أكد مدير مرصد الدراسات الجيوسياسية بباريس شارل سان-برو، إن الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند إلى مصر، والتى تعد الثانية فى أقل من عام، تعكس الشراكة المهمة والاستراتيجية بين البلدين.
واعتبر "برو"، فى تصريح اليوم الأربعاء، أن مصر تمثل لفرنسا إحدى الركائز لسياسة عربية موروثة عن الجنرال دى جول استمرت على مدار حكومات متعاقبة لأن جذورها ضاربة فى أعماق التاريخ، مؤكداً أن التطابق الاستراتيجى فى وجهات النظر بين القاهرة وباريس بشأن الأزمات الإقليمية الراهنة وحول خطر التطرّف والإرهاب، محذراً من وقوف الشرق الأوسط على برميل بارود، ومن ازدياد الأخطار بعد غزو العراق والاضطرابات التى شهدتها المنطقة منذ 2011.
وشدد المحلل الفرنسى على الرؤية المشتركة بين البلدين حول ضرورة الحفاظ على التوازنات الكبرى الجيوسياسية، ومواجهة العوامل المزعزعة للاستقرار، ومنها التدخلات الإيرانية فى العالم العربى، والتطرف، مؤكدا أهمية التوصل إلى حلول عادلة ودائمة للنزاعات، لاسيما القضية الفلسطينية التى تسعى فرنسا لتحريكها من خلال المبادرة التى أعلنت عنها مؤخرا.
وأوضح "برو" أن باريس تعول على أصدقائها العرب، وعلى رأسهم مصر، لدعم مبادرتها لاستئناف عملية السلام فى الشرق الأوسط من أجل التوصل إلى تسوية لإنهاء الصراع الفلسطينى-الإسرائيلى.
وعلى جانب آخر، أشار إلى احتياج فرنسا لمصر للمضى قدماً فى عدد من الملفات، لاسيما الأزمة الليبية، لافتاً إلى الرؤية المشتركة بين باريس والقاهرة حول ضرورة تعزيز الروابط بين ضفتى المتوسط.
وأوضح مدير مرصد الدراسات الجيوسياسية بباريس ضرورة تجديد فرنسا لسياستها العربية، حتى تقوم على تحالفات ملموسة مع أصدقاء مخلصين لديهم شواغل وتحليل مشترك لمختلف القضايا، معتبراً أن أبرز تلك البلدان هى: مصر ودول الخليج والمغرب التى تعد حليفا تقليديا فى شمال أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء.
وأضاف أن من مصلحة فرنسا إعطاء دفعة جديدة لعلاقتها الثنائية مع مصر، مع ضرورة مراعاتها رغبة القاهرة فى تنويع تحالفاتها والاعتماد على شركاء حقيقيين، مشيراً إلى أن تعزيز التعاون المصرى - الفرنسى ستكون له دلالة جيوسياسية فى غاية الأهمية.
ولفت شارل سان - برو إلى جهود مصر لمكافحة التطرّف ومواصلة برنامجها للإصلاح الاقتصادى وإلى احتياجها فى تلك المعركة المزدوجة لتنويع تحالفاتها والاعتماد على أصدقاء فعليين.
وشدد على الحاجة المهمة لتشكيل محور مصرى فرنسى، مؤكدًا أن صفقة الرافال ودفع التعاون العسكرى بين البلدين عكس إصرار الرئيس عبد الفتاح السيسى على استعادة الدور الإقليمى لمصر وانتهاج سياسة مستقلة.
وفى ختام تصريحاته أكد مدير مرصد الدراسات الجيوسياسية بباريس، أن فرنسا تعد القوة العظمى الوحيدة التى تتبنى سياسة عربية وتعتبر العالم العربى شريكا مهما ومتميزا، مضيفًا أن التواجد الفرنسى فى العالم العربى يظهر فى المناحى الثقافية والسياسية والاقتصادية والإنسانية، وفقًا لأهداف استراتيجية جوهرية.
ويبدأ الرئيس الفرنسى الأحد المقبل، زيارة رسمية لمصر تستمر يومين على رأس وفد وزارى واقتصادى رفيع المستوى، وذلك فى إطار جولة فى الشرق الأوسط تشمل لبنان والأردن.