الأربعاء، 16 أبريل 2025 03:55 ص

"تعريفة ترامب".. حماية اقتصادية أم صراع نفوذ؟.. الرئيس الأمريكي يعيد رسم خريطة التجارة العالمية.. كيف تأثرت مصر؟.. خبراء يوضحون من يربح في معركة التجارة الجديدة.. ويؤكدون: الكرة في ملعب الحكومة

"تعريفة ترامب".. حماية اقتصادية أم صراع نفوذ؟.. الرئيس الأمريكي يعيد رسم خريطة التجارة العالمية.. كيف تأثرت مصر؟.. خبراء يوضحون من يربح في معركة التجارة الجديدة.. ويؤكدون: الكرة في ملعب الحكومة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب
الإثنين، 14 أبريل 2025 10:00 م
كتبت- هبة حسام

- التعريفة الأمريكية.. فرصة أم تهديد؟

- هل تفتح التعريفة الجمركية الأمريكية بابًا ذهبيًا للصادرات المصرية؟

- قرار ترامب التجاري: ضغوط عالمية وفرص استراتيجية لمصر

- التعريفة الجمركية الأمريكية 2025.. بين حماية الاقتصاد الوطني وزعزعة النظام التجاري العالمى

- رسوم ترامب الجمركية: تصعيد أمريكي يربك الأسواق

- التعريفة الأمريكية في مصر.. مكاسب ممكنة وتحديات قائمة

 

في 2 أبريل 2025، وفي خطوة تعكس تحولاً لافتًا في السياسات التجارية للولايات المتحدة، أعلنت إدارة الرئيس دونالد ترامب عن حزمة جديدة من التعريفات الجمركية، مستهدفةً طيفًا واسعًا من الواردات الأجنبية، في مقدمتها السلع الصينية والمنتجات التكنولوجية، وجاءت هذه الإجراءات في سياق تصاعد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، وضمن رؤية "أمريكا أولًا" التي تعيد رسم خريطة التجارة الدولية، وتعيد تسليط الضوء على جدلية الحماية التجارية مقابل حرية السوق.

ومع تباين ردود الفعل الدولية، وتنامي المخاوف من تأثير هذه القرارات على سلاسل التوريد العالمية وأسعار السلع، يبرز تساؤل محوري: هل ستنجح هذه السياسات في حماية الصناعات الأمريكية، أم أنها ستُشعل فتيل توترات اقتصادية واسعة النطاق؟.

 

 

"حرب التعريفات" تعود بقيادة ترامب.. واشنطن تُصعّد المواجهة التجارية مع العالم
 

وفقًا لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فإن فرض تعريفات جمركية جديدة يهدف إلى معالجة العجز التجاري وتعزيز الإنتاج المحلي، وتضمنت هذه الإجراءات فرض تعريفة جمركية بنسب متفاوتة على جميع الواردات من مختلف دول العالم، وبدأت هذه التعريفات تدخل حيز التنفيذ في 5 أبريل 2025، كما تضمنت تعريفات "متبادلة" أعلى على الدول التي تعاني الولايات المتحدة معها من عجز تجاري كبير، وبدأ تطبيقها في 9 أبريل 2025.

وبرر ترامب هذه التعريفات الجمركية التى جاء بها للعالم في بدايات فترة رئاسته، إنها تأتى في سياق جهود الإدارة الأمريكية لمعالجة ما تعتبره ممارسات تجارية غير عادلة من قبل بعض الشركاء التجاريين، وبهدف تعزيز الصناعة المحلية وتقليل العجز التجاري وتعزيز الأمن القومي للولايات المتحدة.

 

 

في مرمى ترامب التجاري.. مصر ضمن الدول المتأثرة بتعريفات 2025
 

هل كانت مصر ضمن الدول التى فُرضت تعريفات جمركية على وارداتها؟، طبقا لقرارات ترامب، فإن مصر من بين هذه الدول، غير أن التعريفة الجمركية التى فُرضت على القاهرة، لم تتعد 10%، وهى من بين النسب الأدنى مقارنة بالدول الأخرى التي شملتها التعريفات الجديدة.

ومن هنا بدأت الفرصة بالنسبة لمصر، حيث أن النسبة المنخفضة في التعريفة الجمركية الأمريكية، قد تتيح لمصر فرصة زيادة صادراتها إلى الولايات المتحدة وجذب الاستثمارات من الدول التي فُرضت عليها تعريفات أعلى، ولكن تظل الفرصة مرهونة بحجم وكيفية استغلالها.

 

 

من المنسوجات إلى الحديد.. القطاعات المصرية تحت اختبار الرسوم الجمركية الأمريكية
 

قرار التعريفة الجمركية الأمريكية بالنسبة لمصر فتح بابًا مزدوجًا من التحديات والفرص، بالأخص على القطاعات التى تصدر مصر منتجاتها إلى أمريكا، ومنها، قطاع المنسوجات والملابس، والذي يُعد من أكبر صادرات مصر إلى الولايات المتحدة، وقد يواجه زيادة في التكلفة نتيجة للتعريفة الجديدة، كذلك قطاع الحديد والصلب، والذى شهدت صادراته لأمريكا زيادة في الربع الأول من عام 2025، ولكن من المتوقع أن يتأثر سلبًا بالتعريفة، أيضًا قطاع السجاد والمنتجات اليدوية قد يتأثر بزيادة الأسعار، مما قد يقلل من تنافسيته في السوق الأمريكية.

ولكن، على الرغم من التحديات، يرى بعض الخبراء أن التعريفات قد تفتح فرصًا جديدة لمصر، حيث يرون أنه قد تسعى الشركات الأجنبية إلى الاستثمار في مصر للاستفادة من التعريفة المنخفضة مقارنة بدول أخرى تواجه تعريفات أعلى، كما يرون أنه مع فرض تعريفات أعلى على دول منافسة، قد تتمكن المنتجات المصرية من زيادة حصتها في السوق الأمريكية.

 

 

ولتعظيم الاستفادة من هذه الفرص وتقليل التأثير السلبي للتعريفات، ينصح الخبراء بالتركيز على، تطوير الموارد البشرية، وتحسين مهارات القوى العاملة لزيادة جودة وتنافسية المنتجات، مع دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتوفير اللازم لها لتعزيز قدرتها على التصدير، علاوة على، البحث عن أسواق تصديرية جديدة لتقليل الاعتماد على السوق الأمريكية.

 

فرص استراتيجية رغم التحديات
 

بناءً على ما سبق، فإن التعريفة الجمركية الأمريكية المفروضة على الواردات، بما في ذلك الواردات من مصر، قد تشكل تحديات للصادرات المصرية لأمريكا، لكنها قد توفر أيضًا فرصًا جديدة إذا تم التعامل معها بفعالية للتكيف مع التغيرات في البيئة التجارية العالمية، وفى مقدمة القطاعات المصرية المستفيدة، يأتي قطاع الملابس الجاهزة، والذى تعد التعريفة الجمركية الأمريكية فرصة ذهبية له لزيادة صادراته إلى أمريكا، حسبما وصف فاضل مرزوق، رئيس مجلس تصدير الملابس الجاهزة، والذى أشار إلى أن هذه الفرصة كانت منتظرة منذ سنوات.

في المقابل، اعتبر الخبير الاقتصادي محمد فؤاد أن التأثير المباشر للتعريفة على الاقتصاد المصري محدود، نظرًا لضآلة النسبة المفروضة، لكنه حذّر من أن انعكاسات القرار على الاقتصاد العالمي – مثل تقلص حركة التجارة أو تقلب أسعار الصرف – والتي قد تترك بصماتها على الداخل المصري، خصوصًا في ظل انخفاض الجنيه أمام الدولار بعد صدور القرار.

 

 

الكرة في ملعب الحكومة المصرية.. هل ستنجح في تحويل الأزمة إلى مكاسب تصديرية؟
 

بعض التحليلات الاقتصادية لعدد من الخبراء، ذهبت إلى أبعد من ذلك، مشيرة إلى أن بيئة التجارة الجديدة قد تدفع بعض الشركات الأجنبية إلى إعادة توجيه استثماراتها نحو مصر، لتفادي التعريفات المرتفعة المفروضة على دولها، وتُعد مصر في هذه الحالة خيارًا جذابًا نظرًا لموقعها الجغرافي وتكاليف الإنتاج المنخفضة نسبيًا.

الكرة الآن في ملعب الحكومة والقطاع الخاص، لصياغة استجابة ذكية تستفيد من اللحظة، وتحوّل ضغط التعريفات إلى دفعة للنمو الصناعي والتجاري طويل الأمد.

 

 

انعكاسات سريعة على الاقتصاد المصري
 

منذ إعلان ترامب قرارت التعريفة الجمركية، حدثت انعاكاسات سريعة على اقتصادات الدول، وعلى مستوى مصر، سجل سعر صرف الجنيه انخفاضًا ملحوظًا أمام الدولار الأمريكي، مما عكس مخاوف من تأثر الميزان التجاري، كذلك القطاع الصناعي، قد يواجه تحديًا مزدوجًا بين التكيف مع الرسوم الجديدة، وتحسين جودة وتنافسية المنتجات لضمان بقاءها في السوق الأمريكي.

وتعليقًا على ما سبق، أكد الدكتور على الإدريسى، عضو الجمعية المصرية للإحصاء والتشريع، أن الاقتصاد الأمريكي شهد خلال عام 2024 عجزًا غير مسبوق في الميزان التجاري بلغ نحو 918 مليار دولار، بزيادة تقدر بـ 17% مقارنة بعام 2023، ويعد هذا الرقم مؤشرًا واضحًا على تصاعد الضغوط الاقتصادية التي تواجهها الولايات المتحدة، خاصة أن جزءًا كبيرًا من هذا العجز يعود إلى العلاقة التجارية غير المتوازنة مع عدد من الدول، في مقدمتها الصين، حيث سجلت الواردات الصينية لأمريكا نحو 449 مليار دولار، بينما بلغ العجز التجاري بين البلدين 245 مليار دولار لصالح بكين.

 

download

 

ومنذ عودة دونالد ترامب إلى المشهد السياسي، وضع على رأس أولوياته تقليص هذا العجز، معتبرًا أنه يعكس ضعفًا اقتصاديًا أمام الشركاء التجاريين حول العالم، ومن هنا، جاءت قراراته الحاسمة بفرض تعريفات جمركية متباينة على الدول المصدّرة للولايات المتحدة، وفقًا لحجم العجز التجاري مع كل دولة، حسب تفسير "الإدريسى".

 

تعريفات جمركية تصاعدية.. والصين في الصدارة
 

وقال الإدريسى في تصريحات لـ "برلمانى"، إن الصين تصدرت قائمة الدول المتأثرة بالقرار الأمريكي، كونها أكبر مصدر للعجز التجاري، ما دفع إدارة ترامب إلى فرض تعريفة جمركية بدأت بنسبة 67%، وارتفعت تدريجيًا لتصل إلى 125% في الوقت الراهن، فيما تتراوح نسب التعريفة الجمركية على باقي دول العالم بين 25% و60%، في حين حدد الحد الأدنى بـ10%.

وأشار الخبير الاقتصادى، إلى أن بعض الدول التي تحقق فائضًا تجاريًا لصالح الولايات المتحدة لم تسلم هي الأخرى من التعريفات، إذ شمل القرار دولًا مثل مصر، التي فُرضت عليها تعريفة جمركية بنسبة 10% فقط، ويأتي ذلك في إطار سياسة تهدف إلى تقليل حجم الواردات بشكل عام، حتى من الدول التي تحقق فائضًا مع الولايات المتحدة.

وأضاف الدكتور على الإدريسى، أن حجم الميزان التجاري بين مصر وأمريكا يُقدر بحوالي 8.6 مليار دولار وفقًا لبيانات 2024، لكن وضع الصادرات المصرية لا يزال بعيدًا عن المثالية، لا سيّما أن نحو 45.6% منها تتركز في المنسوجات والملابس الجاهزة فقط.

 

 

ويرى الإدريسى، أن القرار الأمريكي يحمل فرصًا وتحديات في آن واحد بالنسبة لمصر، فمن جهة، يمكن الاستفادة من النسبة المنخفضة للتعريفة الجمركية المفروضة على السلع المصرية، عبر إعادة تصدير منتجات من دول متضررة مثل الصين وأوروبا إلى السوق الأمريكي عبر مصر، أو حتى تصنيع هذه السلع محليًا، وهو ما من شأنه تعزيز الصادرات المصرية وخلق فرص اقتصادية جديدة.

لكن من جهة أخرى، يطرح الواقع تساؤلات مهمة: هل تمتلك مصر الأدوات الكافية – من سيولة دولارية وتسويق احترافي – لاستغلال هذه الفرصة؟، وهل الظروف العالمية من تضخم وركود تسمح بذلك؟، الدكتور على الإدريسى يرى أن التعاون مع كيانات صناعية كبرى قد يكون أحد مفاتيح الحل، لكنه حذر في الوقت نفسه من أن الركود في حجم الصادرات سيجعل مصر تتحمل فقط الجانب السلبي من القرار دون أن تجني ثماره.

 

النتائج الأولية.. سلبيات واضحة وتأثير مباشر
 

وتابع قائلًا: "حتى الآن، انعكست آثار القرار سلبًا على الاقتصاد المصري، حيث تراجع سعر الصرف أمام الدولار بنحو 2% خلال أيام قليلة، وخرجت أموال ساخنة بقيمة 1.5 مليار دولار من السوق المحلي، كما أن حركة التجارة عبر قناة السويس قد تشهد بعض التباطؤ خلال الفترة المقبلة، أما المكاسب المحتملة فلن تظهر إلا على المدى المتوسط، وسترتبط بمدى قدرة الحكومة المصرية على التحرك بفعالية، والتوسع في تصدير سلع ذات قيمة مضافة حقيقية، لاسيما الصناعات الثقيلة مثل السيارات، التي تُعد "جوكر" الصادرات، مقارنة بالمنتجات التقليدية كالملابس أو السلع الزراعية".

 

download
 

خلاصة المشهد، أن العالم يعيد تشكيل خريطته التجارية، ومن لا يواكب المتغيرات سيجد نفسه في موقع المتلقي للأزمات لا صانع الفرص، ومصر، أمامها الآن نافذة حقيقية لتحسين موقعها التصديري، شريطة أن تُحسن استغلالها قبل فوات الأوان، خاصة في ظل خضوع الصادرات المصرية ضمن برنامج المناطق الصناعية المؤهلة "QIZ- كويز" لنفس التعريفة الجمركية البالغة 10%، وقد تُرفَع هذه التعريفة إذا قامت مصر بإزالة بعض الحواجز غير الجمركية في قطاعات محددة. 

 


print