تتطور الأزمة بين الجنائية الدولية وإسرائيل بشكل سريع فبعد أن أصدرت مذكرات اعتقال بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يواف غالانت بتهم الإبادة الجماعية في قطاع غزة، بدأت تتحرك باتجاه ضباط وقيادات بالجيش الاسرائيلى والذين شاركوا في الحرب داخل القطاع وارتكبوا المجازر بحق المدنيين.
وخلال الساعات الماضية أصدر الجيش الإسرائيلي تحذيرات صارمة لضباطه وجنوده الذين شاركوا في العمليات العسكرية بقطاع غزة، بالامتناع عن السفر إلى الخارج خشية تعرضهم للتحقيق أو الاعتقال بناءً على قرارات المحكمة الجنائية الدولية.
وفى تقرير عبري قالت صحيفة يديعوت أحرونوت أن الجيش طالب من عدد من الجنود الذين كانوا متواجدين في دول مثل قبرص وهولندا وسلوفينيا العودة فورًا إلى إسرائيل خوفًا من ملاحقتهم قانونيًا، كما دعا الجيش جنوده إلى إزالة أي محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي يوثق مشاركتهم في حرب غزة، ومنعهم من نشر صور أو معلومات عن مواقعهم أثناء وجودهم خارج إسرائيل.
وأشار التقرير إلى أن هناك حوالي 30 شكوى وإجراءات قانونية ضد ضباط وجنود إسرائيليين تتعلق بمشاركتهم في الحرب على غزة، مما دفع المنظمات المؤيدة للفلسطينيين لإعداد "قوائم سوداء" بأسماء هؤلاء الجنود والضباط بهدف محاكمتهم.
في هذا السياق، قامت إسرائيل بتجنيد عشرات المحامين في دول مختلفة لتقديم الدعم القانوني لأي ضابط أو جندي في حال تعرضه للمساءلة أو الاعتقال.
وتعليقا على هذا التطور قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد "لن يحمي جنودنا من المحكمة الجنائية الدولية سوى إجراء تحقيق رسمي"، مضيفا :"هؤلاء الجنود يحموننا لكن الحكومة تتخلى عنهم لاعتبارات سياسية ضيقة".
وقبل أيام، دعا زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد إلى ضرورة وقف الحرب المستمرة في قطاع غزة، مؤكدًا أهمية التوصل إلى اتفاق يعيد الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، واعتبر لابيد، أن استمرار العمليات العسكرية دون تحقيق نتائج ملموسة يشكل خطرًا على إسرائيل، داعيًا إلى تبني مسار دبلوماسي يعيد الهدوء ويحقق المصالح الوطنية.
ولا تملك المحكمة الجنائية الدولية عناصر شرطة لتنفيذ قرارها، لكن الدول الـ124 الأعضاء فيها أصبحت ملزمة قانونا باعتقال نتنياهو وغالانت إذا دخلا أراضيها، وتسليمهما إلى المحكمة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقيهما، وعليه، كان مطلوبا من الجنود والضباط الامتناع عن نشر صور ومقاطع فيديو لهم وهم يشاركون بحرب غزة، حتى لا يتم استخدامها كدليل ضدهم في أي تحقيق جنائي،
وأردفت الصحيفة العبرية : “بعد أن فعل الكثير منهم نشر صور وفيديوهات، تم إعداد “قوائم سوداء” بشأنهم من جانب نشطاء في عشرات المنظمات المناصرة للفلسطينيين تعمل بشكل رئيس من أوروبا ولكنها منتشرة ضمن شبكة من النشطاء بجميع أنحاء العالم”.
وفسرت الصحيفة الطريقة التي يعمل بها النشطاء الدوليون المؤيدون للفلسطينيين في ملاحقة الجنود والضباط الإسرائيليين، وقالت: “إضافة إلى نشر أسماء وصور الجنود عبر الإنترنت، تراقب (هذه المنظمات) أيضا منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، على أمل أن ينشروا قصصا عن إجازتهم في بلجيكا أو زيارتهم إلى فرنسا أو رحلة إلى الولايات المتحدة أو الهند مثلا”.
واستطردت: “وفي تلك اللحظة يتم تقديم شكوى ضدهم إلى النيابة المحلية في الدولة التي يزورنها أو التماس إلى المحكمة للتحقيق معهم وتأخير مغادرتهم”.
وتابعت “ولهذا السبب، يُطلب من العسكريين الذين أبلغوا عن سفرهم إلى الخارج تجنب نشر مواقعهم في العالم، لكن رغم التحذيرات، إلا أن العديد من العسكريين لم يحذفوا منشورات حول مشاركتهم في حرب غزة”.
وقالت الصحيفة أن مكتب المدعي العام كريم خان لن يتعامل مع الجنود أو القادة الصغار، لأنهم نفذوا تعليمات تلقوها في ساحة المعركة، لكن المخاوف من أن تتخذ المحكمة الجنائية الدولية إجراءات ضد كبار الضباط الذين قادوا القوات، مثل قادة الفرق وقائد القيادة الجنوبية (غزة) أو قائد القوة الجوية، وبالتأكيد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي (هرتسي هاليفي).
وتعليقا على ذلك قال الجيش الإسرائيلي :"يمكن أن تستند الإجراءات الفردية ضد الجنود وصغار الضباط الذين يسافرون حول العالم إلى حكم المحكمة الجنائية الدولية، مع أسباب الحكم وما تُسمى الأدلة التي تم جمعها من الإنترنت ووسائل الإعلام"، وأضاف الجيش :"إذا تم القبض على جندي أو ضابط بالخارج أو طُلب منه المثول للاستجواب أو شعر أنه ملاحق أو يتم تصويره، فستقدم إسرائيل المساعدة القانونية الفورية عبر السفارة المحلية أو غرفة العمليات بوزارة الخارجية".
ولمواجهة هذا الخطر تم تشكيل فريق موسع مشترك بين الوزارات، بقيادة وزارتي العدل والخارجية وإدارة القانون الدولي بمكتب المدعي العام العسكري، كما استعانت إسرائيل بخدمات قانونية من محامين محليين في عشرات دول العالم، لرصد التغييرات في التشريعات والأحكام في هذه الدول فيما يتعلق بإسرائيل وقوانين الحرب المحلية، كما يشارك في الفريق المشترك بين الوزارات ممثلون عن الموساد والشاباك.
وكشف الجيش أن دولة جنوب إفريقيا أصدرت مذكرات تحقيق بحق قادة وجنود إسرائيليين يحملون جنسية جنوب إفريقيا أيضا، وبينهم ضابط كبير، مضيفا أنه في البلدان التي ليست أعضاء بالمحكمة الجنائية الدولية، مثل الولايات المتحدة والصين والهند، هناك تشريعات محلية بشأن قانون الحرب.
وكانت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، نشرت في تقرير لها ما لا يقل عن 11 وثيقة صورها جنود من الجيش الإسرائيلي خلال العام الماضي داخل غزة، وأوضحت أن "مقاطع الفيديو تتضمن، بين أمور أخرى، انفجارات وتدمير مبان وعمليات تهجير جماعي (لفلسطينيين) ومبان محترقة واعتقال فلسطينيين تم تجريدهم من معظم ملابسهم وتصريحات تفيد بأن مهمة الجنود في غزة هي الغزو والتهجير والاستيطان.
وأضافت الصحيفة الامريكية أن أسماء ووجوه جنود الجيش الذين يظهرون في المقال لم يتم التغطية عليها، لأنهم نشروا هذه المقاطع والصور على وسائل التواصل، مما يتسبب في أضرار جسيمة لإسرائيل وأضرار لأنفسهم، بينها خطر إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال.