"هل نحن يا فضيلة الإمام بحاجة إلى قانون ينظم الطلاق بدل الطلاق الشفوى لكى يكون أمام المأذون، حتى نعطى للناس فرصة تراجع نفسها ونحمى الأمة بدل تحولها لأطفال فى الشوارع بسلوكيات غير منضبطة؟"، تلك كانت كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال احتفال عيد الشرطة فى يناير الماضى، وتابع قوله ممازحًا شيخ الأزهر: "ولا إيه يا فضيلة الإمام؟، تعبتنى يا فضيلة الإمام".
وتأتى دعوة الرئيس لإصدار قانون ينظم عملية الطلاق الشفهى، أعقبها بيان صادر عن هيئة كبار العلماء، أكدوا خلاله أن وقوع الطلاق الشفوى المستوفى أركانَه وشروطَه والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، وهو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبى صلَّى الله عليه وسلَّم وحتى اليوم، دون اشتراط إشهاد أو توثيق.
وطالبت هيئة كبار العملاء فى بيانها، أن يبادر المطلق فى توثيق هذا الطلاق فَوْرَ وقوعِه؛ حِفاظًا على حُقوقِ المطلَّقة وأبنائها، ومن حقِّ ولى الأمر شرعًا أن يَتَّخِذَ ما يلزمُ من إجراءاتٍ لسَنِّ تشريعٍ يَكفُل توقيع عقوبةً تعزيريَّةً رادعةً على مَن امتنع عن التوثيق أو ماطَل فيه؛ لأنَّ فى ذلك إضرارًا بالمرأة وبحقوقها الشرعيَّة.
ورأت الهيئة أن ظاهرةَ شيوع الطلاق لا يقضى عليها اشتراط الإشهاد أو التوثيق، لأن الزوجَ المستخفَّ بأمر الطلاق لا يُعيِيه أن يذهب للمأذون أو القاضى لتوثيق طلاقه، علمًا بأنَّ كافَّة إحصاءات الطلاق المعلَن عنها هى حالاتٍ مُثبَتة ومُوثَّقة سَلَفًا إمَّا لدى المأذون أو أمام القاضي، وأنَّ العلاج الصحيح لهذه الظاهرة يكون فى رعاية الشباب وحمايتهم من المخدرات بكلِّ أنواعها، وتثقيفهم عن طريق أجهزة الإعلام المختلفة، والفن الهادف، والثقافة الرشيدة، والتعليم الجادّ، والدعوة الدينية الجادَّة المبنيَّة على تدريب الدُّعاة وتوعيتهم بفقه الأسرة وعِظَمِ شأنها فى الإسلام؛ وذلك لتوجيه الناس نحوَ احترامِ ميثاق الزوجية الغليظ ورعاية الأبناء، وتثقيف المُقبِلين على الزواج.
المجلس القومى للمرأة يطالب بسن تشريع لمواجهة الطلاق الشفهى
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد حيث أصدر المجلس القومى لحقوق المرأة بيانًا هاجم فيه بيان هيئة كبار العلماء، معتبرًا أن فتوى الهيئة بوقوع الطلاق الشفهى غير مدروسة، وتؤدى إلى هدم الأسرة.
وقال المجلس فى بيانه إن المادة رقم 21 من القانون رقم 1 لسنة 2000 تنص على أنه "لا يعتد فى إثبات الطلاق عند الإنكار إلا بالإشهاد والتوثيق" إلا أن العمل بهذه المادة توقف فى عام 2006 بعد الحكم بعدم دستوريتها.
وطالب المجلس بسن تشريع، لحماية الأسرة من الطلاق الشفهى، مطالبين بألا يعتد به، وهو ما وضعهم فى مواجهة مباشرة مع الأزهر وهيئة كبار العلماء.
نائبات البرلمان يدعمن توجه القومى للمرأة
دعوة المجلس القومى للمراة دعمتها عدد كبير من النائبات من ضمنهم النائبة أنيسة حسونة، وهبة هجرس، وإيناس عبد الحليم، حيث أكدن أنهن سيضغطن لسن هذا التشريع.
وبالتالى أصبح مجلس النواب طرفًا رئيسيا فى الأزمة بتقديم مشروع القانون الخاص بهذه القضية، حيث أنه من المفترض أن يتم عرض التشريع على لجنة الشئون الدينية، والتى ستستطلع بدروها رأى الأزهر، ووزارة الاوقاف، التى أبدت مرونة أكبر فى التعامل مع القضية ولم تعلن رفضها صراحة كما حدث بالنسبة لهيئة كبار العلماء.
وفى حالة موافقة اللجنة الدينية على التشريع، سيتم احالته إلى لجنة الشئون الدستورية والقانونية، وكذلك لجنة التضمان لدراسته، وفى حالة الموافقة عليه، سيعرض على الجلسة العامة للتصويت.
فى المقابل قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر إنه يرد على قضية "الطلاق الشفهى" من الناحية العلمية فقط، لافتا إلى أنه لا يرغب فى الدخول فيما وصفه بـ"المتاهات"، والردود على ما يكتب أو يقال أو يبث فى القنوات؛ لأن هذا من وجهة نظرى تضييع للوقت وللجهد معًا.
وقال الإمام الأكبر فى بيان له أذاعته الفضائية المصرية: "أحب أن ألفت نظر المشاهد الكريم إلى أن المزايدة على الأزهر فى هذا الموضوع تجاوزٌ للحد، وأيضًا تجاوزٌ للحق، وكنا نتمنى من بعض المنتسبين للأزهر ألا يقحموا أنفسهم فى القضايا الفقهية الشائكة، وأن يتركوا للمجامع والهيئات المتخصصة فى الأزهر الشريف بيان الحكم الشرعى فى هذه القضية -قضية الطلاق الشفهي–، ولدينا وثائق علمية حتى لا يزايد علينا فى الصحف ولا فى القنوات".
وبالتالى ستكشف الأيام القادمة عن الطريقة والآلية التى سيدير بها مجلس النواب هذه القضية، وما إذ كان سيتم الموافقة على مشروع قانون يلغى الطلاق الشفهى، أم أن المجلس سيلجأ الى املوازنة ما بين مطالبات المجلس القومى لملرأة لتعديل القانون وبين هيئة كبار العملاء، بخلق آلية لتوثيق حالات الطلاق دون التطرق إلى الاعتراف بصحة الطلاق الشفهى من عدمه.