فى أقل من ساعتين، أصبحت جزيرتا تيران وصنافير هما الحدث الأهم على مواقع التواصل الاجتماعى، وذلك عقب توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، الاتفاق الذى أثار خلفه تساؤلات كثيرة حول مصير الجزيرتين، حيث انتشرت تقارير صحفية تشيع أن مصر تنازلت عن الجزيرتين للجانب السعودى، وهو مانفته مصادر مطلعة فى تصريحات لـ"برلمانى".
أهمية الجزيرتين
وتكمن أهمية الجزيرة فى تحكمها بمضيق تيران لكونها تطل عليه، ورأس حميد فى السواحل الغربية لتبوك فى السعودية، كما أن للجزيرتين أهمية استراتيجية كونهما تتحكمان فى حركة الملاحة الدولية من خليج العقبة، حيث تقعان عند مصب الخليج، الأمر الذى يمكنهما من غلق الملاحة فى اتجاه خليج العقبة.
أما بالنسبة لإسرائيل فالجزيرتان تشكلان وجود إسرائيل الوحيد على الجزر العسكرية، وتضمن من خلالهما الاحتفاظ بالممرات الملاحية الواضحة للاستيراد والتصدير، كما أنهما يتحكمان فى حركة المرور من وإلى ميناء إسرائيل الجنوبى فى إيلات، إضافة إلى الأهمية الاقتصادية لما تحمله الجزيرتان من ثروات معدنية ونفطية.
معلومات تاريخية هامة حول جزيرتى تيران وصنافير
ويعود حقيقة طوف أزمة هاتين الجزيرتين، مع بداية عملية عاصفة الحزم، الت قادتها السعودية فى اليمن، وانتشار شائعات إعلامية ضد السعودية ومصر، حول تنازلهما عن جزر تيران وصنافير لإسرائيل، وأن الجزيرتين اللتين احتلتهما إسرائيل فى 1967 لم تتفاوض عليهما مصر فى اتفاقية السلام، وتركتهما محتلتين لإسرائيل، والحقيقة أن الجزر ليست محتلة وكلتاهما تحت السيادة المصرية.
ويعتبر الجزيرتان جزءا من المنطقة "ج" المحددة فى معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، لكن لا يتواجد فيها سوى الشرطة المدنية، إلى جانب القوات الدولية لحفظ السلام.
أما عن الموقع الجغرافى للجزيرتين، فهما جزيرتان تقعان عند مدخل خليج العقبة بين الجهة المصرية والسعودية، وهى جزر فى الأساس غير مأهولة، وتصنع الجزر ثلاث ممرات من وإلى خليج العقبة، الأول منها بين ساحل سيناء وجزيرة تيران، وأقرب إلى ساحل سيناء، وهو الأصلح للملاحة (عمقه 290 مترا) واسمه ممر "إنتربرايز".
والثانى أيضًا بين ساحل سيناء وجزيرة تيران، ولكن أقرب إلى الجزيرة، وهو ممر جرافتون، وعمقه 73 مترا فقط فى حين يقع الثالث بين جزيرتى تيران وصنافير، وعمقه 16 مترا فقط، لهذا فالجزيرتان لهما أهمية استراتيجية لأنه يمكنهما غلق الملاحة فى اتجاه خليج العقبة.
تتابع الأزمة تاريخيا:
1906 وقعت مصر معاهدة تحديد الحدود الشرقية مع الدولة العثمانية، وتم فى المعاهدة تحديد الحدود بخط يبدأ من ساحل البحر المتوسط إلى نقطة على خليج العقبة تقع شرق طابا وغرب إيلات الحالية.
1950 اتفقت مصر والسعودية على احتلال مصر لجزر تيران وصنافير رغم تنازعهما عليها وذلك نتيجة ضعف البحرية السعودية آنذاك.
1951 أعلنت مصر أن أى سفن تريد التحرك عبر مضيق تيران يجب أن تخطر السلطات المصرية وتؤكد منع السفن الإسرائيلية.
1954 بعثت مصر للأمم المتحدة ما يفيد أن جزيرتى تيران وصنافير مصريتان وليستا سعوديتين وكانتا فى الجانب المصرى عند توقيع اتفاقية 1906 وأنه من الثابت من الوثائق أنه كان هناك قوات مصرية فيها فى الحرب العالمية الثانية.
1957 السعودية ترسل للبعثات الدبلوماسية فى جدة ثم للأمم المتحدة مايفيد أنها تعتبر جزيرتى تيران وصنافير أراضى سعودية.
1979 وقعت مصر معاهدة السلام مع إسرائيل وتقر بحق اسرائيل فى الملاحة عبر مضيق تيران، وتضمنت المعاهدة وجود قوات دولية فى منطقة شرم الشيخ والمضائق لضمان حرية
1983 إعلان رأس محمد وجزيرتى تيران وصنافير محمية طبيعية
1989 السعودية تنشر إصدارًا تظهر فيه الجزيرتان ضمن الأراضى السعودية، وترسله للأمم المتحدة.
يناير 1990 قرار جمهورى بتحديد خطوط الأساس التى تحسب منها المياه الإقليمية المصرية بإحداثيات واضحة للمرة الأولى.
وفى 12 يناير 2010 أصدر الملك السعودى الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، مرسومًا ملكيًا بترسيم الحدود البحرية للمملكة فى عمق البحر الأحمر مع كل من مصر والأردن والسودان.
وأبلغت المملكة بذلك الأمم المتحدة، التى أبلغت مصر بدورها، فأصدرت الأخيرة إعلانًا دوليًا بأنها سوف تتعامل مع خطوط الأساس الواردة إحداثياتها الجغرافية بالمرسوم الملكى السعودي، والمقابلة للساحل المصرى.
وأكدت مصر فى إعلانها ردا على المرسوم السعودى أن هذا لا يمس بالموقف المصرى فى المباحثات الجارية مع السعودية لتعيين الحدود البحرية بين الطرفين.
وظل الوضع هكذا حتى وقع الجانبين المصرى والسعودى اليوم الجمعة على اتفاق واحد لترسيم تلك الحدود، وهو ما أثار تساؤلات حول طبيعة ذلك الاتفاق، وعن الطرف المتنازل، والطرف الذى تمسك بموقفه.