يعد إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي واحدا من أهم وأبرز أعلام الدقهلية الدينية فقد كان مفسرا، وعالما دينيا، ووزيرا للأوقاف المصرية، فسر القرآن الكريم بخواطره الإيمانية بطريقة مبسطة وصل بيها لشريحة عريضة من مسلمي العالم؛ فاستحق بجدارة لقب إمام الدعاة؛ لذا نقدم هنا عبر سطور اليوم السابع المقبلة أهم المعلومات والتفاصيل في حياة الشيخ الإمام.
ولد الشيخ محمد متولي الشعراوي في 15 إبريل 1911م بقرية دقادوس التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، وصعدت روحه إلى بارئها في 17 يونيو 1998م بمدينة القاهرة، ودفن بمسقط رأسه بدقادوس.
حفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، والتحق بمعهد الزقازيق الإبتدائي الأزهري، وأظهر نبوغًا منذ الصغر في حفظه للشعر، والمأثور من الأقول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية في 1923م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد حبه واهتمامه بالشعر والأدب، وحظي بشعبية ومكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق، وكان معه في ذلك الوقت الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي، والشاعر طاهر أبو فاشا.
قرر والد الشيخ محمد متولي الشعراوي إلحاقه بالأزهر الشريف بالقاهرة، غير أن الشعراوي كان يود أن يبقى مع إخوته لزراعة الأرض، لكن إصرار الوالد دفعه لاصطحابه إلى القاهرة، ودفع المصروفات وتجهيز المكان للسكن، فاشترط على والده أن يشتري له كميات من أمهات الكتب في التراث واللغة وعلوم القرآن والتفاسير وكتب الحديث النبوي الشريف كنوع من التعجيز حتى يرضى والده بعودته إلى القرية. لكن والده فطن إلى تلك الحيلة، واشترى له كل ما طلب قائلًا له: (أنا أعلم يا بني أن جميع هذه الكتب ليست مقررة عليك، ولكني آثرت شراءها لتزويدك بها كي تنهل من العلم).
انشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية
التحق الشيخ محمد متولي الشعراوي بكلية اللغة العربية في 1937م، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فقد اندلعت حركة مقاومة المحتلين الإنجليز من قلب الأزهر الشريف، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين، ولم يكن معهد الزقازيق بعيدًا عن قلعة الأزهر في القاهرة، فكان يتوجه هو وزملاءه إلى ساحات الأزهر وأروقته، ويلقي بالخطب وكان وقتها رئيسًا لاتحاد الطلبة.
زواج الشيخ
تزوج الشيخ محمد متولي الشعراوي، وهو في الثانوية بناءً على رغبة والده الذي اختار له زوجة مناسبة، ووافق الشيخ على اختياره؛ فكانت ثمرة هذا الزواج ثلاثة أولاد وبنتين، والأولاد هم: سامي، وعبد الرحيم، وأحمد، والبنتان فاطمة، وصالحة.
حياة الشعراوي العملية
تخرج الشعراوي في عام 1940م، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943م، وبعد تخرجه تم تعين الشعراوي في المعهد الديني بطنطا، ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد الديني بالزقازيق، ثم المعهد الديني بالإسكندرية، وبعد فترة من العمل والخبرة انتقل الشيخ الشعراوي إلى العمل في المملكة العربية السعودية عام 1950 ؛ ليعمل أستاذا للشريعة في جامعة أم القرى.
اضطر الشيخ الشعراوي أن يدرِس مادة العقائد رغم تخصصه أصلًا في اللغة، وهذا في حد ذاته شكل صعوبة كبيرة إلا أن الشيخ الشعراوي قد استطاع أن يثبت تفوقه في تدريس هذه المادة لدرجة كبيرة لاقت استحسان وتقدير الجميع، وفي عام 1963 حدث الخلاف بين الرئيس جمال عبد الناصر وبين الملك سعود، وعلى أثر ذلك منع الرئيس جمال عبد الناصر الشيخ الشعراوي من العودة ثانية إلى السعودية، وتم تعينه في القاهرة مديرًا لمكتب شيخ الأزهر الشريف الشيخ حسن مأمون، ثم سافر بعد ذلك إلى الجزائر رئيسًا لبعثة الأزهر هناك، ومكث بالجزائر حوالي سبع سنوات قضاها في التدريس، وأثناء وجوده في الجزائر حدثت نكسة يونيو 1967، وحين عاد الشيخ الشعراوي إلى القاهرة، تم تعينه مديرًا لأوقاف محافظة الغربية لفترة، ثم وكيلًا للدعوة والفكر، ثم وكيلًا للأزهر، ثم عاد ثانية إلى المملكة العربية السعودية، حيث قام بالتدريس في جامعة الملك عبد العزيز.
الشيخ الشعراوي الوزير
اختار السيد ممدوح سالم، رئيس الوزراء أعضاء وزارته، وأسند إلى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف وشؤون الأزهر في نوفمبر 1976م، فظل الشعراوي في الوزارة حتى أكتوبر عام 1978م.
أُعتبر أول من أصدر قرارًا وزاريًا بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر، وهو بنك فيصل كون ذلك من اختصاصات وزير المالية الذي فوضه، ووافقه مجلس الشعب على ذلك، وفي عام 1987م اختير عضوًا بـ "مجمع الخالدين" مجمع اللغة العربية.
مناصب الشيخ الشعراوي
• عُين مدرسًا بمعهد طنطا الأزهري وعمل به، ثم نقل إلى معهد الإسكندرية، ثم معهد الزقازيق.
• أعير للعمل بالسعودية سنة 1950م، وعمل مدرسًا بكلية الشريعة بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.
• عُين وكيلًا لمعهد طنطا الأزهري سنة 1960م.
• عُين مديرًا للدعوة الإسلامية بوزارة الأوقاف سنة 1961م.
• عُين مفتشًا للعلوم العربية بالأزهر الشريف 1962م.
• عُين مديرًا لمكتب الإمام الأكبر شيخ الأزهر حسن مأمون 1964م.
• عُين رئيسًا لبعثة الأزهر في الجزائر 1966م.
• عُين أستاذًا زائرًا بجامعة الملك عبد العزيز بكلية الشريعة بمكة المكرمة 1970م.
• عُين رئيس قسم الدراسات العليا بجامعة الملك عبد العزيز 1972م.
• عُين وزيرًا للأوقاف وشؤون الأزهر بجمهورية مصر العربية 1976م.
• عُين عضوًا بمجمع البحوث الإسلامية 1980م.
• اختير عضوًا بمجلس الشورى بجمهورية مصر العربية 1980م.
• عُرضت عليه مشيخة الأزهر وعدة مناصب في عدد من الدول الإسلامية لكنه رفض وقرر التفرغ للدعوة الإسلامية.
موهبته الأدبية ومؤلفاته
كان الشيخ الشعراوي عاشقا للغة العربية وله باع طويل في الشعر، وعُرِف ببلاغة كلماته مع بساطة في الأسلوب، وجمال في التعبير، وكان مجيدا للتعبير بالشعر في المواقف المختلفة، خصوصا في مشاركاته بكلماته القوية المعبرة في العمل الوطني.
للشيخ الشعراوي العديد من المؤلفات، ومن أشهر هذه المؤلفات وأعظمها تفسير الشعراوي للقرآن الكريم، ونذكرمن مؤلفاته: خواطر الشعراوي، المنتخب في تفسير القرآن الكريم، خواطر قرآنية، معجزة القرآن، من فيض القرآن.. الخ.
ظهور الشيخ الإعلامي
كان أول ظهور للشيخ محمد متولي الشعراوي على التلفزيون المصري في عام 1973م في برنامج "نور على نور" من تقديم أحمد فراج، حيث قدم التفسيرفي القرآن الكريم، وشرع في تفسير سورة الفاتحة وانتهى عند أواخر سورة الممتحنة وأوائل سورة الصف وحالت وفاته دون أن يفسر القرآن الكريم كاملا.
وكان الشيخ محمد متولي الشعراوي يقول عن تفسير القرآن الكريم: (خواطري حول القرآن الكريم لا تعني تفسيراً للقرآن، وإنما هي هبات صفائية تخطر على قلب مؤمن في آية، أو بضع آيات، ولو أن القرآن من الممكن أن يفسر، لكان رسول الله أولى الناس بتفسيره، لأنه عليه نزل وبه انفعل وله بلغ، وبه علم، وعمل، وله ظهرت معجزاته، ولكن رسول الله اكتفى بأن يبين للناس على قدر حاجتهم من العبادة، التي تبين لهم أحكام التكليف في القرآن الكريم، وهي: "افعل، ولا تفعل").
الجوائز التي حصل عليها
حصل الشيخ محمد الشعراوي على العديد من الجوائز منها:
- وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى بمناسبة بلوغه سن التقاعد في 15 أبريل 1976 م قبل تعيينه وزيرًا للأوقاف وشؤون الأزهر.
- وسام الجمهورية من الدرجة الأولى عامي 1983م، و 1988م، ووسام يوم الدعاة.
- دكتوراه فخرية في الآداب، من جامعتي المنصورة والمنوفية.
- اختارته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عضوًا بالهيئة التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، الذي تنظمه الرابطة، وعهدت إليه بترشيح من يراهم من المحكمين في مختلف التخصصات الشرعية والعلمية، لتقويم الأبحاث الواردة إلى المؤتمر.
- اختارته محافظة الدقهلية شخصية المهرجان الثقافي عامَ 1989م، والذي تعقده كل عام لتكريم أحد أبنائها البارزين، وأعلنت المحافظة عن مسابقة لنيل جوائز تقديرية وتشجيعية عن حياته وأعماله ودوره في الدعوة الإسلامية محليًا، ودوليًا، ورصدت لها جوائز مالية ضخمة.
- اختارته جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم كشخصية العام الإسلامية في دورتها الأولى عام 1418هـ الموافق 1998م.