هنأ الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، الشعب المصرى والأمة الإسلامية بهذا الشهر العظيم الفضيل سائلًا الله (عز وجل) أن يجعله شهر خير ويمن وبركة وسعادة وقبول لنا جميعًا، وأن يتقبل فيه صلاتنا، وصيامنا، وقيامنا، وركوعنا، وسجودنا، وسائر أعمالنا الصالحة، وأن يحقق لنا فيه الغاية المنشودة فى قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ".
وأضاف جمعة، فى أولى حلقات برنامج "رؤية" بعنوان: "من فضائل رمضان":"الصيام أحد أركان الإسلام الخمسة، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "بُنِى الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ"، وفيه من الثواب العظيم ما فيه حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "مَن صَامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ"، ويقول أيضًا: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، وفيه ليلة خير من ألف شهر هى ليلة القدر، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ".
وتابع جمعة:" لذا كان أصحاب النبى (صلى الله عليه وسلم) يُعدون له العُدة ويسألون الله (عز وجل) أن يبلغهم رمضان، رُوى أن النبى (صلى الله عليه وسلم): "رقِى المنبرَ، فلمَّا رقِى الدَّرجةَ الأولَى، قال: آمين، ثمَّ رقِى الثَّانيةَ، فقال: آمين، ثمَّ رقِى الثَّالثةَ فقال: آمين، فقالوا: يا رسولَ اللهِ ! سمِعناك تقولُ آمين ثلاثَ مرَّاتٍ، قال: لمَّا رقِيتُ الدَّرجةَ الأولَى جاءنى جبريلُ فقال: شَقِى عبدٌ أدرك رمضانَ فانسلخ منه ولم يُغفرْ له فقلتُ: آمين، ثمَّ قال: شَقِى عبدٌ أدرك والدَيْه أو أحدَهما فلم يُدخِلاه الجنَّةَ فقلتُ آمين، ثمَّ قال: شَقِى عبدٌ ذُكِرتَ عنده فلم يُصلِّ عليك فقلتُ: آمين"، فهو شهر عظيم فيه من النفحات، والبركات، والخيرات ما فيه، وإذا كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) قد قال: "إن لربكم فى أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها، لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدًا"، فأى نفحات وأى نسمات وأى بركات أفضل من نفحات وبركات ونسمات هذا الشهر الفضيل، قال تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ" ويقول (صلى الله عليه وسلم): "الصيامُ والقرآنُ يَشْفَعانِ للعبدِ، يقولُ الصيامُ: أَى رَبِّ ! إنى مَنَعْتُهُ الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ، فشَفِّعْنِى فيه، ويقولُ القرآنُ: مَنَعْتُهُ النومَ بالليلِ، فشَفِّعْنِى فيه ؛ فيَشْفَعَانِ"، وللصائم دعوة لا ترد حيث يقول النبى (صلى الله عليه وسلم): "ثلاثةٌ لا تُردُّ دعوتُهم الصَّائمُ حتَّى يُفطرَ، والإمامُ العادلُ، ودعوةُ المظلومِ يرفعُها اللهُ فوق الغمامِ، وتُفتَّحُ لها أبوابَ السَّماءِ، ويقولُ الرَّبُّ وعزَّتى لأنصُرنَّك ولو بعد حينٍ"، ويقول النبى (صلى الله عليه وسلم): "الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلاَ يَرْفثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أو شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّى صَائمٌ، إِنِّى صَائمٌ " أى وقاية من غضب الله، ووقاية من عذاب الله يوم القيامة.
وأوضح وزير الأوقاف، أن الصوم على مسالك: أولها: صوم العموم أو صوم العوام، والثاني: صوم الخصوص أو صوم الخواص، والثالث: صوم خواص الخواص، أما صوم العموم؛ وهو المعلوم لعامة الناس وبه تُقضَى الفريضة فهو الإمساك عن شهوتى البطن والفرج من أذان الفجر إلى أذان المغرب، وأما صوم الخواص ؛ فهو الصوم عن كل ما يُغضب الله ؛ بأن تكف العين عن النظر إلى ما حرم الله، وأن تكف الأذن عن سماع ما يغضب الله، وأن تكف سائر الجوارح عن المعاصى، أما صوم خصوص الخصوص؛ فهو الإقبال على الله (عز وجل) بالكلية ابتغاء مرضاته فى هذا الشهر الكريم بروح إيمانية وثَّابة، لا تقف عند ترك المعاصى إنما تتجاوز ذلك إلى التزود من الطاعات؛ من قيام الليل، من قراءة القرآن، من التكافل، من التراحم، من إطعام الطعام، يقول النبى (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا"، وهو شهر إطعام الطعام، وشهر الصدق، وشهر الوفاء، وشهر الأمانة، وشهر الرحمة، وشهر الصبر، وشهر البر، وشهر الصلة، وإذا كانوا يقولون أن أوله رحمة فلنجعل أوله رحمة للعالمين بالتسامح، وقبول الآخر، والترابط الاجتماعى، وقضاء حوائج الفقراء والمحتاجين.
وأكد وزير الأوقاف، أن من أفضل القربات فى هذا الشهر إطعام الطعام، وإطعام الطعام فى كل وقت هو مطلب إسلامى، وشرعى، ودينى، ووطنى، وإنسانى، أما فى هذا الشهر فيزداد فضلًا، يقول سبحانه: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا"، ما أفضل إطعام الطعام فى هذا الشهر الكريم، فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أن رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، أَى الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: "تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ، وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "أيُّها الناسُ أفشوا السلامَ، وأطعِموا الطعامَ، وصِلُوا الأرحامَ، وصَلُّوا بالليلِ والناسُ نيامٌ تدخلوا الجنةَ بسلامٍ"، والثلاثة تتحقق فى هذا الشهر الكريم، فرمضان شهر الإطعام: "مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا"، وجاءت كلمة "صائمًا" نكرة للعموم فتطلق على المسكين، والفقير، والمحتاج أو صديقًا أو غنيًا فله مثل أجره، فلم يقل النبى (صلى الله عليه وسلم) من فطر صائمًا فقيرًا ؛ وإن كان الفقراء هم الأولى بالإطعام وهم أولى بالصدقة وهم الأولى بالمعروف فى هذا الشهر الكريم من باب التراحم، والتكافل، والإحساس بالآخرين إلا أن النبى (صلى الله عليه وسلم) جعل جزاء الإطعام واسعًا، ومفتوحًا لكل من فطر صائمًا من أهله، من جيرانه، من أصدقائه أو من الناس، ولو بتمرة، ولو بشق تمرة، ولو بشربة ماء وفرها له، وذلك لإحداث الترابط، والتواصل، والتراحم الاجتماعى فى هذا الشهر الكريم، هذا شهر يجب أن نغتنمه فنحافظ على الصلاة فكما أن الصيام ركن من أركان الإسلام الخمسة فالصلاة ركن من أركان الإسلام الخمسة، وأن نبادر بإخراج الزكاة فمن لم يُخرج زكاة ماله عليه أن يبادر بإخراجها فى هذا الشهر الذى تُضاعف فيه الحسنات، نكثر فيه من قراءة القرآن، والذكر، وصلة الأرحام فهو شهر عظيم، وفرصة عظيمة، جاءكم باب عظيم من الخير فاغتنموه، حيث يقول النبى (صلى الله عليه وسلم): "إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِى مُنَادٍ يَا بَاغِى الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِى الشَّرِّ أقصر، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ".
واختتم وزير الأوقاف:" فعلينا أن نقبل على ما هو خير، وأن نُقلع عن كل ما هو شر سائلين الله (عز وجل) أن يتقبل منا صالح الأعمال وأن يوفقنا إلى حسن طاعته فى هذا الشهر الكريم".