لم تفلح كافة الجهود الأممية والوسطاء الإقليميين فى إخماد نيران الحرب الدامية فى السودان بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والتى تشهدها البلاد منذ منتصف أبريل 2023، امتدت لأغلب ولايات السودان، تأكل الأخضر واليابس تحصد آلاف الأرواح، تسببت فى أكبر كارثة إنسانية فى العالم.
تشير بعض التقديرات إلى أن ضحايا الحرب فى السودان قد تصل إلى 150 ألفا وفقا للمبعوث الأمريكى الخاص للسودان توم بيرييلو، بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص فى الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.
الحرب دفعت الملايين للنزوح فى الداخل والخارج ، وبحسب بيان هيئات نقابية سودانية سجل السودان قرابة 12 ملايين نازح داخل البلاد وخارجها منذ اندلاع المعارك، نزح نحو 9 مليونا إلى مناطق داخلية، ولجأ أكثر من 3 ملايين شخص لدول الجوار، ودمرت إلى حد كبير البنية التحتية للبلاد التى بات سكانها مهددين بالمجاعة.
وخلال موسم الأمطار، زادت الفيضانات من معاناة الملايين سواء نازحين أو غيرهم إذ أدت إلى نزوح أكثر من 20 ألف شخص منذ يونيو الماضى فى 11 ولاية من ولايات السودان الـ18، كما جرفت السيول البنية الأساسية الحيوية، مما أدى إلى تعطيل توصيل المساعدات الإنسانية الحيوية بشكل أكبر.
وحذرت من أنه "على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة، من المتوقع أن يواجه ما يقدر بنحو 25.6 مليون شخص انعدام الأمن الغذائى الحاد مع انتشار الصراع".
وأدت الحرب إلى تفسي الأوبئة، فقد أعلنت السلطات الصحية فى السودان عن تفشى وباء الكوليرا الذى أسفر عن وفاة ما لا يقل عن 22 شخصًا وإصابة أكثر من 300 آخرين فى الأسابيع الأخيرة من شهر اغسطس.
أدت الحرب لتدهورت الأوضاع الإنسانية بشكل كبير فى بلد كان يعانى أصلا من أزمة اقتصادية طاحنة، حيث حذرت منظمة إنقاذ الطفولة، من أن نحو 230 ألف طفل وامرأة (بينهن حوامل) مهددون بالموت بسبب الجوع ما لم يتم توفير التمويل العاجل، لإنقاذ الحياة للاستجابة للأزمة الهائلة فى السودان.
أكد تقرير صادر عن المعهد الهولندي للعلاقات الدولية أن السودان يشهد أسوأ مجاعة في العالم منذ 40 عاما ، ورجح أن 10 ملايين سوداني مهددون بالموت بحلول عام 2027 في حال عدم توقف الحرب.
ويعانى أكثر من 2.9 مليون طفل فى السودان من سوء التغذية الحاد، حسب تقرير مشترك للأمم المتحدة ووزارة الصحة السودانية ومنظمات أخرى غير حكومية.
ومن بين هؤلاء الأطفال، يحتمل أن يعانى أكثر من 100 ألف طفل من مضاعفات طبية مثل الجفاف وانخفاض حرارة الجسم ونقص السكر فى الدم، الأمر الذى يتطلب رعاية مكثفة ومتخصصة فى المستشفى للبقاء على قيد الحياة.
وتوقعت منظمة إنفاذ الطفولة أن يموت فى الأشهر المقبلة حوالى 222 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد وأكثر من 7 ألاف أم (ولدن حديثا)، إذا لم تتم تلبية احتياجاتهم الغذائية والصحية، موضحة أن هذه التوقعات تستند إلى مستويات التمويل الحالية لبرنامج التغذية الطارئة فى السودان، والذى يغطى فى الوقت الحالى 5.5٪ فقط من إجمالى الاحتياجات فى البلاد، مقابل 23٪ العام الماضى.
وحتى اليوم لم تفلح الجهود الدولية فى إخماد نيران الحرب، وكان آخرها محادثات جنيف فى اغسطس الجارى، والتى عقدت على مدار 10 أيام برعاية أمريكية، لم تضع أى افق واضح لحل الأزمة، ولاتزال المعارك الضارية تحصد المزيد من الضحايا فى ولايات السودان، وتتفاقم المأساة الانسانية مع موسم الفيضان وانتشار الأوبئة وفى ظل فشل المنظومة الصحية فى الوصول إلى كافة السودانيين وسط المعارك.