في مثل هذه الأوقات العديد من الفيديوهات المتداولة علي مواقع التواصل الاجتماعي السوشيال ميديا خلال عيد الأضحية من كل عام نشاهد فيها خرفان وعجال تهرب من أصحابها في الشوارع وقد تتسبب للغير اضرار سواء كان الضرر للأفراد او ممتلكاتهم ونري جميعا هذه الحيوانات قد تسبب اضرار لسيارات الغير من تكسريها وتحطيمها، فهل يسال صاحب الحيوان عما قد يتسبب به من أضرارأ للأخرين، وهل يحق للمضرور مطالبة المسئول عن هذه الحيوان بالتعويض.
ومع حلول عيد الأضحى المبارك، تنتشر بشكل كبير فيديوهات هروب العجول من أصحابها، على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، ولكن هذه المرة بدأ انتشار الفيديوهات في وقت مبكر، وأثار مقطع فيديو متداول بكثرة على فيسبوك، يظهر فيه هروب عجل أسود اللون في التجمع، ويحاول المتواجدين ربطه و امساكه، وأبان الفيديو العجل وهو واقف في إحدى شوارع التجمع، وفي نفس السياق، استغاثت مواطنة من هجوم العجل عليها وهي داخل السيارة، حيث تم تحطيم أجزاء كبيرة من السيارة.
فيديوهات هروب العجول.. خلي بالك قد يتحول عيدك لمسئولية بدل الاحتفال بالعيد
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على خطورة هروب العجول قبل ذبحها، والأضرار التي يتعرض لها المواطنون في الشوارع، المسئولية عن الحيوان من حيث المسئول عن الضرر الذي يحدثه الحيوان للغير وطبيعة المسئولية، ونوع الضرر الذي يستوجب المسئولية، والإجابة على السؤال هل يشترط أن يثبت المضرور ملكية الحيوان الذي أحدث الضرر وأساس هذه المسئولية وكيفية رجوع المضرور علي حارس الحيوان بدعوي التعويض – بحسب الخبير القانوني والمحامى أيوب عثمان.
أولا: الأساس القانوني لمسئولية حارس الحيوان
في البداية - الأساس القانوني لهذه المسئولية ينحصر في إتجاهين بحيث نجد من أسس هذه المسئولية على أساس الخطأ المفترض وهناك من قال بأنها تقوم على أساس تحمل التبعية، فنجد أصحاب نظرية الخطأ المفترض يعتبرون أن هذه المسئولية ناتجة خطأ في الرقابة والتوجيه، التي لم يقم الحارس بها تجاه الحيوان الذي يوجد تحت رقابته، على اعتبار أن سوء الرقابة والتوجيه لما ارتكب الحيوان ذلك الضرر، في حين نظرية التبعية تقوا بأن مسؤولية حارس الحيوان تقوم على أساس أن الحارس مادام هو من يستفيد من خدمات ذلك الحيوان فهو من يتحمل تبعات ما يرتكبه من أضرار تجاه الغير – وفقا لـ"عثمان".
وانطلاقا من النظريتين السابقتين نجد المشرع قد تبنى نظرية الخطأ المفترض القابل لإثبات العكس، حيث خول للحارس إمكانية التحلل من المسؤولية بإثبات أن وقوع الحادث كان بسبب أجنبي لا يدّ له فيه، من خلال إثبات أنه اتخذ جميع التدابير والاحتياطات اللازمة لمنع الحيوان من إحداث الضرر أو لمراقبته، كما يمكن للحارس التحلل من هذه المسئولية عن طريق إثبات أن هذه الحادثة ناتجة عن حادث فجائي أو قوة قاهرة أو أنها وقعت بناء على خطا المضرور – الكلام لـ"عثمان".
وانطلاقا مما سبق فإن هذه النظرية تقوم على أساس الخطأ المفترض القابل لإثبات العكس، على خلاف بعض التشريعات الأخرى التي أسستها على نظرية الخطأ المفترض غير قابل لإثبات العكس، كما أن الخطأ المفترض في جانب الحارس تستوجب من المتضرر إثبات أن الحارس هو المسئول عن الحيوان، بالإضافة إلى إثبات أن الضرر وقع من الحيوان – طبقا لـ"عثمان".
ثانيا:- شروط مسئولية حارس الحيوان
نظم القانون المدني المصري هذه المسئولية حيث نصت المادة (176) منه على أنه: "حارس الحيوان، ولو لم يكن مالكاً له، مسئول عما يحدثه الحيوان من ضرر، ولو ضل الحيوان أو تسرب، ما لم يثبت الحارس أن وقوع الحادث كان بسبب أجنبي لا يدّ له فيه"، ونلاحظ من هذا النص أن لم يحدد من هو الشخص المسؤول عن هذا الحيوان، وبالتالي فكل شخص عهد إليه بحراسة حيوان معين فهو المسؤول عنه، سواء كان مالكا لهذا الحيوان أم مجرد حارس له فقط، بحيث إن الشخص الذي يتولى حراسة الحيوان هو المسؤول المباشر عن الأضرار التي ألحقها الحيوان بالغير، فالعبرة بالشخص الذي يتولى الحراسة ولو لم يكن هو المالك، ومن هذا النص يتضح أنه يجب توافر شرطين لانعقاد المسئولية لحارس الحيوان كالتالى:
الشرط الأول: تولي شخص حراسة الحيوان
بمعني أن يكون هذا الشخص الحارس للحيوان هو الذي له السيطرة الفعلية على الحيوان ولا يشترط أن يكون مالكا لهذا الحيوان، فقد يكون الحارس معين بواسطة المالك لحراسة الحيوان فالمسئولية تنتقل للشخص الحارس عن أفعال الحيوان الضارة بمجرد حيازته للحيوان، ولكن إذا كان الحيوان بحوزة التابع، فإن المسئولية هنا تنعقد إلى المالك الأصلي بإعتبار مسئولية المتبوع عن اعمال تابعيه .
ويضيف "عثمان": حارس الحيوان في المادة 176 مدني. المقصود به، من تكون له السيطرة الفعلية عليه ويملك سلطة التصرف في أمره، مع عدم انتقال الحراسة من مالك الحيوان إلى الغير الذي يعهد إليه المالك بحكم حرفته برعايته طالما أنه لم ينقله إليه واستبقى سيطرته الفعلية عليه أثناء مباشرة صاحب الحرفة لعمله، وعلة ذلك قيام الحراسة الموجبة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض، أما العبرة فيه سيطرة الشخص على الحيوان سيطرة فعلية لحساب نفسه.
حارس الحيوان بالمعنى المقصود في المادة 176 من القانون المدني هو من تكون له السيطرة الفعلية على الحيوان ويملك سلطة التصرف في أمره ولا تنتقل الحراسة من مالك الحيوان إلى الغير الذي يعهد إليه المالك بحكم حرفته برعايته طالما أنه لم ينقله إليه واستبقى سيطرته الفعلية عليه أثناء مباشرة صاحب الحرفة لعمله إذ أن العبرة في قيام الحراسة الموجبة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض هي بسيطرة الشخص على الحيوان سيطرة فعلية لحساب نفسه، طبقا للطعن رقم 3364 لسنة 63 قضائية - بتاريخ 10 / 12 / 2003.
الشرط الثاني: يجب أن يحدث الحيوان بفعله ضررا للغير:-
أي ان الضرر نتج مباشرتا عن فعل الحيوان أنه سبب هذا الضرر فالعبرة هنا بالضرر الذي تلحقه تلك الحيوانات، فالشرط الوحيد المتطلب للمساءلة عن الأضرار التي تحدثها هو وجود حارس لها وأن يقع الضرر من الحيوان، فالمقصود من هذا الشرط أن الحيوان الذي يوجد تحت حراسة شخص معين أن يلحق ضررا بالغير، والذي يمكن أن يكونا ماديا كما يمكن أن يكون معنويا، بحيث كلما تحقق ذلك الضرر إلا وكان الحارس هو المسؤول عنه، وبالتالي يستحق هذا المتضرر التعويض عنه، مما يعني أن الحارس لا يكون مسؤولا.
ثالثا:- هل يستطيع حارس الحيوان دفع المسئولية
نعم - طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 176 من القانون المدني ليس أمام الحارس لكي يتخلص من المسئولية إلا بنفي علاقة السببية بين فعل الحيوان و الضرر بإثبات السبب الأجنبي و هو القوة، فإذا أراد التخلص من هذه المسئولية عليه أن يثبت انتفاء علاقة السببية بين خطئه المفترض و الضرر الواقع، أي أن يثبت وجود السبب الأجنبي . ويتم إثبات السبب الأجنبي بأحد الأشكال الثلاثة التالية:
أ -بإثبات القوة القاهرة.
ب - بإثبات خطأ المضرور .
ج -بإثبات خطأ الغير.
رابعا:- السند القانوني للمضرور للمطالبة بالتعويض
في حال ثبوت مسئولية حارس الحيوان فأن المضرور يحق له المطالبة بالتعويض والسند القانوني للمطالبة بالتعويض حيث تنص المادة 163 من القانون المدني على: "كل خطأ سبب ضررا يلزم من ارتكبه بالتعويض"، وهنا تكون سلطة القاضي في تقدير التعويض سلطة تقديره حسب الضرر الذي أصاب المضرور .
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي للأزمة في الطعن المقيد برقم 11763 لسنة 65 قضائية، حيث جاء في حيثيات الحكم: إقامة الطاعنين الدعوى المطروحة بطلب التعويض عن وفاة مورثهم بخطأ المطعون ضده الأول أثناء قيادة الأخير لعربة يجرها حصان على أساس مسئوليته عن حراسة الحيوان وفقاً لنص المادة 176 مدني والتي تقوم على أساس خطأ مفترض في حقه. مؤداه. عدم انتفاء مسئوليته بإثباته عدم ارتكاب الخطأ. أثره. انتفاء حجية الحكم الجنائي القاضي ببراءته من تهمة قتل مورث الطاعنين لانتفاء الخطأ في جانبه أمام المحكمة المدنية. قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعنين تأسيساً على اعتداده بحجية الحكم الجنائي ولتوافر السبب الأجنبي دون بيان سنده أو تحقيق شهادة الشهود وتحقيقات الجنحة المحررة بشأن الحادث بخصوص وقائع مماثلة من ذات الحيوان بما يمكن معه توقع الحادث واتخاذ اللازم لدفعه. قصور ومخالفة.
إذ كان الثابت من الأوراق أن الحكم الجنائي الصادر في القضية رقم..... لسنة 1990 جنح أجا أنه قضى ببراءة المتهم "المطعون ضده الأول" من تهمة قتل مورث الطاعنين لانتفاء الخطأ في جانبه، وكان الطاعنون قد أقاموا الدعوى المطروحة بالمطالبة بالتعويض على أساس مسئولية المطعون ضده الأول عن حراسة الحيوان وفقاً لنص المادة 176 من القانون المدني، وهي مسئولية تقوم على أساس خطأ مفترض في حقه باعتباره حارساً على هذا الحيوان، ومن ثم فإن مسئوليته تتحقق ولا تدرأ عنه بإثبات أنه لم يرتكب خطأ لأنها مسئولية ناشئة عن حراسة الحيوان وليست مسئولية ناشئة عن الجريمة.
ومن ثم فإن الحكم الجنائي سالف البيان لا يكون له ثمة حجية أمام المحكمة المدنية تحول دون المطالبة بالتعويض، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بحجية الحكم الجنائي في رفض دعوى الطاعنين ولتوفر السبب الأجنبي المتمثل في هياج الحيوان بسبب إشعال النار دون أن يبين سنده الذي أقام عليه قضاءه ويمحص ما ورد بشهادة الشهود وتحقيقات الجنحة المحررة بشأن الحادث بخصوص وقوع حوادث مماثلة من هذا الحيوان وهو ما من شأنه إمكانية توقع وقوع الحادث واتخاذ ما يلزم لدفعه ودرء نتائجه، فإنه يكون فضلاً عن مخالفته للقانون معيباً بالقصور بما يُعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيقه للقانون.