وأصدرت اللجنة بيانا بتفاصيل الاجتماع قالت خلاله، إن الأمن القومى العربى ليس مجرد مجموع الأمن القومى لكل دولة عربية على حدة فحسب بل يتعدى ذلك إلى مفهوم الأمن القومى العربى الشامل، الأمر الذى يتطلب الإدراك الواعى لمعنى الانتماء وتعميق الحس العروبى الذى يتجاوز الحدود ويشمل الأمة العربية جمعاء من محيطها إلى خليجها.
وأوضحت اللجنة فى بيانها، أن مفهوم الأمن القومى العربى يتعدى عملية رد الفعل بل الإقدام وتوجيه رسالة هامة لكل الأطراف الإقليمية والدولية بأن الأمة العربية لديها من الوسائل والإمكانيات والقدرات ما يمكنها من المبادأة للحفاظ على هويتها وعروبتها ودولها ومن هنا تنبع أهمية التصدى لكافة المشاكل التى تحيط بالأمة العربية وإيجاد الحلول العملية لها بما يحافظ على تماسكها ووحدتها.
واستطرد البيان، "إذا كان التاريخ القديم يقدم العديد من الأمثلة المضيئة فى حطين وعين جالوت وغيرها فإن المثل الأوضح فى تاريخنا الحديث يتجسد فى حرب السادس من اكتوبر 1973 المجيدة ضد العدو الإسرائيلى حينما هرع الرئيس الجزائرى بومدين إلى روسيا ليدفع ثمن أسلحة ومعدات عسكرية للجيش المصرى، وحين شاركت العراق والسودان وفلسطين وغيرها بقوات عسكرية إلى جانب الجيوش العربية المحاربة بمصر وسوريا والأردن، وحينما قاد المغفور له الملك فيصل ملك السعودية معركة البترول فى الخليج كله فقطع الإمدادات عن الغرب، وكل ذلك يجسد الحس العروبى والإحساس بمخاطر النزاع العربى الإسرائيلى على الأمن الجمعى للوطن العربى.
وتابع البيان ، يتمثل الأمن القومي العربي في قدرة الأمة العربية مجتمعة علي الدفاع عن نفسها وصيانة استقلالها وسيادتها علي اراضيها ومياهها واجواءها الاقليمية والحفاظ علي مؤسساتها الوطنية وحماية شعوبها من كل الاخطار والتحديات والتهديدات التي تواجهها، وإذا كانت التحديات والتهديدات الخارجية تمثل خطرا داهما علي الأمن القومي العربي فإن التحديات الداخلية تمثل الخطر الأكبر والأهم.
وأردفت لجنة الشئون العربية فى بيانها، وحتى يمكن وضع استراتيجية موحدة لحماية وصيانة الأمن القومي العربي فلابد من فهم وإدراك طبيعة ونوع وحجم تلك التحديات ووضع افضل الأساليب والآليات والأهداف لمواجهتها.
وأشار البيان إلى أنه يمكن اجمال التحديات الخارجية في الاطماع الاستعمارية القديمة والمتجددة في المنطقة لنهب ثرواتها والاستفادة من موقعها الجغرافي وإضعاف قدراتها العسكرية والسياسية والاقتصادية والتدخل في شئونها الداخلية، وتمتد تلك التدخلات الي محاولة تغيير الهوية والثقافة العربية وشن حروب الجيل الرابع عبر وسائل التواصل الاجتماعي ونشر الشائعات واشاعة روح اليأس والإحباط مع استمرار الترويج لمزاعم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وقالت اللجنة فى بيانها ، إن إسرائيل ولاتزال واحدة من اكبر التهديدات للأمن القومي العربي لاسيما في ظل سياساتها واحلامها الاستيطانية والتوسعية في الوطن العربى ،كما وأن الحالة المتردية للعديد من البلدان العربية في اعقاب ثورات الربيع العربي 2011 وما سبقها من غزو أمريكي غاشم للعراق 2003 قد اغرت إيران بالتغلغل في العالم العربي لاسيما في العراق وسوريا ولبنان واليمن وبعض دول الخليج والتدخل في شئونها الداخلية وبث روح الطائفية والمذهبية المقيته بين الشعوب، واتخذت السياسات التركية في السنوات الاخيرة وفي ظل الإدارة الحالية مسارات خطيرة في محاولة للسيطرة علي اجزاء من سوريا والعراق وتمويل الجماعات الإرهابية لزعزعة الاستقرار في المنطقة.
وتابع البيان ، أن الصراع بين القوي العظمي علي بسط نفوذها على عدد من دول المنطقة وإنشاء القواعد العسكرية وبيع الاسلحة بغزارة غير مسبوقة وتغذية النزاعات المسلحة بما يشكل تهديداً صريحاً للدولة الوطنية في عدد من الدول وجر كوراث انسانية علي شعوبها، وتتمثل اخطر التحديات الداخلية في التراجع الملحوظ للتماسك العربي ووحدة الرؤي والأهداف وتحديد العدو المشترك والإعتماد علي التحالفات الخارجية واتباع سياسات فردية أو ثنائية في إتجاه عدد من القضايا التي تهم الأمة كلها.
وأكد البيان ، أن الإرهاب الأسود الذي ضرب المنطقة و تمدد فيها علي مدار سنوات ولازال بأشكال ومسميات مختلفة واندفاع بعض الدول لمساندته له تأثيره البالغ سواء علي إضعاف القدرات الأمنية والعسكرية واستنزافها في صراعات داخلية أو في حجم الخسائر البشرية والمادية للشعوب فضلا عن تعطيل خطط التنمية في الدول التي تعاني منه، وفي ظل الاضطرابات التي تعيشها المنطقة في السنوات الأخيرة تفجرت الصراعات العرقية و المذهبية بين عدد من الشعوب العربية و داخل الوطن الواحد بما يهدد وبقوة الأمن والسلم والاستقرار بل وسلامة ووحدة الأراضي الوطنية في ظل دعاوي التقسيم والاستقلال وغيرها.
وتابع البيان ، أن محاولات النيل من الدين الإسلامي وهو أحد أهم عناصر القوة والتوحد للأمن القومي العربي بالصاق تهم الإرهاب والعنف بالمسلمين بزرع وتمويل المنظمات الإرهابية والمتطرفة التي ترفع راية الإسلام لتشويه صورة الدين الحنيف زورا وبهتانا، كما تمثل مشكلة الفقر المائي والنقص الحاد في الموارد المائية للعديد من الدول العربية إحدى مخاطر الأمن القومي العربي.
واستطرد البيان ،أن الجامعة العربية انما تمثل توافق الارادات السياسية للدول الاعضاء فإن الخلافات والاختلافات وترتيب الأولويات بين هذه الدول أدي الي اضعاف هذه المنظمة العربية التي تمثل ضلعا مهما في صيانة وحماية الأمن القومي العربي.
وأوصت اللجنة أنه من الضروري الادراك العميق أن المواجهة العربية الشاملة لكل المشاكل والصعوبات وفي مواجهة المخاطر والتحديات هي السبيل الوحيد للحفاظ علي الأمن القومي العربي وحمايته وأن أي دولة بمفردها لا يمكنها القيام بهذا الدور، وأن مخاطر التقسيم واضعاف الدولة الوطنية مستمرة ولابد من مواجهتها بآليات عربية وباستخدام كل الامكانات البشرية والمادية المتاحة.
وثمنت اللجنة الدور المصري الرائد دوماً في محاولات الحفاظ علي تماسك الأمة العربية والتدخل لحلحة نزاعاتها ومشاكلها والحرب الشاملة علي الإرهاب وداعميه ومموليه ودعم دور الجامعة العربية.
وطالبت اللجنة بتفعيل دور جامعة الدول العربية ليكون بها آلية مجلس أمن عربي وآلية عسكرية ليتم تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، مشددة على أهمية اطلاع جامعة الدول العربية بدورها لتنقية الأجواء ورأب الصدع بين الدول العربية وبعضها، وسعيها للتضامن ولم الشمل العربى ،و ترى اللجنة أن يكون المدى الخاص بأي استراتيجية لمواجهة تهديدات الأمن القومي العربي هو المدى القصير لتجنب حدوث تحولات جديدة بالمنطقة تخلق واقعًا مخالفًا وغير ملائم.
وطالبت اللجنة بضرورة رفع الدول الإقليمية أياديها عن الدول العربية ومحاولاتها لتأجيج الخلافات والنزاعات بين الأطراف المتناحرة، و تناشد اللجنة بتعظيم أسباب وإيجابيات الوحدة بين الدول العربية لأن أسباب التجمع أكثر من أسباب التفرق بينهم وتفعيل كافة الاتفاقيات العربية التي من شأنها تقوية الروابط بين الدول سواء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
وطالبت اللجنة الدول العربية بأهمية النظر بإمعان لحجم المخاطر والتهديدات التي تحاك للمنطقة العربية وتغليب المصالح القومية على المصالح الضيقة، مؤكدة أن الامن القومي العربي أمانة ومسئولية توارثتها الأجيال من قادة وزعماء وشعوب عربية و لايمكن السماح بإضعافه أو زعزعته وإلا سيحاسبنا التاريخ حسابًا عسيرًا.