وتتبنى مصر موقفا من الحرب الروسية الأوكرانية يتسق مع موقفها المبدئي المتمسك بمقاصد ومواد ميثاق الأمم المتحدة، من حيث نبذ التهديد أو استخدام القوة في العلاقات الدولية، والجنوح إلى الوسائل السلمية لحل المنازعات، واحترام سيادة الدولة الوطنية ووحدة أراضيها، وهو ما دأبت عليه مصر عبر العقود السبعة الماضية، باعتبارها دولة مؤسسة للأمم المتحدة، وذلك دون أن تحيد عن هذه المبادئ أو تتنصل منها في أي مرحلة.
ولا شك أن الحرب الروسية الأوكرانية، أضعفت آفاق التعافي الاقتصادي بعد الجائحة لاقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية في المنطقة، كما أن الاقتصاد العالمي لا يزال يعاني من الضعف بسبب الحرب من خلال الاضطرابات الكبيرة في التجارة وصدمات أسعار الغذاء والوقود، وكلها عوامل تسهم في ارتفاع معدلات التضخم وما يليها من تشديد في أوضاع التمويل العالمية.
وشهد النشاط الاقتصاد في منطقة اليورو، وهي أكبر شريك اقتصادي للاقتصادات الصاعدة والنامية في أوروبا وآسيا الوسطى، تدهوراً ملحوظاً، من جراء تعثر سلاسل الإمداد، وزيادة الضغوط المالية، وتراجع ثقة المستهلكين ومؤسسات الأعمال، غير أن الآثار الأكثر ضرراً للحرب هي ارتفاع أسعار الطاقة في خضم انخفاضات كبيرة في إمدادات الطاقة الروسية.
ومع بداية الأزمة الروسية - الأوكرانية عملت الحكومة المصرية على وضع برامج طموحة وإصلاحات اقتصادية جريئة، وكذلك العمل على عدد من المسارات المتوازية لتحقيق الأمن الغذائى، حيث اتخذت المزيد من التدابير، والسياسات الزراعية، والإجراءات التنظيمية الأكثر عمقاً واتساعاً وتنوعاً لتأمين الاحتياجات الغذائية، والتخفيف من الضغوط الملقاة على عاتق الاقتصاد المصرى والمواطنين محدودى الدخل.
وتأهبت الدولة المصرية بكافة قطاعاتها مسرعة في وضع حلول استباقية للتداعيات والانعكاسات السلبية والسيناريوهات المحتملة، وذلك من خلال اتخاذ حزمة من الإجراءات لتخفيف آثار تلك الأزمة بمختلف جوانبها على المواطنين وتوفير الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجاً مع وضع التدابير والسياسات المالية والنقدية اللازمة لضبط الأسواق وضمان توافر السلع الاستراتيجية واستقرار أسعارها، إلى جانب تقديم حزم تحفيز مالية مختلفة، لتحسين أداء مختلف القطاعات ومرونة وجاذبية بيئة الأعمال والاستثمار، بما يسهم في تعزيز بنية الاقتصاد القومي، كما لم تغفل الدولة في خضم تلك الأحداث عن تقديم كافة أشكال الدعم والتأمين لأبنائها في أوكرانيا حتى عودتهم لأرض الوطن وتيسير إجراءات استكمال دراستهم العلمية .
ولتأثير الحرب على الاقتصاد المصري، اتخذت مصر خطوات عدة للاحتواء الأزمة وعلى رأسها: العمل على تعزيز السياحة، والمضي قدما في تطوير البنية التحتية من أجل أن تصبح مصر مركز إقليمي للطاقة، فضلا عن إطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة لتشجيع القطاع الخاص وغيرها من خطوات تسعى من خلالها الحكومة تقليل وطأة حرب قد تستمر إلى أجل غير مسمى.
ومن المعروف أن مصر لديها حالة خاصة فيما يتعلق بتأثير الحرب الروسية الأوكرانية عليها، نظرا للصلات التجارية والسياحية القوية بدول الأزمة وأوروبا؛ إذ أن 42% من إجمالي واردات مصر من الحبوب عام 2021 كانت من روسيا وأوكرانيا على سبيل المثال.
كما أن 31% من السياحة الوافدة لمصر خلال الفترة من يوليو 2021 حتى يناير 2022، وهناك تأثير كبير محتمل على إيرادات النقد الأجنبي من السياحة جراء تلك الحرب.
ووضعت الحكومة إجراءات للتعامل مع الأزمة، منها تعزيز دور القطاع الخاص، وتوطين الصناعات، والإعلان عن مشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة بمستهدف 40 مليار دولار خلال 4 سنوات، وخفض الدين العام، وطرح رؤية للنهوض بالبورصة، وتوفير السلع بأسعار مدعمة.
كما عملت حكومة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، على تبنى محاور تهدف إلى تعزيز دعائم الاقتصاد كأحد ركائز الأمن القومي المصري.
وأحكمت الحكومة قبضتها على الأسواق وتعزيز أدوات الرقابة عليها، حيث تم تكليف المحافظين بمتابعة حركة الأسواق وتوافر السلع المختلفة بها بصفة يومية، والتدخل الفوري لمواجهة حدوث نقص في أي سلعة، إلى جانب التأكد بصفة مستمرة أن الأسعار المطروح بها السلع تعتبر أسعار عادلة ولا توجد أي مغالاة .