهم في خلق فرص عمل جديدة و تحسين بيئة الاستثمار وتبسيط الإجراءات لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية و دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة كركيزة أساسية للاقتصاد الوطني.
وتابع أستاذ العلوم السياسية من بين الأولويات أيضا التي يجب على الحكومة الجديدة العمل عليها هي الاهتمام ببناء الإنسان المصري، ودعم قطاعي التعليم والصحة و العمل علي تطوير نظام الثانوية العامة بشكل شامل، و تحديث المناهج الدراسية وتبني أساليب تقييم متطورة تتماشى مع المعايير العالمية وتأهيل جيل جديد من الطلاب يتمتع بقدرات تنافسية عالية في سوق العمل العالمي بجانب تحسين منظومة الدعم لضمان وصوله إلى مستحقيه بشكل أكثر كفاءة وشفافية، مما يسهم في تخفيف الأعباء عن الفئات الأكثر احتياجاً وتعزيز العدالة الاجتماعية.
وأوضح نائب رئيس حزب المؤتمر أن الأحزاب السياسية عليها دور كبير في دعم الحكومة الجديدة لتحقيق أهدافها من خلال تقديم الدعم والتأييد للحكومة الجديدة والمساهمة في إقرار القوانين والسياسات اللازمة لتحقيق أهدافها بجانب تقديم الاقتراحات والتوجيهات البناءة للحكومة الجديدة بهدف مساعدتها في تحقيق أهدافها وتوجيهات الرئيس لافتا إلى أنه من المهم أيضا أن تسهم الأحزاب السياسية في بسط قواعد الديمقراطية وتعزيز مشاركة المواطنين في صنع القرارات السياسية، لضمان استقرار النظام السياسي وتحقيق التنمية والازدهار بما يحقق طموحات الحكومة الجديدة في تحقيق أهدافها والعمل على توجيهات الرئيس بمواصلة جهود تطوير العمل السياسي.