شهد ملف النفط والطاقة العالمي تطورات خطيرة منذ 2022 وحتى الأن ، في ظل ارتباط الأسواق النفطية العالمية ببعضها البعض، لذلك يؤثر سعر النفط العالمي على أسعار البنزين وغيره من المشتقات والمنتجات البترولية في جميع دول العالم.
وأكدت دراسة أعدها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن أن مصر تأثرت كبقية دول العالم بالارتفاعات السعرية والتي شهدتها أغلب الأسواق النفطية على مستوى العالم خلال السنوات القليلة الماضية، ولكن الدولة المصرية بذلت جهودًا كبيرًا بهدف الحفاظ على السيطرة على أسعار البنزين والمشتقات البترولية، حيث تحملت عبئًا ماليًا كبيرًا، وذلك لدعم المواد البترولية بالإضافة إلى القدرة المصرية على توفير المنتجات البترولية محليًا، وهو الأمر الذي قلص الاعتماد على الاستيراد بشكل كبير خلال العام الماضي 2023.
وأشارت الدراسة إلى وجود خطة استراتيجية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات البترولية خلال العام الجاري، عن طريق التوسع في إنشاء معامل التكرير، وهو الأمر الذي سيساعد الدولة فى إطالة حالة الاستقرار والاستدامة فى ملف المنتجات والمواد البترولية، وبالإضافة إلى زيادة معدلات الحفر الاستكشافي، وتعزيز التعاون الإقليمي في صناعة النفط الخام والغاز الطبيعي.
وأوضحت الدراسة إلى أن الدولة تضطر أحيانا للاعتماد على الاستيراد في توفير احتياجات السوق المحلية، وذلك مع تزايد استهلاك الوقود الأحفوري في مصر، وهو الأمر الذي يعرض الاقتصاد لتقلبات أسعار النفط الخام والضغط على بند المصروفات في الموازنة. وعليه، اعتمدت مصر بشكل رئيسي على استيراد احتياجاتها من المنتجات والمواد البترولية، حيث بلغت نسبة هذا الاستيراد من إجمالي الطلب المحلي نحو 10% عام 2004، وارتفعت النسبة إلى أكثر من حوالي 40% مع زيادة معدل الاستهلاك المحلي.
ولفتت الدراسة إلى أن استهلاك مصر من النفط ارتفع، خلال عام 2022، إلى حوالي 750 ألف برميل يوميًا، مقابل حوالي 644 ألف برميل يوميًا في عام 2021، وحوالي 598 ألف برميل يوميًا عام 2020. حيث نجد أن مستويات الاستهلاك قد سجلت أعلى مستوى لها بقرابة حوالي 836 ألف برميل من النفط في عام 2016، ثم تراجع إلى حوالي 801 ألف برميل يوميًا في عام 2017، وإلى حوالي 720 ألف برميل في عام 2018، وإلى حوالي 686 ألف برميل يوميًا في 2019.
وتُظهر البيانات المعلنة ارتفاع استهلاك مصر من المنتجات النفطية، خلال عام 2023، إلى حوالي 81 مليون طن، أي بنسبة ارتفاع سنوية حوالي 6.3%، والتي تضمنت حوالي 35.5 مليون طن من المنتجات النفطية، وحوالي 45.6 مليون طن من الغاز الطبيعي، كما يوضح الشكل التالي معدلات الاستهلاك النفطي في مصر خلال السنوات الماضية.
وعليه يمكن القول، أن زيادة معدلات الاستهلاك النفطي وعدم وجود معادلة متزنة بين معدلات الاستهلاك ومستويات الإنتاج النفطي للدولة، يترتب عليها زيادة وفجوة كبيرة في فاتورة الاستيراد، مما يترتب عليه أعباء وضغوط على موازنة للدولة.
وشددت الدراسة على أن أي تكلفة يجب أن يكون لها عائد يقابل النفقات حيث يمثل بند الدعم خسارة اقتصادية ومالية على الدولة تحت مبدأ عدم تحقيق هذا العائد في حالة عدم وصوله لمستحقيه، وأن الغرض الأساسي من أي قرارات يتم اتخاذها بهدف تخفيض الدعم تكمن في محاولات إجراء تصحيحات أو تعديلات للتشوهات السعرية، وذلك لأن مفهوم الدعم يؤدي بالتبعية إلى سوء تخصيص الموارد، وعمليات الإفراط في الاستهلاك، وهو الأمر الذي يترتب عليه ارتفاع معدلات زيادة ونمو الاستهلاك بصورة ملحوظة. بالإضافة إلى الزيادات الكبيرة التي تتحملها الدولة والتي يتبعها آثار سلبية تتمثل بصورة مستمرة في العجز المزمن للموازنة العامة من خلال فواتير استيراد المنتجات والمواد البترولية.