"الإعفاء من العقاب فى قانون مكافحة المخدرات".. نصت المادة 48 من قانون المخدرات على أن: "الإعفاء من العقوبة المقررة في المواد 33، 34، 35 كل من بادر من الجناة بإبلاغ السلطات العامة عن الجريمة قبل علمها بها"، فإذا حصل الإبلاغ بعد علم السلطات العامة بالجريمة تعين أن يوصل الإبلاغ فعلا إلى ضبط باقي الجناة.
والإعفاء من العقوبة نوع من المكافأة منحها المشرع لكل من يؤدى خدمه للعدالة بمعاونة السلطات في التوصل الى مهربي المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة التي نص عليها قانون المخدرات بالمواد 33، 34، 35 فالإعفاء ليس إباحة للفعل أو محوا للمسئولية الجنائية، وإنما هو مقرر لمصلحه الجاني الذي تحققت في فعله وفى شخصه عناصر المسئولية الجنائية واستحقاقه العقاب.
الإعفاء من العقاب فى قانون مكافحة المخدرات
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية الإعفاء من العقاب فى قانون مكافحة المخدرات، خاصة وأن كل ما للعذر المعفى من العقاب من إثر هو حط العقوبة عن الجاني بعد استقرار إدانته ودون أن يمس ذلك قيام الجريمة في ذاتها أو اعتبار المجرم المعفى من العقاب مسئولا عنها ومستحقا للعقاب أصلا – بحسب الخبير القانوني والمحامى عمرو الريدى.
في البداية - الإعفاء مِن العقاب ليس إباحة للفعل أو محواً للمسؤلية الجنائية، بل هو مقرر لمصلحة الجاني التى تحققت في فعله وفي شخصه عناصر المسؤلية الجنائية واستحقاق العقاب، وكل ما للعذر المعفي من العقاب من أثر هو حط العقوبة عن الجاني بعد استقرار إدانته دون أن يمس ذلك قيام الجريمة في ذاتها – وفقا لـ"الريدى".
وفى الحقيقة إن مجرد اعتراف الجاني على نفسه بإرتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، قبل علم السلطات بها، لا يتوافر به وحده موجب الإعفاء، وذلك لأن مناط الإعفاء الذي تتحقق به حكمة التشريع كالتالى – الكلام لـ"الريدى":
1-تعدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء .
2-ورود الإبلاغ على غير المبلغ.
فضلاً عن أن الإعفاء الوارد بالمادة المذكورة قاصر على العقوبات الواردة بالمواد 33 و34 و35 من القانون المار ذكره، وضرورة التفرقة بين حالتي الإعفاء المنصوص عليهما في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960.
1-اشتراط أن يكون الإخبار عن الجريمة - في الحالة الأولى - قبل علم السلطات بها.
2-وجوب أن يتسم الإبلاغ عن الجريمة في الحالة الثانية الذي يتم بعد علم السلطات بها بالجدية والكفاية، وأن يوصل بالفعل إلى ضبط باقي الجناة، كون ما أدلي به الجاني لم يحقق غرض الشارع من ضبط باقي الجناة وكشف صلتهم بالجريمة المخبر عنها، وعدم أحقيته في الانتفاع بالإعفاء لتخلف المقابل المبرر له.
رأى محكمة النقض في الأزمة
جرى قضاء محكمة النقض على أن مناط الإعفاء الذي تتحقق به حكمة التشريع - وفقا للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 - هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء وورود الإبلاغ على غير المبلغ، بما مفاده أنه حتى يتوافر موجب الإعفاء يتعين أولا أن يثبت أن عدة جناة قد ساهموا في اقتراف الجريمة المبلغ عنها - فاعلين كانوا أو شركاء - وأن يقوم أحدهم بإبلاغ السلطات العامة بها فيستحق بذلك منحة الإعفاء المقابل الذي قصده الشارع وهو تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي الجرائم الخطيرة التي نص عليها القانون، فإذا لم يتحقق صدق البلاغ بأن لم يثبت أصلا أن هناك جناة آخرين ساهموا مع المبلغ في ارتكاب الجريمة فلا إعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع بعدم بلوغ النتيجة التي يجزي القانون عنها بالإعفاء وهو تمكين السلطات من الكشف عن تلك الجرائم الخطيرة.
تفرق المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 بين حالتين :-
الحالة الأولى: اشترط القانون فيها فضلا عن المبادرة بالإخبار أن يصدر هذا الإخبار قبل علم السلطات بالجريمة.
الحالة الثانية: لم يستلزم القانون فيها المبادرة بالإخبار بل اشترط في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة.
فالمقصود بالمبادرة في الحالة الأولى: هو المبادأة بالتبليغ عن الجريمة قبل علم السلطات بها، وذلك يقتضي أن يكون الجاني في موقف المبلغ عن الجريمة لا موقف المعترف بها حين يستجوب أو يسأل فيجزي على كشفه عن مرتكبي تلك الجرائم بالإعفاء من العقاب.
أما في الحالة الثانية: فإن موجب الإعفاء يتوافر إذا كان إخباره السلطات بالجريمة - وبعد علمها بها - هو الذي مكنها من ضبط باقي الجناة.
وإذا كان ضبط هؤلاء هو الغاية التي تغياها الشارع في هذه الحالة، فإنه يلزم أن يكون ذلك الإخبار قد اتسم بالجدية والكفاية، ووصل بالفعل إلى ضبط باقي الجناة الذين ساهموا في اقتراف الجريمة، فلا يكفي أن يصدر من الجاني في حق آخرين قول مرسل عار عن الدليل وإلا أنفسح المجال لإلصاق الاتهامات بهم جزافا بغية الإفادة من الإعفاء وهو ما ينأى عنه قصد الشارع، فإذا كان ما أدلى به الجاني لم يحقق غرض الشارع من ضبط باقي الجناة وكشف صلتهم بالجريمة المخبر عنها، فلا حق له في الانتفاع بالإعفاء المقرر بالمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 لتخلف المقابل المبرر له.
وفى هذا الشأن - محكمة النقض قالت في ذلك أن مفاد نص المادة 48/2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل، أن القانون لم يرتب الإعفاء من العقاب بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يسهم بإبلاغه إسهاماً إيجابياً وجدياً ومنتجاً في معاونة السلطات على التوصل إلى مهربي المخدرات، والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المواد 33، 34، 35 من ذلك القانون باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها المشرع لكل من يؤدي خدمة للعدالة، فإذا لم يتحقق صدق التبليغ بأن كان غير متسم بالجدية، فلا يستحق صاحبه الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التي يجزئ عنها بالإعفاء وهي تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي تلك الجرائم الخطيرة.