واصلت دار الإفتاء حملتها "اعرف الصح"، والتى تهدف لتصحيح المفاهيم الخاطئة والفتاوى الشاذة التى انتشرت فى الفترة الأخيرة بين أوساط المجتمع المصرى بين تشدد وتساهل، والحملة تقطع الطريق على التيارات المتطرفة فكريًّا، التى رسخت لدى المجتمع معتقدات ومعلومات خاطئة حول الكثير من القضايا الدينية واستخدمت فيها العاطفة الدينية من أجل التأثير على المجتمع، وحتى يكون الطريق سهلًا فى إقناع عامة الناس بأفكارهم المتشددة.
وتتنوع الموضوعات التى تتناولها الحملة، على سبيل المثال: (حكم العمل بمهنة المحاماة والالتحاق بكلية الحقوق، الاحتفال بالمولد النبوى، الاحتفال بالأيام الوطنية مثل 6 أكتوبر، بناء الكنائس، ترك الصلاة، هدم الآثار الفرعونية لأنها تماثيل، تحية العلم والوقوف حدادًا، إيداع الأموال فى البنوك، التصوير والرسم، شراء سيارة أو شقَّة عن طريق البنك).
وشهدت الحملة الكثير من ردود الأفعال الإيجابية من خلال مقالات لكبار الكتَّاب فى الصحف والمواقع، وكذلك "بوستات" نشرها الكثير من المتابعين على حساباتهم الشخصية لدعم حملة الدار والمساعدة فى انتشارها لإزالة الأفكار المشوهة التى رسخت لدى البعض.
ومن نماذج موضوعات الحملة التى ركزت عليها الدار مؤخرا كالتالي:
عن سعيد بن زيد رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ مِنْ أَرْبَى الرِّبَا الِاسْتِطَالَةَ فِى عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ» رواه أحمد وأبو داود. وفى هذا الحديث مبالغة فى التحذير من الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم من الاستطالة فى الأعراض أو استباحتها والخوض فيها، وَوَصَفَه بأنه ربا، بل بأنه "أربى الربا"، وهذا يقتضى أنه من أشد الجرائم جرمًا ومن أشنع الذنوب إثمًا. وإنما كانت الاستطالة فى الأعراض كبيرةً؛ لتعلقها بحقوق العباد ولذا استحق فاعله التوعد بالعقاب الشديد.
صلاة الحاجَة مستحبَّة، وتصلَّى ركْعَتَيْنِ يقرأ فيهما بالفاتحة وما تيسر، ثُمَّ يُثْنى على اللَّه ثم يصلى على النبى صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يدعو بالدعاء الوارد فى السنة.
صلاة الحاجة هى ما تُصلَّى لقَضَاء الحاجة، وجمهور الفقهاء على أنَّها مستحبة، وتصلَّى ركْعَتَيْنِ يقرأ المصلى فيهما بفاتحة الكتاب وما تيسَّر بعدها، ثُمَّ يُعقِب ذلك الثناء على الله تعالى والصلاة على النبى ﷺ، ثم يدعو الله بهذا الدعاء الوارد عن النبى ﷺ القائل فيه: «من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحدٍ من بنى آدم؛ فليتوضَّأ وليُحسِن الوضوءَ ثم ليصلِّ ركعتين ثم ليثنِ على الله وليصلِّ على النبى ﷺ، ثمَّ ليقل لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل برِّ والسلامة من كل إثم، لا تدعْ لى ذنبًا إلا غفرته ولا همًّا إلا فرَّجته ولا حاجةً هى لك رضًا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين» (رواه الترمذى وابن ماجه)، فهذا الحديث نصٌّ على عدد ركعاتها، وكيفيتها، والدعاء الذى يُقال فيها.
الجواب: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن مدَّة إقامة العزاء والتعزية ثلاثة أيام فقط، وأنَّ التعزية بعدها مكروهة، إلا لمن كان غائبًا ثم حضر، أو لمن لم يعلم بالوفاة إلا بعد مُضِى مدَّة من الزمن؛ لما فيه من إعادة الأحزان، وتكليف أهل الميت ما لا يُطيقون.
ولا مانع شرعًا من الاجتماع لِهِبَةِ ثواب عملٍ صالح للميت؛ كنحو إطعام الطعام، وتلاوة القرآن؛ سواء فى الأربعين أو السنوية أو غير ذلك.
الجواب: كفالة اليتيم من أجَلِّ الأعمال وأعظمها؛ لأنَّ فى الكفالة جبرًا لضعْف اليتيم، وقيامًا مقامَ عائله الذى فقده، وإنما ينجبر الضعف باستغناء اليتيم عن غيره وقدرته على القيام بنفسه، وهذا يقتضى أن الكفالة لا تتوقف بمجرد بلوغه، بل تستمر حتى استغنائه عن الناس وبلوغه الحدَّ الذى يكون فيه قادرًا على الاستقلال بشئونه والاكتساب بنفسه؛ فالكفالة باقية ما بقيت الحاجة إليها، وأجْرها مُستَمِرٌّ ما دام سببها باقيًا، والنظر فى هذا الأمر وتحديده يختلف باختلاف الزمان والمكان والحال، وإنما ينبغى تحقيق هذا المقصد وإن اختلفت الوسائل فى تحقيقه.
فور تحقق موت المُوَرِّث يستحق كل وارث نصيبه من التركة بعد أن يخصم منها نفقة تجهيز الميت وبعد قضاء الديون عنه وإنفاذ الوصايا متى ثبتت.
ولا يجوز لأى من الورثة الحيلولة دون حصول باقى الورثة على أنصبائهم المقدَّرة لهم شرعًا بالحرمان أو بالتعطيل، كما لا يجوز استئثار أحدِهم بالتصرف فى التركة دون باقى الورثة أو إذنهم؛ فمنع القسمة أو التأخير فيها بلا عذرٍ أو رضًا من الورثة محرَّم شرعًا لقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ فَرَّ مِنْ مِيرَاثِ وَارِثِهِ، قَطَعَ اللهُ مِيرَاثَهُ مِنَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». رواه ابن ماجه فى "سننه"، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ قَطَعَ مِيرَاثًا فَرَضَهُ اللهُ، قَطَعَ اللهُ مِيرَاثَهُ مِنَ الْجَنَّةِ» رواه البيهقى فى "شعب الإيمان".
سُمِّيت مصر بـ"أم الدنيا"، أو "أم البلاد وغوث العباد"؛ فبهذا سماها نبى الله نوحٌ عليه السلام؛ أخرج ابن عبد الحكم فى "فتوح مصر والمغرب" (ص: 27) عن عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما: أن نوحًا عليه السلام قال لابنه حينما أجاب دعوته: ((اللهم إنه قد أجاب دعوتي؛ فبارك فيه وفى ذريته وأسكنه الأرض المباركة، التى هى أم البلاد، وغوث العباد، التى نهرها أفضل أنهار الدنيا، واجعل فيها أفضل البركات، وسخِّر له ولولده الأرض وذلِّلها لهم، وقوِّهم عليها)) اهـ. وهذا الأثر ذكره جماعة من العلماء فى كتبهم، واحتجوا به على فضائل مصر، ومنهم: الحافظ الكندى فى "فضائل مصر المحروسة"، والمؤرِّخ العلَّامة البكرى فى "المسالك والممالك"، والمؤرِّخ العلامة ابن تغرى بردى فى "النجوم الزاهرة"، والحافظ السيوطى فى "حسن المحاضرة"، والعلامة المقريزى فى "المواعظ والاعتبار"، وغيرهم.
المرأة نصف المجتمع، وهى نظير للرجل فى إنسانيتها، ودَورها لا يقلُّ أهميَّةً عن دور الرجل؛ فهى نصف المجتمع وأم النصف الآخر، وقد جعل النبى صلى الله عليه وآله وسلم معيار خيرية الرجال مبنيًّا على حسن معاملة المرأة؛ فيقول: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ» رواه الترمذى فى "الجامع". ومن أجل ذلك شدَّد الإسلام على تحريم التحرش أو التعرض لها بأذى؛ فعن معقل بن يسار رضى الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَأَنْ يُطْعَنَ فِى رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أن يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ». رواه الطبراني.
دعا الإسلام إلى المحافظة على الإنسان؛ فجعل حفظ النفس من مقاصده الكلية التى جاءت الشرائع لتحقيقها، وارتقى بهذه المقاصد من مرتبة الحقوق إلى مقام الواجبات، فلم تكتفِ الشريعة الغرَّاء بتقرير حقِّ الإنسان فى الحياة وسلامة نفسه، بل أوجبت عليه اتِّخاذ الوسائل التى تحافظ على حياته وصحة بدنه وتمنع عنه الأذى والضرر. ومظاهر دعوة الإسلام للمحافظة على الإنسان كثيرة، منها: الأمر بالتداوى والوقاية من الأمراض، ومنها النهى عن قتل النفس بغير حق، وإنزال أشد العقوبة بمرتكب ذلك. ومنها النهى عن إلحاق الضرر بالنفس أو بالغير؛ فعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال: قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» رواه مالك فى الموطأ، والحاكم فى المستدرك، وغيرهما.