كتب عبد الحليم سالم
يمكن أن تؤدي التوترات الجيوسياسية إلى صدمات تضخمية، إما من خلال رفع أسعار النفط أو تعطيل الخدمات اللوجستية أو الإنتاج على نطاق أوسع. وعلى الرغم من أن أثر الصراع في الشرق الأوسط على التضخم العالمي لا يزال محدودا حتى الآن، فإن التصعيد قد يؤدي إلى زيادة حادة في أسعار النفط، لا سيما وأن المنطقة تنتج نحو 30% من النفط العالمي.
وعندما ترتفع أسعار النفط بنسبة 10%، يزداد معدل التضخم العالمي بواقع 0.35 نقطة مئوية خلال عام. وإذا كانت هناك تأثيرات كبيرة في الجولة الثانية على الأجور وتكاليف الإنتاج الأوسع نطاقا أو إذا اتجهت توقعات التضخم نحو الارتفاع، فإن الزيادة الكبيرة في أسعار الطاقة يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم الأساسي أيضاً.
وقد أدت الصراعات الدائرة بالفعل إلى ازدحام طرق الشحن وتسببت في زيادة حادة في تكاليف الشحن. وتؤثر تدابير الحماية المتصاعدة سلباً على شبكات التجارة، وذلك بحسب التقرير المنشور على الموقع الرسمي للبنك الدولي لا سيما سلاسل الإمداد العالمية، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة تكاليف الإنتاج. لكن على الرغم من أن أثر ذلك على تضخم أسعار المستهلكين لا يزال محدوداً حتى الآن، فإن استمرار ارتفاع تكاليف الشحن والإنتاج قد يدفع المنتجين في نهاية المطاف إلى تحميلها على المستهلكين.
وتأتي هذه المخاطر المسببة لارتفاع الأسعار في وقت لا يزال فيه التضخم أعلى من المستويات المستهدفة في أكثر من 40% من البلدان، وإن كان هناك تباين كبير بين مستويات الدخل. وفي الاقتصادات المتقدمة، حيث استغرقت البنوك المركزية عموماً وقتاً أطول للاستجابة لارتفاع التضخم، لا يزال نحو 50% يعاني من مستويات تضخم أعلى من المستهدف حتى نهاية يونيو/حزيران. وفي المقابل، تحقق مزيد من التقدم في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية حيث لا يزال التضخم أعلى من المستويات المستهدفة في أقل قليلا من 40% من هذه الاقتصادات.
وبحسب التقرير هناك الآن مجموعة من القوى تعمل حالياً على خفض التضخم العالمي في الأشهر المقبلة. ولكن بالنظر إلى الخبرات والتجارب خلال العامين الماضيين، هناك شيء واحد شبه مؤكد ألا وهو أن إجراءات الحد من معدلات التضخم العالمي ستحمل في طياتها مفاجآت غير متوقعة. هناك الآن مجموعة من القوى تعمل حالياً على خفض التضخم العالمي في الأشهر المقبلة.
ولكن بالنظر إلى الخبرات والتجارب خلال العامين الماضيين، هناك شيء واحد شبه مؤكد ألا وهو أن إجراءات الحد من معدلات التضخم العالمي ستحمل في طياتها مفاجآت غير متوقعة.
وتتجه البنوك المركزية في معظم الاقتصادات المتقدمة الآن نحو تسهيل السياسات النقدية، لكن معيار القياس سيكون خفض أسعار الفائدة نظراً لضرورة تحقيق المزيد من الاعتدال في أسعار الخدمات التي تتحرك صعوداً بصورة بطيئة. وعلى هذه البنوك أيضاً أن تتيح مجالاً للمناورة وحرية الحركة في حالة تحقق مخاطر من شأنها زيادة معدلات التضخم.
وبالنسبة لاقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، التي سيظل الكثير منها يواجه ظروفاً ائتمانية عالمية حافلة بالتحديات، يجب أن تظل السياسات النقدية وسياسات المالية العامة مرنة بما يكفي للتكيف مع الصدمات التي قد تصاحب إجراءات خفض معدلات التضخم.
وقد يكون العالم على وشك كسب معركته ضد التضخم، لكن من السابق لأوانه إعلان النصر.