الخميس، 06 مارس 2025 03:11 م

"معلومات الوزراء" يستعرض أبرز الجهود الدولية المبذولة لتحقيق المساواة بين الجنسين

"معلومات الوزراء" يستعرض أبرز الجهود الدولية المبذولة لتحقيق المساواة بين الجنسين
الخميس، 06 مارس 2025 11:01 ص
كتبت هند مختار

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً بمناسبة اليوم العالمى للمرأة الذى يوافق 8 مارس من كل عام، مشيراً إلى أن هذا اليوم يُعد أكثر من مجرد تاريخ؛ فهو مناسبة تُجدد فيها الإنسانية التزامها بالمساواة والتمكين، وفرصة لتسليط الضوء على إنجازات النساء حول العالم والتحديات التى لا تزال تتطلب مزيدًا من العمل والتغيير، وما يتعلق بحقوق النساء والفتيات.

أشار التحليل إلى أن اليوم العالمى للمرأة يأتى ليؤكد أن تحقيق المساواة بين الجنسين ليس مجرد مطلب حقوقى، بل هو ضرورة تنموية تُسهم فى ازدهار المجتمعات واستدامة النمو الاقتصادى، كما أنه هدف من أهداف التنمية المستدامة 2030، مضيفاً أن اليوم العالمى يأتى هذا العام تحت شعار "الحقوق والمساواة والتمكين لجميع النساء والفتيات"، حيث يمثل عام 2025 محطة بارزة فى مسيرة حقوق المرأة؛ إذ يتزامن مع مرور 30 عامًا على إعلان ومنهاج عمل بيجين، الذى انعقد فى الفترة 4 - 15 سبتمبر عام 1995، والذى يُعد نقطة تحول فى تعزيز مكانة النساء والفتيات عالميًّا؛ حيث كان الإعلان أول وثيقة عالمية سياسية بشأن المرأة تشمل تركيزًا خاصًّا على حقوق السيدات، فقبل عام 1995، لم تكن سوى 12 دولة تفرض عقوبات قانونية على العنف المنزلى، بينما اليوم يوجد 1583 تدبيرًا تشريعيًّا معمولًا به فى 193 دولة منها 354 تدبيرًا مخصصًا لمكافحة العنف المنزلى. وقد أسهم هذا المنهاج فى ترسيخ أسس الحماية القانونية وتوسيع نطاق الخدمات المتاحة للمرأة، وتعزيز دور الشباب فى دعم المساواة، إلى جانب العمل على تغيير المفاهيم المجتمعية والقضاء على الصور النمطية التى تعوق التقدم نحو مجتمع أكثر إنصافًا. كما أنه فى الفترة من 10 إلى 21 مارس 2025، ستُعقَد الدورة الــ 69 للجنة وضع المرأة (Commission on the Status of Women) بمقر الأمم المتحدة فى نيويورك، بحضور ممثلى الدول الأعضاء وكيانات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية المعتمدة لدى المجلس الاقتصادى والاجتماعى من جميع مناطق العالم؛ وذلك لمناقشة الإنجازات والتحديات الحالية بمجال المساواة بين الجنسين.

وعلى الرغم من الجهود الدولية المبذولة لتحقيق المساواة بين الجنسين، فإن التقدم المحرز نحو تقليص الفجوة العالمية بين الجنسين بطيء جدًّا؛ فقد أظهرت نتائج المؤشر العالمى للفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى World Economic Forum، والذى يقيس التطور السنوى لوضع المساواة بين الجنسين من خلال أربعة مؤشرات فرعية، وهي: التمكين السياسى، والمشاركة الاقتصادية والفرص، والتحصيل التعليمى، والصحة والبقاء على قيد الحياة، أن نسبة سد الفجوة العالمية بلغت 68.5% عام 2024؛ حيث تم تقليص الفجوة بنسبة 0.1% فقط مقارنة بعام 2023 من نسبة مئوية بلغت 68.4%.

ووفقًا للبيانات الحالية، فإن تحقيق التكافؤ بين الجنسين قد يستغرق ما يعادل خمسة أجيال بعد الموعد المستهدف لأهداف التنمية المستدامة لعام 2030؛ مما يستدعى تكثيف الجهود وتسريع وتيرة الإصلاحات لضمان مستقبل أكثر إنصافًا، فعلى مستوى دول العالم المدرجة فى المؤشر لعام 2024 والبالغ عددها 146 دولة، لم تتمكن أى دولة من تحقيق التكافؤ الكامل بين الجنسين، إلا أن 97% من الدول المدرجة فى التقرير أغلقت أكثر من 60% من فجوتها. وتأتى أيسلندا فى المرتبة الأولى لسد الفجوة بين الجنسين بنسبة 93.5%، وهى الدولة الوحيدة التى أغلقت أكثر من 90% من فجوتها بين الجنسين، متصدرةً المؤشر لمدة 15 عامًا على التوالى.

أضاف التحليل أنه على مستوى المؤشرات الفرعية لمؤشر الفجوة بين الجنسين، فيُظهر مؤشر المشاركة الاقتصادية والفرص تغيرًا إيجابيًا بنسبة 0.6% لعام 2024 مقارنة بعام 2023، بينما يُظهر مؤشر التمكين السياسى تقدمًا إيجابيًّا أقل وضوحًا بنسبة 0.1% مقارنة بالعام الماضى، فى حين ظلت الصحة والبقاء على قيد الحياة دون تغيير تقريبًا، وقد سجل التحصيل التعليمى انخفاضًا بنسبة (-0.5%) عن عام 2023.

أشار التحليل إلى أنه على مستوى النتائج الإقليمية للمؤشر، يتضح وجود ثلاث مجموعات رئيسة من المناطق حول العالم؛ تضم المجموعة الأولى ثلاث مناطق على مستوى العالم قد اقتربت من سد ثلاثة أرباع الفجوة بين الجنسين وهى أوروبا (75%)، تليها أمريكا الشمالية (74.8%)، ثم أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى (74.2%)، وتضم المجموعة الثانية ثلاث مناطق سجلت معدلات تقل قليلًا عن 70%، وهي: شرق آسيا والمحيط الهادئ (69.2%)، وآسيا الوسطى (69.1%)، وإفريقيا جنوب الصحراء (68.4%)، وتشمل المجموعة الثالثة المنطقتين المتبقيتين؛ حيث تمكنتا من سد حوالى ثلثى الفجوة بين الجنسين، وهما: جنوب آسيا ( 63.7%)، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا (61.7%).

أفاد التحليل أنه فى ظل الأزمات الراهنة التى يواجهها المجتمع العالمى بما فى ذلك الحروب والأزمات الجيوسياسية وتغير المناخ، يتزايد خطر اتساع الفجوة بين الجنسين، أو طول الفترة اللازمة لسد الفجوات، فعلى الرغم من استمرار نمط التعافى وارتفاع تكافؤ معدل المشاركة فى القوى العاملة متجاوزًا مستويات عام 2023 (63.5%) ليصل إلى 65.7% فى عام 2024 -بناءً على العينة الثابتة المكونة من 101 اقتصاد تم تتبعها فى مؤشر الفجوة العالمى منذ عام 2006 وحتى عام 2024-، فإن استدامة هذا التقدم لا تزال غير مؤكدة. فتحذر منظمة العمل الدولية من أن البطالة العالمية من المتوقع أن ترتفع فى الاقتصادات ذات الدخل المنخفض؛ مما قد يؤدى إلى ارتفاع معدلات الفقر.

وعلاوة على ذلك، واصلت منظمة العمل الدولية التأكيد على الحاجة إلى معالجة فجوة الوظائف بين الجنسين؛ فتشير أحدث تقديرات للمنظمة إلى أنه فى حين ظل التكافؤ بين الجنسين فى مقياس فجوة الوظائف مستقرًا نسبيًّا فى عام 2024، إلا أن النسبة المطلقة للنساء اللاتى يعانين من فجوة فى الوظائف تصل إلى 21% عام 2024 بينما يبلغ معدل الرجال 14% عام 2024.

كما أن تركز عمل النساء فى بعض القطاعات يؤدى إلى تزايد الفجوة بين الجنسين؛ ففى عام 2024، شكلت النساء معظم العاملين فى قطاعات الرعاية الصحية وخدمات الرعاية (62.1%)، والتعليم (54.4%)، وخدمات المستهلك (53.1%)، والحكومة والقطاع العام) 50.7%). وعلى النقيض من ذلك، فإن النساء لديهن أدنى حضور فى قطاعات المرافق (31.5%)، وسلسلة التوريد والنقل (31.6%)، والنفط والغاز والتعدين (24.1%)، والبنية التحتية (22.4%)، وذلك بناءً على عينة من 35 اقتصادًا وفقًا لتقرير فجوة الوظائف العالمى 2024.

وينتج عن التمثيل غير المتناسب للنساء عبر الصناعات تعزيز للتفاوتات بين الجنسين فى القوى العاملة، كما أنه يُسهم فى فجوات الأجور بين الجنسين، ففى الصناعات التى تشكل فيها النساء حصة أعلى من القوة العاملة، تميل الأجور إلى أن تكون أقل، والعكس صحيح أيضًا؛ فالصناعات التى تقل فيها نسبة تمثيل النساء تميل إلى أن تكون ذات أجور أعلى. ويشكل تركيز النساء فى الصناعات ذات الأجور المنخفضة، إلى جانب انخفاض تمثيل النساء فى الأدوار القيادية والمناصب العليا، اقترانًا غير مواتٍ للظروف التى تؤثر على قدرة النساء على الوصول إلى الرخاء الاقتصادى وفرصة بناء الثروة طوال حياتهن العملية، الأمر الذى قد يزيد الفجوة بين الجنسين.

بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من تزايد نسب مشاركة النساء فى القوى العاملة بشكل عام، سواء فى مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات STEM workforce)) أو فى المجالات الأخرى (non-STEM workforce)، تدريجيًّا منذ عام 2016، فإنه فى عام 2024 ظلت نسبة تمثيل النساء فى القوى العاملة فى STEM workforce أقل من نسبة تمثيل النساء فى القوى العاملة فى المجالات الأخرى، بنسب تبلغ 28.2% و47.3% على التوالى، وذلك وفقًا لعينة من 40 اقتصادًا وفقًا لتقرير الفجوة العالمى 2024. كما ينخفض تمثيل النساء فى وظائف العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات STEM عبر الصناعات مقارنة بالرجال، وينتج عن ذلك أن النساء يواصلن شغل الوظائف ذات النمو المنخفض والأجور المنخفضة والتى من المرجح أن تتأثر سلبًا فى الأمد القريب فى ضوء التحولات التكنولوجية السريعة.

أشار التحليل إلى أن الرجال فى عام 2024 ظلوا يتمتعون بحماية قانونية أكثر من النساء، ووفقًا للبنك الدولى، فإنه لا يمكن التقليل من أهمية أو تجاهل التطورات فى تبنى سياسات النوع الاجتماعى عبر الاقتصادات، خاصة وأن فجوات التنفيذ منتشرة على نطاق واسع؛ مما قد ينعكس بالسلب على أداء الاقتصاد الدولى.

أوضح التحليل أن المشاركة غير المتكافئة للمرأة فى الاقتصاد العالمى تؤدى إلى تفاقم معدل النمو طويل الأجل الذى هو بالفعل دون المستوى الأمثل؛ فوفقًا لتوقعات تقرير آفاق الاقتصاد العالمى الصادر عن البنك الدولى فى يناير 2024 فإن السنوات الأخيرة من العقد الحالى سوف تتسم بأبطأ معدل نمو للناتج المحلى الإجمالى فى 30 عامًا، ولكن على الرغم من ذلك فإن تحقيق التكافؤ الاقتصادى والقيادى بين الجنسين يمكن أن يفتح آفاقًا هائلة للنمو العالمي؛ حيث يقدر البنك الدولى أن سد الفجوة بين الجنسين فى التوظيف وريادة الأعمال قد يرفع الناتج المحلى الإجمالى العالمى بأكثر من 20%. وتُقدر قيمة الاستثمارات المطلوبة لتحقيق المساواة بين الجنسين فى الاقتصادات النامية بنحو 7.8 تريليونات دولار سنويًّا، وفقًا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD)، ويقدر الاستثمار المالى الجماعى المطلوب لتحقيق هذا الهدف بحلول عام 2030، بالمعدل الحالى للإنفاق الحكومى، بنحو 360 مليار دولار سنويًّا. ويتطلب المستوى الضرورى من الجهد المالى تحولًا جوهريًّا فى عقلية الاقتصادات، وفهم جهود التكافؤ بين الجنسين باعتبارها محركات للنمو.

أشار التحليل فى ختامه إلى أن الظروف الاقتصادية الكلية والجيوسياسية تلعب دورًا رئيسًا فى تشكيل الاحتمالات الحالية والمستقبلية لتحقيق التكافؤ بين الجنسين، وفى السنوات الأخيرة، كان التقدم المحرز فى مجال المساواة بين الجنسين مقيدًا بالصدمات المتتالية، والانهيارات التدريجية فى البنية الأساسية الاجتماعية.

وهذا يثير فرصة رئيسة لقادة الحكومات والأعمال للمساهمة فى إيجاد حلول على المستوى الكلى للمساواة بين الجنسين، ومعها نوع مختلف من النمو، وذلك لتجنب تراجع التقدم الذى تم تحقيقه، ولضمان أن تكون مسارات النمو والازدهار والابتكار والاستدامة تمهد الطريق لجميع الأفراد.

ومن خلال الجهود التعاونية والتدخلات المستهدفة بين الحكومات والشركات، يمكن جعل تحقيق المساواة بين الجنسين حقيقة واقعية، ومن ثَمَّ فإن سباق التكافؤ الاقتصادى بين الجنسين العالمى 2030 يتطلب تسريع وتوحيد الجهود العالمية لتحقيقه، مع التركيز على تعزيز التحول الاقتصادى والابتكار والنمو المستدام؛ فتدور الأهداف الرئيسة حول إعادة تشكيل أسواق العمل وتعزيز الأنظمة على مستوى الصناعة ودمج التكافؤ بين الجنسين فى قلب التحولات العالمية فى التكنولوجيا والعمل المناخى والرعاية. ويتطلب هذا الجهد تكاتف جهود قادة الحكومات والشركات والمجتمع لإعادة ضبط خط الاتجاه نحو التكافؤ.


الأكثر قراءة



print