وتعتبر النيابة الإدارية هى الهيئة القضائية المنوطة بالتحقيق فى المخالفات والجرائم التأديبية، حيث تقوم بإخضاع الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية للمراجعة والفحص بهدف التحقق من صحة قيامها بإنزال حكم القانون على النحو الأمثل على الجرائم المنظورة أمامها.
كما أن النيابة الإدارية تباشر أعمالها القضائية نيابة عن المجتمع بأسره، أسوة بدور النيابة العامة فى تمثيل المجتمع فى الجرائم الجنائية، وعلى هذا تكفل لها القانون الاستقلال التام عن كافة كيانات الدولة التنفيذية، بغية أن تتحقق حيدة أعضائها بعيدًا عن دائرة تأثير و سطوة كبار الموظفين بأجهزة الدولة.
وتتفرد النيابة الإدارية من بين أجهزة الدولة المتعددة المختصة بمكافحة الفساد، باعتبارها هيئة قضائية مستقلة، وفى تقديمها ضمانات جوهرية للموظف العام تضمن حيدة التحقيق ونزاهته، بالإضافة إلى آليات مكافحة الفساد المختلفة التى تتبعها بكل دقة وصرامة، ومنها ما يلى:
1- ما يتمتع به عضو النيابة الإدارية من حيادية واستقلال عن الجهة الإدارية؛ مما يوفر للموظف ضمانة جوهرية هى تمتعه بالحق فى مساءلة عادلة، ونزيهة، منذ اللحظة الأولى فى التحقيق؛ لإدراكه التام أنه أمام جهاز قضائى يباشر عمل قضائى بمنأى عن الجهة الإدارية.
2- ما يتَبعُه عضو النيابة الإدارية من إجراءات قضائية وقانونية خلال الاستجواب، وسماع الشهود، وفحص الأدلة، وجمعها، وإجراء معاينات، وتشكيل لجان، ومواجهة المتهم بما يُسند إليه، لاسيما مع افتقادنا لقانون إجرائى فى المجال التأديبى، مما يجعل من ضمير القاضى التأديبى وسعيه للعدل هو الضمانة الأهم للموظف المتهم.
3- تمتلك النيابة الإدارية نظرة أكثر شمولاً وأكثر عمقاً من تلك التى تمتلكها النيابة العامة فيما يخص المخالفات والجرائم التأديبية، فهى لا تكتفى بتحديد المسئولية وتوقيع العقاب على الجناة، بل تتقصى وتقتفى جذور الخلل والعوار الذى أفضى إلى وقوع مثل هذه المخالفات والجرائم، ولا تقف عند هذا الحد بل تبدأ فى صياغة الحلول العملية والتشريعية للحد من الفساد، أى أنها تختص بنظر المخالفات المالية والإدارية التى لا تشكل جريمة جنائية وفى حالة وجود جريمة جنائية يتم إحالة الموضوع إلى النيابة العامة.