يناقش مجلس الشيوخ خلال الجلسة العامة اليوم الثلاثاء ، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس المجلس، تقرير لجنة الزراعة والرى عن دراسة مقدمة من النائب إيهاب وهبة، بشأن "الأمن الغذائي في مصر..التحديات والفرص في 2025".
وقال وهبة، في دراسته، إن قضية الأمن الغذائي تعد من القضايا المحورية التي تسعى الدول المختلفة إلى تحقيقها، لضمان الحياة الكريمة لمواطنيها ، وحتى لا يتم الاعتماد على العالم الخارجي في مواجهة الزيادة في الطلب على السلع الغذائية المختلفة، بالإضافة إلى أن تضخم الأسعار المحلية داخل الدول خاصة النامية، يرجع إلى الاعتماد الكبير على الاستيراد في ظل عالم يُعاني من توترات جيوسياسية كبيرة، إذ أنه وفقًا لآخر تقرير صادر من منظمة الغذاء العالمية، فإن نحو 76.2% من البلدان منخفضة الدخل تُعاني تضخماً أعلى من 5%، وفي ظل أنه في عام 2020 سيبلغ عدد سكان العالم حوالي 10 مليارات نسمة، ستزداد الفجوة في هذه الدول بين الطلب والعرض، الأمر الذي يتطلب زيادة في إنتاج الغذاء بنسبة 60%.
وتابع وهبة، وتهدف الدراسة، إلى أنه في ظل حالة العجز الغذائي التي تزداد حدته يوما بعد يوم في غالبية دول العالم، الإجابة عن مجموعة من التساؤلات الرئيسية، أبرزها التحديات الأساسية التي تواجه تحقيق الأمن الغذائي في مصر ؟، وما هي الجهود التي قامت بها الدولة المصرية في السنوات الماضية في هذا الشأن؟، وأخيراً ، تستهدف الدراسة الإجابة عن تساؤل أساسي يتمحور في " كيفية توفير السلع للمواطن بسعر يتناسب مع قدرته الشرائية" ؟، وهو ما يوجب تحليل الوضع الحالي للأمن الغذائي المصري والتحديات الي تواجه تحقيقه ، مع التركيز على كيفية تعزيز هذا التحسن من خلال المقترحات والآليات التي يتحتم تحقيقها.
ولفت عضو مجلس الشيوخ، إلى أن مصر تقع في المستوى المعتدل للأمن الغذائي، حيث أنها تأتي في بداية المستوى المعتدل فقد حصلت على 56 نقطة، وبالتالي يقترب مستوى الأمن الغذائي لمصر من القدرة على تحمل تكاليف الغذاء، من المركز 62 خلال عام 2021 إلى المركز 66 عام 2022 ، وتسبب هذا التراجع في تراجع تأخر ترتيبها العالمي، وتلاحظ تراجع قيمة مؤشر التغيير في متوسط تكاليف الغذاء وهو أحد المؤشرات الفرعية ضمن مؤشر القدرة على تحمل تكاليف الغذاء.
وأشار عضو مجلس الشيوخ، إلى أنه فيما يخص أسباب أزمة الغذاء، الأزمة الروسية الأوكرانية سبب ارتفاع أسعار الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم إلى الخطر، حيث تعتمد 26 دولة على أوكرانيا وروسيا في ما لا يقل عن 50٪ من وارداتها من القمح، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، وتشمل البلدان في منطقة الساحل بإفريقيا، حيث يعاني 6 ملايين طفل من سوء التغذية، كما يوجد 16 مليون شخص في المناطق الحضرية معرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي، وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، كما يقدر برنامج الأغذية العالمي أنه في غضون عامين فقط، تضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد من 135 مليون شخص قبل الجائحة إلى 276 مليون في بداية عام 2022 ، ووفقا لتقرير صادر عن مجموعة الأمم المتحدة للاستجابة للأزمات العالمية المعنية بالأغذية والطاقة، والتمويل" وفى يونيو 2022 ، فإن ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة سيؤثر على أكثر الفئات ضعفًا في المجتمع لاسيما في البلدان النامية، حيث يتم إنفاق أكثر من 50% من دخل الأسر المعيشية الأشد فقرا على الغذاء، بالإضافة إلى أن زيادة بنسبة 10% في أسعار المواد الغذائية تؤدي إلى تأكل القوة الشرائية لهذه الأسر بأكثر من 5%، أو ما يقارب ما تنفقه الأسر الفقيرة في البلدان النامية في المتوسط على الصحة.
وأدت جائحة كوفيد - 19 إلى خسائر في أنظمة الغذاء العالمية، وتزايد وتعقد التحديات التي تواجه العالم الإطعام سكان العالم البالغ عددهم 7.9 مليارات نسمة وتهديد القدرة على تحقيق الهدف العالمي المتمثل في القضاء على الجوع وهو ثاني أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي حددتها الأمم المتحدة، والتي يجب تحقيقها بحلول عام 2030 .
وفيما يخص مستقبل الأمن الغذائي العالمي، وفقا لتقرير التوقعات العالمية لبرنامج الأغذية العالمي لعام 2025 ، يصل عدد الأشخاص الذين يقفون على شفا المجاعة في عام 2024 بنحو 1.9 مليون شخص، ولا تزال الصراعات والعوامل الاقتصادية وتغير المناخ هي الدوافع الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي، حيث يعيش 65% من الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد في البلدان الهشة أو المتأثرة بالصراعات.
وبشأن الوضع الراهن للأمن الغذائي في مصر، تبلغ مساحة الأراضي الزراعية في مصر حالياً نحو 9.4 مليون فدان منها حوالي 6.1 مليون فدان أراضي قديمة وحوالي3.3 مليون فدان أراضي جديدة، إلا أن هذه المساحة لم تعد كافية لتلبية احتياجات السكان من السلع الغذائية في ظل الزيادة السكانية المستمرة، ونظراً للتحديات التي تواجهها الدولة في ظل أزمة الغذاء العالمية وارتفاع الأسعار فلابد من العمل بشكل مكثف على استصلاح واستزراع أراضي جديدة ، وإقامة مشروعات زراعية ضخمة لتلبية احتياجات السوق المصري من السلع الإستراتيجية ، وتقليل فاتورة الاستيراد من الخارج، ويتوقف نجاح التوسع في استصلاح الأراضي وتحقيق التنمية الزراعية المستدامة على توفير التمويل اللازم لعمليات استصلاح الأراضي وتدبير الموارد المائية اللازمة لعمليات الاستزراع.
وأكد عضو مجلس الشيوخ، أنه في ظل ما يشهده العالم حاليًا من تغيرات اقتصادية و بيئية ومناخية أثرت على الاقتصاد العالمي وعلي حركة النقل والتجارة الدولية، مما انعكس على تراجع الأداء الاقتصادي وارتفاع نسب التضخم في كل دول العالم، وفي ظل التزايد السكاني ومحدودية الأراضي الزراعية وزيادة التعديات عليها، يُصبح السعي الجاد من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي للمحاصيل الزراعية خاصة الاستراتيجية منها هدفاً قومياً لابد من تحقيقه، ومن أجل هذا استهدفت السياسة الزراعية المصرية تحقيق التنمية الزراعية المستدامة من خلال التوسع الرأسي (زيادة إنتاجية وحدة المساحة، والتوسع الزراعي الأفقي استصلاح أراضي جديدة، وقد بلغت المساحة المزروعة
وأشار وهبة، إلى أنه فيما يلي أهم مؤشرات محاصيل الحبوب ، فإن محصول القمح خلال الفترة من 2005 إلى 2020 ، بلغ حجم المخزون الاستراتيجي من القمح حوالي 2.6 مليون طن في ظل حجم استهلاك سنوي يبلغ 15.6 مليون طن، أي بلغ حجم الاستهلاك اليومي 42.75 ألف طن، وهو ما يوضح الفجوة الكبيرة في محصول القمح، إذ قدر معامل الأمن الغذائي لهذا المحصول، وهو ما يعني انخفاضه بشكل كبير عن القيمة المثلى، وقد تزايد الإنتاج المحلي للقمح من نحو 9.6 مليون فدان عام 2015 إلى 9.8 مليون فدان عام 2021 بمعدل تزايد بلغ نحو 2.1%، وبشأن محصول الذرة الشامية بلغ حجم المخزون الاستراتيجي من محصول الذرة الشامية حوالي 748 ألف طن، بينما بلغ حجم الاستهلاك المحلي اليومي حوالي 35 ألف طن، إذ قدر معامل الأمن الغذائي لمحصول الذرة الشامية بحوالي 06. وهو معامل منخفض بشكل نسبي، وبشأن محصول الأرز، بلغ حجم المخزون الاستراتيجي لمحصول الأرز حوالي 3.11 مليون فدان، بينما بلغ حجم الاستهلاك اليومي 35 ألف طن، ومن هنا قدر معامل الأمن الغذائي للمحصول بحوالي 0.63 ولقد تناقص إنتاج الأرز بمعدل بلغ نحو 7.8 % خلال عام 2021 مقارنة بنظيره عام 2015 ، ويُعزى تناقص إنتاج الأرز لتناقص المساحات المزروعة من الأرز بنحو 8.3%.
وبخصوص التحديات التي تواجه الأمن الغذائي، الزيادة السكانية، ظاهرة التعدي على الأراضي الزراعية، ظاهرة تفتت الحيازات الزراعية، تباطؤ معدلات نمو الإنتاجية الزراعية، التغيرات المناخية بمصر، وإنتاج بعض المحاصيل، محدودية موارد المياه، الفاقد الغذائي، المشاكل المتعلقة بسياسات استصلاح الأراضى، ضعف إدارة المشروعات الزراعية، التكلفة المالية الكبيرة، المشاكل التسويقية.
وبشان التحديات الخارجية، أبرزها الأزمات العالمية، تقوم الدولة المصرية باستيراد نحو 60 % من احتياجاتها الغذائية، ومع الأزمات العالمية التي شهدها العالم خاصة الأزمة الروسية الأوكرانية، ارتفع سعر الغذاء المستورد بشكل كبير، وتوجد العديد من العوامل الداخلية التي تساعد على تأثر القطاع الزراعي والأمن الغذائي داخل مصر بالأزمات العالمية، والتي تتمثل في محدودية طاقة التخزين الاستراتيجي، وضعف البنية التحتية التكنولوجية، وتحديات الموقف المائي المصري وانعكاساته السلبية على إنتاج الغذاء، وضعف سلاسل إمداد الغذاء، وندرة العملة الصعبة.
وتابع:" من التحديات أيضا، الازمة الروسية الإوكرانية، ارتفاع أسعار السلع العالمية".
وأشار إلى أهمية دور المشروعات القومية الزراعية في تحقيق الأمن الغذائي، في مقدمتها مشروع الدلتا الجديدة، بمساحة 2.2 مليون فدان، مشروع مستقبل مصر للزراعة المستدامة، المشروع القومى لاستصلاح واستزراع وتنمية المليون ونصف المليون فدان، مشروع توشكى بمساحة 1.1 مليون فدان، مشروع شرق العوينات، مشروع تنمية شمال ووسط سيناء، بمساحة 620 ألف فدان، مشروع استصلاح 500 ألف ادان بجنوب محور الضبعة، المشروع القومى للصوب الزراعية بمساحة 100 ألف فدان، مشروعات اللحوم الحمراء، مشروعات حماية وتدعيم الثروة الداجنة، المشروع القومى لتنمية الثروة السمكية في مصر 2030، المشروع القومى لتنمية وتطوير البحيرات الطبيعية، المشروع القومى لتنمية الاستزراع السمكى، المشروع القومى للصوامع، المشروع القومى لانتاج البذور.
وتابع:" وفيما يخص محاور تحقيق استراتيجية الأمن الغذائي في مصر، ضرورة التوسع الرأسى، والأفقى، الرى الذكى، الزراعة الذكية، زيادة تنافسية الصادرات الزراعية، زيادة الاستثثمارات الزراعية، وتغيير الأنماط
الاستهلاكية.
وتري اللجنة أنه انطلاقا من أهمية الأمن الغذائي في تحقيق الاستقرار ومكانته في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتزامناً مع تنفيذ الدولة المصرية لإستراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030 ، وفي ضوء التحديات والأزمات العالمية والإقليمية التي يمر بها العالم أجمع يأتي قطاع الزراعة علي رأس القطاعات التي تمثل أولوية للدولة، وهو ما يتمثل في التوجه نحو توفير أقصى درجات الدعم لقطاع الزراعة والمزارعين ومواصلة تطوير منظومة الزراعات التعاقدية لتشجيع التوسع في زراعة المحاصيل الاستراتيجية بهدف زيادة الانتاج من تلك المحاصيل بما يُحد من الفاتورة الاستيرادية.
ويساهم في ضبط الأسعار، وتكثيف استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة والهندسة الوراثية ، وتعظيم الاستفادة من الأبحاث العلمية من أجل زيادة الانتاج وخفض التكلفة، فضلاً عن تلبية احتياجات المواطنين من الإنتاج المحلي للحوم والألبان ، هذا بالإضافة إلي إقامة عدد من المشروعات القومية الضخمة في مجالات استصلاح الأراضي من خلال البحوث التطبيقية والابتكار الزراعي والتكنولوجيا الزراعية المرتبطة بزيادة إنتاجية الفدان والانتاج الحيواني والداجنى والسمكي.
واوصت اللجنة تفعيل البورصة السلعية ودورها المحوري في تحقيق الأمن الغذائي، وتعزيز استدامة توفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة، خاصة مع كونها خطوة إستراتيجية لكسر الحلقات الوسيطة والحد من الاحتكار، مع تعزيز العمل بآلية الشراء الموحد لضبط الأسعار وتحقيق التوازن في السوق، ضرورة ضمان تحقيق الأمن الغذائي المستدام، وزيادة المخزون الإستراتيجي من السلع، وتعزيز الرقابة على الأسواق، وتطوير السياسات المتكاملة لتحسين كفاءة الإنتاج ، وتقليل الهدر، وتعزيز سلاسل الإمداد لضمان وصول الغذاء بشكل عادل ومستدام ، وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص للمساهمة في تحقيق توازن الأسعار واستقرارها وتحسين جودة الغذاء.
وترى اللجنة، التوسع في إنشاء الصوامع الحديثة والمخازن المطورة ، وتحسين العمليات التسويقية للمحاصيل الزراعية بغرض تقليل نسبة الفاقد ، وارتفاع نسبة ما يدخل منها في عمليات التحويل والحفظ والتصنيع، مع تقليل الهوامش التسويقية، وتبنى السياسات التي تؤدى إلى تقليل الفاقد من محصول القمح خلال المراحل المختلفة، وترشيد الاستهلاك، الاهتمام بتوجيه أنماط الاستهلاك الغذائي في مصر وصولا إلى نظام غذائي متوازن خاصة في الريف والاهتمام بنشر الثقافة والتوعية الغذائية، وقيام الإعلام المرئي والمسموع والمقروء بحملة قومية لتوعية الأسر المصرية بالثقافة الصحية الغذائية واحتياجات الأفراد الغذائية من وجهة النظر الصحية، وتشجيع البحث العلمي والتطوير في مجال الزراعة المستدامة، فضلاً عن إصدار القوانين والتشريعات التي تحمي الموارد الطبيعية، وإتاحة التمويل والاستثمارات في مشروعات الزراعة المستدامة.
وترى اللجنة، العمل على زيادة المزارع النموذجية المصرية المشتركة في أفريقيا، والتي تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر و دول القارة السمراء ودعم الاستثمار الزراعي خارج الحدود، حيث إنها تعتبر أحد الحلول غير التقليدية للتغلب على ندرة المياه في مصر، وتأمين الغذاء بتوفير ما يسمى بالمياه الافتراضية، و التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص المصري لتعظيم الاستثمار في القطاع الزراعي بالدول الإفريقية وتشجيع المستثمرين من خلال تقديم حوافز للاستثمار في هذا الشأن ، تحقيقاً لإعادة توزيع الحاصلات الزراعية بين جميع الدول الإفريقية، لسد فجوة نقص الغذاء، ووضع آلية لتطوير الصادرات الغذائية البينية، مع توحيد معايير سلامة الغذاء، وتعزيز دور منطقة التجارة الحرة القارية لإفريقيا.
وتشدد اللجنة على ضرورة دعم الحملات الإعلامية بشأن التعريف بالمبادرة الرئاسية للكشف عن أمراض سوء التغذية على نهج مبادرة أطفال المدارس تحت سن خمس سنوات دراسة الأنماط الغذائية للأسر من واقع بيانات المبادرة الرئاسية للكشف عن أمراض سوء التغذية للمرحلة الابتدائية.، ضرورة إعداد إستراتيجية محددة للتصنيع الزراعي في مصر لزيادة القيمة المضافة على المنتجات الزراعية، تشارك في تنفيذها مختلف الوزارات المعنية ، على أن تكون هناك خطة واضحة أولي خطواتها التسويق والترويج ، ودراسة المنتجات والسلع الغذائية المطلوبة بالأسواق الخارجية، وضرورة وضع استراتيجية متكاملة توائم بين سياسات الإنتاج الزراعي وسياسات التصنيع الزراعي ووضع خريطة تتضمن كافة فرص التصنيع الزراعي الظاهرة والكامنة في كافة محافظات مصر وتسويقها وتوفير البنية الأساسية والعمالة والتمويل اللازم لاستغلال هذه الفرص، وتحسين كفاءة التسويق الزراعي بهدف تقليل الفاقد وبما يُساهم في ضمان وصول الغذاء بشكل أكثر كفاءة وأقل تكلفة الاستفادة من المخلفات الزراعية في إنتاج مواد صالحة لتغذية الحيوانات ، مما يقلل الهدر والتكلفة ، ويُعزز الاستدامة.