》مكاسب الشراكة تنعكس على تجربة المسافر وتحسين الخدمات المقدمة للركاب، وزيادة الإيرادات..وعوائدها تمتد إلى التعليم والصحة
أكدت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن الطيران المدني أصبح صناعة عالمية، تسعى دول العالم إلى تطويره لما له من دور جوهري في جذب الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية المباشرة، ومساهم رئيسي في تحقيق التنمية الشاملة لكافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياحية، مشيرة إلى أنه انتقل مفهوم المطارات من كونه أحد مقومات البنية التحتية والتي تخدم نقل الركاب والبضائع جوًا إلى كونه مركز نقل متعدد الوسائط يضم أنشطة تجارية مختلفة، وهو ما دفع كافة دول العالم لتبني فكر إبداعي في نظم إنشائها وإدارتها، للحفاظ على ريادتها ضمن التصنيفات العالمية لشركات الطيران.
مكاسب شراكة القطاع الخاص في إدارة المطارات وتجاربها بالخارج
وشددت دراسة المركز المصري أن مشاركة القطاع الخاص في تشغيل وإدارة المطارات ليس بالأمر المستحدث، ولا ببدعة مصرية، فهناك عدد هائل من المطارات الدولية والتي تتمتع بسمعة وجودة دولية جيدة ويتم إداراتها من قبل شركات خاصة.
وذكرت أن الطرح لن يكون طرحًا للأصول، ويتوقع أن تشمل المرحلة الأولى من الطرح مطارات القاهرة الدولي وسفنكس والعلمين الجديدة وشرم الشيخ والغردقة، وتترقب كبرى الشركات العالمية المتخصصة في إدارة المطارات في العالم للطرح المصري.
واعتبرت أن إدارة المطارات المصرية من قبل شركات عالمية سيحفز شركات كبرى في مناطق مختلفة من العالم على تسيير رحلات مباشرة إلى مطارات مصر خاصة من أمريكا ودول أوروبا وشرق آسيا، فتفتح هذه التحسينات المجال أمام المزيد من الخطوط الجوية لتسيير رحلات مباشرة إلى وجهات جديدة، مما يعزز التواصل مع الأسواق العالمية، وبالتالي زيادة حركة نقل الركاب والبضائع والتدفقات السياحية وتعزيز النمو الاقتصادي، فقطاع الطيران له تأثير مباشر على العديد من القطاعات الاقتصادية الأخرى، مثل السياحة، والتجارة، والاستثمار، كذلك يعد خطوة هامة نحو جعل مصر مركزًا إقليميًا للنقل الجوي إقليميًا وعالميًا.
وشددت دراسة المركز المصري أن إدارة المطارات من قبل القطاع الخاص باتت توجهًا متزايدًا في العديد من الدول حول العالم، حيث أثبتت هذه التجربة نجاحًا ملحوظًا في تحسين كفاءة المطارات، وزيادة أرباحها، وتحسين تجربة المسافرين، وتتنوع أشكال عقود الشراكة مع القطاع الخاص في إدارة المطارات، بين عقود تشغيل وصيانة طويلة الأمد، أو عقود امتياز وإدارة وتشغيل، أو حتى الخصخصة الكاملة.
نماذج دولية ناجحة تطبق منهج إدارة القطاع الخاص للمطارات
ويشمل الواقع العالمي العديد من النماذج الناجحة لإدارة القطاع الخاص للمطارات في عدة دول، مثل: مطار هيثرو في لندن وهو واحدًا من أكثر المطارات كفاءةً في العالم، ليحتل المرتبة الثانية في حركة الركاب الدولية لعام 2018، كذلك مطار باريس شارل ديغول ويُعتبر من بين أكبر المطارات في أوروبا والعالم، حيث احتل المرتبة العاشرة في حركة الركاب الدولية لعام 2018، وأيضًا مطار سيدني بأستراليا، وهو واحد من بين أكثر المطارات ازدحامًا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ومطار إسطنبول بتركيا والذي أصبح يحتل المرتبة العاشرة ضمن تصنيف أفضل 100 مطار في العالم لعام 2024، كذلك مطار شانغي في سنغافورة والذي يُعتبر من أفضل المطارات وأيضًا مطار دبي الدولي والذي تم تطويره بشكل كبير من خلال شراكات القطاع الخاص، والذي أصبح يحتل المرتبة السابعة في تصنيف أفضل 100 مطار في العالم لعام 2024.
عوائد شراكة القطاع الخاص في تشغيل المطارات تمتد للتعليم والصحة
ولفتت إلى أن اللجوء للقطاع الخاص في إدارة المطارات لتحسين الكفاءة التشغيلية يأتي نظرًا لتميزه بسرعة اتخاذ القرارات وتقليل الهدر، وتسخير كافة موارده لتحقيق أكبر قدر من الربح من خلال تقديم خدمات متميزة تلبي احتياجات المسافرين، وتحسين تجربة المسافرين من خلال تسهيل كافة الإجراءات الروتينية والأمنية التي يقوم بها المسافر، ما يخلق بيئة مريحة وجاذبة للمسافرين، ويمكن في ذلك تبني أحدث الابتكارات والتكنولوجيات لتحسين كفاءة العمليات في المطارات، كما أن مثل هذه الإجراءات تسهم بشكل كبير في تحقيق إيرادات إضافية للدولة، يمكن توجيهها لدعم قطاعات أخرى في الدولة مثل التعليم والصحة، كذلك تسهم في استقطاب استثمارات كبيرة لتطوير البنية التحتية للمطارات.
تحديات قطاع الطيران المدني المصري وأهداف تطويره
وذكرت دراسة المركز المصري أنه رغم امتلاك مصر ما يزيد عن 20 مطارًا دوليًا عريقًا، وسعيها خلال السنوات القليلة الماضية لتطوير وإنشاء عدة مطارات، بتكلفة إجمالية تخطت 145.8 مليار جنيه حتى يونيو 2023، كان أبرزها مشروعات إنشاء مطارات جديدة كمطارات “العاصمة” و”سفنكس” و”برنيس” و”البردويل” و”العلمين”، إلى جانب تطوير عدد من المطارات القائمة كمطارات “الغردقة” و”شرم الشيخ” و”القاهرة” و”الأقصر”. باعتبارها استثمارًا استراتيجيًا له تأثيرات بعيدة المدى في مختلف القطاعات الاقتصادية والمستويات المحلية والإقليمية والعالمية، ورغم أهمية صناعة الطيران المدني ومساعي الدولة الأخيرة لتطوير صناعة الطيران المدني، إلا أن المطارات المصرية كانت وما زالت تعاني من تراجع جودة الخدمات المقدمة، الأمر الذي أدى لتكبد الشركات المصرية خسائر طائلة، ولخروج شركة مصر للطيران من التصنيف العالمي من قائمة أفضل 100 شركة عالميًا عام 2023 –رغم مرور قرابة 90 عامًا على إنشائها.
ولفتت إلى أنه من أجل التغلب على التحديات المزمنة التي تواجه صناعة الطيران المدني والمطارات المصرية، فقد تم وضع استراتيجية لتطوير المطارات المصرية بما يتماشى مع تحقيق رؤية الدولة المصرية 2030، تعمل على تحقيق 3 أهداف أساسية، تطبيق القواعد القياسية والتوصيات الدولية للأمن وسلامة الطيران المدني وحماية البيئة، تطوير ورفع كفاءة أداء العمل والتطوير المستمر للمنتجات (خدمات / سلع) وصولاً إلى المستويات العالمية لتحقيق رضا الأطراف المستفيدة وزيادة القدرات التنافسية، والاستثمار الأمثل للموارد البشرية والحفاظ عليها وتطويرها.
وأضافت دراسة المركز المصري أن الاستعانة بالقطاع الخاص في إدارة المطارات ليس بجديد على قطاع النقل الجوي وذلك وفقًا للقانون رقم 3 الصادر في عام 1997 الذي كان أحد نتائجه إنشاء مطار مرسى علم بنظام B.O.T فيسمح القانون رقم 3 لعام 1997 بإنشاء واستغلال المطارات أو أجزاء منها بواسطة القطاع الخاص، وسبق أن ادارت شركة فرابورت إيه جى الألمانية مطار القاهرة الدولي لمدة ٩ سنوات بدأت فى عام ٢٠٠٥ وانتهت عام ٢٠١٥.
وأشارت إلى أنه انطلقت المزاعم والشائعات والاتهامات من قبل الأبواق الإعلامية المعادية التي تزعم أن الدولة المصرية بصدد بيع مطاراتها، أو الادعاء بأن هذا الإجراء بمثابة تهديد للأمن القومي المصري، وتهديد للولاية والسيادة المصرية على أصولها، إلا أن الحكومة أكدت لأكثر من مرة أنها مهتمة بالشراكة مع القطاع الخاص في قطاع النقل، فالحكومة حريصة على أن يدير القطاع الخاص ويشغل مشروعات النقل المختلفة، كونه الأجدر لإدارة وتشغيل المشروعات والمرافق المختلفة، بما يسهم في تحسين الخدمات المقدمة للركاب، وزيادة الإيرادات.