زار " برلمانى" غرفة الآثار النبوية بالمسجد الحسينى، والتى تحتوى على عدد من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم، والتى نقلت إلى مسجد الإمام الحسين فى الحجرة التى بناها الخديوى عباس حلمى الثانى عام 1893، وكانت هذه الآثار النبوية فى مدفن السلطان قنصوه الغورى ،وكان السلطان الغورى قد نقلها إلى مدفنه من مسجد الصاحب بهاء الدين المطل على النيل فى حى مصر القديمة فى منطقة أثر النبى .
تلك الغرفة التى لا تفتح إلا لكبار الزوار فقط، وحرمت على عوام الناس، حيث إن مصر تمتلك مزارا مهما يدفع أمامه المسلمون الأموال وبالعملات الصعبة مثل الآثار النبوية الموجودة فى تركيا، لكن فى مصر فضل المسؤولون حجب تلك الآثار النبوية عن أعين الناس، بل وعدم التفكير من الاستفادة منها سياحيا.
غرفة الآثار النبوية بمسجد الإمام الحسين تحتوى على سيف الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقال إن اسمه "سيف العضب" والذى أهدى إلى الرسول فى معركة أحد من الصحابى سعد بن عبادة، فأعطى الرسول هذا السيف لسماك بن خرشة (أبودجانة) ليعرض قوة وصلابة ومتانة أناقة الإسـلام والمسلمين أمام أعداء اللــه ورسولــه ومعنى العضب يعنى الحاد .
كما تحتوى الغرفة على جزء من قميص الرسول صلى الله عليه وسلم ،بالإضافة إلى بقايا عصا الرسول والتى يقال إنها العصا التى دخل بها إلى مكة وكان يشير إلى الأصنام فتتحطم، إضافة إلى المكحلة التى كان يتكحل بها، وكذلك مصحف يقال إن كتبه سيدنا على بن أبى طالب ،رضى الله عنه، وبعض من شعر الرسول .
تقول الدكتورة سعاد ماهر عالمة الآثار فى كتاب لها بعنوان "مخلفات الرسول فى المسجد الحسينى": إن المخلفات الموجودة بمسجد الحسين هى ثلاث قطع من النسيج، وقطعة من القضيب وهى التى عبر عنها الجبرتى بقطعة عصا، والمكحلة والميل"المرود" وقد ضم إليها بعض الشعر من الرأس و من اللحية النبوية الشريفة، وقد حفظت جميعها فى أربعة صناديق من الفضة، ملفوفة فى قطع من الحرير الأطلس الأخضر الموشى بخيوط من الذهب والفضة.
القميص
ترك صلى الله عليه وسلم يوم مات ثوبى حبرة وإزارا عمانيا وثوبين صحاريين وقميصا صحاريا وآخر سحوليا وجبه يمنية وخميصة وكسا أبيض وقلانس صغار لاطية ثلاثة أو أربعة وملحفة ومقراض وسواك".
وكان له فراش من أدم حشوه ليف وقدح مضبب بفضة فى ثلاث مواضع وقدح آخر وتور من حجارة ومخضب من شب يعمل فيه الحنة والكتم ويوضع على رأسه إذا وجد فيه حرارة ،وقدح من زجاج ومغتسل من صفر وقصعة وصاع يخرج به زكاة الفطر ومد وسرير وقطيفة وخاتم من فضة نقشه محمد رسول الله، وقيل أنه كان من حديد ملوى بفضة، وأهدى له النجاشى خفين سارجين فلبسهما وكان لها كسا أسود وعمامة يقال لها السحاب فوهبها عليا فربما قال إذا رأه مقبلا وهى عليه أتاكم على فى السحاب
وكان له ثوبان للجمعة غير ثيابه التى يلبسها فى سائر الأيام ومنديل يمسح به وجهه من الوضوء ،وقد جاء فى كتب السيرة والمراجع التاريخية ذكر بعض لباس الرسول فى ثنايا الحديث عن أهله وخلفائه من الأمويين , فقد ذكر أنس بن مالك: "ولما من أمر عثمان ما صار كانت عائشة تخرج قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم وشعره وتقول هذا قميصه وشعره لم يبليا وقد بلى دينه".
عصا الرسول "القضيب"
أما القضيب الموجود بمسجد الحسين بالقاهرة , فقد تبين بعد فحصه أنه من خشب الشوحط ،وهو نوع من خشب الأرز الذى كان ينمو على جبال بلاد الشام فى أوائل العصر الإسلامى ،والقطعة الباقية من القضيب يبدو عليها القدم الشديد، وكان من الممكن تحديد عمر الخشب عن طريق التحليل، لولا أن القضيب كان قد غطى بطبقة من الراتنج، وذلك بطبيعة الحال لوقايته من التلف أو التآكل والتسويس، وخاصة بعد أن ذهب الكثير منه، أما الغلاف المعدنى الذى يغلف معظم القضيب فقد تبين بعد التحليل أنه من الفضة الجيدة، وعلى ذلك فليس من المستبعد أن يكون هذا الجزء الباقى من القضيب التى تركها الرسول صلى الله عليه وسلم وقد يكون من العصا التى وصفت بالبيضاء من الشوحط، وكان قد دخل مكة عام الفتح والأصنام معلقة وبيده قضيب فجعل يشير إليها ويقول جاء الحق وزهق الباطل وهى تتساقط.
المكحلة والمرود
وأما المكحلة فقد ورد ذكرها كذلك قيما خلف الرسول صلى الله عليه وسلم من أدوات الزينة، فعن يزيد بن هارون عن ابن عباس، أن النبى صلى الله عليه وسلم كانت له مكحلة يكتحل منها عند النوم.
والمكحلة المحفوظة مع التراث الشريف، تبين لنا بعد تحليل معدنها أن الجزء المقعر الذى يشبه الملعقة من النحاس الأصفر، وإن كان لونها الآن قد أصبح يميل إلى السواد وذلك من أثر القدم، أما باقى اليد فقد كسيت بغلاف من الفضة من المرجح أن تكون قد أضيفت فيما بعد
أما المرود أو الميل فإنه من الحديد وقد غلف جزء من نهايته الغليظة بغلاف من الفضة، وليس من المستبعد أن يكون قد أضيف مع غلاف المكحلة كذلك، وبما أن المراجع التى تعرضت لوصف المكحلة والمرود، ذكرت أنهما من النحاس أو النحاس الأحمر كما ورد فى بعضها، وقال الآخر إنهما من الحديد، وقد تبين من التحليل أن المكحلة والمرود صنعتا من هاتين المادتين فليس من المستبعد أن تكون المكحلة والمرود من مخلفات الرسول.
الشعر
ومن بين المخلفات النبوية بضع شعرات تنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكى نتحقق من صحة نسبتها إليه ،كان لابد لنا من الرجوع إلى ما ورد فى كتب الحديث وكتب السيرة عن شعره صلى الله عليه وسلم ،كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعا بعيد ما بين المنكبين عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه عليه حلة حمراء ما رأيت شيئا قط أحسن منه عليه الصلاة والسلام
وأم سلمة زوجة النبى عليه الصلاة والسلام كانت تحتفظ بشعرات من شعره وكذلك كانت عائشة أم المؤمنين تحتفظ بشيئ من شعره ولباسه ،فقد ذكر أنس بن مالك : لما صار من أمر عثمان ما صار كانت عائشة تخرج قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم وشعره وتقول هذا قميصه وشعره لم يبليا وقد بلى دينه
وفيما يختص بشعره صلى الله عليه وسلم فقد رأينا أنه كان يفرق على الحاضرين من المسلمين عند حلقه، وأن أبا طلحة رضى الله عنه كان يقوم بمهمة تفريقه ،وعلى ذلك فليس من المستبعد أن نجد من شعره قراضات وشعرات طويلات أو قصيرات فى كثير من أنحاء العالم الإسلامى
يقول أحمد تيمور: إن شعرتين، كانتا مع الآثار النبوية بقبة الغورى ونقلتا معها إلى هذا المسجد، وهما فى زجاجة محفوظة فى صندوق صغير من الفضة ملفوف بلفافة من الديباج الأخضر المطرز بخيوط من الفضة ،والواقع أن عددها أربع شعرات لا شعرتين ولونها كستنائى داكن، قد يكون نتيجة خضابها أو دهنها أو تطييبها فقد خضب صلى الله عليه وسلم شعره ودهنه ،وهى من الشعر الرجل، وقد كان شعره الشريف رجلا، وطولها يتراوح بين ( 7 - 10 ) سنتيمرات، وهو طول يبلغ شحمة الأذن، وقد كان له صلى الله عليه وسلم شعر يبلغ شحمة أذنيه، لذلك كله أرجح أن تكون هذه الشعرات من شعر رأسه عليه الصلاة والسلام.
مصحف على بن أبى طالب رضى الله عنه
أما المصحف المعروف بمصحف على ،لوحظ أنه لم يذكر فى المراجع التاريخية إلا على قلة،وفى إشارات عابرة ،كما لم يعثر على نص تاريخى يشير إلى وجوده بمصر فى أوائل العصر الإسلامى، والمصحف المنسوب إلى على ابن أبى طالب كرم الله وجهه والمحفوظ بمسجد الحسين رضوان الله عليه يتكون من 504 صفحات من الورق ومكتوب بمداد يميل إلى السواد، أما خط المصحف فهو كوفى بسيط نقطت حروفه بنقط حمراء للشكل وأخرى سوداء للأعجام ،حيث نفت عالمة الآثار نسبة هذا المصحف إلى سيدنا على بن أبى طالب ذاكرة العديد من الأسباب فى هذا الشأن.