فى إطار هذه الجهود، تمكنت الأجهزة الأمنية مؤخرًا من ضبط أحد الأشخاص فى محافظة الإسكندرية بعد ترويجه عبر مواقع التواصل الاجتماعى بقدراته المزعومة فى العلاج الروحانى وممارسة أعمال السحر والدجل على المواطنين.
وتبين أنه كان يستغل هذه الادعاءات للإيقاع بالضحايا، مطالبًا إياهم بمبالغ مالية مقابل "علاجات" لا أساس لها من الصحة.
فى الآونة الأخيرة، لم يعد النصب عبر السحر والدجل محصورًا فى الطرق التقليدية أو الممارسات التى تقتصر على بعض المناطق النائية، بل أصبح هناك تحول ملحوظ نحو استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة، مثل مواقع التواصل الاجتماعى، لنشر هذه الأوهام والخداع.
هذا التوسع فى استخدام الإنترنت يزيد من قدرة المتهمين على الوصول إلى ضحايا أكبر، وبالتالى يستفيدون من الإعلانات المباشرة وغير المباشرة لبيع الوهم، فالأدوات التى يتم ضبطها مثل الهواتف المحمولة تحتوى على أدلة دامغة تؤكد نشاطهم الإجرامى، مما يعكس مدى تعقيد الأساليب المستخدمة.
بالإضافة إلى الحملة الأمنية الناجحة ضد المتهم، كانت هناك العديد من العمليات الأمنية المماثلة التى أسفرت عن ضبط عشرات الأشخاص الذين يمارسون هذه الأنشطة فى مناطق مختلفة من الجمهورية.
وتمكنت وزارة الداخلية من تكثيف الجهود للحد من انتشار مثل هذه الجرائم من خلال تفعيل دور الإدارة العامة لحماية الآداب، التى تسعى جاهدة لتقديم الدعم اللازم للمواطنين والتصدى للجرائم من خلال الحملات الأمنية المستمرة.
تلك الحملات لا تقتصر فقط على ضبط المتهمين، بل تشمل أيضًا توعية المواطنين بمخاطر الوقوع ضحايا لهذه الأعمال، مما يساعد فى تقليل حجم انتشارها.
رغم الجهود المبذولة، إلا أن هذه الجرائم لا تزال تطرح تحديات كبيرة أمام الجميع، فالتكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعى تمنح المتهمين أدوات جديدة للإخفاء والتخفى، مما يصعب اكتشافهم أو ملاحقتهم بشكل فعال، لذلك، يتطلب التصدى لهذه الجرائم مزيدًا من التعاون بين أجهزة الأمن وشركات الإنترنت، بالإضافة إلى تفعيل القوانين التى تجرم هذه الجرائم بشكل أكثر صرامة.
بدوره، قال اللواء دكتور علاء الدين عبد المجيد الخبير الأمني: فى عصر تزداد فيه التحديات الاجتماعية والاقتصادية، تظهر جرائم من نوعية النصب باستخدام السحر والدجل والشعوذة كواحدة من أخطر الجرائم التى تهدد استقرار المجتمع وتماسكه، من خلال ترويج أوهام عن قدرات خارقة على علاج الأمراض، جلب الرزق، أو حتى حل المشكلات الشخصية، يقوم المحتالون بابتزاز المواطنين بطرق غير قانونية، ويحققون أرباحًا طائلة على حساب ضحاياهم.
وأضاف الخبير الأمنى فى حديثه لـ"اليوم السابع": يدّعى المتهمون قدرتهم على تقديمها: العلاج الروحانى، إرجاع المطلقة، جلب الحبيب، وزيادة الرزق، كما تتنوع الأساليب من الترويج للقدرة على حل الأمراض النفسية أو العضوية إلى تقديم "وصفات سحرية" لزيادة الحظ أو تحصين الأفراد ضد "العين" أو الحسد.
وتابع: على الرغم من أن الضحايا الرئيسيين لهذه الأنشطة هم الأفراد الذين يقعون فريسة لهذه الخدع، إلا أن تأثيراتها تمتد إلى المجتمع ككل.
وأشار الخبير الأمنى إلى أن النصب فى هذه الحالات غالبًا ما يعتمد على الأمل الكاذب، حيث يشعر الضحايا بالضعف أو العجز عن حل مشاكلهم، ويجدون فى "الروحانيات" وسيلة للهروب منها، إضافة إلى ذلك، هذه الجرائم تؤدى إلى تآكل الثقة بين أفراد المجتمع، حيث يزداد الشك فى النوايا الحقيقية للأشخاص والأطراف المختلفة، عندما يشعر الأفراد بأنهم لا يستطيعون التمييز بين الصادق والمحتال، قد يؤدى ذلك إلى توتر اجتماعى وانتشار القلق.
ونوه إلى أن النصب باستخدام السحر والدجل ليس مجرد فعل غير أخلاقى، بل هو جريمة يعاقب عليها القانون فى العديد من الدول، بما فى ذلك مصر، حيث يتم تجريم ممارسة الشعوذة والدجل فى إطار قانون حماية الآداب العامة، إلا أن المشكلة تكمن فى صعوبة ملاحقة هؤلاء المحتالين، خاصة فى ظل تزايد استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى كأداة لتمرير هذه الأنشطة، لكن وزارة الداخلية توجه لهم ضربات حاسمة وتحقق أعلى معدلات الضبط.
وتابع: كانت وزارة الداخلية فى طليعة الجهود الرامية إلى القضاء على جرائم الدجل والشعوذة، من خلال عمليات التفتيش الدقيقة وفتح التحقيقات مع المتهمين، تمكّنت الأجهزة الأمنية من ضبط العديد من الأشخاص الذين يمارسون هذه الأنشطة، وكذلك مصادرة الأدوات المستخدمة فى السحر والدجل، فقد شهدت الأعوام الأخيرة العديد من الحملات الأمنية التى أسفرت عن ضبط أشخاص معروفين فى هذا المجال، وفى إطار هذه الجهود، تعمل الوزارة على توعية المواطنين بالآثار السلبية لهذه الظاهرة وضرورة الابتعاد عن الأشخاص الذين يدّعون قدرتهم على التحكم فى مصيرهم أو علاج أمراضهم بطرق غير علمية.
وشدد الخبير الأمنى على أن مكافحة جرائم النصب باستخدام السحر والدجل لا تقتصر على القبض على المتهمين أو تطبيق العقوبات القانونية فحسب، بل تتطلب أيضًا وعيًا جماعيًا يشمل كل فئات المجتمع، فالحفاظ على استقرار المجتمع يتطلب أن يكون كل فرد على دراية بمخاطر هذه الأنشطة وأهمية الابتعاد عنها.وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التى تبذلها الأجهزة الأمنية، يبقى المواطن هو أول وأهم خط دفاع ضد هذا النوع من الجرائم التى لا تؤثر فقط على الفرد بل على المجتمع بأسره.