مع بداية شهر رمضان، وبالتحديد مع انطلاق مدفع الإفطار يبدأ الالتهام، وتمتلئ البطون، وكلنا في سباق هائمون بين قناة وأخري، فهذا مسلسل أنتظره، وتلك قصة أشتقت لرؤيتها علي التلفاز، أما أنا وبحكم القوة الجبرية التي نلقاها في بيوتنا من أولادنا لا نمنح حق تقرير المصير في مشاهدة التلفاز - نتفرج علي اللي بيتفرجوا عليه – وذلك كله تحت وطأة مقولة: (أنا عايز رامز.. لا أنا عايز البرنامج الجديد مدفع الإفطار)، وأنقسمنا لفرقين لأي منا الغلبة لا نعرف حتي سرق أحدنا الريموت وحول دون سكوت (هنتفرج علي رامز).. هكذا بدأ الخبير القانوني والمحامى بالنقض أحمد عبدالقادر سرد أول موقف له مع أبناءه في شهر رمضان المعظم .
وتابع "عبدالقادر": "بدء البرنامج يبث إلينا ونحن علي أهبة الاستعداد لمعرفة الضيف، وبعد طول أنتظار وتقديم الاسرار عرفنا من المختار، وبدء البرنامج في استعراض فقرته وكالعادة سبا وشماته وتفصيل لا تنبغي أن تذاع، وأنتهي البرنامج وسط ضحات الصغار الذين أنصرفوا بعد ذلك في أعمالهم اليومية - إلي هنا - أنفضي السامر وجلست بمفردي أحتسي قهوتي، وأتذكر ما فات من مشاهد للبرامج التي نشاهدها، ولكوني محاميا لم يمر علي ما رائيته مرور الكرام، فيأبي العقل أن يستساغ ما يتلقاه دون التعليق عليه، فأثناء البرامج المذاع وجدت مقدم البرنامج يلقن الضيف بعض العبارات في فقرة سميت (فرض السطوة) بأنه يتعهد بألا يتعرض لمقدم البرنامج وأن ذلك الضيف موافق مبدائيا علي كل ما يحدث له في الحلقة" .
واستطرد: "وهنا تذكرت أو أفترضت حال - لا قدر الله - أن سقط الضيف من هذا الارتفاع وحدث له أصابة - لا قدر الله - فهل ما أقره من تعهد يعفي البرنامج ومقدمه من المسألة القانونية، وهذا حديثي اليوم حول الاقرار وعيوب الإرادة".
ما هو الاقرار؟
يُجيب "عبدالقادر": الاقرار هو أعتراف الشخص بوجود واقعة أو حق لاخر في ذمته أو نفيه ونصت المادة 104 من قانون الاثبات علي أن:- (الإقرار حجه قاطعة علي المقر)، وفي ذلك أستقرت أحكام محكمتنا العليا علي أن الاقرار شرط صحته أن يفيد بثبوت الحق المقر علي سبيل الجزم واليقين .
هل التدخل في إرادة المقر لها تأثير علي الاقرار؟
يجب أن يكون الاقرار أو التعهد صادر من المقر بارادة حرة دون أجبار أو أكراه أو دفع من لاحد لاثبات هذا الاقرار والتدخل في إرادة المقر يهدم هذا الإقرار، وبالتالي فان الاقرار الذي يأخذ تحت الاكراه أو التهديد لا يعول عليه ولا يثبت واقعة و ينفيها - بحسب "عبدالقادر":
هل ينتج الاقرار بهذة المثابة التي راينها في البرنامج أية أثار قانونية؟
يعد هذا الاقرار هو والعدم سواء، ولذلك لتدخل بواعث خارجية من شأنها التأثير علي أرادة المتلقي لإقرار بواقعة معينة وقبوله أعمال مستقبليه لم تحدث .
هل الاقرار بواقعة مستقبلية ينتج أثاره؟
هنا لتوضيح الامر ناخذ فرضية لنتحدث عنها ليكن شخص ما يرمز له (أ) أقر علي نفسه بأن في حالة أن البضائع التي سيستلمها غير مطابقة للمواصفات المتفق عليها، فإنه سيقبلها بحالتها ففي هذة الحالة يكون الاقرار منتج، لأنه قد أرتضي مقدما أستلام البضائع مهما كانت حالتها، وبالفرضية العكسية أذا ما أقر المقر بأن في حالة عدم تطابق البضائع التي سيستلمها للمواصفات المتفق عليها، فإنه سيفسخ العقد ويصبح غير ملزم بإستلامها هنا يكون العقد أو الاتفاق معلق علي شرط يسمي ( الشرط الفاسخ )، ومعناه فسخ التعاقد أذا حصل ما أتفق عليه من خلال هذا يتضح لنا بأن يجوز أن تكون الواقعة المقر به مستقبلية، طالما لم تكن مخالفة لأي من القوانين أو الادار العامة – وفقا لـ"عبدالقادر" .
وما هي عيوب الارادة التي تتدخل في الاقرار فتفسده؟
1-يجب أن يصدر الإقرار بإرادة حرة منفردة فالاجبار أو الإكراه يفسد الإقرار، فالإكراه هو تهديد بخطر جسيم محدق تولد الرهبة الدافعة للتعاقد و التي من شأنها أن تعيب الإرادة، ولا بد أن يستعمل المكره وسائل معينة تهدد المكروه بخطر جسيم محدق الوقوع في جسمه أو ماله أو بأحد أقاربه، وفي هذا نجد أن محكمة النقض قد قررت: (الإكراه المبطل للرضا يتحقق بتهديد الطرف المكره بخطر جسيم محدق بنفسه أو بماله)، وقد نص علي ذلك في المادة 127من القانون المدني (1): (يجوز إبطال العقد للإإرادة إذا تعاقد شخص تحت سلطان رهبة بعثها المتعاقد الآخر في نفسه دون حق وآانت قائمة على أساس) - الكلام لـ"عبدالقادر".
2-كما أن التدليس هو عارض من عوارض الارادة أن وجدت فسد الاقرار فالتدليس وفقا للمادة 125 من القانون المدني هي: (1) – (يجوز إبطال العقد للتدليس إذا كانت الحيل التي لجأ إليها أحد المتعاقدين، أو نائب عنه، من الجسامة بحيث لولاها لما أبرم الطرف الثاني العقد)، 2 – (ويعتبر تدليسا السكوت عمدا عن واقعة أو ملابسة، إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة)، ومن ثم فالتدليس عارض من عوارض الارادة ولكن يشترط أن يصدر التدليس من الشخص صاحب المنفعة أي الشخص المقر له، أما إذا وقع التدليس من الغير فلا عبرة له، وفي ذلك قررت نص المادة 126 من القانون المدني: (إذا صدر التدليس من غير المتعاقدين، فليس للمتعاقد المدلس عليه أن يطلب أبطال العقد، ما لم يثبت أن التعاقد الآخر كان من المفروض حتما أن يعلم بهذا التدليس).
3-ويمكن تعريف التدليس علي أنه اللبس واقعة شكل علي غير الحقيقة ليترضي به الشخص ليكن أتفق (س) مع (ص) علي أن يقوم (س) بيع شئ ما (ص) وأوهم البائع أن الشئ المباع نفيس جدا وغالي الثمن في الاسواق مما أستتبع المشتري أن أقره علي نفسه بقبول هذا البيع وبالثمن المتفق عليه ظنا منه بان المبيع غالي الثمن ونفيس ولكن في حالة أستلام المنتج تبيع أنه زهيد الثمن وغير مطلوب وهذا هو التدليس .
وفى الأخير يؤكد "عبدالقادر": لن أطيل عليكم أكثر من ذلك في أيضاح الأمر فكل ما يهمنا فى هذا الصدد أن الاقرار لكي يعترف به يجب أن يكون نابع وصادرا بارادة حرة لا يتدخل فيها إي مؤثر يدفع أو يجبر المقر علي الاعتراف أو نفي واقعة بعينها.