لم تكتفِ إسرائيل بحرب الإبادة التى ترتكبها فى قطاع غزة بل ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك حيث حكمت على أكثر من 5 ملايين لاجئ فلسطينى فى قطاع غزة والضفة الغربية وفى دول الشتات بالإعدام بقرارها حظر عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وهى المؤسسة الوحيدة التى تعنى باللاجئين الفلسطينيين منذ النكبة.
وقالت إيناس حمدان، مدير الإعلام بمكتب الأونروا بقطاع غزة فى تصريحات لـ"برلمانى" إن تصويت البرلمان الاسرائيلى "الكنيست" ضد الأونروا غير مسبوق ويشكل سابقة خطيرة، لافته إلى أن هذا التصويت يأتى كأحدث خطوة فى الحملة المستمرة ضد الاونروا.
يأتى هذا عقب تصويت الكنيست الأثنين الماضى بأغلبية ساحقة (92 مقابل 10)، على مشروع قانون يحظر نشاط الأونروا داخل إسرائيل، فى سابقة تؤدى إلى وقف أنشطة الوكالة داخل البلاد، وبعد إقرار القانون أصبح محظورا على أى مسؤول إسرائيلى إجراء اتصالات مع أونروا، ولن تتمكن وزارة الداخلية الإسرائيلية من إصدار تأشيرات دخول لموظفى الوكالة.
وقالت حمدان على إن هذه القوانين فى حال تم تطبيقها سيكون لها آثار كارثية على اللاجئين الفلسطينيين الذين يعتمدون على خدمات الأونروا، تلك الخدمات الوحيدة تنقذ حياة الملايين وخصوصا فى قطاع غزة الذى يعانى من حرب طاحنة منذ أكثر من عام.
وشددت مدير الإعلام بمكتب الأونروا إن مثل هذه الاجراءات قد تعرقل عمل الأونروا وخدماتها الاغاثية لقرابة 2 مليون شخص فى قطاع غزة، مشيرة إلى أن الأونروا هى العمود الفقرى للاستجابة الإنسانية فى قطاع غزة ودورها مهم أكثر من أى وقت مضى.
ولفتت حمدان إلى أن الأونروا هى المؤسسة الأممية الأكبر التى تدير الاستجابة الإنسانية، وهى الشاهد بالقضية الفلسطينية منذ قرابة 75 عاما، وتعمل فى مناطق العمليات الخمس "الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة والأردن ولبنان وسوريا"، وتشرف على تقديم الخدمات الإغاثية والتشغيلية وخدمات التنمية البشرية للفلسطينيين اللاجئين فى المخيمات بتلك الدول، والأونروا بمثابة العمود الفقرى للعمل الإنسانى الموجه للفلسطينيين، وتدير أكثر من 700 مدرسة فى مناطق العمليات وحوالى 139 مركز صحى تقدم من خلالها الرعاية الصحية الأولية للاجئين، فضلا عن عمليات الإغاثة وتقديم المساعدات الإنسانية والنقدية والخدمات الصحية والنفسية، والدعم النفسى والخدمات المتعلقة بصحة البيئة فى المخيمات.
وبالتالى أكدت على أن الدور الذى تلعبه الأونروا محوريا وجوهريا فى المنطقة، ويعتمد على تلك الخدمات التى تقدمها الأونروا لما يقرب من 5.9 مليون لاجئ فلسطينى فى مناطق العمليات الخمس، منوهه إلى أن الحاجة باتت كبيرة لخدمات الأونروا، ودعم وتعزيز عملها ضروريا أكثر من أى وقت مضى، وخصوصا فى قطاع غزة، وأى محاولة لتفكيك الوكالة سيخلف تأثيراً كارثياً على الاستجابة الدولية للأزمة الإنسانية فى القطاع.
واستمرارا لتداعيات الأزمة دوليا أعلنت النرويج أنها ستقترح على الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً لطلب رأى محكمة العدل الدولية بشأن قيام تل أبيب بحظر عمل وكالة "الأونروا" فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وقالت الخارجية النرويجية إن "هذه الخطوة تأتى رداً على قرار إسرائيل أمس الأول حظر عمل "الأونروا"، مشيرة إلى أن إسرائيل تعرقل دخول المساعدات التى تقدمها المنظمات الدولية للفلسطينيين سواء من الأمم المتحدة أو من دول أخرى.
وأكد برنامج الغذاء العالمى التابع للأمم المتحدة أن أكثر من 90% من سكان غزة سيواجهون بحلول شهر نوفمبر المقبل انعداما حادا فى الأمن الغذائى، معربا عن قلقه العميق إزاء التشريعات الإسرائيلية الجديدة التى تؤثر على "الأونروا"، تلك المنظمة التى لا غنى عنها فى مجال توفير المساعدات المنقذة للحياة فى غزة.
وأضاف البرنامج فى بيان عبر موقعه الرسمى أن "أنظمة الغذاء فى غزة انهارت إلى حد بعيد بسبب تدمير المصانع والأراضى الزراعية، بينما أصبحت المتاجر والأسواق شبه خاوية"، مشيرا إلى أن البرنامج يحذر من تحول الأزمة الإنسانية فى قطاع غزة إلى مجاعة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة قريبًا، مع اقتراب فصل الشتاء.
وأكد أن "لدينا حاليا نحو 94 ألف طن مترى من الغذاء، وهو ما يكفى لإطعام مليون شخص لمدة 4 أشهر، جاهزة للتوجه إلى غزة، نحن على أهبة الاستعداد لإيصال الإمدادات العاجلة إلى غزة، لكننا بحاجة إلى فتح المزيد من نقاط العبور الحدودية وتأمينها"، محذرا من عواقب وخيمة على الأشخاص الأكثر ضعفا إذا تم تنفيذ قرار حظر "أونروا".
كذلك قال مسئول بمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إن قرار إسرائيل بحظر عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بها، لن يؤدى إلا إلى تفاقم الأوضاع فى قطاع غزة.
ووفقا لقناة "سى إن إن" الأمريكية، قال أخصائى اتصالات الطوارىء لدى اليونيسيف "جو إنجلش" أنه لا توجد منظمة أخرى قادرة على الوصول إلى الأطفال والعائلات المحتاجة، أو تزويد المستشفيات والمراكز الصحية بالطواقم الطبية، والمدارس بالمعلمين، ووصف إنجلش، الحياة فى غزة بالصعبة للغاية، مؤكدا أنها ستصبح شبه مستحيلة إذا تم منع عمل "الأونروا".