أكدت دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن مصر تسعى إلى تعزيز مكانتها كمركز إقليمى رئيس لتجارة الطاقة فى منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يتماشى مع رؤيتها الإستراتيجية فى استغلال موقعها الجغرافى المتميز ومواردها والبنية التحتية المتطورة التى تمتلكها، منوها بأن مصر تحرص على إقامة علاقات متبادلة مع دول منتجة للطاقة، مثل العراق؛ لزيادة حجم التجارة البترولية والنفطية فى المنطقة.
وفى هذا الإطار، تقوم مصر حاليًا بمباحثات مع الحكومة العراقية بشأن نقل النفط العراقى إلى مصر، وهى خطوة من شأنها أن تعزز التعاون بين البلدين فى قطاع النفط والغاز، وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادى المشترك، خاصة وأن هذا التعاون من شأنه أن يسهم فى تعزيز الأمن الطاقى فى المنطقة، بالإضافة إلى دعم مصر فى تعزيز قدرتها على التعامل مع الطلب المتزايد على الطاقة المحلية وكذلك تصدير المنتجات النفطية والغازية إلى الأسواق العالمية.
ومن خلال هذا التعاون، تسعى القاهرة وبغداد إلى تحقيق مجموعة من الأهداف المشتركة، بالنسبة للعراق، يعد هذا التعاون فرصة لزيادة صادراته النفطية إلى مصر وتحقيق دخل إضافى من خلال تسويق النفط الخام فى أسواق جديدة، أما بالنسبة لمصر، فيمكنها الاستفادة من النفط العراقى لتلبية احتياجاتها المحلية المتزايدة للطاقة، كما يمكنها استغلال هذا التعاون لتعزيز قدرتها على تصدير المنتجات النفطية والغازية إلى أسواق أخرى، سواء فى أوروبا أو أسواق الشرق الأوسط.
محاور التعاون النفطى بين القاهرة وبغداد
وذكرت دراسة المركز المصرى للفكر والدراسات، أن هذه الجهود المصرية تأنى لتعزيز التعاون الإقليمى وتحقيق التكامل فى مجال الطاقة، بما يسهم فى دعم الاقتصاد المصرى وفتح آفاق جديدة لقطاع الطاقة، بالإضافة إلى تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمى للطاقة، حيث يمتد التعاون النفطى بين مصر والعراق إلى جوانب مختلفة وعديدة.
وتتمثل فى تعزيز التعاون الإقليمى والاستفادة من القدرات المصرية فى مجال تداول الطاقة ومشتقاتها المختلفة، العمل على تعظيم أنشطة الإنتاج وتكرير النفط الخام، من خلال نقل النفط العراقى وتكريره فى معامل التكرير المصرية، مما يوفر فرصة إضافية لوصول النفط العراقى إلى الأسواق الإقليمية والعالمية بالاستفادة من موقع مصر الاستراتيجيى وقربها من مواقع الاستهلاك العالمية، مما يجعلها بوابة مهمة وحيوية للنفط العراقى، وتعظيم الاستفادة من البنية التحتية المصرية فى قطاع البتروكيماويات ومشتقات الغاز الطبيعى.
وأكدت على أنها تستهدف تعزيز وجود الشركات المصرية المتخصصة فى مجالات تصميم وتنفيذ وصيانة وتشغيل المشروعات فى السوق العراقية، نظرًا لما تمتلكه هذه الشركات من خبرات واسعة فى مشروعات البنية التحتية والطاقة والنفط الخام والغاز الطبيعى.
ورصدت الدراسة إمكانات العراق، حيث أنه يحتل المركز الخامس عالميًا فى احتياطى النفط الذى يُشكل المحرك الأساس للاقتصاد العراقى، مع توافر بنية تحتية ضخمة من آبار ومصافٍ وخطوط وأنابيب نقل، ويُقدر الاحتياطى العراقى المؤكد من النفط بنحو 148 مليارًا و800 ألف برميل، وبمتوسط معدل إنتاج يبلغ حوالى 4 ملايين برميل يوميًا (فى ظروف الإنتاج الطبيعية).
مكاسب اقتصادية مشتركة لمصر والعراق من التعاون النفطي
ونوهت الدراسة بأن مصر تعتمد على الاستيراد فى توفير احتياجات السوق المحلية، وذلك مع تزايد استهلاك الوقود الأحفورى فى مصر، وهو الأمر الذى يعرض الاقتصاد لتقلبات أسعار النفط الخام والضغط على بند المصروفات فى الموازنة، وعليه، اعتمدت مصر بشكل رئيس على استيراد احتياجاتها من المنتجات والمواد البترولية، حيث بلغت نسبة هذا الاستيراد من إجمالى الطلب المحلى نحو 10% عام 2004، وارتفعت النسبة إلى أكثر من حوالى 40% مع زيادة معدل الاستهلاك المحلى فى 2024.
فى هذا الإطار، تقوم مصر حاليًا بمباحثات مع الحكومة العراقية بشأن نقل النفط العراقى إلى مصر، وهى خطوة من شأنها أن تعزز التعاون بين البلدين فى قطاع النفط والغاز، وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادى المشترك.
كما أن التعاون بين مصر والعراق فى هذا المجال يمكن أن يكون له تأثير إيجابى على تعزيز مفهوم أمن الطاقة فى كلا البلدين؛ إذ إن تعزيز التعاون فى قطاع النفط والغاز الطبيعى قد يسهم فى تحسين أسواق العمل وزيادة الاستثمارات فى البنية التحتية المتعلقة بالنفط والغاز.
واعتبرت دراسة المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن العلاقات النفطية بين مصر والعراق سوف تتطور بشكل غير مسبوق وعلى نحو قد يحقق للطرفين مكاسب اقتصادية مشتركة، حيث أن شراكة مصر مع بغداد تسمح بفتح آفاق ومسارات جديدة وآمنة وموثوقة للخام العراقى، إضافة إلى تعزيز شراكاتها الاستراتيجية والاقتصادية مع القاهرة، فى وقت تبتعد فيه الشركات الغربية عن السوق العراقية.
بينما قد يستفيد العراق من عدة جوانب تتمثل فى ضخ وجذب الاستثمارات فى مجالات مختلفة من مراحل إنتاج وتكرير النفط الخام. حيث تتوافر العديد من الفرص التطويرية فى مجال الإنتاج النفطى واستثمارات الغاز الطبيعى وبحث واستغلال المناطق الاستكشافية.
الطاقة وضرورة تعزيز التعاون الإقليمي
ولفتت دراسة المركز المصرى للفكر والدراسات إلى أن استقرار إمدادات الطاقة لا يؤثر فقط على النمو الاقتصادى فى العالم، ولكنه يُعد محورًا حاسمًا فى تعزيز الأمن القومى وتحسين مستويات رفاهية المواطنين فى جميع الدول؛ إذ إن التعاون الإقليمى فى مجال الطاقة يمكن أن يُسهم فى تعزيز قدرتها على مواجهة التحديات المستقبلية فى قطاع الطاقة.
واعتبرت أن العراق ومصر من اللاعبين الرئيسين فى صناعة الطاقة فى الشرق الأوسط، كما أن استثمار القدرات المصرية فى مجال الطاقة يمكن أن يوفر فرصًا واسعة لتوسيع شبكة التعاون الإقليمى مع دول أخرى فى المنطقة، مشيرة إلى أت مصر والعراق بصدد تنفيذ صفقات نفطية مشتركة سوف تؤدى، بدون شك، إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية والاقتصادية بين الطرفين.
ويُعتبر هذا التعاون خطوة مهمة نحو تحقيق التكامل الطاقى الإقليمى وتعزيز أمن الطاقة فى المنطقة، ومن خلال الاستفادة من البنية التحتية المصرية المتطورة، يمكن للبلدين تعزيز علاقاتهما الاقتصادية، وتحقيق منافع متبادلة، وتحقيق الاستفادة القصوى من مواردهما النفطية.