الطائرات بدون طيار هي مركبات جوية يتم التحكم فيها عن بعد عن طريق جهاز تحكم أوتوماتيكي، وقد تحمل هذه الطائرات مواد أو أسلحة قاتلة أو غير قاتلة، لذلك فهي قد تستخدم في أغراض حربية وعسكرية أو في أغراض مدنية، وقد أصبحت الطائرات بدون طيار أداة فاعلة في الصراعات المسلحة، وذلك من خلال التنافس بين القوى الدولية على امتلاك هذه النوعية من الطائرات والعمل على تطويرها، وذلك نظراً لما تقدمه هذه الطائرات من قدرة فائقة على تغيير طبيعة الحروب.
وتلعب الطائرات بدون طيار دور إيجابي يتمثل في محاربة الجماعات الإرهابية كذلك في المجالات البحثية والعلمية، كما تلعب دور سلبي يتمثل في تأثيرها السلبي على المدنيين والأعيان المدنية، والدول مع زيادة التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم في السنوات الأخيرة، تسعى خاصة المتقدمة منها - حثيثاً على تسخير هذا التقدم في تطوير قدراتها العسكرية والأمنية، وتعزيز قدرات الردع لديها.
الوضع القانوني لمسيري الطائرات بدون طيار
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية الوضع القانوني لمسيري الطائرات بدون طيار، حيث تُعد الطائرات بدون طيار أو ما يطلق عليها الطائرات المسيرة أحد مظاهر هذا التقدم، حيث دأبت الدول والجماعات المسلحة على امتلاك هذا النوع من الطائرات لما تتمتع به من قدرات وتفوق ليس في الجانب العسكري فحسب، وإنما في الجانب التجاري والطبي والمسح الجغرافي، وغني عن البيان أن الطائرات المسيرة أضحت سلاحاً خفياً وأداة حاسمة للتجسس والأعمال العسكرية واللوجستية في نقاط الصراع الأساسية في المجتمع الدولي - بحسب الخبير القانوني الدولى والمحامى بالنقض الدكتور فارس إسماعيل العكروتى، الباحث في الذكاء الاصطناعي.
في البداية - تحولت الطائرات المسيرة إلى عنصر حيوي وحاسم في إبراز دور القوى المتنافسة على السيادة الإقليمية في المناطق الملتهبة بالصراعات المسلحة، وهو تنافس بيني تدور رحاه على رقعة ما في المجتمع الدولي، وتضحى محلاً لأطماع الدول الكبرى، من غير أن تكون هذه الأخيرة بحاجة إلى صدام خشن مباشر، وفى الحقيقة الفعل غير المشروع يشكل الأساس القانوني الموضوعي لإقرار المسؤولية الدولية عن استخدام الطائرات بدون طيار، وإذا كانت هذه النتيجة القانونية بديهية في حالات الخرق الواضحة التي تمس حدود الدولة، حيث يتبين مصدر الخرق ومن يقف وراؤه – وفقا لـ"العكروتى".
خرق حدود الدولة بواسطة هذه الطائرات
فإن الأمر بالنسبة لحالات استخدام الطائرات بدون طيار تطرح صعوبة وإشكال قانوني حقيقي، فقد يتم خرق حدود الدولة بواسطة هذه الطائرات التي قد لا تعرف جنسيتها في غياب طيار يقودها، وفي غياب أي معلومات حول مصدرها، خاصة وأن هذه الطائرات يمكن برمجتها وتوجيهها عن بعد بمئات الكيلومترات، ومن هذا المنطلق تنبع خطورة استخدام هذه الطائرات لأهداف غير مشروعة، والمأزق القانوني الذي يواجه إثارة المسؤولية الدولية عن هذه الأفعال إن انتهاك السيادة يشكل بحد ذاته فعل غير مشروع، ويترتب عنه إثارة المسؤولية الدولية – الكلام لـ"العكروتى".
وذلك من منطلق مبدأ تقرير المسؤولية عن الأفعال غير المشروعة دوليا، الذي تم إقراره على مستوى القانون الدولي كمبدأ أساسي من المبادئ العامة للقانون الدولي، وهو المبدأ الوارد في المشروع النهائي للجنة القانون الدولي حول المسؤولية الدولية، الذي نص في مادته الأولى على أن: "كل فعل غير مشروع دوليا تقوم به الدولة يستتبع مسؤوليتها الدولية"، وأضافت المادة الثالثة من المشروع أن: "وصف فعل الدولة بأنه غير مشروع دوليا أمر يحكمه القانون الدولي، ولا يتأثر هذا الوصف بكون الفعل ذاته موصوفا بأنه مشروع في القانون الداخلي" – طبقا لـ"العكروتى".
استخدام طائرات "الدرون" لخرق الحدود
ويبقى الإشكال حالة استخدام طائرات "الدرون" لخرق الحدود كفعل غير مشروع، الذي قد لا تعرف الدولة صاحبة الفعل، حيث نكون أمام وقوع ضرر وإخلال خطير ممثل في انتهاك السيادة، في ظل عدم تبيان المتسبب في الضرر، ويبقى احتمال اتهام الدولة المتضررة لدولة طرف آخر بالانتهاك والخرق لحدودها، لكن ومع ذلك يبقى تكييف هذا الاتهام مجرد اتهام، ماعدا لو ثبت للدولة المتضررة وبحجج دامغة المتسبب في الخرق، حيث تملك والحالة هذه إثارة المسؤولية القانونية الدولية للدولة التي قامت بالفعل غير المشروع – هكذا يقول خبير الذكاء الإصطناعى.
إن فرضية عدم تبيان المتسبب في الضرر حالة استخدام الطائرات بدون طيار، ورغم كونها قد تطرح بقوة ومسألة واردة من الناحية العملية، فإن البحث في أوجه الفعل وجوانبه العلمية والعملية، قد يحدد مصدر الفعل، والذي قد ينتج عن تصرف شخص أو مجموعة أشخاص، وهنا تبقى المسؤولية قائمة، وذلك في الحالة التي يكون فيها هذا الشخص أو مجموعة الأشخاص قد قاموا بالفعل بناء على تعليمات الدولة، أو بتوجيهات منها أو تحت رقابتها، حيث تضحي الدولة المعنية مسؤولة دوليا عن الفعل غير المشروع، وفقا لمقتضيات القانون الدولي.
مشغلى الطائرات المسيرة
أما مشغلى الطائرات المسيرة، فهم مقاتلون غير شرعيين هم مقاتلون ليسوا بزي رسمي أو شارات، على الأقل من أهدافهم المتمردة، يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية، ويستخدمون القوة المسلحة بما يتعارض مع قوانين وأعراف الحرب حتى لو كانوا يجلسون في لانغلي، فإن طياري وكالة المخابرات المركزية هم مدنيون ينتهكون شرط التمييز، وهو مفهوم أساسي للنزاع المسلح، لأنهم يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية.
لا فرق بين أن المدنيين من وكالة المخابرات المركزية يعملون من قبل، أو في خدمة حكومة الولايات المتحدة أو قواتها المسلحة، إنهم مدنيون لا يرتدون زيا رسميا أو علامة مميزة، وإذا قاموا بإدخال بيانات الهدف أو طياروا طائرات بدون طيار مسلحة في منطقة القتال، فإنهم يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية - مما يعني أنه قد يتم استهدافهم بشكل قانوني، علاوة على ذلك، فإن موظفي وكالة المخابرات المركزية المدنيين الذين يشاركون بشكل متكرر ومباشر في الأعمال العدائية قد يكون لديهم ما يسميه التوجيه الأخير من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وظيفة قتالية مستمرة.
التقييمات لحالة مشغلي الطائرات بدون طيار
وقبل تقييم هذه التقييمات لحالة مشغلي الطائرات بدون طيار التابعة لوكالة المخابرات المركزية، تجدر الإشارة إلى أن تركيزهم على عدم ارتداء الزي الرسمي أمر مضلل الغرض القانوني من ارتداء الزي الرسمي ليس المساعدة في الاستهداف القائم على الحالة للمقاتل خارج نطاق الأعمال العدائية الفعلية، ومبدأ التمييز لا يتطلب من المقاتلين ارتداء زيهم الرسمي باستمرار، و في الواقع، يرتدي معظم المقاتلين ملابس مدنية في معظم الأوقات عندما لا يكونون في الخدمة وعند التعامل مع السكان المدنيين على الرغم من أن المقاتلين لا يزالون مستهدفين في جميع الأوقات.
إلا أنهم لا ينتهكون مبدأ التمييز من خلال ارتداء ملابس مدنية خارج منطقة القتال الفعلي في الواقع ، يرتدي معظم المقاتلين ملابس مدنية في معظم الأوقات عندما لا يكونون في الخدمة وعند التعامل مع السكان المدنيين على الرغم من أن المقاتلين لا يزالون مستهدفين في جميع الأوقات، إلا أنهم لا ينتهكون مبدأ التمييز من خلال ارتداء ملابس مدنية خارج منطقة القتال الفعلي.
الغرض القانوني من ارتداء الزي الرسمي
الغرض القانوني من ارتداء الزي الرسمي هو ضمان أنه خلال الأعمال العدائية الفعلية الوقت الذي يُرجح فيه إطلاق النار على المقاتلين يمكن تمييز المقاتل بسهولة عن السكان المدنيين، ويتطلب مبدأ التمييز أن تحمل الطائرات العسكرية والطائرات المسيرة علامات تشير إلى طبيعتها العسكرية لمنع الخطأ في التعرف عليها وتقليل احتمالية توجيه النيران إلى الطائرات المدنية من المؤكد أن تمويه طائرة بدون طيار في صورة طائرة مدنية ينتهك مبدأ التمييز، ولكن نظرًا لأن مشغل الطائرة بدون طيار على بعد آلاف الأميال من المكان الذي تشن فيه الطائرة بدون طيار هجومها، فإن الملابس التي يرتديها مشغل الطائرة وقت الهجوم لن تكون ذات صلة بمبدأ التمييز، كما هو موضح أدناه، حيث يتوقف وضع مشغلي الطائرات بدون طيار على اعتبارات أكثر جوهرية من الملابس التي يرتدونها.