بينما تمتد قوافل الشاحنات عبر الطرق المؤدية إلى معبر رفح، تبرز صورة من صور التضامن الإنسانى بين الشعبين المصرى والفلسطيني، حيث يتسابق السائقون حاملين معهم مساعدات ضرورية لشعب غزة الصامد، تلك الشاحنات التى تصطف على الطرق المؤدية إلى معبر رفح من مدينة العريش، تعكس مشهدًا إنسانيًا يجسد الشراكة بين الشعوب العربية والعالمية فى تقديم الدعم والمساعدة.
شوارع العريش، طريق المطار، وطريق العريش رفح، جميعها تعج بالشاحنات المملوءة بالمساعدات فى انتظار الدور للعبور إلى غزة لتخفف عن أهلها وتمدهم بما يحتاجون إليه، هذا الاصطفاف الطويل لا يمثل مجرد شاحنات عابرة، بل هو شريان حياة يشع من خلاله الأمل إلى قلب غزة المحاصرة.
بالرغم من الانتظار الطويل، إلا أن السائقين لم تفقدهم الأمل، بل كانوا فى غاية السعادة لتلك اللحظة التى سيعودون فيها إلى غزة، محملين بالمساعدات اللازمة لتخفيف معاناة الأشقاء الفلسطينيين، منذ اندلاع أحداث غزة فى أكتوبر 2023، لم تتوقف قوافل المساعدات القادمة من كافة محافظات مصر، وقبيل كل عملية دخول، تقف شاحنات المساعدات أمام معبر رفح، فى حالة استعداد تام للانطلاق، ليجد السائقون فى هذه اللحظات لحظة تضامن إنسانى تشحنهم بالحيوية.
يعيش السائقون حياة على الطرق الممتدة بين العريش والمعبر، حيث يقضون ساعات طويلة فى انتظار اللحظة الحاسمة التى يعبرون فيها إلى غزة. يجتمعون فى جلسات سمر وسهر، يتشاركون معًا الأحاديث والأمانى بأن تصل المساعدات إلى من يحتاجها فى غزة، ويروون قصصهم ويشعرون بأنهم جزء من حركة إنسانية عظيمة.
محمد عشماري، أحد السائقين القادمين من محافظة الشرقية، يروى تجربته التى امتدت لأكثر من 90 يومًا. يقول: "منذ أن تحركت بشاحنتى فى البداية، وأنا أنتظر هذه اللحظة. قضيت الأيام الماضية فى العريش، ثم انتقلت إلى ساحة معبر رفح، واليوم أشعر بسعادة كبيرة لأننى سأدخل غزة حاملًا المساعدات إلى أشقائنا هناك".
محمد لم يكن وحده فى هذا الانتظار، فهناك العديد من السائقين الذين يتنقلون بين محطات الانتظار على أمل دخول غزة لتوزيع المساعدات الضرورية.
عطية الهلالي، سائق شاحنة قادم من المنصورة، عبّر عن فرحته العارمة بعد أن انتظر لمدة شهر كامل فى العريش. شاحنته محملة بالمواد الغذائية التى يحتاجها الشعب الفلسطينى بشدة. قال عطية: "قلبى مع أهل غزة. نحن هنا لنساعدهم فى تخفيف معاناتهم، وسأظل أسابق الزمن من أجل لحظة الانطلاق إلى هناك. أنا متأكد أن هذا ما أتمناه، وأشعر بالفخر لأننى جزء من هذه المهمة الإنسانية العظيمة".
أحد السائقين الذين شاركوا فى القوافل الإنسانية لم يتردد فى التعبير عن مشاعره تجاه غزة. قال: "الله ينصر أهل غزة ويزيدهم فرحًا، فهذه المساعدات هى رمز لإرادتنا فى دعمهم، ومساندتهم فى محنتهم. الحمد لله أن فلسطين انتصرت، ونحن هنا لنكون جزءًا من هذا الانتصار".
أحمد على إبراهيم، سائق آخر قادم من طنطا، يحمل شاحنته محملة بالبطاطين التى يحتاجها أهل غزة لمواجهة فصل الشتاء القارس. أحمد الذى انتظر 45 يومًا للدخول إلى غزة، يقول: "شعور لا يوصف أن أكون جزءًا من هذه القوافل الإنسانية. نحن هنا من أجل أن نمد يد العون إلى أهل غزة، ومن أجل أن نقدم لهم الأمل فى غدٍ أفضل. أتمنى أن تصل هذه المساعدات وأن تساهم فى تحسين حياتهم".
مع الإعلان عن بدء إدخال المساعدات، يزداد الحماس والتفاؤل بين السائقين. تراهم يجهزون شاحناتهم، ويضعون فى قلوبهم أملًا كبيرًا فى أن تكون تلك المساعدات سببًا فى تخفيف معاناة أهل غزة. بين فرحة دخولهم وقلوبهم مع أهالى غزة، يعيش هؤلاء السائقون أروع لحظات التضامن مع الشعب الفلسطيني.
الجهود التى يبذلها الهلال الأحمر المصرى فى تنظيم هذه القوافل لا تقتصر فقط على نقل المساعدات، بل تشمل أيضًا تنسيق عمليات التفتيش والتحميل وفق المعايير الدولية. هذه العمليات يتم تنفيذها بدقة عالية، حيث يقوم المتطوعون فى المراكز اللوجستية بتفريغ الشاحنات وتوزيع المساعدات حسب الحاجة. ويؤكد المسؤولون فى الهلال الأحمر أن هذه المساعدات تأتى من مصادر متعددة، بما فى ذلك المساعدات التى تقدمها الدول العربية والأجنبية، والمنظمات الإنسانية الدولية.
على الرغم من الصعوبات التى يواجهها السائقون، إلا أن رحلتهم مستمرة. هم لا يتوقفون عن إظهار أروع صور التضامن الإنساني. مع كل شاحنة، ومع كل قافلة، يتجدد الأمل. وبينما تتراكم الشاحنات أمام بوابة معبر رفح، هناك قلوب مترقبة، تنبض بالأمل والتضامن، لتعبر نحو غزة محملة بالأمل، وتعود محملة بحكايات الأمل والصبر.