لحظات حاسمة يمر بها العالم العربى يتطلب اتحادا قويا فى مواجهة التحديات، فرغم قوة التيار الأمريكى الإسرائيلى الراغب فى القضاء على القصية الفلسطينية واقتلاع أهلها من أرضهم وتهجير أهالى قطاع غزة لدول عربية منها مصر والأردن، إلا أن اتحاد العرب على كلمة واحدة وتقديم خطة واحدة مدعومة عربيا وإسلاميا هو السبيل الوحيد لإحباط كل المخططات أيا كانت شدتها.
هذا ما أكده وزير الدولة الأردنى السابق للشؤون القانونية، محمود الخرابشة فى حوار خاص، بل وشدد على أن العرب هم الأجدر بإعادة إعمار غزة، لافتا إلى أن العرب يعلقون آمالا كبيرة على القمة العربية الطارئة التى ستعقد نهاية فبراير فى القاهرة، مؤكدا أن التنسيق بين مصر والأردن فى هذا الملف يسير على أعلى المستويات وأن هناك اتساقا فى المواقف برفض التهجير وأن الحل هو إقامة دولة فلسطينية على حدود 67.
بداية كيف تقييم التحرك العربى خلال الأيام الماضية فى مواجهة الخطط الأمريكية الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين؟
فى الحقيقة التحرك العربى خلال هذه الفتره يجب أن يكون أكثر فاعلية وتأثيرا فى كل من المحيط الإقليمى والدولى لمواجهة المخططات الأمريكية الإسرائيلية والتى تهدف لتهجير الشعب الفلسطينى واقتلاعه من أرضه، وأن يتم التنسيق بين الموقفين العربى والإسلامى، والتنسيق بين تحركاته لمواجهة هذا المخطط العنصرى الذى يصل إلى حد التطهير العرقى وخطورته، وإخلاله بالسلم والأمن فى المنطقة والإقليم، وبالتالى على العالم التصدى لهذا الموقف الأمريكى الذى تفوق على موقف اليمين الإسرائيلى المتطرف، وهو مخطط يعطى فرصة لعودة التنظيمية الإرهابية ويؤدى حتما إلى دخول المنطقة بأكملها فى دوامة من العنف والإرهاب.
هل يمكن التصدى عربيا لكل الضغوط الأمريكية على الدول العربية لصالح إسرائيل؟
نعم يمكن التصدى وبكل حزم للموقف الأمريكى المنحاز بشكل واضح لصالح إسرائيل على حساب الفلسطينيين وشعوب المنطقة، خاصة أن هناك رفضا عالميا للموقف الأمريكى المنحاز كونه يخالف القانون الدولى ويخالف كل المواثيق والاتفاقيات الدولية، وكذلك ميثاق الأمم المتحدة الذى يرفض التهجير القسرى للسكان ويعتبره تطهيرا عرقيا.
وبالإضافة لذلك يمكن تبصير أمريكا بأن موقفها يؤثر على مصالحها وعلاقتها مع المنطقة وشعبها، خاصة أن لها قواعد عسكرية ومصالح سياسية واقتصادية فى المنطقة.
هل تعتقد أن المؤسسات الأمريكية ستؤيد موقف ترامب وأن مقترحاته ستجد صدى لدى الكونجرس والبنتاجون وغيرها من مؤسسات الإدارة الأمريكية؟
لا الحقيقة هناك معارضة وانتقاد كبير لتصرفات وتصريحات ترامب سواء لدى بعض وسائل الإعلام أو بعض أعضاء الكونجرس أو النواب حيث إن بعضهم قد دعا لعزل الرئيس وبعضهم وصف تصرفاته بأنها تلحق الضرر بأمريكا ومصالحها، كما أن تصريحات وأوامر ترامب قد لاقت نقدا كبيرا من الأمم المتحدة والتى أشارت إلى أن ترحيل الفلسطينيين القسرى محظور تماما وكذلك منظمة العفو الدولية والتى وصفت تصرفات الرئيس الأمريكى بأنها عبثية وغير شرعية وكذلك الاتحاد الأوروبى الذى علق على تصريحات ترامب بأنها تخل بالأمن والسلم الدوليين وبأن الأمن الحقيقى لا يأتى إلا بالسلام الحقيقى.
وخرجت من بعض النواب بمجلس النواب الأمريكى دعوات لعزل الرئيس ترامب، كما قالت السيناتور الديمقراطية إليزابيث وارن بأن تصريحات ترامب عبثية، ولا تمثل قيم الولايات المتحدة، وكذلك قال السيناتور كريس كونز بان ما قاله ترامب يؤكد عدم درايته بالعمل الدبلوماسى، وهذا يؤكد أن هناك معارضة لترامب من الداخل كما أن هناك معارضة عالمية.
ملك الأردن أكد أن هناك خطة بديلة من مصر مدعومة عربيا لإعادة إعمار غزة.. كيف يمكن قراءة هذا المقترح وهل سينجح للتصدى لتهجير الفلسطينيين؟
الخطه المصرية المدعومة عربيا لها دور كبير فى التصدى لمقترحات ترامب، وفيما يتعلق بإعادة إعمار غزة ويمكن تفعيل هذه الخطة وتطويرها ودعمها عربيا وإسلاميا لإعادة إعمار القطاع، حيث ستكون خطة بديلة، وتحرج ترامب، خاصة أنها مقدمة من مصر ومدعومة عربيا وإسلاميا.
ماذا نتوقع من القمة العربية الطارئة التى ستعقد فى القاهرة نهاية فبراير؟
القمة الطارئة التى ستنعقد فى 27 من الشهر الحالى والتى سيسبقها قمه خماسية تضم الأردن ومصر والسعودية والإمارات وقطر يعول عليها كثيرا بأن تكون بمستوى التحديات، وأن يكون هناك إجماع عربى والخروج بالتأكيد على الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية وضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية وتفعيل اتفاقيات السلام الموقعة مع إسرائيل، والتأكيد على حق الشعب الفلسطينى بممارسة سيادته على أرضه وتمكينه من إقامة دولته المستقلة على حدود 4 يونيو 1967.
بصفتك رجل قانون قبل أن تكون مسؤولا عربيا.. كيف ترى مقترحات ترامب بتهجير الفلسطينيين لمصر والأردن فى ظل القانون الدولى والإنسانى؟
مقترحات ترامب غير قانونية ولا إنسانية وبعيدة عن الواقع والقانون ولا يمكن تطبيقها ولا تليق بدولة عضو دائم فى مجلس الأمن ولها حق النقض «الفيتو» والتى يفترض أن تهتم بالسلم والأمن الدوليين وألا تنحاز بشكل فاضح لصالح كيان محتل على حساب الشعب الفلسطينى صاحب الأرض، والحق فى ممارسة سيادته على أرضه.
فى رؤيتك كيف يمكن أن يتكاتف العرب لإعادة إعمار غزة وإحباط المخططات الصهيونية؟
أمر فى منتهى البساطة أن يدرك العرب خطورة المرحلة والتحديات التى يواجهونها مما يفرض عليهم توحيد صفوفهم وحشد قواهم ونبذ أية خلافات أو اختلافات للدفاع عن وجودهم وحقوقهم واستغلال كل الظروف لتحقيق وحدتهم والوقوف فى وجه المخططات الإسرائيلية الأمريكية التى تستهدفهم.
والعرب هم الأقدر والأجدر على إعادة إعمار غزة وحشد الدعم الدولى لهذا الإعمار مع بقاء سكانها ودون تهجيرهم، والعرب لديهم الإمكانيات المادية وغيرها التى تؤهلهم لهذا الدور.
إلى أى مستوى يسير التنسيق بين الأردن ومصر فى الملف الفلسطينى خاصة فى ضوء زيارة الملك عبدالله لواشنطن؟
التنسيق الأردنى المصرى فيما يتعلق بالملف الفلسطينى منسجم تماما يكاد يكون متطابقا من حيث رفض التهجير والتوطين ومن حيث دعم وإسناد الشعب الفلسطينى لنيل حقوقه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس على حدود 4 يونيو 1967، وذلك ظهر فى تصريحات ملك الأردن عبدالله الثانى خلال لقائه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالبيت الأبيض، تجاه «رفض التهجير»، كما أن الشعبين المصرى والأردنى يقفان بكل قوة خلف القيادة السياسية للبلدين لإفشال كل المخططات الإسرائيلية والأمريكية ولا يمكن أن يكون هناك سلام فى المنطقة إلا بحل الدولتين، وكذلك هناك توافق رسمى وشعبى بين البلدين بخصوص كل تفاصيل القضية الفلسطينية.
كيف ترى مستقبل الهدنة فى غزة فى ظل دعوات ترامب للتهجير وانتهاكات إسرائيل للاتفاق؟
أعتقد أن استمرار الهدنة مصلحة مشتركه للجانبين وكل منهما يحرص على استمرارها ولا مصلحة لأى منهما بانهيار الهدنة حاليا وكذلك اعتقد بأن الإدارة الأمريكية تحرص على استمرارها، وإذا انهارت الهدنة ستعود الحرب وقد تأخذ أبعادا أكثر مما كانت عليه وسيكون الثمن باهظا على الطرفين لأن إسرائيل لم تحقق أى هدف من الأهداف التى كانت تسعى إليها من خلال الحرب.