وبعد انتهاء المباحثات، توجه "عبدالعال "بصحبة " أندريه" إلى قاعة المؤتمرات بالجامعة، حيث منحت جامعة بيلاروس الحكومية لقب أستاذ فخرى لرئيس مجلس النواب، وشهادة الأستاذية الفخرية، تقديراً لمكانته العلمية ودوره السياسى.
وفى أعقاب ذلك ألقى الدكتور على عبدالعال كلمة أمام أعضاء هيئة التدريس والطلبة بالجامعة، قدم فيها الشكر وأعرب عن تقديره لمنحه الأستاذية الفخرية، كما نقل إلى الحضور فى الجامعة صورة عامة حول تطورات الأوضاع فى مصر على مدار الخمس سنوات الماضية منذ ثورة الثلاثين من يونيو 2013، وتطرق فى كلمته أيضاً إلى العلاقات الثنائية بين البلدين.
وفيما يلي نص الكلمة التي ألقاها الدكتور علي عبدالعال:
الصديق العزيز ميخائيل مياسنيكوفيتش رئيس مجلس الجمهورية بالجمعية الوطنية لجمهورية بيلاروسيا ،،،
الصديق العزيز فلاديمير أندريشينكو رئيس مجلس نواب الجمعية الوطنية لجمهورية بيلاروسيا ،،،
السيدات والسادة الحضور،،،
يطيب لي في مستهل كلمتي هذه أن أنقل إليكم تحيات الشعب المصري بجميع أطيافه، وتحيات القيادة السياسية المصرية، الذين يكنون للشعب البيلاروسي الصديق كل إعزاز وتقدير واحترام.
كما أتقدم إليكم بأعمق الشكر والامتنان على حسن الاستقبال وكرم الضيافة التي غمرتمونا بها منذ بدء هذه الزيارة التي تأتي امتداداً للعلاقات الودية التي تجمع البلدين.
وإنه ليسعدني أن التقي بكم هنا في جامعة بيلا روسيا الحكومية، فقد قضيت حياتي كلها أستاذاً في الجامعات قبل أن اتولى رئاسة البرلمان، مما يجعلها تحتل مكانة خاصة لدي، فكل الشكر والتقدير على إتاحة الفرصة للالتقاء بكم في هذا الصرح العلمي الكبير.
كما أعبر عن خالص تقديري لجامعة بيلاروس الحكومية على منحي لقب أستاذ فخري، وتسلمي شهادة الأستاذية الفخرية، التي أفخر بها كثيراً، ولا تُسعفني الكلمات للتعبير عن مدى اعتزازي بها.
الأصدقاء الأعزاء،،،
اسمحوا لي أن أقدم لكم لمحة عن تطورات الأوضاع في مصر وأهم الإصلاحات التي قمنا بها في مختلف المجالات، لأقدم لكم صورة عامة، ربما لا تهتم بنقلها الكثير من وسائل الإعلام.
لقد مرت مصر بتحديات جسام خلال السنوات الخمس الماضية التي أعقبت ثورة الثلاثين من يونيو، أهمها الاختلال الأمني وسوء الأوضاع الاقتصادية، مما أثر على الحياة الاجتماعية للمواطن. ولكن إصرار المصريين على التوحد مع مؤسسات دولتهم الوطنية، وإدراكهم لجسامة التحديات، أدى إلى إعادة بناء مؤسساتها الوطنية، وفق خارطة طريق واضحة، كانت الخطوة الأولى والأهم فيها، وضع دستور جديد للبلاد وتثبيت أركان الدولة.
وقد كان لي شرف عضوية لجنة العشرة التي تم تشكيلها لتعديل دستور عام 2012 الذي تم تعطيله عقب ثورة الثلاثين من يونيو 2013، لتجاوز ما ورد به من إشكاليات عديدة.
وبعد جهد دؤوب وعمل متواصل، أصبح لدينا دستور عام 2014، الذي أسَّس لدولة القانون القائمة على العدل والمساواة، وجعل من المواطنة أساساً لتعامل الدولة مع أبنائها، وأرسى مبدأي سيادة القانون، والفصل بين السلطات. واكتملت خارطة الطريق، بإجراء الانتخابات الرئاسية، ثم البرلمانية.
وقد وضعنا في مصر عدة أهداف رئيسية نصب أعيننا عقب اكتمال خارطة الطريق، وسعينا إلى تحقيقها بشكل متزامن، كان في مقدمتها: تحقيق متطلبات التنمية المستدامة والإصلاح الاقتصادي، وتحقيق الأمن والاستقرار، ومحاربة الإرهاب وفق إستراتيجية شاملة، وتمكين الشباب والمرأة للقيام بدورهم تجاه وطنهم.
ففي المجال الاقتصادي، واجهنا تحديات جسيمة، لدرجة أن احتياطي مصر من النقد الأجنبي وصل في يونيو 2013 إلى أقل من 15 مليار دولار فقط، ووصل معدل النمو الاقتصادي وقتها لحوالي 2% فقط، وهو أقل من معدل الزيادة السكانية.
لذلك، فإن إصلاح هذا الوضع لم يكن يحتمل التأخير أو المماطلة، فسارعنا إلى اتخاذ إصلاحات تعالج المشكلة الأساسية، من خلال تبني أجندة وطنية شاملة (أجندة 2030)، تستهدف رفع معدلات النمو الاقتصادي .. وتحسين بيئة الاستثمار .. وتعزيز رأس المال البشرى، لتحقيق نهضة اقتصادية حقيقية، من خلال عدد من المشروعات التنموية، التي تحقق عوائد ملموسة، وتوفر الملايين من فرص العمل، وتُقيم بنية أساسية لا غنى عنها لتحقيق النمو الاقتصادي، وتوفير سبل العيش الكريم للمواطن المصري.
هذه الإجراءات التي تحملها المصريون بصبر وجلد يعبر عن أصالتهم ووطنيتهم الخالصة، تمخضت عنها نتائج ملموسة على أرض الواقع، فقد ارتفع احتياطي مصر من النقد الأجنبي من حوالي 15 مليار دولار ليصل إلى 44 مليار دولار حالياً، وهو أعلى مستوى حققته مصر في تاريخها، كما ارتفع معدل النمو الاقتصادي من 2% منذ خمس سنوات ليصل إلى 5.4%، ويستهدف برنامج الإصلاح الاقتصادي وصول ذلك المعدل خلال السنوات القليلة المقبلة إلى 7%.
وعملنا على جذب الاستثمارات الداخلية الأجنبية من خلال عمل بنية أساسية فى مجال الطاقة والطرق وتطوير الموانىء البحرية، فضلاً عن بنية تشريعية خاصة بتلك الاستثمارات، فقمنا بإقرار قانون جديد للاستثمار والتراخيص الصناعية والإفلاس، مما يعطى مزايا تفصيلية للمستثمرين.
الأصدقاء الأعزاء،،،
في مجال مكافحة الإرهاب، صمدت مصر، وقدمت تضحيات غالية من دماء أبناءها الأبطال، لحماية شعبها، بل والمنطقة والعالم كله. وقد قامت الإستراتيجية الوطنية المصرية للتصدي لظاهرة الإرهاب، على أركان متعددة، جمعت بين المواجهة الأمنية الحاسمة لمرتكبي العمليات الإرهابية، وتجديد الخطاب الديني، وتغيير المناهج التعليمية من أجل خلق جيل يقبل الآخر ويؤمن بثقافة التسامح مع الجميع بصرف النظر عن الدين أو اللون أو الجنس، بالإضافة إلى تغيير الظروف المعيشية في المناطق الفقيرة، التي تستهدفها الجماعات المتطرفة استغلالاً لأوضاعهم المعيشية الصعبة.
إن مصر بفضل هذه الجهود، تمكنت من استعادة الأمن وتحقيق الاستقرار، بل وأوشكت أن تقضى على الإرهاب.
السيدات والسادة الحضور،،،
إن مصر تمتلك أساساً دستورياً راسخاً لحماية حقوق الإنسان بأشمل معانيها، وقد شهدت قفزات نوعية خاصة في مجال تمكين المرأة والشباب، فباتت المرأة تشغل 25% من المناصب الوزارية، وأكثر من 15% من مقاعد البرلمان.
واتساقا مع رؤية مصر 2030 وإستراتيجيتها للتنمية المستدامة التي تسعى لبناء مجتمع عادل، يضمن الحقوق والفرص المتساوية لأبنائه وبناتــه من أجلتحقيق أعلى درجات الاندماج الاجتماعي لكافة الفئات، أعلن السيد رئيس الجمهورية عام 2017 عاما ًللمرأة، وكلف الحكومة وكافة أجهزة الدولة والمجلس القومي للمرأة، باعتبار إستراتيجية تمكين المرأة 2030 هي وثيقة العمل للأعوام القادمة لتفعيل الخطط والبرامج والمشروعات المتضمنة في هذه الإستراتيجية.
وفي مجال الاهتمام بالشباب، أدركت مصر عقب ثورة الثلاثين من يونيو 2013 الحاجة بصورة أكبر لإدماج الشباب في الحياة السياسية، استغلالاً لطاقاتهم وإبداعاتهم من جانب، وكي لا يقعوا في براثن التيارات المتطرفة التي تتبنى العنف منهجاً ودليلاً من جانب آخر.
وانعكاساً لهذا التوجه، فقد عمل الدستور المصري على تعزيز مشاركة الشباب في الحياة السياسية، حيث خُصِصت نسبة لهم فى مجلس النواب، فضلاً عن تخصيص نسبة 25% فى المجالس المحلية. وتعددت المبادرات التي تهدف إلى تمكين الشباب اقتصادياً وسياسياً. وبادر السيد رئيس الجمهورية إلى تشكيل مجالس متخصصة تتبعه مباشرة، أفسح المجال فيها لمشاركة شبابية واسعة تتصل به اتصالاً مباشراً، فضلاً عن جلسات الحوار المنتظمة مع الشباب المصري، وكذلك المنتدى العالمي للشباب الذي عقد نسخته الثانية بمدينة شرم الشيخ قبل مجيئي إليكم بأيام قليلة.
وبالفعل، أصبح يتم الاعتماد على الشباب في مختلف المناصب القيادية في الدولة. وصارت المؤتمرات الدولية للشباب التي تعقد في مصر سنوياً، محفلاً دورياً وثابتاً للتواصل بين الشباب والتعريف بشواغلهم وأولوياتهم، يجتمعون فيها من جميع أنحاء العالم، لتبادل خبراتهم وتجاربهم وإثراء معارفهم حول جميع القضايا التي تهم الشباب على المستوى العالمي.
لقد أصبح لدينا الآن دولة مستقرة سياسياً واقتصادياً تؤمن بالسلام والتعايش السلمى القائم على احترام سيادة الدولة، وعدم التدخل فى شئونها الداخلية منهجاً للحياة فى هذا العالم الذى يمر بالكثير من المتغيرات المتلاحقة.
الأصدقاء الأعزاء،،،
إنني أرى، ولعلكم تتفقون معي في هذا الرأي، أن بلدينا يُقدمان بنمط العلاقات القائم بينهما، نموذجاً يحتذى به للدول الأخرى، فعلاقات مصر مع بيلاروسيا هي علاقات متميزة على المستويات كافةً؛ وقائمة على التشاور وتبادل وجهات النظر حول القضايا محل الاهتمام المشترك.
وليس أدل على ما تتفرَّد به علاقات بلدينا من خصوصية لافتة من تعدد اللقاءات التي تجمع بين مسئولي البلدين في مختلف المجالات وعلى شتى المستويات، خاصة وأن الرئيس عبد الفتاح السيسي يولي أهمية خاصة لعلاقات مصر مع بلدكم الصديق.
وقد شرفنا بزيارة السيد ألكسندر لوكاشينكو رئيس جمهورية بيلاروسيا لمصر في يناير 2017، واستقبال السيد عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية له، وتم على هامش تلك الزيارة افتتاح منتدى الأعمال المصرى- البيلاروسى الثانى.
الأصدقاء الأعزاء،،،
إن مصر أصبحت مهيأة أكثر من أي وقت مضى لاستقبال العديد من المشروعات الاستثمارية والسائحين الأجانب. وأنتهز هذه الفرصة لأدعو أصدقائنا في بيلاروسيا إلى توجيه المزيد من الاستثمارات إلى داخل مصر، لاسيما بعد الامتيازات والتسهيلات العديدة التي منحها قانون الاستثمار الجديد للمستثمرين الأجانب، كما أدعوكم إلى زيادة السائحين الزائرين لمصر، في ظل ما تتمتع به من مقومات عديدة للسياحة بمختلف أنواعها.
السيدات والسادة الحضور،،،
إن التعاون بين بلدينا لا يقتصر على المجالات السياسية والاقتصادية فحسب، بل إن العلاقات البرلمانية بيننا تشهد هي الأخرى تطوراً غير مسبوق. وإنه لمن دواعي سروري أيضاً أن هذه ليست المرة الأولى التي ألتقي فيها مع الأصدقاء في بيلاروسيا، فقد شرفت بلقاء السيد ميخائيل مياسنيكوفيتش رئيس مجلس الجمهورية بالجمعية الوطنية لجمهورية بيلاروسيا، على هامش مشاركتنا في اجتماعات الجمعية الـ137 للاتحاد البرلماني الدولي في أكتوبر 2017، حيث أكدنا على توافق الرؤى تجاه العديد من القضايا الدولية والإقليمية محل الاهتمام المشترك، وشددنا على أهمية تعزيز سبل التعاون بين البلدين على الصعيد البرلماني.
وكلنا ثقة في أن علاقاتنا على المستوى البرلماني ستتعزز خلال الفترة القادمة.
أشكركم على حسن الاستماع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.