التقى وفد المجلس الوطنى الاتحادى بالإمارات، برئاسة الدكتورة أمل عبد الله القبيسى، رئيس المجلس، بفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم السبت، فى مقر مشيخة الأزهر الشريف بالقاهرة.
حضر المقابلة وفد الشعبة البرلمانية الإماراتية المشارك فى المؤتمر الثالث والعشرين للاتحاد البرلمانى العربى، ويضم كلا من: أحمد يوسف النعيمى، وعائشة راشد ليتيـــم، وأحمــد محمـد الحمودى، وخلفان عبد الله بن يوخه، وناعمة عبد الله الشرهان، أعضاء المجلس، والدكتور محمد سالم المزروعى الأمين العام للمجلس.
كما حضر اللقاء، الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، والسيد على الخاجه رئيس غرفة عمليات المكتب التنسيقى للمشاريع التنموية الإماراتية فى مصر، وفى بداية اللقاء هنأ فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب، الدكتورة أمل القبيسى على توليها منصب رئيسة البرلمان، مؤكّدًا الدور المهم للمرأة فى المجتمع، وخاصة فى السلطة البرلمانية المعنية بالتشريع، وأن الإسلام يؤكد ضرورة تمكين المرأة، وأنها شريكة الرجل فى الحقوق والواجبات، وأوصانا النبى محمد صلى الله عليه وسلم على المرأة قائلا: "النساء شقائق الرجال"، وقد استشار رسولنا الكريم المرأة فى أصعب الأوقات فى التاريخ الإسلامى.
وأكد "الطيب" كذلك، أهمية أن يفرق المجتمع بين ما هو موروث من عادات وتقاليد وبين تعاليم الدين الإسلامى السمحة، التى منحت المرأة كل حقوقها بما يضمن لها كرامتها ويعينها على أداء واجباتها الدينية والأسرية تجاه المجتمع، مشيرا إلى أن تهميش المرأة فى العالم العربى ناتج عن قيود وطغيان العادات والتقاليد على التعاليم الصحيحة للدين، ونتج عن هذا الأمر خسارة كبيرة للمجتمع، إذ لم تتم الاستفادة من إمكانيات وأفكار وجهود المرأة وإشراكها فى جهود التنمية، ما كان سيؤدى إلى نتائج إيجابية فى بناء المجتمع وتقدمه، مؤكّدًا أهمية دور البرلمانات فى ترسيخ مكانة وحقوق المرأة من خلال التشريعات.
وبدورها، أكدت أمل القبيسى، أن الإسلام هو أول من مكن المرأة، وتمكين المرأة هو جزء من شريعتنا الإسلامية، وأنه لتمكين المجتمع لا بدّ من أن تكون هناك ثقة واحترام للمرأة، ونتيجة لهذا فقد حظيت المرأة الإماراتية بدعم كامل من قيادة دولة الإمارات منذ التأسيس، إذ آمن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه"، بفطنته ورؤيته الحكيمة بالدور المهم للمرأة فى البناء والتنمية، وفتح جميع الأبواب لها فى مجالات العلم والعمل، وبطريقة متدرجة تتفق مع طبيعة المجتمع الإماراتى، وتتوافق وتحترم عاداته وتقاليده وهويته الإسلامية، وساندته فى هذه الخطوات صاحبة السمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئـيـسـة الاتحـاد النسـائى العـام والرئيـس الأعـلى لمـؤسسة التـنـمية الأسـرية ورئيـسة المجـلس الأعـلى للأمـومـة والطـفـولة، وهى رؤية وفطنة وحكمة فى النظر إلى أنه بدون تمكين المرأة لن يكون هناك مجتمع متكامل ومتماسك ويعمل على تسيير عجلة التنمية.
فى سياق آخر، أكدت الدكتورة أمل القبيسى، خلال اللقاء، على أهمية دور الأزهر الشريف كأهم مؤسسة دينية إسلامية تتولى نشر الفكر الصحيح للإسلام، ونشر قيم التسامح والمحبة والسلام وروح الوسطية والاعتدال واحترام وتقبل الآخر والحوار بين الأديان، وتلعب دورًا مهمًّا فى تنوير المجتمع بأهمية دور المرأة واحترام إمكانياتها وقدراتها والدعوة إلى إشراكها ودمجها بصورة كاملة فى المجتمع، وثمّنت دور الأزهر فى نشر العلم والثقافة الإسلامية فى مصر وامتداد رسالته لمحيطه الإقليمى والدولى، ومساهمته فى نشر رسالة الإسلام السمحة التى تحث على الاعتدال والوسطية والتسامح والسلام، مؤكدة أن منهجه الوسطى عمل على ترسيخ صورة الإسلام السمحة وساهم فى الحفاظ على تماسك المجتمع ووقوفه أمام الأفكار المتشددة والمتطرفة.
وتطرقت رئيسة المجلس الوطنى الاتحادى بالإمارات، والدكتور أحمد الطيب - خلال اللقاء - إلى أهمية تحصين الشباب والطلاب من الفكر الضال الذى اختطف الدين الإسلامى واختطف الأبناء من عقر دارهم، إذ يتم التغرير بهم عبر أساليب كثيرة ومنها التقنيات المنتشرة، مشيرين إلى أن الأزهر منارة للفكر الإسلامى، ولا بدّ من تعزيز دوره وتقديم الدعم الكامل له، للتصدى للأجندات السياسية التى يعانى منها العالم العربى يذوق ويلاتها الشعب العربى ويدفع ثمنها الكبير والصغير.
وبحثت "القبيسى" وشيخ الأزهر التحديات التى يواجهها العالم العربى، والتأكيد على أهمية التنسيق بين المؤسسات التعليمية والدينية بشأن المناهج الدراسية ونشر الفكر الوسطى الصحيح، بعيدًا عن التطرف والطائفية، من خلال ضرورة اتفاق المؤسسات التعليمية والدينية على العمل الموحد لمواجهة الفكر المتطرف، وأن هذا الأمر يبدأ من المناهج التعليمية، مشيرين إلى أن الفكر يتكون لدى الفرد فى أول مرحلة من التعليم فى الحضانات والمراحل التى تسبق الابتدائية، ولا بد من تطويع المناهج الدراسية بأسلوب عصرى تقنى، يستقطب الطلبة لتعريف النشء بالدين الإسلامى وتعاليمه الصحيحة والسمحة، ونشر الفكر المعتدل والوسطى والتسامح والحوار، والتى تكون بمثابة حاجز وحصن منيع أمام الأفكار المتطرفة والخاطئة التى يدفع ثمنها الفرد والمجتمع معًا، كما تم التأكيد أيضًا على أهمية مراقبة التعليم والتأكد من قيام المعلم بنقل المنهج الفكرى الصحيح كما هو وارد فى المناهج الدراسية، مقترحين بأن يتم العمل على تبنى أسس شبه موحدة ومتفقة فى تعليم أسس الدين الإسلامى لنشر الوسطية والاعتدال ومحاربة الإرهاب والتطرف ومنع الطائفية والفتن فى المجتمع.
وشدّدت القبيسى والطيب، على أهمية تصحيح وتوضيح الصورة الحقيقة للإسلام فى المجتمعات الغربية، والتى عملت التنظيمات الإرهابية على تشويهها عن طريق مشاهد القتل والترويع باسم الدين الإسلامى، مشدّدين على أن الأعمال التى تعمد التنظيمات الإرهابية على ممارستها لا تمثل الإسلام أبدًا، وتناقض تعاليمه السمحة، كما تم بحث آلية تعزيز التعاون وتكامل الأدوار بين البرلمانات والأزهر الشريف، فيما يخص نشر الفكر الوسطى ومحاربة التطرف والإرهاب وإرساء دعائم السلام فى المنطقة، إذ دعا فضيلة الشيخ الطيب المجلس الوطنى الاتحادى إلى تبنى مبادرة دعوة البرلمانات العربية إلى العمل كفريق واحد مشترك، لوضع أسس متوافقة يمكن مراعاتها فى التشريعات لمحاربة الارهاب والفكر الضال.
وفى هذا الإطار، وجهت الدكتورة أمل القبيسى الدعوة لشيخ الأزهر الشريف لزيارة دولة الإمارات، والمجلس الوطنى الاتحادى، للتشاور وبحث أنجع الطرق لمكافحة الإرهاب والتطرف والطائفية من الجانب البرلمانى، باعتبار أن البرلمانات هى صوت الشعوب ويمكنها نشر الفكر الصحيح بين الشعوب، كما يمكنها أن تعمل وفق اختصاصاتها فى جميع المجالات على التصدى للمفاهيم المغلوطة التى تشوه حقيقة الدين، من خلال تصحيح الأفكار الخاطئة المنافية لسماحة الدين الإسلامى، مشيدًا بموقف دولة الإمارات الأخوى الصادق والداعم لجمهورية مصر العربية بشكل عام، والأزهر الشريف على وجه الخصوص فى أكثر الظروف حرجًا، انطلاقا من العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين الشقيقين، إذ لم تتوان دولة الإمارات فى مد يد العون لمصر وللأزهر لما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين.
وأشار فضيلة الإمام إن الأزهر الشريف يقوم بمواجهة الفكر المتطرف من خلال عدد من المبادرات، أبرزها إنشاء مرصد يتولى رصد أفكار التنظيمات الإرهابية وتحليلها والرد عليها بتسع لغات، وسيقوم بخطة جدية تتمثل بنشر عدد ألف رسالة يومية لمواجهة هذا الفكر، إضافة إلى قيامه بتنظيم قوافل دعوية لكل المحافظات المصر بهدف تحصين الشباب مِن الفكر المتطرف، والعمل بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين لترسيخ ثقافة السلام.
يذكر أن دولة الإمارات العربةي المتحدة كانت قد نفّذت عددًا من المشروعات التنموية فى مصر لصالح الأزهر، شملت إنشاء أربعة مبانٍ لإسكان طالبات جامعة الأزهر، وبناء مكتبة جديدة ومتطورة تكنولوجيًّا، تسهم فى ربط الأزهر الشريف إلكترونيًّا بالعالم، وإنشاء معهد الشعبة الإسلامية بالتجمع الأول بالقاهرة الجديدة.