أصدرت محكمة طنطا الاقتصادية الدائرة الاستئنافية الأولى جنايات، حكما فريدا من نوعه، بالبراءة من تهمة الاتجار بالنقد الأجنبي، ورسخت خلاله لـ5 مبادئ قضائية بشأن القبض والتفتيش، والتعامل مع المصدر السرى، قالت فيه:
1-أن مجرد الحديث بين المتهمين وقيام الثاني بإعطاء المتهم مبلغ العملة الاجنبية ليس فيه ما يبرر القبض لعدم توافر المظاهر الخارجية التى تنبىء بذاتها عن وقوع الجريمة.
2-أن مجرد تلقي ضابط الواقعة من مصدرة السري الإشارة المتفق عليها بينهما والقبض على المتهم عقب ذلك، لا ينبىء بذاته عن إدراكه بطريقة يقينية لتحقق جريمة التعامل في النقد الأجنبي.
3-لا يملك ضابط الواقعة حجب المصدر السري عن الشهادة حيث صار شاهد إثبات رئيسي في الواقعة بعد أن استطال دوره من مجرد مصدر للتحريات الي طرف في اتفاق علي عملية تعامل في النقد الأجنبي، كما تعاظم دوره ليصبح متعاملا مع المتهم في النقد الأجنبي، وصار معلوما للمتهم، مما لا محل لحجبه عن المحكمة، إذ كان يتعين سماع شهادته بشأن الواقعة .
4- كما أن ضابط الواقعة حجب أفراد القوة المرافقة عن الشهادة دون مقتضي على الرغم بأنه قد شهد بأنهم حاضرين.
5ــ- شاهدة ضابط الواقعة بأن عملية التبادل تمت في شارع مكتظ بالمارة ينافي مقتضيات العقل والمنطق، ويخلف مفهوم اللزوم العقلي لما يتمتع به من يرتكب جريما من الحيطة والحذر .
صدر الحكم في القضية المقيدة برقم 174 لسنة 2023 جنايات إقتصادية أول شبرا الخيمة والمقيدة برقم 18 لسنة 2023 كلى اقتصادية جنوب بنها المقيدة برقم 56 لسنة 2024 جنايات اقتصادية طنطا، وبرقم 16 لسنة 2024 جنايات مستأنف طنطا الاقتصادية، لصالح المحامى بالنقض أحمد قناوى، برئاسة المستشار محمد حلمى محمد النجدي، وعضوية المستشارين محمد فاروق الغنيمي، وأحمد مصطفى مشرف، وبحضور وكيل النيابة سامح أيمن سليم، وأمانة سر محمد صلاح.
الوقائع.. القبض على شخص لاتهامه بالتعامل في النقد الأجنبى
تتحصل واقعات الدعوى في أن النيابة العامة أسندت للمتهم "أحمد. أ" لأنه في يوم 25 نوفمبر 2023 بدائرة قسم شرطة شبرا الخيمة، محافظة القليوبية:
أولا: تعامل في النقد الأجنبي على خلاف الشروط المقررة قانونا على النحو المبين بالتحقيقات.
ثانيا: تعامل في النقد الأجنبي عن غير طريق البنوك المعتمدة للتعامل فيه أو الجهات المرخص لها بذلك وقدمته إلى هذه المحكمة لمعاقبته طبقاً لمواد الاتهام الوارد بأمر الإحالة.
النيابة العامة تحيله للمحاكمة الجنائية العاجلة
وفى تلك الأثناء – أحالته النيابة العامة للمحاكمة الجنائية العاجلة، وطلبت معاقبته بالمواد "63/1، 225/1، 233/1، 4، 236" من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي رقم 194 لسنة 2020، وركنت في إثبات ذلك الاتهام قبل المتهم الى أقوال شاهد الاثبات الرائد شرطة "مصطفى يحيي"، بالإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة .
حيث شهد الرائد/ (مصطفى يحي) - بالإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة: بأنه وردت اليه معلومات أكدتها تحرياته السرية المستقاة من مصادره الموثوق بها تفيد قيام المتهم بالتعامل في النقد الأجنبي خارج نطاق السوق المصرفي مخالفا بذلك أحكام قانون البنك المركزي، وحال قيامه بتسطير محضر بالتحريات إتصل به أحد مصادرة السرية والمكلف بمتابعة المتحرى عنه، وأبلغه أن الأخير عرض عليه بيع مبلغ 5 آلاف من عملة الدولار الأمريكي بسعر 50 جنيه للدولار الواحد وهو سعر السوق السوداء، على أن يكون مكان تنفيذ الاتفاق بشارع "........" الاتجاه المقابل لبي تك - دائرة قسم أول شبرا الخيمة - محافظة القليوبية.
شهادة ضابط الواقعة
وتابع في شهادته: فقام بتدبير مبلغ من الجنيه المصري من أحد المصادر السرية الأخرى، ووضعه داخل حقيبة توحي لمن يشاهدها أنه يعادل قيمة المبلغ محل التعامل، وقام بالانتقال رفقة قوة من الشرطة السريين الى حيث المكان المتفق عليه سلفا، وقام بنشر القوات بطريقة مستترة وتقابل مع المصدر السري بمحيط مكان التعامل، وسلمه الحقيبة للتعامل بها، وانتظر مستقرا بالمارة ومستغلا لازدحام الشارع في ذلك الوقت، وعقب تقابل المصدر السرى مع المتهم وتبادل الحديث بشأن اتمام الصفقة لم يستطع سماعه، إذ كان على مسافة 3 أمتار من المتهم، قام الأخير بإخراج مبلغ من العملات الأجنبية " الدولار الأمريكي "، وقام بتسليمه للمصدر السري.
وأضاف: فقام المصدر السري بتسليمه الحقيبة التي بداخلها المبلغ المعادل من العملة المحلية، فقام المصدر السري بإعطائه الاشارة المتفق عليها، فقام وبصحبته القوات المرافقة بضبط المتهم وبحوزته مبلغ 5000 دولار أمريكي "خمسة آلاف دولار أمريكي "، وبتفتيشه عثر على مبلغ ألفي دولار أمريكي أخري، هاتف خلوي، وبمواجهته أقر بملكيته للمبالغ المالية المضبوطة بقصد الاتجار فيها خارج نطاق السوق المصرفي، وأضاف بأنه بالفحص المبدئي للهاتف الخلوي المضبوط حوزة المتهم تبين احتوائه علي العديد من المحادثات التي تفيد ممارسته للنشاط محل التأثيم .
وجود محادثات على الهاتف للإستفسار عن سعر العملة
وإذ أوري تقرير قسم البحوث الفنية بالإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة أنه بفحص الهاتف الخلوي الخاص بالمتهم وتحديدا تطبيق التواصل الاجتماعي ( Whatsapp ) تبين وجود العديد من المحادثات بين مستخدم الهاتف والعديد من الأشخاص للاستفسار عن سعر العملات الأجنبية بما يفيد بتعامل مستخدم الهاتف في النقد الأجنبي خارج نطاق السوق المصرفي .
المتهم ينكر الاتهامات الموجهة له
وباستجواب المتهم (أحمد. أ) - بتحقيقات النيابة العامة - أنكر ما اسند اليه من اتهام، وقرر بأنه ورده اتصال من شخص يعمل بصرافة النيل مبلغا إياه بأنه سيقوم باستبدال المضبوطات بسعر 50 جنيها للدولار الواحد، فعرض عليه الذهاب اليه بمكتب الصرافة، الا أن المذكور رفض بحجة أنه سيحضر اليه من منطقة فيصل وتواعدا على اللقاء بمكان الضبط، وعند اللقاء، حضر المذكور في سيارة، وطلب منه استقلالها رفقته، فسأله عن الدولارات، فأبلغه أنها معه، وعندئذ فوجئ بسبعة أشخاص يحيطون بالسيارة، وقاموا بضبطه مستخلصين ما معه من دولارات، بينما اختفي الشخطن الآخر، فاصطحبوه الإدارة الأموال العامة، وعلل ما ورد من محادثات على هاتفه الخلوي بأنها محض نقاشات حول أسعار العملات الأجنبية وليس الغرض منها التعامل في النقد الأجنبي، وأقر بملكية شقيقه للعملات الأجنبية المضبوطة .
محكمة أول درجة تقضى بسجنه 3 سنوات ومليون جنيه غرامة ومصادرة المضبوطات
وقدمت النيابة العامة المتهم للمحاكمة الجنائية، وبجلسات المحاكمة - مثل المتهم بوكيل عنه (محام) بموجب وكالة خاصة - أودعت بالأوراق - وشرح الدفاع، المحامى أحمد قناوى، الحاضر عن المتهم للمحكمة ظروف وملابسات الواقعة والتمس القضاء، ببراءة المتهم من الاتهام المسند اليه - تأسيساً على أوجه دفاع ودفوع حاصلها "بطلان القبض والتفتيش وما تلاه من اجراءات لانتفاء حالة من حالات التلبس المقررة قانونا، عدم وجود اذن حجب المصدر السري، انفراد محرر المحضر بالشهادة مشروعية حيازة المتهم للمضبوطات "، وقدم الدفاع الحاضر عن المتهم حافظة مستندات.
وبجلسة 7 أبريل 2024 قضت محكمة الدرجة الأولى حضوريا بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة 3 سنوات، وتغريمه مبلغ مليون جنيه مصري، ومصادرة العملات الأجنبية المضبوطة والهاتف الخلوي المضبوط، والزمته بالمصاريف الجنائية، وقد أسست محكمة الدرجة الأولى قضائها سالف البيان على اطمئنانها لما شهد به شاهد الاثبات من ضبطه للمتهم على النحو الوارد بأقواله، ولكون جريمة التعامل في النقد الأجنبي عمدية، فيتمثل ركنها المعنوي في القصد الجنائي بعنصريه العلم والارادة، فضلا عما تضمنه تقرير الفحص الفني للهاتف من محادثات تفيد التعامل بالنقد الأجنبي خارج نطاق السوق المصرفي، بما اطمأنت معه تلك المحكمة لتوافر أركان الجريمة في حق المتهم، مما حدا بها لانتهاج ادانة المتهم على النحو سالف البيان .
المتهم يستأنف الحكم لإلغاءه
ولما كان ذلك القضاء لم يلق قبولا لدي المتهم المستأنف، فطعن عليه بالاستئناف الماثل بموجب تقرير وقع عليه وكيله - بموجب التوكيل العام رقم 56 (ص) لسنة 2024 توثيق الزيتون - لدي قلم كتاب المحكمة بتاريخ 18 أبريل 2024 وتحدد لنظره جلسة 22 يونيو 2024، وبتلك الجلسة مثل المتهم بوكيل عنه (محام) بموجب وكالة خاصة - أرفقت بالأوراق، وشرح الدفاع الحاضر عن المتهم للمحكمة ظروف وملابسات الواقعة والتمس القضاء - ببراءة المتهم من الاتهام المسند اليه - تأسيساً على أوجه دفاع ودفوع حاصلها " بطلان القبض والتفتيش وما تلاه من اجراءات الانتفاء حالة من حالات التلبس المقررة قانونا، عدم معقولية تصور حدوث الواقعة، انفراد محرر المحضر بالشهادة، حجب المصدر السري، عدم جدية التحريات "، وقدم الدفاع الحاضر عن المتهم حافظة مستندات، ومن ثم قررت المحكمة حجز الاستئناف للحكم.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: لا يستقيم عقلا ولا منطقا أن يقف المتهم على قارعة الطريق مبرزا عملات أجنبية لشخص في شارع مزدحم بالمارة، بل ويقف ضابط الواقعة على مسافة ثلاثة أمتار منه ليشاهد تلك الواقعة، بل ويعجز الشاهد عن سماع الحوار الدائر بين المتهم والمصدر السري المزعوم . على نحو ما شهد به ضابط الواقعة بالتحقيقات - ثم ينتظر الشاهد تلك الاشارة المتفق عليها من المصدر السري ليداهم المتهم بالضبط، بما يقطع بأن الشاهد قد تلقي نبأ الجريمة من الغير، وهو المصدر السري المزعوم - إذ لو شاهد الجريمة مدركا اياها بإحدى حواسه ونيران الجريمة مستعرة أو دخانها مازال داخنا لقام بضبط المتهم فور ادراكه لحالة التلبس دونما انتظار لأى اشارة من المصدر السري، بما لا تقوم معه حالة التلبس المقررة قانونا والتي تبيح ضبط المتهم وتفتيشه.
المحكمة الاقتصادية تضع 5 مبادئ لإلغاء الحكم
وبحسب "المحكمة" أما وقد اتخذ شاهد الواقعة مما ورد بشاهدته من أفعال مادية أتاها المتهم ركيزة لضبط المتهم وتفتيشه، فانه يكون قد حاد عن جادة الصواب، بما يوصم اجراءات القبض والتفتيش الواقعين على المتهم وما تلاهما من اجراءات بالبطلان، ومن ثم لا يعتد بشهادة من قام بهذا الاجراء الباطل، أضف الى ذلك أن الثابت للمحكمة من خلال الاطلاع على الأوراق أنها قد خلت من تحديد سعر صرف العملات الأجنبية مقارنة بالعملة الوطنية، والمعلنة يوميا بمعرفة الجهات المختصة، حتى يستقيم معه الدليل قبل المتهم في الدعوى الماثلة، فضلا عن أن حيازة المتهم للمبالغ المالية المضبوطة بالعملة الاجنبية في حد ذاتها لا تقطع بوقوع الفعل المؤثم بشأن قيام المتهم بمباشرة أي عمل من أعمال البنوك أو التعامل في النقد الأجنبي عن غير طريق البنوك أو الجهات المرخص لها بالتعامل طبقا للقانون.
ووفقا لـ"المحكمة": بل ويخرج عن نطاق التأثيم القانوني - لاسيما أن النشاط المادي في كافة جرائم التعامل بالنقد الأجنبي يتمثل في القيام بعملية من عمليات النقد الأجنبي - أيا كان نوعها - سواء كان تعاملا أو تحويلا أو اعهادا أو مقاصة أو غير ذلك من العمليات التي بين النص نوعها، وهو ما خلت منه الأوراق وفقا لما سلف بيانه، فضلا عن عدم اطمئنان المحكمة إلى ما اثبته ضابط الواقعة بمحضر الضبط والى ما شهد به بتحقيقات النيابة العامة، بل ولا تعول عليه في تلك الدعوى طارحة اياه جانبا، كما لا تعول على ما اثبته ضابط الواقعة - استدلالا - من اقرار المتهم بارتكابه للواقعة، وتطرحه جانبا، إذ يعد ذلك الاقرار - ان صح - من قبيل الدليل المنعدم في حد ذاته، لاسيما وأن الأحكام الجنائية تبنى دائما على الجزم واليقين، لا على الشك والتأويل، كما لا تطمئن الجدية ما أجراه ضابط الواقعة من تحريات استغرقت سويعات قليلة على نحو ما شهد به ضابط الواقعة - فهي محض رأي المجربها، تخضع لاحتمالات الصدق والكذب والصحة والبطلان، وهي لا تعدو أن تكون مجرد قرينة معززة لدليل، فان انتفى الدليل وبقي التحري، فلا يمكن التعويل عليه للقضاء بالإدانة منفردا.
المحكمة تفند الدفوع
وأوضحت: أما وقد انتهت المحكمة - على نحو ما قد سلف - الى بطلان القبض والتفتيش الواقع على المتهم، فإن الدليل المستمد من ذلك القبض الباطل لا يمكن للتحري أن يقيم صلبه، ولا يقدح في ذلك ما ثبت من تقرير فحص الهاتف الخلوي الخاص بالمتهم والصادر عن قسم البحوث الفنية بالادارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة - والذي اتخذ منه الحكم المستأنف ركيزة لقضائه بإدانة المتهم، والذي أوري أنه بفحص الهاتف الخلوي الخاص بالمتهم وتحديدا تطبيق التواصل الاجتماعي ( Whatsapp ) تبين وجود العديد من المحادثات بين مستخدم الهاتف والعديد من الأشخاص للاستفسار عن سعر العملات الأجنبية، فإن المحكمة تشير إلى أن ذلك التقرير والذي أعد دون طلب من وزارة العدل جهة قضائية لها من الصلاحيات القانونية ما يبيح لها ندب أى جهة لفحص هاتف المتهم بسبيل يسبغ الشرعية على الدليل الرقمي المستمد من فحص هاتف المتهم - فانه وعلى الرغم من ذلك فأن تلك الرسائل لا تصلح في حد ذاتها دليلا على اتيان المتهم للفعل المكون للركن المادي للجريمة واتجاه ارادته وقصده الى ارتكابها.
لا سيما وأن الثابت للمحكمة من الاطلاع على تفريغ تلك المحادثات إنما أنصب على محض محادثات مفادها السؤال عن أسعار العملات - بررها المتهم لدي سؤاله بالتحقيقات بأنها محض نقاشات عن أسعار العملات الأجنبية لم تستطل لأي عمليات تعامل في النقد الأجنبي، ودون أن تتطرق من قريب أو بعيد للواقعة محل الاتهام، لا سيما وان آخر تلك المحادثات كان بتاريخ 15 نوفمبر 2023 أي قبل واقعة الضبط بما يقارب عشرة أيام، مما يجعلها منبتة الصلة بالواقعة محل الدعوي، وهو ما لا يمكن أن يقطع بارتكاب المتهم للفعل محل التأثيم، اذ لا يمكن اعتبار تلك المحادثات من الأفعال المادية المكونة للجريمة، بما يصير معه الدليل المستمد من أقوال ضابط الواقعة واهنا عن حمل لواء الادانة قبل المتهم، فصار كمن نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا، بما تخلص معه المحكمة الى أن الدليل المقدم في تلك الدعوى لا يصلح بحال لأن يبلغ حد الكفاية لإدانة المتهم بما أحاط به من ظلال كثيفة من الشكوك والريب، باعتبار أن أحكام الادانة يجب ان تبنى على الدليل الجازم واليقين المعتبر.
دليل الاتهام يجب أن يكون جادا ولن يكون جادا إلا إذا كان مؤكدا
وأن دليل الاتهام يجب أن يكون جادا، ولن يكون جادا إلا إذا كان مؤكدا، ولن يكون مؤكدا إلا إذا كان مؤثرا، ولن يكون مؤثرا إلا إذا كان منتجا في الدعوى، وهو ما خلت منه الأوراق على نحو ما سلف بيانه، الأمر الذي تتشكك معه المحكمة، ومن جماع ما تقدم في صحة اسناد الاتهام الى المتهم، إذ خلت الأوراق من وجود دليل يقيني مشروع يصلح لإدانة المتهم بمقتضاه على النحو المبين سلفا، ولما كان الأصل أن المتهم برئ إلى أن تثبت إدانته، وإذا قضى بالإدانة لابد أن يكون هذا القضاء مبنيا على اليقين الذي ينفى الأصل وهو البراءة، فالأحكام الجنائية لا تبنى على الشك وإنما على اليقين، وترتيبا على ذلك فإن الشك دائما يفسر لصالح المتهم، ذلك بأن الشك لا ينفى أصل البراءة مهما كان احتمال الثبوت ودرجته، وكان الدليل القائم في الأوراق قبل المتهم قد أحاط به الشك المريب، بما لا ينهض معه كدليل تطمئن اليه المحكمة على صحة الاتهام وثبوته في حقه، الأمر الذي يتعين معه على المحكمة ومن جماع ما تقدم القضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه من اتهام، عملا بنص المادة (304/1) من قانون الاجراءات الجنائية، ولما كان الحكم المستأنف قد خالف هذا النظر، فانه يكون خليقا بالإلغاء على نحو ما سيرد بالمنطوق .
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددا ببراءة المتهم (أحمد. أ) مما أسند اليه من اتهام.
5 مبادئ قضائية حول قضايا الاتجار فى العملة
5 مبادئ قضائية حول قضايا الاتجار فى العملة 2
5 مبادئ قضائية حول قضايا الاتجار فى العملة 3
5 مبادئ قضائية حول قضايا الاتجار فى العملة 4
5 مبادئ قضائية حول قضايا الاتجار فى العملة 5
5 مبادئ قضائية حول قضايا الاتجار فى العملة 6
5 مبادئ قضائية حول قضايا الاتجار فى العملة 7
5 مبادئ قضائية حول قضايا الاتجار فى العملة 8