تحليل عبد الحليم سالم
لماذا تدعم الحكومة بملايين الجنيهات المصانع، التى تستورد الغزول والأقمشة من الخارج، وتستخدمها فى تصنيع الملابس تم تعيد تصديرها؟ ولماذا لا يقتصر دفع دعم صادرات بنفس قيمة الخامات المحلية فقط؟ إن المتابع لواقع صناعة الغزل والنسيج فى مصر يلاحظ أن الصناعة فى تدهور نتيجة العديد من العوامل المختلفة، ومن المحمود أن تتبنى الحكومة هذه المشكلة لحلها قبل فوات الأوان – إن كان لم يفت بعد- لكن هناك ملاحظات جوهرية على ما تم خلال لقاء جمع رجال الصناعة بالمهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، حيث طالب الصناع بأن يتم رفع قيمة الجمارك على الملابس المستوردة لنحو 50%، بعد أن تم رفع القيمة حتى 40%، لكنهم لم يوافقوا على رفع جمارك الغزول والأقمشة الواردة من الخارج إلى المعدلات العالمية، وهو أمر يضع العديد من علامات الاستفهام.
مطالب بزيادة الجمارك المصرية على الواردات، إن رسم الجمارك الحالى على الغزول يصل لـ 5% فقط، فى حين يصل عالميا لـ 2%، ورسم الأقمشة يصل إلى 10% فقط، ويصل عالميا لنحو 40% أيضًا، وبالتالى فإن الحكومة لابد أن تراعى رفع الجمارك، بما يعنى رواج المنتج المحلى والصناعة المحلية، بغض النظر عن رفض مصدرى الملابس لذلك؟ والأهم والغريب أيضًا أن الحكومة تمنح دعما لصادرات مصانع الملابس الجاهزة، رغم أن المكون المحلى فيها لا يتعد من 20 إلى 30%، حيث إن الغزول والأقمشة يتم استيرادها من الخارج، ويتم التصنيع محليا فقط، وهو أمر يحتاج إلى رؤية من رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل.. كيف تمنح الحكومة دعم لصناعة 70% منها مستورد من الخارج؟ إن الأمر بالفعل خطير، خاصة أن هناك من يحاول الضغط على الحكومة لزيادة دعم الصادرات لشركات خاصة تستورد كل شىء من الخارج، والحل أن تقر الحكومة بمنح دعم صادرات للشركات، شريطة أن تكون الغزول والأقمشة مصنعة محليا، أو منح قيمة صادرات وفق نسبة المكون المحلى، وهذا الأمر سيترتب عليه عدة أشياء، أهمها ترويج الغزول والأقمشة المحلية بما يضمن تشغيل المصانع المتوقفة محليًا، سيزيد الطلب على القطن المصرى بما يعيد للقطن مكانته مجددا وزيادة المساحات المزروعة، وثالثا ضمان تشغيل الشركات الحكومية، وتوفير رواتب العاملين فيها بدلا من اعتمادها على الحكومة شهريا بنحو 100 مليون جنيه لدفع الرواتب.
إن "مربط الفرس" كما يقال لتطوير الصناعة، يتمثل فى الاعتماد على النسيج والغزل المحلى ودعمه دون دعم شركات تستورد من الخارج بالرخيص، وتحصل على دعم الدولة لتربح مرتين، وشركات الحكومة خاوية على عروشها.
تدخل وزير قطاع الأعمال العام، إننى أطالب وزير قطاع الأعمال الدكتور أشرف الشرقاوى بأن يتبنى هذا المطلب الهام، وأن يتبنى إنقاذ صناعة الغزل والنسيج عبر تنفيذ حزمة من الآليات المختلفة لمواجهة تغول القطاع الخاص وطوفان الاستيراد من الخارج، بخلاف ما يتم تهريبه من أقمشة وغزول تدمر الصناعة المحلية.
أيضًا على الحكومة أن تقضى على عمليات التهريب تماما، خاصة أن كميات هائلة من الغزل والأقمشة تصل للسوق، ويقل سعرها بنحو 5 آلاف جنيه فى الطن الواحد عن المنتج المحلى، إضافة إلى رفع التعريفة الجمركية لأقصى درجة، وبما يتفق مع المعايير الدولية لضمان حماية الصناعة، وأيضا الحصول على أموال بالعملة الصعبة جراء رفع قيمة الجمارك.
أيضًا على الحكومة تحديث مصانعها، واستخدام أحدث الماكينات، وتدريب العمالة، وتعيين عمالة مدربة، خاصة أن قطاع الغزل والنسيج فقد أكثر من 50% من قوته السنوات السابقة نتيجة المعاش وتوقف تعيين العمالة، لتدهور أوضاع الشركات جراء تشابك الصناعة ومحاربتها لصالح القطاع الخاص.