بدأ ماراثون امتحانات الثانوية العامة، اليوم الإثنين نسأل الله تعالى التوفيق لجميع الطلاب، ومع بداية الامتحانات تبدأ معه عملية وحيل الغش الممنهجة، فهناك الطالب الذى يأخذ معه الموبايل داخل اللجنة ليتصل بالمدرس، وهناك من يزرع سماعة داخل أذنه، ومن ناحية أخرى تزداد شائعات تسريب الامتحانات، ولعل أكثر الوقائع المشهورة لتسريب امتحانات الثانوية العامة فى الأعوام السابقة هو موقع "شاومينج"، الذى قام فى السابق بتسريب أجزاء كبيرة من الامتحانات.
وكل الجهات المعنية استعدت بأسلوبها وطريقتها الخاصة لامتحانات الثانوية العامة الذى يمثل الحدث الأبرز هذه الأيام فى مصر، حيث وضعت الضوابط والمعايير التى من المقرر اتباعها فى حالة حدوث حالات غش داخل أى لجنة من لجان امتحانات الثانوية العامة، على مستوى الجمهورية، سواء كان فرديا أو جماعيا أو خارجها، والاستعدادات فى الوقت الراهن تسير على قدم وساق بتكليف من الجهات المختصة، وذلك بغرض ملاحقة صفحات الغش التى تظهر من وقت لآخر، بالتزامن مع امتحانات ماراثون الثانوية العامة، وذلك من خلال مواجهة كل ما يخل بنظام العام للامتحانات، حيث تعمل الأجهزة المعنية على رصد الصفحات والمواقع التى تعمل ليل نهار على محاولة إثارة الفوضى والبلبلة عن طريق دعوة أولياء الأمور للانضمام لمجموعات لتسريب الامتحانات.
عقوبة الغش أو الإخلال بالنظام العام للامتحانات
فى التقرير التالى، يلقى "برلمانى" الضوء على إشكالية فى غاية الأهمية تهم ملايين الأسر المعنين بامتحانات الثانوية العامة، وذلك في الوقت الذى لا يوجد فيه بيت فى مصر إلا وبه طالب ثانوية عامة، فلا تزال هناك حزمة من الأسئلة فى ذهن الأسرة المصرية وعدد من الطلاب حول هل هناك عقوبة معينة يمكن توقيعها على مرتكبي هذه الأفعال؟ وهل لو قام طالب عقب بدء الامتحانات بتصوير البوكلت "كراسة الامتحانات"، وأرسلها للمدرس الذى قام بدوره بحلها ونشرها على صفحات فيس بوك فهل يعاقب هذا الطالب وذاك المدرس؟ وهل مجرد إدخال المحمول داخل اللجنة يشكل جريمة؟
في البداية – للإجابة على حزمة الأسئلة هذه يقول الخبير القانوني والمحامى محمد عبد السلام - تصدى القانون لمثل هذه الظواهر وسعى نحو تغليظ العقوبة مع وضع نص جامع يجرم كل صور الغش المتوقعة وغير المتوقعة، فجعل العقوبة هي الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على 7 سنوات، وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه لكل من طبع أو نشر أو أذاع أو روج بأى وسيلة أسئلة الامتحانات أو أجوبتها فى جميع المراحل، وكان ذلك قبل عقد لجان الامتحانات أو أثنائها، بقصد الغش أو الإخلال بالنظام العام للامتحانات سواء وقعت الجريمة داخل لجان الامتحانات أو خارجها، وعاقب كل من اشترك بأى وسيلة فى ارتكاب هذه الجريمة بذات العقوبة.
عقوبة مجرد دخول اللجنة بوسائل اتصال
وبحسب "عبد السلام" في تصريح لـ"برلماني": أما إذا توقفت الجريمة عند حد الشروع ولم يتم إتمامها، فيعاقب الفاعل بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفى جميع الأحوال يحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة محل الجريمة، وبحرمان الطالب الذى يرتكب غشاَ أو شروعاً فيه من أداء الامتحانات فى الدور الذى يؤديه والدور الذى يليه من العام ذاته، ويعتبر راسباً فى جميع المواد.
ووفقا لـ"عبد السلام": ولم يكتف المشرع بذلك بل سعى نحو غلق الباب تماماً فى وجه أى محاولة للتفكير فى الغش، فعاقب على مجرد حيازة وسائل الاتصال داخل اللجنة، حتى ولو لم يُقصد بها الغش، ولم يحدد وسيلة اتصال بعينها، بل قال أي وسيلة أخرى ليواجه كل ما يستجد من تطور، فعاقب كل من حاز بأي من لجان الامتحانات أثناء انعقادها، أياً كانت صفته، أياً من أجهزة التليفون المحمول أو غيرها من أجهزة الاتصال أو الإرسال أو الاستقبال السلكية أو اللاسلكية أو أياً من أجهزة التقنية الحديثة أو أي وسيلة أخرى أياً كان نوعها من الوسائل التي تساعد على ارتكاب أعمال الغش بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه، ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه وتقضى المحكمة بمصادرة الأجهزة المضبوطة.
نصوص قانون الغش والشروع فيه
نصت المادة الأولى من القانون رقم 101 لسنة 2015 فى شأن مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات والمعدلة بالقانون رقم 73 لسنة 2017 على أنه: "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد منصوص عليها فى أى قانون آخر، ومع مراعاة أحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996، يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على 7 سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه كل من طبع أو نشر أو أذاع أو روج بأى وسيلة أسئلة الامتحانات أو أجوبتها فى جميع المراحل، وكان ذلك قبل عقد لجان الامتحانات أو أثنائها، بقصد الغش أو الإخلال بالنظام العام للامتحانات سواء وقعت الجريمة داخل لجان الامتحانات أو خارجها"، ويُعاقب بالعقوبة ذاتها كل من اشترك بأى وسيلة فى ارتكاب هذه الجريمة.
ويُعاقب على الشروع فى ارتكاب أى فعل من الأفعال المنصوص عليها فى الفقرة الأولى بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفى جميع الأحوال، يحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة محل الجريمة، وبحرمان الطالب الذى يرتكب غشا أو شروعاً فيه أو أى فعل من الأفعال المنصوص عليها بالفقرات السابقة من أداء الامتحانات فى الدور الذى يؤديه والدور الذى يليه من العام ذاته، ويعتبر راسباً فى جميع المواد.
كما نصت المادة الأولى مكرر من ذات القانون على أن: "يُعاقب كل من حاز بأى من لجان الامتحانات أثناء انعقادها، أياً كانت صفته، دون مقتض أياً من أجهزة التليفون المحمول أو غيرها من أجهزة الاتصال أو الإرسال أو الاستقبال السلكية أو اللاسلكية أو أياً من أجهزة التقنية الحديثة أو أى وسيلة أخرى أياً كان نوعها من الوسائل التى تساعد على ارتكاب أى من الأفعال المنصوص عليها بالمادة الأولى من هذا القانون بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه وتقضى المحكمة بمصادرة الأجهزة المضبوطة".
الخلاصة فى نقاط
بينما يقدم الخبير القانونى والمحامى بالنقض صالح حسب الله - خلاصة تلك العقوبات فى نقاط، وذلك حرصا على مستقبل الطلاب نوجه لهم النصائح القانونية حتى يتجنب الطالب إلغاء امتحانه، فنصت المادة 3 من القرار رقم 34 لسنة 2018 علي أنه: " يلغي امتحان الطالب في جميع المواد ويعتبر راسباَ في الامتحانات العامة أو الامتحانات المحلية مع عدم الإخلال بالعقوبات المقررة قانونا ارتكب أي فعل من الأفعال الآتية:-
1-الغش أو الشروع فيه، أو الاستفادة منه، أو المساعدة عليه بأي وسيلة أثناء الامتحان.
2-القيام بأي عمل شأنه الإخلال بنظام الامتحان.
3-الاعتداء بالقول، أو الفعل علي أحد القائمين بأعمال الامتحانات أو معاونيهم أو الطلاب، أو التحريض علي ذلك أثناء الامتحان أو بسببه.
4-استخدام الهاتف المحمول بكافة أنواعه، أو أي وسائل تكنولوجية أخري تؤدى إلي ارتكاب أي فعل من الأفعال المنصوص عليها بالفقرتين "1؛ 2" من ذات المادة أو الشروع فيه.
3 أسباب و4 عقوبات
ووفقا لـ"حسب الله" فى تصريح لـ"برلمانى" - بينما يلغي امتحان الطالب في المادة التي يؤدى الامتحان فيها، مع عدم الإخلال بالعقوبات المقررة قانونا، إذا ارتكب احد الأفعال المنصوص عليها في المادة ٤من ذات القرار، هي:
1-حيازة الهاتف المحمول، أو أي من الأجهزة التكنولوجية، أو أي وسائل، أو أدوات أخري تساعد علي الغش أثناء الامتحان.
2- تضمن الإجابة ما يكشف عن شخصيته، أو ما ينم علي الاستهانة، أو السخرية بأي صورة من الصور.
3- تمزيق أوراق الإجابة، أو نزع ورقة منها، أو العبث بها، أو محاولة إخفائها، أو محاولة الهرب بها.
العقوبات الواردة في القانون 73 لسنة 2017 بشأن مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات كالتالي:
1 - كل من طبع أو نشر أو أذاع أوروج بأي وسيلة أسئلة الامتحان أو أجوبتها قبل عقد اللجنة أو أثنائها بقصد الغش يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين ولا تجاوز 7 سنوات وبغرامة من 100 ألف حتى 200 ألف جنيه.
2 - كل من شارك في طبع أو نشر أو أذاع أو روج بأي وسيلة أسئلة الامتحان أو أجوبتها قبل عقد اللجنة أو أثناءها بقصد الغش يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين ولا تجاوز 7 سنوات وبغرامة من 100 ألف حتى 200 ألف جنيه.
3 - كل من يشرع "يحاول" الغش يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد عن 50 ألف جنيه.
4 - كل من حاز في لجنة الامتحان هاتف محمول أو أجهزة اتصال بقصد الغش، يعاقب بغرامة لا تقل عن 5 آلاف ولا تزيد عن 10 آلاف جنيه.
إجراءات تحرير محضر فى حالة الغش
ويلغي امتحان الطالب طبقا لأحكام المادتين الثالثة والرابعة من القرار سالف الذكر بقرار من المشرف العام علي الامتحان بعد تحرير رئيس لجنة سير الامتحان محضرا بإثبات الحالة فور حدوث الواقعة أو اكتشافها وإجراء التحقيق مع الطالب بمعرفة جهة التحقيق المختصة من "الإدارة- المديرية- الوزارة"، ويعد امتناع الطالب عن الخضوع للتحقيق تنازلات عن حقه في الدفاع عن نفسه وإقرارا ضمنيا بصحة ما ارتكبه من مخالفة وتعرض نتيجة التحقيق والتوصية المقترحة علي المشرف علي الامتحان لإصدار القرار المناسب علي أنه بالنسبة للامتحانات العامة يجب إرسال أصل أوراق التحقيق إلى الإدارة العامة للشئون القانونية بالوزارة لاقتراح التوصية، ولا يتم إخطار الطالب بالقرار الصادر بشأنه إلا مع إعلان نتيجة الامتحان – الحديث لـ"حسب الله".
وفي النهاية - يجوز بقرار مسبب من وزير التربية والتعليم أو المحافظ المختص بحسب الأحوال ومع عدم الإخلال بأي عقوبة جنائية إلغاء الامتحان، أو تأجيله بالنسبة لجميع الطلاب في كل أو أحدي اللجان حال حدوث إخلال بالنظام العام للامتحان، أو سلامة إجراءاته، أو شيوع الغش سواء تمت المخالفة داخل اللجنة أو خارجها.
عقوبة الرشوة بغرض التسريب والغش
وعن عقوبة محاولة رشوة القائمين على المراقبة للعملية التعليمية، تقول الخبير القانوني والمحامية رحاب سالم، على أنه من المقرر طبقاَ لنص المادة 104 من قانونم العقوبات أنه إذا توافر اتفاق بين الموظف العام، وصاحب المصلحة على إخلال الأخير بوظيفته، لانطبقت المادة 104 من قانون العقوبات التي يستوى فى ذلك أن يكون العطاء سابقًا أو معاصرًا لهذا الإخلال، ذاكرة «بأن الإتجار بالوظيفة في هذه الحالة يكون قائمًا منذ البداية».
وشددت بأن القصد الجنائى – بحسب "سالم" في تصريح لـ"برلماني": فى الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشى عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل ذلك لقاء قيامه بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو الإخلال بواجباتهم، وانه ثمن لإتجاره بوظيفته، كما أن المادة الاولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 101 لسنة 2015ـ، فى شأن مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات تنص على أنه مع عدم الإخلال بالامتحانات قد نصت على أنه مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد منصوص عليها فى القانون، يعاقب الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا يتجاوز خمسين ألف جنيه، أبو بإحدى تلك العقوبتين كل من طبع ونشر وأذاع وروج بأية وسيلة أسئلة وأجوبة امتحانات التعليم بمراحل التعليم المختلفة، العامة والخاصة، وذلك ذلك أثناء عقد جلسة الامتحانات بقصد الغش أو الإخلال بالنظام العام للامتحان، سواء تمت الجريمة داخل لجان الامتحان أو خارجها، ويعاقب بذات العقوبة كل من ساهم بأية وسيلة فى ارتكاب تلك الجريمة وفى جميع الأحوال يحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة محل الجريمة.
ضبط وقائع في الأعوام السابقة
يشار إلى أن الأجهزة المعنية تمكنت خلال الأعوام المنصرمة فى ضبط القائمين على العديد من الصفحات التى كانت تمثل حالة من البلبلة والفوضى وعلى رأسها صفحة "شاومينج"، وتوجد آلاف من الصفحات بذات الاسم فى محاولة من القائمين عليها بالاستفادة بالضجة الإعلامية التى تحدثت عن هذه الصفحات للنصب على المواطنين، فضلًا عن ضبط قضية المطبعة الشهيرة والقائمين على بيع الامتحانات وأحيلوا للجنايات، وتم ضبط مدرس بالجيزة نشر الإجابات النموذجية، وضبط نحو 29 قضية بـ43 متهما، والسيطرة على 35 صفحة للغش.
والقوانين المنظمة لامتحانات الثانوية العامة هى الأخرى لم تترك الأمر هكذا يتم العبث به، فظاهرة الغش الإلكترونى بامتحانات الثانوية العامة التى انتشرت خلال السنوات الماضية، تم مواجهتها والتصدى لها بآليات عقابية يتم تطويرها كل عام، وذلك بغرض ضمان تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب، وحتى يحصل كل طالب على حقه فى الدرجات دون زيادة أو نقصان، خاصة أن الثانوية كشهادة عامة تعد مسألة فى غاية الأهمية.