كتب تامر إسماعيل
126 عاما مرت على ميلاد مكرم عبيد باشا، أبلغ من وقفوا تحت قبة البرلمان المصرى ليسطر بخطه وأدائه تاريخه وتاريخ المجلس، ويحمل خلفه العديد من الألقاب والمناصب والمواقف التاريخية والوطنية الكبيرة، فهو إلى جانب كونه أحد أبرز القيادات الوفدية عبر تاريخ الحزب، فقد تولى حقيبتى المواصلات والمالية، ومنصب نقيب المحامين، وهو مؤسس فكرة النقابات العمالية والكادر العمالى.
نشأته وتعليمه
فى مثل هذا اليوم 25 أكتوبر عام 1889، وفى إحدى قرى مدينة قوص بمحافظة قنا، ولد مكرم عبيد، ابن أشهر العائلات القبطية، والتحق بالمدرسة الأمريكية فى أسيوط، ودرس القانون فى جامعة أكسفورد، وحصل فيها على درجة امتياز فى القانون عام 1908، واستكمل دراسته القانونية فى ليون بفرنسا وحصل على ما يعادل الدكتوراة عام 1912.
قصة "الكتاب الأسود" أشهر استجواب فى تاريخ البرلمان المصرى
عمل مكرم عبيد فى المحاماة وأختير كنقيب للمحامين، وعندما تم نفى الزعيم سعد زغلول إلى جزيرة مالطة كان عبيد ضمن الوفد المصاحب له، وعادوا بعد ثورة 1919، لينضم بعدها عبيد إلى حزب الوفد فور تأسيسه، وبعد وفاة سعد زغلول تولى منصب سكرتير حزب الوفد وترشح كعضو فى مجلس النواب حتى عام 1946، كما اختاره مصطفى النحاس باشا وزيرا للمواصلات عام 1928، ثم وزيرا للمالية عام 1936، واستمر فيها لثلاث وزارات متتالية، إلا أنه فى عام 1942 دب بينه وبين مصطفى النحاس باشا رئيس حزب الوفد ورئيس الوزراء وقتها، خلاف تاريخى، قرر بعده عبيد أن يصدر كتابا أسماه "الكتاب الأسود" جمع فيه عدة مخالفات مالية للوفد وعرضه فى استجواب شهير تحت قبة البرلمان، واستمر الاستجواب لمدة ثلاثة أيام، وتقدم بعدها النائب حسن ياسين باقتراح لإسقاط عضوية مكرم باشا من المجلس، مستندا على أن مكرما كان سكرتيرا للوفد، وصديقا لمصطفى النحاس، وابنا لسعد زغلول ولم يعد جديرا بشرف النيابة، فجرى التصويت فى نفس الجلسة وتم فصله من مجلس النواب، وكان هذا هو يوم انفصاله عن الوفد وتشكيل الكتلة الوفدية، ثم أصدر بعدها النحاس قرارا باعتقال عبيد بموجب قانون الطوارىء.
قدراته الخطابية ومقولاته
كان مكرم عبيد خطيبا بارعا، وله كلمات محفورة فى تاريخ الوطنية المصرية، منها: "إن مصر ليست وطنا نعيش فيه، بل وطن يعيش فينا" ومقولة: "إننى كما أقرأ الإنجيل أقرأ القرآن وأستشهد بآياته بل وأتعظ بعظاته؛ لأننى أؤمن بالواحد الديان سبحانه فى كمال علمه وصفاته".
مكرم عبيد مؤسس مبادىء العدالة الإجتماعية
يُعد مكرم عبيد هو صاحب فكرة النقابات العمالية وتكوينها، والواضع الأول لكادر العمال فى مصر، ووضع الحد الأدنى للأجور وتوفير التأمين الاجتماعى لهم، وواضع نظام التسليف العقارى الوطنى، كما أنه صاحب الأخذ بنظام الضريبة التصاعدية للدخل، كما ساهم عبيد فى دعم حرية الرأى والصحافة والاجتماع، وهو من أوائل من تحدثوا عن وجوب إلغاء الحبس الاحتياطى فى جرائم الرأى.
توفى فارس الوحدة الوطنية فى 5 يونيو 1961، وتم تأبينه بالكنيسة المرقسية بالأزبكية، بحضور أنور السادات نيابة عن الرئيس جمال عبدالناصر، ليغلق بذلك صفحة من أهم صفحات تاريخ الوطنية والسياسة والبرلمان المصرى، صفحة لم يُكتب مثلها حتى الآن.