- رئيس حزب الإصلاح والنهضة: الحكومة الجديدة تحترم الرأى العام والبرلمان
ـ الحوار الوطنى أفرز قوى سياسية جديدة أكثر نضجًا.. وكان بداية النهاية لأصحاب الأجندات الخارجية
- بمناقشة ملف الحبس الاحتياطى نكون وصلنا لذروة المناقشات السياسية وتجاوزنا الخطوط الحمراء
تغيرات عديدة طرأت على شكل الحياة السياسية المصرية منذ عام 2011 وحتى الآن، 13 عاما أفرزت قوى سياسية قادرة على التأثير فى القضايا الشائكة، وتدشين الحوار الوطنى، الذى بات أهم منصة حوارية تتناول أخطر الملفات وتستمع لكل الآراء للخروج بتوصيات قادرة على حلحلة الكثير من الأزمات التى تؤرق الشارع المصرى.
فى هذا السياق؛ أجرينا حوارا مع الدكتور هشام عبدالعزيز، رئيس حزب الإصلاح والنهضة، للنقاش حول أهم المستجدات التى طرأت على القوى السياسية والحزبية فى الفترة الأخيرة، والتى أخرجت قوى جديدة تجمع بين أقصى اليسار والتيارات المعتدلة للاتفاق حول أرضية واحدة وهى مصلحة الوطن، وإلى نص الحوار..
كيف تغير شكل الحياة السياسية فى مصر بعد الحوار الوطنى؟
هناك تغيرات ضخمة طرأت تضاهى التغيرات التاريخية التى حدثت فى عهد محمد على، والتغيرات فى عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر على الرغم من عدم اكتمال مشروعه، إلا أن ما تشهده مصر بعد 2011 تغير كبير وتاريخى فى كل الميادين، وفيما يتعلق بالشأن السياسى، فهناك رغبة حقيقية من القيادة السياسية بتواجد المعارضة لتؤدى دورا رقابيا ووطنيا هاما فى القضايا الهامة والاتفاق على أهداف استراتيجية وطنية، فقد بات الحوار بديلًا عن الصراع، لأنه قد أفرز آراءً متعددة انتهت باتفاق كبير بين المعارضة والقيادة فى مختلف الأزمات.
كيف ترى المناقشات الدائرة حول ملف الحبس الاحتياطى؟
بمناقشة ملف الحبس الاحتياطى نكون وصلنا إلى ذروة القضايا التى تمتلك حساسية شديدة، مما يبرهن على قوة المعارضة فى مصر وكيف وصل الانفتاح السياسى لمناقشة أخطر القضايا التى كانت تتخذ ضدنا من أصحاب الأجندات الخارجية، مؤكدا أن جلسات الحوار الوطنى فى هذا الصدد شكلت نقلة كبيرة فى ملف الحريات، فبعد مناقشة هذا الملف بات بمقدورنا التطرق لكل الخطوط الحمراء بكل حرية.
فى رأيك هل تأخرت مصر فى تدشين الحوار الوطنى؟
على مدار الأعوام الماضية اتخذت القيادة السياسية خطوات تأهيلية لتجهيز أرضية ينطلق منها الحوار الوطنى، وكانت بداية الخطوات فى إنهاء المشهد السياسى المبعثر الذى كان قائما على الصراع وبناء التخطيط للملعب السياسى الذى بدأ من مؤتمرات الشباب ثم تدشين تنسيقية شباب الأحزاب السياسيين، وخروج بعض التشريعات الهامة، فضلا عن قرارات الإفراج عن المعتقلين والمحبوسين التى كانت نقطة سياسية هامة، لتنتهى بتدشين الحوار الوطنى الذى نجح فى ترشيد الخطاب السياسى سواء على مستوى المعارضة أو القوى الموالية.
فى رأيك كيف استفادت القوى السياسية والحزبية من الحوار الوطنى؟
الحوار الوطنى أفرز قوى سياسية جديدة ونجح فى كشف الكثير من القوى المزيفة وإنهاء مشوارها السياسى بعد ما اكتشفنا أنها لا تملك محتوى سياسيا قادرا على مواكبة القوى الأخرى والتعاطى مع الشارع المصرى، بجانب إقصاء القوى التى كانت تملك أجندة خارجية وأغراضا غير وطنية، فقد منح الفرصة للقوى الحزبية الوطنية التى تملك كوادر ومحتوى قادر على التعبير عن الشارع المصرى فى القضايا الشائكة.
كيف ترى حجم المعارضة فى الحوار الوطنى؟
كل الشخصيات والقضايا أُتيحت لها الفرصة من اليسار والتيارات المعارضة، فمثلًا نجد المرشح الرئاسى فريد زهران نجح فى الحديث عن كل القضايا بكل حرية، وهو ما حققه الحوار فى حدوث حالة من الانفتاح السياسى.
كيف ترى المناقشات الدائرة حول ملف الحبس الاحتياطى؟
هذه المناقشات تبرهن أننا ننطلق إلى مرحلة سياسية جديدة، خاصة أن صدور قانون الإجراءات الجنائية سيكون بمثابة دستور مصر الثانى، خاصة أن آخر تعديل له كان من عام 1948، لكن مشروع القانون الجديد سيعالج قضايا هامة مثل الاستئناف ومدد الحبس الاحتياطى حتى لا تتحول إلى عقوبة وهو ما نسعى إليه، لتغيير الصورة النمطية عن العدالة الجنائية لتواكب التطور التكنولوجى.
إذا انتقلنا للحكومة الجديدة.. فى رأيك ما أهم تحد أمام حكومة مدبولى؟
الحكومة الجديدة طلت علينا بشكل جديد؛ فلأول مرة نجد برنامجا ذات محاور محددة وأهداف مدروسة وبخطة زمنية دقيقة، وأيضًا نجد هذا التفاعل بين البرلمان والحكومة فى دراسة البرنامج وتحديد نقاط الضعف والتعديلات الواجب إجراؤها، فالحكومة «محترمة» وتحترم الرأى العام والبرلمان والقوى السياسية، وتلتزم ببرنامج أسبوعى يطل خلاله رئيس الوزراء على الرأى العام لمناقشة ما حدث من البرنامج بصورة مستمرة قائمة على الشفافية والتشاركية .
فى رأيك كيف ترى جلسة مجلس النواب التاريخية بشأن التصويت على برنامج الحكومة؟
الجلسة رسمت الدور الرقابى الحقيقى للبرلمان، وبرهنت على جديته من جهة وجدية الحكومة والقوى السياسية، فقد أظهرت هذه الجلسة أننا أمام برلمان واع على دراية بالبرنامج ومحاوره المختلفة، كما كشفت الجلسات النقاشية التى تمت بحضور التشكيل الوزارى بالكامل قدرة البرلمان على التشارك والمناقشة الجادة التى تصب فى مصلحة الشارع المصرى.
ما رأيك فى معايير اختيار الوزراء فى الحكومة الجديدة؟
اختيار الوزراء تم بدقة شديدة، خاصة فيما يتعلق بتشكيل المجموعات الوزارية، خاصة المجموعة الاقتصادية التى جاءت من خلفيات تتعلق بالبنك المركزى وبوزارة المالية ذات الصلة بالمؤسسات الدولية، فضلًا عن تشكيل المجموعة الوزارية التى تهتم بمحور بناء الإنسان المكونة من 10 وزارات، الأمر الذى كشف عن طريقة جديدة تتبعها الحكومة لإدارة الملفات باحترافية قائمة على التناغم مع الوزارات المختلفة.
كيف ترى العبور من الأزمة الاقتصادية الراهنة؟
فى الماضى كنا نعانى من تشوه هيكلى فى الاقتصاد الوطنى، لكن البرنامج الجديد يحمل هيكلة حديثة قائمة على التنافسية، قائمة على الاقتصاد الحر مع مراعاة ملف العدالة الاجتماعية، مؤكدًا على ضرورة الاهتمام بمجتمع ريادة الأعمال وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مثل مقترحا باستغلال الدعم العينى أو النقدى المقدم للفئات الأكثر احتياجا فى تقديم دعم لهذه المشروعات ومنح هذه الفئات فرص للعمل للتحول من الاستهلاك إلى الإنتاج.
من مرتكزات القيادة السياسية فى محاور العمل الوطنى ملف بناء الإنسان كيف ترى خطوات الحكومة فى هذا الملف؟
نحن أمام قضية هامة وهى تحديد الشخصية والهوية المصرية، وهنا يأتى ليس فقط دور وزارة التضامن الاجتماعى بل وزارات عديدة معنية بالأمر، لتأهيل الجيل الجديد فى بيئة تعليمية وثقافية وصحية ورياضية جيدة، فعلينا الاقتداء بتجربة تنسيقية شباب الأحزاب وتعميمها على مراكز الشباب لتنشئة فرد واعى قادر على المشاركة فى عملية البناء.
ما الذى يفرق بين حكومة مدبولى الجديدة والماضية؟
الحكومة الجديدة تملك فلسفة مختلفة تتضح فى المجموعات الوزارية وطريقة اختيار الوجوه، والاستراتيجية الجديدة التى تتبعها فى التعاطى اليومى مع الرأى والإعلام والحوار الوطنى والبرلمان بجدية وشفافية.
كيف ترى شكل العلاقة الراهنة بين القوى السياسية والحكومة؟
علاقة قائمة على النضج السياسى فالجميع يدرك دوره، وأصبحنا ننتقل من مرحة الفوضى والصراع إلى مرحلة النضج والرقابة، فى علاقة قائمة على احترام المواطن، فقد تغيرت نظرة الحكومة بعد الحوار الوطنى للقوى السياسية لأنها فوجئت أن هذه القوى تملك قدرة كبيرة على تقديم التوصيات الهامة فى الملفات الصعبة، ومن هنا تغيرت تلك النظرة من قوى مبعثرة إلى قوى سياسية ناضجة قادرة على التعبير عن الرأى العام، وتغيرت تلك النظرة بين الحكومة والبرلمان، الذى بات يقوم بدوره الرقابى بشكل من الجدية والدقة.
كيف ترى خطوات الإدارة المصرية فى الحرب على غزة؟
مصر قدمت أداء راقيا يتميز بالحكمة والرصانة فى وقف مخطط التهجير القسرى، فقد نجحت الدبلوماسية المصرية بحكمتها فى إفساد أحلام نتنياهو، فقد كان الشرق الأوسط والمنطقة بأكملها فى طريقها لوقوع تغير خطير لا يقل أثره عن ما حدث فى عام 1967، فقد شكلت مصر حائط صد لمؤمرات صهيونية كانت ستنال من المنطقة العربية.
أخيرا رسالة هامة للحكومة الجديدة لنجاحها فى برنامجها الراهن؟
على الحكومة أن تدرك أنها ليست مالك الحقيقة ولا يجب أن تكون بمعزل عن الرأى العام ولا بد أن تعيد ترتيب أولوياتها وفقًا لرغبات الشارع، وألا تخرج علينا بخطابات مستفزة، وتتجنب التورط مع الشارع فى الملفات الاستراتيجية مثل ملف الأسعار والدواء وملف الكهرباء، ولا بد أن يكون هناك قياس للرأى العام واحترام رغباته مع وجود خطاب سياسى متزن، ففى الحكومة السابقة كان هناك تجاهل تام للحديث عن الإنجازات التى تقوم بها الحكومة الماضية وكأنها تخشى الحسد، فالشارع لا يدرك حجم النهضة الزراعية التى حدثت السنوات الماضية، لأن وزير الزراعة كان يرفض الحديث عن هذه الإنجازات وتسليط الضوء عليها، وهذا ما يؤكد أهمية الخطاب الإعلامى والترويج لحجم المشروعات التنموية فى مختلف المجالات حتى يشعر المواطن بحجم المجهود المبذول.
ما رسالتك للقوى السياسية للفترة المقبلة؟
لا بد أن تكون حائط صد وأكثر نضجًا ويجب دعمها من قبل الإعلام لأنها تمثل الشارع المصرى، وأتوقع أن البرلمان القادم سوف يستنسخ فلسفته من أروقة الحوار الوطنى.