ونبه رئيس مجلس النواب المصرى، فى كلمته أمام الاتحاد البرلمانى الدولى، إلى أن العالم يحتاج اليوم لصوت العقل ولصوت التعاون بين الشعوب للقضاء على آفه الإرهاب التى أصبحت تهدد جوهر منظومة حقوق الإنسان وهو الحق فى الحياة، مؤكدا أن الدين الإسلامى برئ تماماً من ممارسات تلك الجماعات التى انتسبت زورا لهذا الدين العظيم، وأن الرسالة التى جاء بها رسولنا الكريم هى السلام للعالم أجمع، كما ينظر الإسلام إلى الآخر الدينى نظرة المودة والإخوة، قائلا "بل لعلى لا أبالغ لو قلت أن الغالبية العظمى من ضحايا الإرهاب هم من المسلمين أنفسهم".
وعبر رئيس البرلمان المصرى فى بداية كلمته عن خالص تقديره وعظيم امتنانه لمجلس الاتحاد ومجلس الدوما بدولة روسيا الاتحادية على الدعوة للمشاركة فى حوار بناء من أجل صنع السلام والحفاظ على قيم التعددية واحترام ثقافة الاختلاف.
وتابع عبد العال: "لقد جئت إليكم من مصر، هذا البلد صاحب الحضارة التاريخية العريقة والمحب للسلام وصاحب التجربة الرائدة فى التعايش بين الأديان والأعراق المختلفة الذين اجتمعوا على ضفاف النيل فى سلام ومحبة تمتد لمئات السنين".
وأوضح فى كلمته أن مصر كانت هى الملاذ الآمن للعائلة المقدسة فى رحلتها التاريخية قبل 2000 عام، وقدمت الأمان لكثير من الأعراق التى لجأت إليها طلباً للحياة والحرية، وامتزجت على أرضها تلك الثقافات وأفاضت فناً وإبداعا قائماً حتى اليوم، قائلا "ولأن ثقافة قبول الآخر متأصلة فى الشعب المصرى كانت رسالة السلام والتعايش هى السمة الأساسية للسياسة الخارجية المصرية، فمصر كانت أول دولة عربية توقع معاهدة سلام مع إسرائيل وحافظت عليها لمدة تقارب الأربعين عاماً، كما شارك الأزهر الشريف أكبر المؤسسات الدينية الإسلامية فى حوار دينى ممتد مع الفاتيكان وعدد من الطوائف الدينية المختلفة حول العالم".
ولفت عبد العال، إلى أن مصر أعلنت موقفها ضد الإرهاب ورفضت العنف والتطرف، وكانت ثورة 30 يونيو رسالة من المصريين للعالم، مفادها " إننا لن نسمح بتقسيم مجتمعنا على أساس دينى أو مذهبى، ونريد أن نحافظ على إرث التعايش المصرى، وقد تبلور ذلك فى إصدار مجلس النواب المصرى لأول قانون لبناء الكنائس وترميمها، كما يقوم الشعب المصرى مسلميه ومسيحييه بالاكتتاب حاليا لبناء كنيسة كبرى فى العاصمة الإدارية الجديدة، فضلا عن تحمل الحكومة المصرية لتكاليف ترميم معبد "الياهو هنبى" أقدم كنيس يهودى فى مدينة الإسكندرية العاصمة "الكوزموبوليتانية" التاريخية لمدن البحر المتوسط.
وأضاف: "لا تكتفى مصر بتقديم النموذج للتعايش والتسامح بين أبنائها فحسب، بل تُقدم نموذجاً يُحتذى به فى استيعاب أبناء الأقطار المجاورة الذين فروا من بلدانهم هرباً من تفجر الصراعات فيه، فاستقبلتهم مصر واحتضنتهم، وأقاموا بها آمنين فى انسجام مع أبناء الشعب المصرى الذى لا يعرف كراهية الآخر، والتى بدأت تستشرى في بعض الدول الغربية مع تزايد موجات الهجرة إليها".
كما لفت إلى تزايد أهمية الاجتماعات التى تجمع دعاة الحوار والتعايش بين الثقافات والديانات والأعراق المختلفة من أجل وضع أسس ثابتة للتعايش القائم على احترام الاختلاف والتنوع، قائلا "فهذا التلاحق بين الأفكار والمعتقدات هو سبب تقدم البشرية ومنبع الإبداع، والانفتاح لا يعنى بالضرورة التخلى عن ثوابت المجتمعية، بل إن الحفاظ على الثوابت والتمسك بالتقاليد والعادات المتوارثة يأتى فى صميم الدفاع عن الهوية ويقف سدا منيعا ضد التأثيرات السلبية للعولمة، فالمجتمعات المتحضرة تقبل الاختلاف والتعددية والانفتاح على الثقافات الأخرى وترفض لغة الإملاء أو الضغط بمفاهيم أو أفكار تتعارض مع ثوابته الدينية والمجتمعية".
وأشار رئيس مجلس النواب، إلى أن مصر تقدر الجهود التى تبذلها الحكومة الروسية فى عمليات مكافحة الإرهاب وتسعى لبناء جسور الثقة والتواصل بينها وبين الشعوب المحبة للسلام صاحبة المواقف الأصيلة فى رفض التطرف والإرهاب، كما لفت إلى سعى البرلمان المصرى للتعاون مع البرلمانات والمؤسسات التى تتبنى قضايا الحوار ومواجهة العنصرية وكراهية الآخر وإشاعة ثقافة السلام والتعايش المشترك.
واختتم كلمته قائلا "اسمحوا لى فى ختام كلمتى أن أذكركم بما أكد عليه الإعلان العالمى بشأن التنوع الثقافى الصادر عام 2001، والذى اعتبر أن التنوع الثقافى يوسع نطاق الخيارات المتاحة لكل فرد وهو أحد مصادر التنمية، لا بمعنى النمو الاقتصادى فحسب وإنما من حيث هى أيضاً وسيلة لبلوغ حياة فكرية وأخلاقية وروحية مرضية".