الجمعة، 21 مارس 2025 11:48 م

قانون المسئولية الطبية أمام مجلس النواب الأسبوع المقبل.. المشروع يحمي حقوق المرضى ويوفر بيئة عمل آمنة للأطقم الطبية.. يقدم معايير قانونية عادلة لمسائلة الأطباء.. وعقوبات رادعة للاعتداء عليهم وعلى المنشآت الطبية

قانون المسئولية الطبية أمام مجلس النواب الأسبوع المقبل.. المشروع يحمي حقوق المرضى ويوفر بيئة عمل آمنة للأطقم الطبية.. يقدم معايير قانونية عادلة لمسائلة الأطباء.. وعقوبات رادعة للاعتداء عليهم وعلى المنشآت الطبية مجلس النواب
الجمعة، 21 مارس 2025 06:00 م
الغرامة للخطأ الطبي العادي.. والحبس أو الغرامة للخطأ الطبي الجسيم  وانتفاء المسؤولية عن المضاعفات الطبية
تشكيل لجنة عليا للمسئولية الطبية لتحديد الخطأ الطبي ودرجة جسامته من عدمه
 
يناقش مجلس النواب خلال جلساته الأسبوع المقبل، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الصحية ومكاتب لجان الشئون الدستورية والتشريعية، الشئون الاقتصادية، وحقوق الإنسان عن مشروع قانون مُقدم من الحكومة بإصدار قانون تنظيم المسئولية الطبية وحماية المريض.
 
ويهدف مشروع القانون إلى تحقيق التوازن المطلوب بين توفير حماية قانونية لحقوق المرضى وبين ضمان بيئة عمل آمنة للأطقم الطبية، من خلال وضع معايير قانونية عادلة لمسائلة الأطباء قانوناً بما يحمي حقوق المرضى ويمنع من حدوث أي إهمال طبي وفي الوقت ذاته يؤكد على حق الأطباء في ممارسة رسالتهم السامية.
 
وحرص مشروع القانون على تحديد الالتزام الأساسي ودرجة العناية المطلوبة من كل من يزاول احدى المهن الطبية داخل جمهورية مصر العربية والتأكيد على الحقوق الأساسية بمتلقي الخدمة الطبية أيا كان نوعها، والارتقاء بتنظيم هذه الحقوق الى مصاف الاحكام التشريعية الملزمة.
 
وتضمن  إنشاء لجنة عليا (تسمى اللجنة العليا للمسئولية الطبية وحماية المريض) تكون جهة الخبرة الاستشارية بخصوص الأخطاء الطبية واناط بها النظر في الشكاوى المتعلقة بها واستحداث قاعدة بيانات وإصدار ادلة استرشادية للتوعية بحقوق متلقى الخدمة.
 
ويضع مشروع القانون نظام للتسوية الودية بين مزوالي المهن الطبية ومتلقى الخدمة مما يعدف من التقليل من مشقة ومعاناة متلقى الخدمة وكذا الحفاظ على وقت وجهد مقدم الخدمة الطبية.
 
ويحقق كفاله نظام للتامين الإلزامي لأعضاء الفريق الصحي وحماية حقوق المرضى من خلال ضمان حصولهم على خدمات طبية عالية الجودة ومعاقبة الإهمال أو التقصير الذي قد يؤدي إلى الإضرار بصحتهم أو سلامتهم.
 
ويشجع الكفاءة الطبية عبر وضع معايير واضحة تحفز الممارسين الطبيين على الالتزام بأعلى درجات المهنية والدقة في عملهم، مما يسهم في تحسين جودة الخدمات الصحية وتحقيق العدالة حيث يسعى مشروع القانون إلى إنصاف المرضى المتضررين من الأخطاء الطبية دون المساس بحقوق الأطباء الذين قد يقعون ضحية لاتهامات غير عادلة، من خلال اعتماد آليات تحقيق دقيقة ومحايدة، مع تعزيز المسئولية الأخلاقية يدعو مشروع القانون إلى الالتزام بالقيم الأخلاقية في الممارسة الطبية، بما يشمل احترام كرامة المرضى وحقوقهم الإنسانية.
 
ويوفر بيئة داعمة للأطقم الطبية من خلال حماية الممارسين الصحيين من التعدي عليهم أثناء عملهم والملاحقة التعسفية وضمان توفر التأمين ضد المخاطر المهنية، مما يشجعهم على أداء عملهم بثقة وأمان.
 
وأشار التقرير، إلى أن اللجنة المشتركة، ادخلت تعديلات على مشروع القانون استجابة لمقترحات نقابة الأطباء، ومنها  التفرقة بين الخطأ الطبي و الخطأ الطبي الجسيم، حيث إن لهذه  التفرقة أهمية وأثر كبير في في النصوص العقابية الواردة بالمشروع ولتحديد الركن المادي لكل جريمة على وجه الدقة، مؤكدة على أن المشروع وفقًا لهذه التفرقة يتضمن الأخطاء الطبية المعتادة ومن أمثلتها على سبيل المثال لا الحصر المضاعفات الطبية التي قد تترتب على العديد من الإجراءات الطبية وهى غير معاقب عليها، والأخطاء الطبية غير المعتادة والمُعرفة في القانون بالخطأ الطبي ومعاقب عليها بالغرامة فقط، وأخيراً الخطأ الطبي الجسيم المعاقب عليه بالحبس والغرامة أو أيهما بحسب الأحوال، حيث أصبح   تعريف الخطأ الطبي : هو كل فعل يرتكبه مقدم الخدمة أو امتناع عن إجراء طبي واجب عليه اتخاذه وفقاً لأحكام هذا القانون أو القوانين الأخرى المنظمة لذلك، لا يتفق مع الأصول العلمية الثابتة، أو آداب وتقاليد المهن الطبية الصادرة وفقاً لأحكام القوانين المنظمة للنقابات المعنية أو المواثيق الأخلاقية المهنية التي يصدرها المجلس الصحي المصري.
 
وأصبح تعريف الخطأ الطبي الجسيم: هو الخطأ الطبي الذي يبلغ حدًا من الجسامة، بحيث يكون الضرر الناتج عنه محققاً، وينشأ عن إهمال أو تقصير أو رعونة أو عدم احتراز. ويشمل ذلك، على وجه الخصوص، ارتكاب الخطأ الطبي تحت تأثير مسكر أو مخدر أو غيرها من المؤثرات العقلية، أو الامتناع عن مساعدة من وقع عليه الخطأ الطبي أو عن طلب المساعدة له، على الرغم من القدرة على ذلك وقت وقوع الحادثة.
 
وقامت اللجنة المشتركة بإعادة صياغة المادة (18) من المشروع بما يضمن التأكيد على أن اللجنة العليا للمسئولية الطبية هي الجهة الفنية المعنية بالخبرة بالنسبة لجهات التحقيق أو المحاكمة في القضايا المتعلقة بالمسئولية الطبية، ليصبح نصها كالاتي (تكون اللجنة العليا هي الخبير الفني لجهات التحقيق أو المحاكمة في القضايا المتعلقة بالمسئولية الطبية، سواء من خلال الاستعانة بها أو بالتقارير المعتمدة الصادرة عن اللجان الفرعية للمسئولية الطبية التي تشكلها، أو الاستعانة بأحد أعضاء المهن الطبية من أعضائها أو باللجان المتخصصة التي تشكلها).
 
وفى ضوء الحرص من اللجنة المشتركة على ازالة أي مخاوف للوصول لتحقيق أقصى بيئة تشريعية أمنه للمريض والطبيب وافقت اللجنة المشتركة على حذف المواد (27، 28، 29) والتي كانت تتضمن أحكام الحبس الاحتياطي.
 
كما وافقت اللجنة على استحداث مادة جديدة برقم (27) تنص على (يعاقب بغرامة لا تقل عن مائة الف جنيه ولا تجاوز مليون جنية، كل من ارتكب خطأ طبياً سبب ضررا محققاً لمتلقي الخدمة. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن خمسه سنوات، وغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنية ولا تجاوز مليوني جنية، أو بأحدي هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة خطأ طبي جسيم.)
 
أكد تقرير اللجنة المشتركة أن الخطأ الطبي ليس كما يتداوله البعض بأنه من قبيل المضاعفات الطبية الطبيعية والمعتادة التي قد تترتب على العديد من الإجراءات الطبية، فهناك لغط حول الفرق بين المضاعفات الطبية والأخطاء الطبية المعاقب عليها بالغرامة فقط، والخطأ الطبي الجسيم المعاقب عليه بالحبس والغرامة أو أيهما، فالمضاعفات الطبية هي إحدى الحالات المنصوص عليها صراحة في المادة (٤) والتي يترتب عليها انتفاء المسئولية تماماً في حق الطبيب وكذا في حالتي اتباع الطبيب أسلوب معين في الإجراء الطبي يتفق مع الأصول العلمية الثابتة وان خالف في ذلك غيره في ذات التخصص، أو إذا كان الضرر قد وقع بسبب فعل متلقى الخدمة أو رفضه للعلاج أو عدم اتباعه للتعليمات الطبية الصادرة إليه من مقدم الخدمة، فجميع هذه الحالات تنتفي فيها المسئولية الطبية تماماً سواء كانت جنائية أم مدنية أم تأديبية.
 
وأوضحت اللجنة في تقريرها  أن عبارة مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر الواردة في المادة (23) من المشروع، هي عبارة افتتاحية مذكورة في كل القوانين الخاصة في بداية فصل العقوبات وهذه العبارة تخص عقوبات الطبيب والمريض أيضاً، والهدف منها بشكل اساسي تحقيق التكامل بين القوانين وعدم ازدواجية الحكم ( يعني عدم العقاب عن ذات الجُرم مرتين )، خاصة ان مشروع القانون لا يتضمن جميع الاوصاف والأفعال المؤثمة جنائيا فهناك جرائم مرتبطة ببعضها قد لا تكون مذكورة في هذا المشروع، وقد تكون هناك بعض الظروف المشددة مذكورة في القانون العام من ذلك على سبيل المثال ما يتضمنه قانون العقوبات من تغليظ للعقوبة حسب جسامة الفعل والاداة المستخدمة في الجريمة وهو ما ينطبق على الاعتداء على المنشآت أو الاطقم الطبية، فمشروع القانون كونه قانون خاص لا ينظم كل أشكال وأوصاف الجرائم، فضلاً عن أن قانون العقوبات ينظم مسألة العود والاشتراك في ارتكاب الجرائم وهو الأمر غير المنظم في هذا المشروع، لذا يتعين إضافة هذا النص كسائر القوانين الخاصة والتي تؤكد على عدم الاخلال بالشريعة العامة للعقاب وهو قانون العقوبات، وبالتالي فلا مجال للتخوفات أو محاولات الانحراف بمشروع القانون بغير مساره الصحيح وكأنه باب خلفي لتغليظ العقوبات، لأن الخطأ الطبي ليس له تعريف في قانون العقوبات فقانون العقوبات وارد على العموم ويخاطب جميع الاخطاء المهنية، ومن ثم فإن ما تضمنه المشروع بشأن تعريف الخطأ الطبي والعقوبة الموقعة عليه هو نص خاص ومنضبط لعقوبة ليس لها نص مماثل وبالتالي النصوص العقابية الواردة بالمشروع بشأن الأخطاء الطبية هي الواجبة السريان.
 
وأشار التقرير إلى أن التفرقة التي أقامها المشروع بين الأخطاء الطبية والأخطاء الطبية الجسيمة، حيث قرر المشروع للأخطاء الطبية عقوبة الغرامة فقط، وبالتالي لا يجوز فيها الحبس الاحتياطي وفقا للقواعد العامة ( مادة ١٣٤ من قانون الإجراءات الجنائية).. لكن الأخطاء الجسيمة المتفق على تغليظ العقوبة بشأنها تخضع للقواعد العامة في الحبس الاحتياطي من حيث توافر مبرراته والتي تقدرها سلطة التحقيق بحسب كل حالة.
 
وذكر التقرير الخطأ الطبي الواحد سواء العادي أو الجسيم يمكن أن تترتب عليه المسئولية الجنائية والمسئولية المدنية معًا، فضلاً عن حق النقابة في توقيع المسئولية التأديبية عليه، ومن المبادئ الدستورية التي لا يمكن تجاوزها أن توافر الخطأ المسبب للضرر يرتب المسئولية الجنائية التي لا يمكن الإعفاء منها لأن العقوبة هي حق للمجتمع وليس للفرد، وبالتالي لا يمكن التجاوز عن العقوبة تماما ولكن يمكن للمشرع ولاعتبارات معينة أن يخفف من آثارها، وهو ما قررته اللجنة المشتركة استجابة للأطباء بأن تكون العقوبة في الخطأ الطبي حال ثبوته بتقرير من اللجنة العليا للمسئولية الطبية هي الغرامة فقط بدل الحبس، والاكتفاء بعقوبة الحبس في الخطأ الطبي الجسيم، أما المسئولية المدنية فمجالها القانون المدني من خلال رفع الدعوى المدنية سواء كان المضرور الطبيب أو المريض.
 
وأكد التقرير أن مشروع القانون يحفظ التوازن بين مقدم الخدمة الطبية (الأطقم الطبية) ومتلقي الخدمة (المرضى)، فكما نص مشروع القانون على مسئولية مقدمي الخدمة الطبية تضمن ولأول مرة ضمانة لجميع مقدمي الخدمة الطبية ومنشآتها، حيث جرم الاعتداء عليهم أسوة بالحماية المقررة للموظف العام في قانون العقوبات وكذلك الحماية المقررة للمرافق والمنشآت العامة، سواء كانوا موظفين عموميين أم لا وسواء كانت المنشأة عامة أم خاصة، وبالتالي تسري هذه العقوبات كذلك حال الاعتداء على المنشآت الطبية الخاصة أو طواقمها الطبية.
 
وبموجب مشروع القانون  سيتم انشاء صندوق التأمين الحكومي وهو صندوق تأمينى وليس هيئة عامة، يساهم في تغطية الأضرار الناجمة عن الاخطاء الطبية، ونسبة هذه المساهمة قد تكون شاملة لكامل مبلغ التعويض أو الغرامة الجنائية المقضي بها وقد تكون بتحمل جزء من هذه المبالغ، فالأمر موقوف على الملاءة المالية للصندوق وقيمة الاشتراكات التي يتم تحصيلها .. وحجم الاخطاء الطبية والتعويضات الناشئة عنها وبحسب الدراسات الاكتوارية التي يجريها الصندوق، فهذه التفاصيل كلها ليس مجالها القانون وإنما وثيقة التأمين والاتفاق المبرم بين الصندوق وشركة أو مجمعة التأمين، وبالتالي فلا يوجد ما يمنع قانونا من تحمل الصندوق قيمة التعويض المدني أو الغرامات الجنائية على حسب الاتفاق في وثيقة التأمين ووفقا لملاءة الصندوق المالية، ويؤكد ذلك أن المادة (۲۰) من المشروع نصت على جواز قيام الصندوق بالمساهمة في تغطية الاضرار الاخرى الي تلحق بمتلقي الخدمة اثناء وبسبب تقديم الخدمة الطبية على حسب الدراسات الفنية والاكتوارية التي سيجريها الصندوق لهذا الغرض.
 
وذكر التقرير أن مشروع القانون لا يلقي المسئولية على مقدم الخدمة فقط وإنما هناك التزامات على المنشأة أيضاً، ولذا نصت المادة (3) صراحة على أن يكون مقدم الخدمة والمنشأة مسئولين بالتضامن عن تعويض الأضرار الناجمة عن الأخطاء الطبية، فضلاً عما تضمنته المادة (26) من ذات المشروع من توقيع عقوبة على الشخص الاعتباري بحيث يعاقب المسئول عن الإدارة الفعلية بذات العقوبات المقررة بالقانون، ولا يخل ذلك كله بالتزامات المنشأة وفقا للقوانين المنظمة لعملها.
 
وأكدت اللجنة أن  مشروع القانون جاء متسقاً مع أحكام الدستور، ومؤكداً على حرص الدولة المصرية على إعداد تنظيم تشريعي متكامل ومتوازن، يضمن سلامة المريض وينزل الطمأنينة في قلوب الفريق الصحي، وفق نصوص قانونية ملزمة للجميع وقابلة للتنفيذ، وذلك تماشياً مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان واستكمالاً للمسار التنموي الذي يرسخ للجمهورية الجديدة.
 
 

print